هذا الاعلان الدستورى المصرى ينصّ على شريعة الوهابية وليس على شريعة الاسلام ( 2 ):
المساواة : المبدأ الأول من مبادىء الشريعة الاسلامية

آحمد صبحي منصور Ýí 2013-07-13


 

قلنا إنّ مبادىء للشريعة الاسلامية هى : (1 ) المساواة ،و(2 ) حُكم الشعب بالديمقراطية المباشرة وتحريم الاستبداد ، و(3 ) الحرية المطلقة فى الدين ، و (4 ) العدل ، و( 5) حق الحياة ، و (6) التخفيف والتيسير  فى إصدار التشريعات .   ونتوقف الان مع المبدأ ألأول : المساواة :

المزيد مثل هذا المقال :

أولا : مبدأ المساواة بين البشر ينبع من عقيدة الاسلام ( لا اله ألا الله ):(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ)(3)( فاطر )

1 ـ لا جدال بين طوائف المؤمنين فى أن الله جل وعلا هو وحده خالق هذا الكون بمن فيه وما فيه ، وبالتالى فهو جل وعلا وحده الاله الذى لا شريك له فى مُلكه وسيطرته ، أو بإيجاز رائع يقول جل وعلا (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ )(54)(الأعراف). فلأنه جل وعلا هو خالق كل شىء (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ )(62)(الزمر )  فهو وحده الذى لا اله إلا هو: (ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )(62)( غافر )(ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(102)(الانعام )( قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)(الرعد) .

2 ـ هذه حقائق معروفة ، أتينا بها هنا لأنه يترتب عليها أنه لا يجوز لمخلوق من البشر أن يضع نفسه فوق بقية المخلوقات البشرية ، وبالتالى فلا بد أن تتفرع ( المساواة ) بين البشر من حقيقة أنه ( لا اله إلا الله ) .

ثانيا : المساواة المطلقة بين البشر والأنبياء فى الخلق والموت والمسئولية والحساب :

1 ـ من الخطأ القول بأن الأنبياء والمرسلين هم ( أفضل البشر ) وبالتالى لا يتساوون مع البشر . صحيح أن الله جل وعلا يصطفى ويختار من هم الأكثر إستعدادا لتحمل مسئولية الرسالة ولكن وحى الرسالة السماوية يؤكّد على مساواتهم مع البشر فى الخلق والموت والمسئولية والحساب .

2 ـ  فهم أنفس بشرية يسرى عليهم ما يسرى على بقية ألأنفس البشرية فى الخلق والتعرض لاحتمالات الفجور والتقوى :(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الفجر )،وهم ضمن الأنفس البشرية المُطالبين بالتقوى:  ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) (1)النساء )وقال جل وعلا للنبى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ )(1)( الأحزاب). ثم يوم القيامة هم ضمن الأنفس البشرية حيث ستأتى كل نفس يوم الحساب تدافع وتجادل عن نفسها ثم تلقى جزاء عملها : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111)النحل ).

3 ـ  أكثر من هذا فإن الحساب يوم القيامة سيكون فرديا يشمل كل البشر فردا فردا ، لافارق بين نبى مُرسل وعربيد مجرم:(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)( مريم ). وهنا منتهى المساواة.  وهى مساواة مرتبطة بالعدل المطلق يوم القيامة ، حيث وزن الأعمال بالقسط : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)( الأنبياء ).

4 ـ بل ربما تكون مسئولية الأنبياء والمرسلين أثقل من الفرد العادى ، ومن هنا يقول جل وعلا عن المساءلة يوم القيامة :( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)(الاعراف)، أى وضع كل البشر فى كفة ، ووضع مقابلهم الرسل فى الكفة الأخرى فى إشارة الى مسئوليتهم الكبرى أكبر من الأفراد العاديين من بقية البشر .

5 ـ وبالتالى فإن الوحى الذى ينزل على فرد من البشر ويصير به نبيا رسولا لا يرفعه فوق مستوى البشر ، بل يظل به بشرا مساويا للآخرين فى التكاليف الشرعية ، بل ويزيد عنهم فى تحمل المسئولية .

