العرب في المهجر

في الإثنين ٢٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

العرب في المهجر

من غصات سحر حمزة

هي ليست قصة للتسلية هي ليست خاطرة ،هي مشهد يتكرر عن بعض حقائق واقعية ،، كي لا نخسر شباب الوطن هم ثروته الحقيقة،،ففي بعض من هاجروا إبداع لا حدود له ،،وحب لا تسعه مواقع إلكترونية ولا رسائل أو حتى ملفات بذاكرة ذكية ،،هي تنبيه لكل من هو في موقع مسؤولية ،،هي رسالة للجميع 

كي يعرف من لم يعرف يوماً ،قيمة من أرتحلوا رغم

 أنوفهم،،خارج سرب رفض أن يضمه لحضنه الدافيء 

العرب في المهجر ،عنوان قصة جميل ،هل تعلم لماذا ،لأن وراء كل مهاجر حكاية ،من هؤلاء هاجروا ليس فقط من أجل جني أرباح ،أو تحقيق مكاسب أكبر ،لقد هاجروا هروباً من تحديات عدة واجهتهم ،كثيرون في الوطن العربي ،غردوا خارج السرب ،ظناً منهم أنهم قد يحققوا شيئاً في أنفسهم

"هؤلاء كثر من رواحتهم أفكار حول الوطن ،،"الأم الأكثر دفئاً  في الوجود "" أفكار ما زالت في مكانها ،في جيوبهم ،،،،،،،،،،،

