.:
تفنيد القرآن لعروج النبي-المقال الثاني من سلسلة القرآن في مواجهة التراث

نبيل هلال Ýí 2013-04-30


سدرة المنتهى:
بسبب تسمية سدرة المنتهى بهذا الاسم , اختلفوا على أقوال تسعة , فقالوا : لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض , أو ينتهي إليها علم الأنبياء , أو تنتهي إليها الأعمال وتقبض منها , أو تنتهي الملائكة والأنبياء إليها, أو تنتهي إليها أرواح الشهداء , أو تأوي إليها أرواح المؤمنين , أو ينتهي إليها كل من كان على سُنة محمد ومنهاجه , أو ينتهي إليها علم الخلائق , أو لأن من رُفع إليها فقد انتهى في الكرامة . لقد صدَّقنا الكثير مما كان يستدعي التوقف والتساؤل عنده .

المزيد مثل هذا المقال :

ولما أبطأ الوحي عن النبي بعد نزول سورة "العَلَق", ظن النبيُ أن ربَّه قلاه , وأن الوحي قد انقطع , وأن الملك لن يعاود الاتصال به , وربما خامره الشك عن حقيقته وحقيقة الأمر , فنزلت سورة الضحى لتطمينه وإخباره أن ربه لم يودعه :"وَالضُّحَى{1} وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى{2} مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى{3} وَللآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولَى{4} , وقد نزلت هذه السورة بعد حوالي ثلاث سنوات من بدء البعثة النبوية , وترتيب نزولها هو الحادي عشر ( كل ما يتعلق بترتيب نزول السور وزمن نزولها , رجعنا فيه إلى كل من المراجع التالية :
أ- د. مصطفى زايد – الإحصاء والقرآن الكريم ,
ب- د. مصطفى زايد – المصحف – مطبعة الدار الهندسية ,
ج- د.مصطفى زايد- إحصاءات القرآن
د- د.عبد المنعم الحفني – موسوعة القرآن العظيم - مكتبة مدبولي ) . وبعد نحو السنة بعد نزول سورة الضحى نزلت سورة النجم التي تسجل رؤية النبي لجبريل , فكان نزول سورة النجم في بداية السنة الخامسة من بدء البعثة النبوية ( د. مصطفى زايد – المصحف – ص 72 ) وهي المسطور فيها الإخبار بلقاء الرسولين ,جبريل رسول الله إلى محمد رسول الله إلى الناس. فرأى النبيُ جبريلَ مرتين : الأولى كانت في أول ظهور للملك في الأفق الأعلى ثم نزوله واقترابه من النبي حين غطه وضمه وأبلغه أول سور القرآن ,سورة العلَق"{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }العلق1, والمرة الثانية عند سدرة المنتهى- وهي شجرة سدر (شجرة نبق ) مزروعة في مكان خارج مكة على حدود المناطق المأهولة بالقرب من المكان الذي فيه جنة المأوى -كما سيرد تفصيل ذلك لاحقا , وهي في تراثنا الأصفر شجرة تنبت فوق رؤوس حملة العرش ! وإذا كان النبي قد عُرج به فعلا , فلماذا لم يكن من مكة مباشرة ؟ يذكر تراثنا الأصفر أن البيت المعمور فوق مكة تماما ! بحسب خيال الوضاعين إذ لم يعلموا أن الأرض غير مسطحة بل كرة دوَّارة بحيث ينتفي إمكان قول ذلك , أفلم يكن من الأسهل , والأمر على ما قالوا , أن يكون العروج من مكة بدلا من بيت المقدس ! يقول كعب الأحبار" إن الحكمة من الإسراء إلى بيت المقدس قبل العروج ليحصل العروج مستويا من غير تعويج (!) , وهذا على أساس أن باب السماء الذي يقال له (مصعد الملائكة) يقابل بيت المقدس , وهو أقرب من الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا!" (ابن حجر العسقلاني والسيوطي – الإسراء والمعراج – تحقيق محمد عبد الحكيم القاضي ) . ولا شيء يمكنه إجبارنا على أخذ هذا الكلام بجدية. وبينما استنكر مشركو قريش الإسراء -حسب رواية التراث- وكذبوا النبي , لم تذكر لنا المراجع مثل هذا الاستنكار للعروج المزعوم وهو الأوْلى بالتكذيب . وبمراجعة التفاسير نجدها جميعا تقترب وتحوم حول هذه المعاني وإن لم تصب قلب الحقيقة مباشرة بفعل إضافة كلمة أو اثنتين إلى الخبر, وهو أمر يسهل عمله على نصوص منقولة شفاهة طوال 150 سنة وقبل تدوينها بأكثر من 1300 سنة, ولننظر مثلا