ثالثا : المساواة بين خاتم النبيين وقومه فى الخلق والموت والمسئولية والحساب

1 ـ يؤمن الاخوان والسلفيون ومعظم المسلمين بأفضلية النبى محمد على بقية الأنبياء عليهم جميعا السلام ، ويرفعونه الى مستوى التقديس والتأليه بمزاعم الشفاعة والعصمة ، وقد أثبتنا تعارض ذلك مع الاسلام فى كتاب ( الأنبياء فى القرآن الكريم ) وأربعة كتب أخرى كنا قد قررناها على الطلبة فى جامعة الأزهر عام 1985،وتسبب هذا فى محنة استمرت عامين من المحاكمات ،وانتهت بتركى الأزهر ثم بالسجن عام 1987 . ومن هذا الافتراء العقيدى بتأليه النبى محمد عليه السلام ينبع عدم إيمانهم بالمساواة بين البشر ، ويشعر أئمة السنيين والاخوان والسلفيين بأنهم ( أعلى مرتبة ) من بقية الناس . وهناك فى القرآن الكريم أكثر من 150 آية تنفى شفاعة النبى وشفاعة البشر ، و150 آية تنفى عصمته البشرية ، وتجعلها بالوحى ( قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنْ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي )(50) ( سبأ )، وكان ينزل الوحى يؤنبه ويعاتبه ويصحّح له . وهناك أكثر من 30 آية تنفى القول بأنه أفضل الأنبياء وأنه سيد المرسلين أو أشرف المرسلين . وأن مرجع ذلك لرب العزة يوم الدين . لا مجال هنا للتفصيل ، ولكنها إشارة الى التناقض بين عقائد الاخوان والسلفيين السنيين وعقيدة ( لا اله إلا الله ) الاسلامية ، ومنها يتفرع الخلاف حول المساواة بين البشر ، فبينما يؤكد عليها رب العزة فى القرآن فإنها مرفوضة لدى السلفيين والاخوان.

2 ـ كان الرسول محمد عليه السلام مأمورا أن يعلن لقومه أنه بشر مثلهم ولكن يُوحى اليه : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)( الكهف ).وعادة المشركين أن يتخيلوا أن يكون الرسول فوق مستوى البشر، لذا كانوا يسخرون من النبى محمد عليه السلام لأنه شخص من البشر مثلهم ( الأنبياء  36 )( الفرقان 41 ، 7 : 8 ). ولو بعث الله جل وعلا محمدا عليه السلام من قبره وجاء للقاهرة يعظ بالقرآن لاتهمه الأزهر والسلفيون والاخوان بإزدراء الأديان ، فطبيعة الذهنية المّشركة تأبى أن يكون الرسول بشرا ، على الأقل يطلبون أن يكون من الملائكة ، ولهذا تعجب العرب من أن يكون النبى محمد رجلا منهم ومساويا لهم فقال جل وعلا:( أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ )(2) ( يونس ). ويؤكد رب العزة على أنه بعث فى العرب الأميين رسولا منهم (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ ) (2) ( الجمعة ). ( منهم ) تكررت فى الآيتين بمعنى المساواة ، فهو رجل منهم ومثلهم ،وهو عربى (أمّى ) منهم ومثلهم .

