القاموس القرآنى
الذرة

في الجمعة ٠٩ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

القاموس القرآني


لا نزال في حاجة إلى الاقتراب أكثر من كلمات الله تعالى في القرآن نفهمها ونتدبرها ، وهذه محاولة للفهم والتدبر

الــذرة
1 ـ نحن نعيش عصر الذرة الذي اكتشفنا فيه أن الذرة ليست أصغر شيء فى العالم وأنها تحتوى على (كون) فى داخلها وأنه يمكن انقسامها وانشطارها واستغلال الطاقة الهائلة داخلها .

2 ـ ولقد جاءت كلمة الذرة فى القرآن الكريم ست مرات .
* منها مرتان فى الحديث عن تمام علم الله تعالى وأحاطته بكل ما فى الكون " عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ: سبأ / 3 " وفى قوله تعالى " وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ : يونس 61 ". ولأن الحديث هنا عن تمام علمه تعالى بدقائق الكون وما هو أقل من الذرة فقد أشارت الآيتان إلى إمكانية انقسام الذرة وهو ما عرفه العلم مؤخرا فالذي هو أصغر من الذرة هو بعضها أو جزء منها ، والقرآن يوضح أن كل ذلك مسجل عنده تعالى فى كتاب مبين ،وذلك موضوع طويل يحسن الكلام فيه أهل التخصص الذرى .
**وجاءت كلمة الذرة مرة واحدة فى الحديث عن تمام ملك الله تعالى للكون كله وأن أحدا من الآلهة المزعومة لا تملك معه مثقال ذرة وبالتالي فلا تنفع ولا تضر ولا ينبغي التوسل بها " قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض : سبأ 22 ".
***وجاءت كلمة الذرة ثلاث مرات عن الحساب فى الآخرة ..ويبدأ الحساب بالعرض حيث يرى الناس جميع أعمالهم التى سجلها الله تعالى عليهم فى كتاب لا يضل ولا ينسى، يرونه بدقائقه وذراته " يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ : الزلزلة 6 ". وسيحاسبهم الله تعالى على مستوى العدل المطلق حيث يصل عدله جل وعلا الى درجة أنه لن يظلم الناس مثقال ذرة(إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ : النساء 40 ".

3 ـ إن للذرة عوالمها الخفية من أكوان متناهية فى الضآلة وحركات دقائقها التى تتخطى سرعة الضوء ولها أزمنتها الخاصة البالغة الضآلة ، والتى تفوق خيالاتنا ، و التى تصل الى قياس سرعة المشاعر والأفكار والتخيلات، وكل ذلك سيدخل فى إطار الحساب يوم القيامة.
يقول تعالى (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ ) البقرة 284 ) ويقول جل وعلا (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) ( الاسراء 36 )
بهذا المقياس الذى يقيس غيب المشاعر و السرائر والذى لا يعرفه عالمنا ستبقى الذرة الى يوم القيامة حيث يتكون عالم جديد وتتفجر طاقات هائلة تتكون منها حيوات خالدة لأصحاب الجنة وأصحاب السعير. والوصلة بيننا وبين هذا العالم هو الذرة ، والتى على أساسها يتم البعث و النشور، والتى بها يتم تسجيل ( ذرات ) أعمالنا فى هذه الدنيا من حركات و نوايا و أقوال وأفعال وضحكات وهمسات ونظرات وسائر الخفايا و الظواهر. ثم فى الآخرة يتم وزن ذلك كله بالمقياس الذرى الالهى، والحكم عليه على أساس العقائد والنوايا التى صدرت على أساسها تلك الأعمال و الأقوال .
إن الأعمال التى تصدر عنا فى الدنيا لا تضيع ، فأي حركة يقوم بها الجسد البشرى تصدر عنها أجسام حرارية تسجلها، وكذلك الأصوات. كل ذلك يقوم بحفظه إثنان من الملائكة يرافقان كل فرد من البشر، ومكلفان بتسجيل وحفظ كل ما يصدر عنه من أعمال وأقوال ( ق 17 ـ ) ( الانفطار 10 ـ ) ، وتحفظها الملائكة فى كتابين ، أحدهما فردى والآخر جماعى، كتاب الأعمال الجماعي لكل قوم وكتاب الأعمال الشخصي لكل فرد . وأيضا تسجل الملائكة كل ما يعتمل فى النفس والسريرة من مشاعر و أحاسيس وتآمر و حب وكراهية و اخلاص ونفاق و رياء و خداع . كل ذلك يجول فى (النفس) ذلك الكائن البرزخى الذى يحتل (الجسد) والذى يقوده و يسيّره ، كسائق السيارة بالنسبة للسيارة .

4 ـ يوم القيامة يؤتى بالناس أشتاتا وجماعات ليرى كل منهم الكتابين الجماعي والفردي ، ( اقرأ : الزلزلة 6 ، الكهف 49 ،والجاثية 28 ،29 ، والاسراء 13 ،14 ). والميزان لهذه الأعمال ميزان ذرى يقول تعالى فيه " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وأن تك حسنة يضاعفها : النساء 40 ".
وذلك الميزان الذرى الإلهي عدل مطلق وقسط مطلق ، إنه ميزان يزن المادة و الطاقة ، المبنى و المعنى ، العمل والنية، حيث ينمحى جسدك الأرضى ويحل محله جسد جديد يتكون أساسا من ذرات عملك وعقيدتك ونواياك ، ويكون هذا الجسد أكبر شاهد عليك ، على أساسه يكون نعيمك أو عذابك، وعلى أساس ذراته توزن الأعمال، فوحدة الوزن الأساسية للجميع هى الذرة ، يوزن بمقتضاها ما هو أقل منها وما هو أكبر .
العجب سيكون مما هو أقل من الذرة أى أجزاؤها ، حيث سنرى يوم القيامة عالم الذرة وما بداخله من أكوان ، تحوى خواطرنا وأحاسيسنا و كفرنا العقيدى أو أيماننا المخلص، كلنا سنرى بعضنا من الداخل، أى ما كنا عليه فى حياتنا الدنيا. ستكون فضائح وكشف أسرار وخبايا ـ يعبر عنها القرآن العظيم بالخزى ( إقرأ قوله تعالى : ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ) النحل 27 ) وتخيل حال المسلمين الذين يعبدون الأضرحة و الكتب المقدسة ).
ويقوم الميزان الالهى بوزن ذلك كله ذريا من أساس أصله ووزنه الذرى. بهذا يتحقق العدل المطلق يوم القيامة حين ( تبلى السرائر ) أى يتم امتحان و اختبار ووزن السرائر بالميزان الذرى ..يقول فيه ربى جل وعلا : " وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ : الأنبياء 47 " . صدق الله العظيم .
وفارق شاسع بين علوم القرآن عن الآخرة وبين خرافات التراث عن الشفاعات والهرج والمرج وأفلام الكرتون التى ألفها البخارى و مسلم وابن فلان وابن علان من آلهة التراث السنى وغيره.