بعض المغتربين أحبتي ،فرحوا قليلاً بالغربة ،ظنوا أن الدنيا ضحكت لهم ،لكنهم أدركوا متأخراً أنه ليس أجمل أن تضحك لك الدنيا وأنت في عمق وطنك ،العرب في المهجر ،قصص لفها الزمان ببعض ورق السيلفان ،لكنها في الحقيقة ،مخلوطة بالأسيد المميت ،أي حياة تكون للإنسان ،وهو بعيد عن أهله ،أولاده ،أسرته ،آه لو يعلم الشباب الذين يلهثون للحصول على عقد عمل في الخارج ،،كم هي لحظات مرة،تعبر من حياتك ،وأنت تلهث وراء سراب ،دنانير أكثر ،،صحيح لكن ؟،أقول والله خطأ ،لكن للضرورة احكام ،فحين يغلق بعض الناس الأبواب بوجهك ،تريد أن تكف الشر عنك أحياناً ،فتختار الرحيل ،رغماً عنك ،أنا أعلم وعلمني ابي رحمه الله ،نقلاً عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أن خيركم خيركم لأهله ،لكن ماذا تفعل إذا تخلى عنك الأهل ،ماذا تفعل إذا قلت حيلتك وضعفت قدرة مقاومتك ،،وصرت مثل جمل كثر من قطعوا أواصره لابد أن تختار الرحيل إلى بلد آمن ،تعيد فيه جدول أعمالك ،ماذا تفعل إذا واجهت الأعاصير التي تريد أن تقتلعك من جذورك ،تريد أن تدفنك حياً ،،لا تستغربوا جرأتي ،،وصراحتي ،،لست وحدي من واجه صعوبات في الغربة ،،أتعلمون أن كل ما يحرم منه الإنسان في وطنه ،قد يجده أمامه هناك،،بكل الطرق ،بإستقامته ،وبمبادئه  بجده وتعبه وتصميمه ،كي لا يقع في أيدي من لا يرحم ،،لا تعقدون أن المرأة لا تواجه مثلما يواجهه الرجل ،،أنها تواجه الكثير من العقبات ،،لكن ليست أية أمرأة تلك التي تصمد ،،وتعتد بذاتها وتحمل أسم وعنوان وطنها وتحفظ عهد أهلها وعشيرتها في الخارج ،،كثيرات سقطوا ،،سامحوني ،،لا يعرف الوطن عنهم شيئاً للأسف ،،بنات وطني في الغربة من أجمل النساء واروعهم ،لكن بعضهن وقعن في متاهات المال ،والأغواءات الأخرى ،يظن البعض أن هناك الكثير من الميزات غير المال الأكثر ،،مما يتقاضاه في وطنه ، صحيح ،،لكن هيهات فهو، لا يعلم أن حلاوة قهوة عربية ،مطحونة بمهباش أصيل ألذ من قهوة كوستا والكباتشينوفي فيرست أفينيو ،وكلاسيك كافيه ،،هل تعلمون أنه في الغربة يتفنون في صنع المنسف الأردني بالجميد الكركي ،لكن لا يقاس برشفة لبن تشربها من عمق الكرك او جبل بني حميدة ،ببساطة اهله ولذة طهوه ،بايادي نساء أتقن فن الطهي ،دون أن يدخلوا مسابقات عالمية ،،أتعلمون أن قهوتنا لا تضاهى بأي نوع من القهوة المصنعة في أحدث الماكينات  التركية الصنع والأميركية الصنع ،،آه لو تعلمون كي تتهاوى الأماني أمام  رشفة ماء،من نبع طبيعي لم تحضره شركة مسافي أو نستلة ذات الماركات العالمية ،،ذات مرة كنت قرب محمية الموجب خلال عنفواني الصحفي في العرب اليوم الصحيفة الأردنية التي عشقتها وتربيت بها إعلامياً ،،كنت أقوم بتحقيق صحفي ،،أنقل معاناة إحدى العشائر،،قرب الوالة في ذيبان ،، كانت مطالبهم تتلخص في عدم توفر طرق سالكة أو مدارس ووظائف لأبناءها وغيرها ،بقيت نهاريوم كامل بينهم ،كانت معي زجاجة صحة في حر الصيف بحزيران عام 2000نفذت مائي فطلبت شربة ماء من هؤلاء القابعون في الخيام ،بأعالي الجبال ،لوتعلمون ما طعم الماء ،كانت معبأة "بسحلة" ،من المؤكد أن كثيرون يعرفون معناها من الأردنيين ،،كان طعمها لذيذاً متميزاً بطعم الكاز المختلط فيها ،،شربتها لظمأي،،لكن فضولي دفعني أن اسأل ،،لماذا هذا الطعم الغريب ،،الكاز؟؟ ،،أجابتني راعية الدارإمرأة مثل أنثى النمرمعتدة بنفسها  ،،نحن نعقم البئر من الجراثيم والملوثات الضارة ،،تبسمت لها ,اثنيت عليها لأني لا أريد أن أجرحها ،،فكيف تعيش  ,اطفالها العشرة في هذه الأجواء بأعالي الجبال،، وتعلمون أن الطرق الوعرة في تلك المنطقة النائية البعيدة عن المراكز الصحية وكل أسباب الحياة المرهفة،،لقد علمت الآن أن ماءها ألذ من ماء يقدم لي يومياً في كبريات الفنادق في الغربة  خلال تغطيتي لفعاليات وأنشطة أقتصادية هناك ،،قارنت بين حلاوة الماء هنا وهناك ،،فما طعم الرفاهية إذا حرمت من تنفس هواء نقي نقي ،تعيش فيه حلاوة عبير الأزهار الطبيعية البكر التي ولدت في الطبيعة ولم تزرع بطرق صناعية ،،أدركت الآن لماذا نبكي ،،كلما أشتقنا لوطننا ،،قارنوا معي ،،في الغربة فكر وإنجاز وتقدير لما تعمل ،،في الغربة ،،فزعة ليست عشائرية ،،فزعة حضارية ،،يقدمون لك بقدر ما تعطيهم ،،في وطني حبيبي ،،تعمل وتلهث ،،ثم تجزى بما لا يحمد عقباه ذلك أنك ربما هفوت ووقعت في شرك نصب لك ،،وبإندفاع لم تدري أين أصبحت ،،سامحوني لجرأتي ،،وصراحتي ،،العرب في المهجر قصص كثيرة وملفات ،،جميل أن تفتح ،،وأن يقرأ فكر هؤلاء المغتربين ،،كيف صاروا ،،وإلى اين آلوا في بلاد غير أوطانهم ،،هل يجب أن يكرم أبن البلد بعد أن يموت، ويصمت عن بعض ملوثي الوطن ،هل يغمض عينيه عن أدوات الفساد في عمق أبناء شعبه ،،هل يصم عن منغصات تثيره لإنتمائه لوطنه ،هل يريدون من المغترب أن يبقى صامتاً مكسور الجناح حتى لوعاد مكفنأأو محمولاً على الأكتاف ،،أمثلة كثيرة ،،غالب هلسا مثلاً الأديب الاردني المأدبي ،،الآن أصبحت له جائزة أدبية تحمل أسمه ،،كثيرون كرموا بعد موتهم ،،وكثيرون ينتظرون عسى أن يصحو الوطن ليتفقدهم ،،عنفوان بعض الأشخاص في الغربة مشهد درامي لا يطول عرضه ،،لأن قهوتنا ألذ وماءنا أنقى أطيب وأزهارنا طبيعية ,,آه يا وطن ،،حتى الكفن للمغترب سيكون مصنوع من قماش خام بسيط ليس من الحرير ،،الناعم ،،قصة المغتربين كثيرة ،،بوركت تلك الأيادي الطيبة التي تريد أن تنبش في قبورهم وهم أحياء ،،سامحوني ،

سحر حمزة    


Sahar Hamzeh
Journalist Editor
Akhbar AlArab - United Arab Emirates



--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~