3 ـ وكونه نبيا مرسلا لا يعطيه أفضلية يوم الدين ، بل هو مُساءل كبقية أصحابه . كان مستكبرو قريش  يتأفّفون ويستنكف من المساواة بالفقراء المستضعفين المؤمنين، ويرفضون الجلوس مع النبى لأن الفقراء المؤمنين يجتمعون بالنبى . وحرصا من النبى على التقرب لأولئك الملأ المستكبر قام بطرد أصحابه الفقراء فجاءه التأنيب والتهديد من رب العزة يقول له: ( وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ (52)(الانعام). يهمنا هنا قوله جل وعلا له عن أصحابه الفقراء الذين طردهم (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ )، أى لن يحمل عنهم شيئا من حسابهم يوم القيامة ، وهم لن يحملوا عنه شيئا من حسابه يوم القيامة . وهنا أروع صورة للمساواة بين النبى والفقراء من أصحابه . وإذا كان أصحاب النبى لن يغنوا عنه شيئا يوم الحساب فإن خصومه أيضا لن ينفعوه يوم الحساب إذا أطاعهم ، وقد جاء له الأمر باتباع شريعة القرآن والنهى عن إتباع شريعة أصحاب الهوى الذين لا يعلمون لأنهم لن يغنوا عنه من الله جل وعلا شيئا يوم القيامة : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً )(19)الجاثية ). ومن أسف أن شريعة أصحاب الهوى ما لبث أن عادت بعد موته عليه السلام ، وتمت كتابتها بأثر رجعى فى العصر العباسى عبر أحاديث مزورة منسوبة للنبى بعد موته بقرنين وأكثر ..وهى أساس دين الاخوان والسلفيين .

4 ـ ويقول جل وعلا له عليه السلام عن القرآن: ( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)( الزخرف ). هنا المسئولية والمساءلة بالتساوى بينه وبين قومه . كلا ، بل تأكيد المسئولية عليه أكثر لأنه فرد واحد فى كفة ، وقومه كلهم فى كفة أخرى . وعن موته هو وأعداؤه وخصومته معهم يوم القيامة يقول جل وعلا فى خطاب مباشر للنبى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)( الزمر)، قال له جل وعلا فى مكة حين كان حيا يؤكّد له أنه سيموت:( إِنَّكَ مَيِّتٌ ) وقال عن خصومه ( وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) أى نفس المساواة فى استحقاق الموت للجميع على قدم المساواة ،والذى يعنى للجميع تحلل الجسد وتحوله الى جيفة ثم الى رماد ، لا فارق بين جسد النبى محمد و جسد أبى جهل . ثم سيتخاصم النبى محمد مع أولئك الاعداء وسيتخاصمون معه يوم الحساب على قدم المساواة حيث ستأتى كل نفس تجادل عن نفسها (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) أى مساواة أيضا فى التخاصم بعد المساواة فى معنى الموت. وأيضا نقول إن المسئولية على النبى أشد لأنه شخص يوضع فى كفّة مقابل مئات بل ألاف الخصوم فى الكفة الأخرى ..

5 ـ المستفاد مما سبق أن المساواة بين البشر تنبع من عقيدة أنه لا اله إلا الله ، وأن هذه المساواة تشمل صفوة البشر ، وهم الأنبياء الذين قال عنهم رب العزّة : (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)(124)( الأنعام ). وهى مساواة فى الخلق وفى العبودية للواحد القهّار، وفى التكاليف الشرعية وفى الحساب يوم القيامة . وبذلك يكون مبدأ المساواة أول مبدأ للشريعة الاسلامية ينبع من عقيدة الاسلام ( لا اله إلا الله ).

رابعا  : بين المساواة وتكافؤ الفرص فى الدنيا والآخرة :

1 ـ وترتبط المساواة بتكافؤ الفرص ، يقول جل وعلا :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(13)الحجرات). فكلنا أبناء آدم وحواء متساوون من حيث النسب لأب واحد وأم واحدة، وقد جعلنا الله الخالق جل وعلا مختلفين من حيث العنصر واللون والثقافة لكى نتعارف لا لكى نتحارب . وجعلنا متساوين أيضا فى إختيار الطاعة أوالمعصية ، ومع هذه المساواة فلا يمكن أن يتساوى العاصى المجرم بالمتقى المؤمن ، وهذا ما سيحدده الله جل وعلا وحده وهو العليم الخبير يوم القيامة ، فالأكرم بيننا هو من سيكون يوم القيامة متقيا حسب عمله وإيمانه .

2 ـ وتبعا للمساواة فى التكاليف الشرعية والمساءلة عنها يأتى الجزاء لكل فرد طبقا للعمل، فمن يعمل صالحا فلنفسه ، ومن يعمل شرا فعلى نفسه:( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (46) فصلت) ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الشورى ).