فيما جاء في تفسير الطبري من أن أم المؤمنين عائشة قالت : " كان أول شأن رسول الله أنه رأى في (منامه) جبريل عليه السلام بأجياد ". وأجياد منطقة في مكة ولا تزال معروفة بهذا الاسم إلى الآن . وصحيح أن أمنا عائشة لم تكن آنذاك زوج النبي - إذ تزوجها في المدينة بعد الهجرة - مما يؤكد أن النبي نفسه هو من أخبرها بذلك. وقد جاء في سورة التكوير التي تسبق سورة النجم نزولا - فترتيب نزول سورة التكوير هو 7 , بينما ترتيب سورة النجم 23 : " فلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ{15} الْجَوَارِ الْكُنَّسِ{16} وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ{17} وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ{18} إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ{19} ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ{20} مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ{21} وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ{22} وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ{23}التكوير 15-23 . ففي تفسير الطبري : "ولقد رآه بالأفق المبين" أن النبي رأى جبريل بأفق من نحو أجياد في شرق مكة . وهو كلام يؤيد ما سقناه سلفا عن أن الله يقسم بأن من ينقل كلامه إلى محمد , رسول كريم هو جبريل وهو ذو قوة عند ذي العرش مكين , وهو نفس المعنى والوصف الذي ورد في سورة النجم (ذي مِرة ) أي قوة , وهو وصف لجبريل , ذي قوة عند ذي العرش مكين , مطاع ثم أمين , فأمْره مطاع وهو أمين على ما ينقله من الله إلى محمد , لذا فالأمر على ما سبق وصفه: وما صاحبكم (محمد) بمجنون , ولو كان الوصف (برسول كريم ) مقصود به النبي وليس جبريل , لما قال الله "وما صاحبكم بمجنون " وإنما جاز أن يقول (وما هو بمجنون ) . والله يؤكد في سورة النجم :"مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى"17 , وهو نفس المعنى في سورة التكوير "وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ{22} وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ{23} وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ{24} وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ{25}. لذا فرؤية النبي لجبريل كانت مرتين : الرؤية الأولى مذكورة في الآية 7 من سورة النجم- ترتيب نزول 23, وسبق ذكر هذه المرة الأولى في الآية 23 من سورة التكوير - وترتيب نزولها 7 . والرؤية الثانية كانت عند النزلة الأخرى بالقرب مكة عند سدرة المنتهى القريبة من جنة المأوى . انتهى المقال الثاني ويتبعه الثالث بإذن الله تعالى– بتصرف من كتابنا ....بين القرآن والتراث-نبيل هلال هلال

 

اجمالي القراءات 12462

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   يحي فوزي نشاشبي     في   الأربعاء ٠١ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
[71708]

شكرا لموضوعك الجرئ ، وأرجو أن تسمح لي بسؤال

 


فوجئ الحبيب المصطفي محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه , بنزول جبريل عليه أول مرة في الغار , فأصابه الفزع وهرع إلى زوجته خديجة وهو مضطرب لا يعلم حقيقة ما ظهر له. ( هذا ما  جاء  في  مقدمة  موضوعكم  الشجاع ) 


شكرا لكم  استاذ  نبيل  لهذا  الموضوع ولكل موضوع  يلتزم  بحديث  الرحمان  فقط  لا  غير.


ومع  ذلك  فلي  سؤال :


هل هناك  في القرآن  ما  يوضح  أو  يلمح  إلى  أن محمد بن  عبد الله  ( عليه  الصلاة  والتسليم )  تلقى  أول  مرة  الوحي  بالغار ؟   ولكم  الشكر .


 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-01-12
مقالات منشورة : 123
اجمالي القراءات : 1,420,955
تعليقات له : 109
تعليقات عليه : 282
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt