كأس العالم في التعذيب

في الأحد ٠٤ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

شاءت المقادير أن يصل الشاب المصري عبدالله حجازى إلى نيويورك فى شهر اغسطس 2001 لكي يدرس الهندسه فى الجامعه الفنيه ببروكلين بدعم من الوكاله الأمريكيه للتنميه وهناك أنزلوه فى فندق ميلينيوم هيلتون المقام فى الشارع المقابل لمركز التجاره العالمي وبعد ايام من اقامته بالفندق وقعت الواقعه فى 11 سبتمبر التى ترتب عليها انهيار البرجين وبسبب الكارثه تم اخلاء البنايات المحيطه من سكانها وكان الفندق من بينها ولأن الأمر تم على وجه السرعه فإنه ترك متعقاته وغادر الفندق دون أن يحمل معه غير مائه دولار وحافظه نقوده ,أمضى الشاب عده اسابيع مع أسرته المقيمه فى فيرجينيا وحين ذهب الى الفندق بعد ذلك فى 17 ديسمبر لأخذ متعلقاته كانت تنتظره مفاجأه لم تخطر له على بال, فقد وجد ثلاثه من ضباط المباحث الفيدراليه فى انتظاره حيث ألقوا القبض عليه بعد ما أبلغوه أن موظفى الفندق عثروا فى غرفته على جهاز استقبال يستخدم فى الاتصال بالطائرات واستقبال الاتصالات المرسله من الطائرات بالاضافه الى مصحف وجواز سفره المصري , وفى الجو المحموم الذى ساد آنذاك كانت تلك المتعلقات كافيه لاحتجازه واتهامه بالضلوع فى الهجوم الذى وقع على مركز التجاره العالمي.
ذهل عبدالله حجازى من جراء الاتهام الذى وجه اليه ولم يكن ضباط المباحث الفيدراليه على استعداد للاستماع الي انكاره فضلا عن التفكير فى احتمال براءته وظل الشاب لمده عشره ايام مصرا على انه لا علاقه له بالجهاز ولكنه فاجأ الجميع بعد ذلك باعترافه بملكيته الجهاز وفهم بعد ذلك أن القاضى الفيدرالى وجه انذارا الى المباحث الفيدراليه بأنها مالم تقدم دليلا افضل ضد حجازى يثبت ضلوعه فى الهجوم فإنه سوف يضطر الى اطلاق سراحه فى 28 ديسمبر , وازاء لك الاعتراف فإن عبدالله حجازى أودع السجن كمتهم مشارك فى الجريمه الكبري التى وقعت فى 11 سبتمبر , متوقعا أن تكون أدنى عقوبه له فى هذه الحاله هى السجن مدى الحياه.
وبعد شهر من سجنه حدثت مفاجأه أخرى قلبت القضيه رأسا على عقب فقد توجه إلى فندق ميلينيوم هيلتون شخص قدم نفسه باعتباره طيارا وقال لموظفى الاستقبال انه نسي جهازا للراديو يملكه حين نزل فى ذات الغرفه التى شغلها قبله الشاب عبدالله حجازى , على الفور ابلغت المباحث الفيدراليه بالأمر وسارع ضباطها الى الفندق للتحرى عن خقيقه الطيار الذى ظهر فجأه مطالبا باستعاده جهاز الراديو وحين تبين لهم أنه صادق فيما قاله أسقط فى ايديهم , إذ وجدوا أنفسهم ازاء شاب مصري اعترف بملكيته للجهاز , وطيار أمريكي أثبت لهم أن الجهاز مملوك له ولم يكن أمامهم خيار فقد ابلغوا المحكمه بالتطور الذى حدث فأمرت المحكمه بإطلاق سراح عبدالله حجازى بعد أن ثبتت براءته.
لمينته الأمر عند ذلك الحد, لأن المحامين تساءلوا على الفور عن السبب فى اعتراف عبدالله حجازى بملكيته للجهاز رغم اقتناعه بعكس ذلك وحين تم تحرى الأمر تبين أن ضباط المباحث الفيدراليه حين اعطاهم القاضى مهله عشرة ايام لتقديم دليل افضل ضد حجازى واخبرهم بأنه سيضطر الى اطلاق سراحه مالم يتحقق ذلك , فإنهم مارسوا ضده ضغوطا قويه كان أخطرها أنهم هددوه بالارسال الى مصر التى ستحيل اجهزتها المختصه حياته الى جحيم من جراء التعذيب الذى سيتعرضون له فى سجونها ذات السمعه المشهوده فى هذا المجال.
وفى التقرير الذى بثته (واشنطن بوست) بهذا الخصوص نقلت الصحيفة عن حجازى قوله: إن التهديد الذى وجه إليه كان واضحا وقد وجد أنه مخير بين أن يعذب هو وأسرته فى السجون المصريه بحيث يعيش الجميع فى جحيم إذا اصر على تمسكه بانكار أى علاقه له بالجهاز أو أن يعترف بملكيته الجهاز له فينقذ أسرته ويقضى باقى حياته فى السجون الأمريكيه ففضل المصير الثانى ورضى به ولكن الله أنقذه من الخيارين البائسين, والجدل القضائى والقانونى مستمر فى نيويورك حول تعويضه عن الظلم الذى لحق به وحول مدي صدقيه الاعترافات التى تنتزعها المباحث الفيدراليه من المتهمين فى قضايا الارهاب .. مبروك علينا كأس العالم فى تعذيب البشر.
الدستور