3 ـ وطبقا لتكافؤ الفرص فلا يمكن أن يتساوى الصالح بالمجرم :( أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) القلم )( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)( ص )( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) الجاثية ).(لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ (20)( الحشر).

4 ـ وحتى بين المؤمنين فهناك تفاوت حسب العمل ، كالانفاق فى سبيل الله: ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)( الحديد )، وفى القتال الدفاعى  فلا يستوى القاعد بالمقاتل : (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95)( النساء )

خامسا : بين المساواة والعدل فى تشريعات المرأة  

1 ـ تتجلى المساواة بين الرجل والمرأة فى صور شتى : فكلمة ( الزوج ) فى القرآن يدل بمنتهى المساواة عن الرجل و المرأة ، و السياق هو الذى يوضح المقصود منهما إلا إذا جاء فى الآية  القرآنية والسياق ما يؤكد اقتصار الخطاب على الرجل أو المرأة . وكلمة ( الوالدين ) و( آباؤكم )  تدل على الرجل والمرأة معا على قدم المساواة . وتدخل المرأة فى الخطاب القرآنى فى كلمات مثل ( النفس ) ( الناس ) ( بنى آدم ) و ( الذين آمنوا ) فالقرآن مثلا فى الصيام والصلاة والزكاة والجهاد يأمر الذين آمنوا ، ومعروف أن الأمر يشمل الجنسين. والأعذار تأتى عامة للجنسين للمريض والمسافر والأعمى والأعرج .والمقصود هنا هو المساواة الكاملة من حيث التكليف الشرعى بين الرجل والمرأة .

2 ـ يقول جل وعلا عن إرتباط المساواة بتكافؤ الفرص للذكر والأنثى:( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40)غافر)( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)(124)(النساء )(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)( النحل ).

3 ـ وترتبط المساواة بالعدل . نفترض أنك دخلت مدرسة وقمت بتوزيع مبلغ علي التلاميذ كلهم بالمساواة المطلقة بين الغنى والفقير، هنا يكون الظلم مع المساواة . العدل يصاحب المساواة كما يصحبها تكافؤ الفرص ، فالزوج يدفع المهر ويقوم بمسئولية رعاية زوجته وبالتالى تكون له القوامة عليها مع ارتباط القوامة بأن يعاشرها بالمعروف حتى لو كان يكرهها ( النساء 34 ، 19). بدون ذلك لا تكون له قوامة. وللمرأة أن تشترط أن تكون العصمة بيدها ، أو أن تكون لها القوامة ، فالزواج عقد بالتراضى ، ولا بد من الوفاء بالعقود ( المائدة 1 ). وكما للرجل حق الطلاق فللمرأة حق ( الخُلع ) أو الافتداء (البقرة 229 ) . وللذكر ضعف الانثى فى الميراث فيما يخص الأبناء والاخوة فقط ، لأن الانثى ليست مُطالبة بمهر أو نفقة ، ولكن تتساوى الأم مع الأب فى التركة (النساء 7 : 12 ) ثم هناك الوصية قبل التركة للوالدين والأقربين من الورثة وغير الورثة لاقرار العدل ( البقرة 180 ). أما عن الشهادة الشفهية للمرأة فى الأسواق وكونها نصف شهادة الرجل فهذا أمر تشريعى يخضع لمقصد تشريعى أعلى وهو ضمان الدّقة فى الشهادة( البقرة 282 ). فإذا تحققت الدقة بدون ذلك فلا داعى لهذا الأمر التشريعى .

4 ـ وفى النهاية فإن كل الأوامر التشريعية فى القرآن يخضع تنفيذها للمبادىء والمقاصد التشريعية الكبرى وهى العدل ومنع الظلم ، والتيسير والتخفيف . وكل مبادىء الشريعة الاسلامية مترابطة ومتداخلة. وسيظهر هذا فى المقالات القادمة .

اجمالي القراءات 44492

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   عبد السلام علي     في   الأربعاء ١٧ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72561]

اين المساواة يا د احمد

اين المساواة والمسلم المصرى يحكم بقانون غير المسلم السعودى غير المسلم الامريكى


اين تكافؤ الفرص فى الاستفادة من ثروات الارض الطبيعية التى جعلها الله فى الارض للناس جميعا وليست لاحد بعينه


هل المساواة داخل ما يسمى الدولة الوطنية وفقط ؟ واين لا فرق بين عربى واعجمى الا بالتقوى


 هل حدود سايكس بيكوا وما يسمى الجنسية ومنع السعى فى ارض الله بكل حرية تحقق تكافؤ الفرص وبالتالى الاسلام


هل من العدل فى الاسلام ان يستفيد السعودى بثلث بترول العالم دون غيره وان تستفيد الدول ذات الاراضى الخصبة والمياه دون باقى البشر الذين وجدوا مصادفة ودون اختيار منهم فى اراضى صحراوية قاحلة اين العدل والمساواة وتكافؤ الفرص فى ذلك وبالتالى اين الاسلام واين لا اله الا الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ١٧ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72564]

اهلا استاذ عبد السلام على ، وأقول

 1 ـ أتحدث عن المساواة فى تشريع الرحمن ، وليس فى تشريع الانسان .


2 ـ أتحدث عن المساواة فى الحقوق والواجبات ، والمسئولية والثواب والعقاب ، وليس عن توزيع الأرزاق على الأمم والأفراد . هناك تفاضل فى توزيع الرزق أكّده رب العزة ، وهو جل وعلا يبلونا بالخير والشّر فتنة وإختبارا لنا . لأنه ليس فى الرزق مساواة فسيظل هناك غنى وفقير ، ومن يكون غنيا ويفتقر ومن يكون فقيرا فتأتيه الثروة . هو إختبار لنا جميعا . ولكن السعادة الحقيقية بالرضا والعمل متوكلا على الله جل وعلا مع الايمان باليوم الأخر ، والعمل للفوز بالنعيم الأبدى فى الجنة . 


3   تعليق بواسطة   عبد السلام علي     في   الخميس ١٨ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72573]

اعتقد ان تشريع الانسان يجب الا يخالف تشريع الرحمن

تحياتى الى حضرتك وكل عام وانتم بخير --


انا اؤمن بان الله كتب الرزق لكل انسان ولكن هل هذا الرزق ياتى له وهو جالس ام ان الانسان يسعى اليه وبالتالى وحتى لا يظلم الله احدا اعطى كل نسان الحرية فى السعى فى ارضه " وامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه " وهذا للبشرية جمعاء وتحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص وهو صلب المساواة والعدل والحرية فى الاسلام وايات الله فى القران تعلمها سيادتكم اكثر منى بان الله جعل فى الارض اقواتنا سواء للسائلين وجعل كل ما فى الرض للناس جميعا تحت نفس المبدأ " تكافؤ الفرص " وكل هذا هو ما يحدث داخل الدولة الوطنية وقوانينها -هل هناك فرق بين محافظة او ولاية واخرى فى التقدم للوظائف او الاقامة والعمل فى اى مكان من الدولة اعتقد لا يحدث والا تفككت الدولة وكان سببا فى المشاحنات والتقاتل كما يحدث حاليا بين الدول بالضبط - هذا كله ليس ضد الوطن والوطنية ولكن بدون تفرقة بين اعجمى وعربى اعتقد ليس فى الاسلام مواطن واجنبى -ليس فى الاسلام احتكار للثروات الطبيعية بل هى للبشرية جمعاء وقد طرحت هذه النقاط للمناقشة فى موقعكم الكريم وياريت ارى الاجابة بالدلائل من القران وشكرا لشخصكم الكريم  وللموقع


4   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الخميس ١٨ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[72574]

نحن متفقون فلا يستدعى الأمر النقاش

 وسبق لنا الكتابة فى هذه الموضوعات ، فأهلا بك لتقرأها فى الموقع .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4980
اجمالي القراءات : 53,332,795
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,621
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي