وخلل الروايات التاريخية
إعجاز القصص القرآنى

في الأربعاء ٠٧ - مارس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
د. أحمد صبحي منصور

علوم القرآن
القصص القرآنى

إعجاز القصص القرآني
وخلل الروايات التاريخية

أولا : ( البطولة فى الروايات التاريخية للحكام و ليس للعوام )

1 ـ منذ أن بدأ علم التاريخ وهو يسير في ركاب الحاكم يكتب ما يحلو للحاكم أن يقرأه ، ولا يتعرض للشخص العادي الذي يمثل السواد الأعظم في المجتمع إلا من خلال علاقة الحاكم به .
الشخص العادي ظل يعيش ويموت ويقاسى ويعاني ويكدح وينشر الخضرة، يبني القصور التي لا يسكنها، وينتج الطعام الذي لا يأكله ،ويهب حياته فداء للحاكم الذى لا يهتم به ،ومع ذلك فلم يستحق ذلك الشخص العادى اهتمام المؤرخ، ولم يحظ بإشارة في كتب التاريخ إلا إذا اقترف إثما وكان له شرف أن يأمر الحاكم بقتله، عندئذ يحظى ببعض السطور حسب الظروف.
وبالطبع نحن نحكم بالأغلب الأعم والسائد فى تاريخ المسلمين . ونستدل عليه بما أورده قاضي القضاة ابن حجر العسقلاني في تاريخه: "إنباء الغمر بأبناء العمر ".

2 ـ كان ابن حجر العسقلانى من أبرز علماء العصر المملوكى فى الفقه وفى الحديث، حتى أسموه ( أمير المؤمنين فى الحديث) بالاضافة لكونه من مشاهير قضاة القضاة فى عصره ، وأحد كبار مؤرخى العصر المملوكى .
يقول ابن حجر فى مقدمة كتابه: ( أما بعد ، فيقول العبد الضعيف أحمد بن على بن محمد بن على بن أحمد بن محمود بن أحمد بن حجر العسقلانى الأصل المصرى المولد القاهرى الدار : هذا تعليق جمعت فيه حوادث الزمان الذى أدركته منذ مولدى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ، وهلم جرا مفصلا فى كل سنة ..) وقد أرّخ من عام 773 حتى عام 850 ، أى قبل وفاته بعامين ، وقد توفى ابن حجر سنة 852 الموافق 1449 ميلادية.
وفى كتابه هذا الذى أرّخ فيه لسنوات حياته كان ابن حجر يسجل أحداث عصره من واقع المشاهدة والمعاصرة، وكان مفترضا فيه كعالم وفقيه وقاض أن يتحرى العدل فى تأريخه لعصره فينال العوام بعض اهتمامه حيث يشملهم عنوان تاريخه الذى يقول ( إنباء الغمر بأبناء العمر ) والعوام الذين عاصروه كانوا ضمن أبناء عمره أيضا، ولكنه سار على منهج المؤرخين فى التعالى على الشعب وتولية وجوههم نحو السلطان ومن حوله.
نأخذ مثلا مؤثرا شديد الدلالة مما يقوله ابن حجر في أحداث سنة 826:( وفي هذه السنة وجد قتيل بقرية فأمسك الوالي أهل تلك البلاد ولا يدري هل القاتل منهم أم لا. فأمر السلطان بقطع أيدي بعضهم وآناف بعضهم وتوسيط بعضهم )أي بسبب العجز عن معرفة القاتل أمر السلطان بعقاب من يشك فى ضلوعهم فى الجريمة ، بقطع بعضهم نصفين بالسيف ( التوسيط ) ، وقطع أنوف البعض الآخر ، وأيدى الاخرين ، كيفما اتفق ..تحت اسم الشريعة !!
ولن نناقش بالتفصيل قضية العدالة هنا، مع أن المؤرخ الذي يسجل الحادث يعمل قاضيا للقضاة،وقد عاصر هذه الحادثة ، وكان مفروضا أن يحتج على ظلم الأبرياء هنا ، أو حتى يعلق كمؤرخ برأيه مستنكرا كما كان يفعل المقريزى أحيانا ، ولكنه لم يفعل. بل إنه استعمل منهج التعالى فى ذكره لتلك الحادثة التاريخية. وهنا نتوقف مع قضية البطولة في ذلك النص التاريخي، فهي أساسا للسلطان الأشرف برسباي، أما الضحايا الأبرياء فقد استحقوا شرف التسجيل في سطرين فقط لا غير في تاريخ ابن حجر بعد الأمر بتقطيع أنوفهم أوأيديهم أوتوسيطهم بالسيف نصفين. بدون ذلك لا يستحقون أن يذكرهم المؤرخ قاضى القضاة ابن حجر فى تاريخه .
وقد كان الفلاحون المصريون يتعرضون لأشد العقوبات من الكاشف المملوكى فى الريف دون أن يصل صراخهم الى القضاة و الفقهاء فى القاهرة ، وحتى لو وصل صراخهم الى أولئك الفقهاء ما اهتموا لأن بؤرة اهتمامهم هو فى التنافس على خدمة السلطان الذى يملك الأرض ومن عليها ، وهم حاشيته طبقا لمعادلة الاستبداد والكهنوت. لذلك فان الفقيه الذى يعمل مؤرخا لا يبالى بملايين الفلاحين والصناع والحرفيين و الحرافيش إذا ماتوا تحت العذاب ، فهذا خبر عادى يحدث كل يوم وفق تطبيق الشريعة فى العصر المملوكى. لا بد أن يكون موتهم أو تعذيبهم خبراغريبا مدهشا يستحق التسجيل . وحتى عندما يستحقون الاهتمام والتسجيل فإن هذا الاهتمام لا يصل الى درجة ذكر اسمائهم ، أو حتى اسم قريتهم ، بل أن مؤرخنا قاضى القضاة يشير الى قريتهم بغير مبالاة قائلا (وفي هذه السنة وجد قتيل بقرية فأمسك الوالي أهل تلك البلاد ) ، أى يتحدث كما لو كانوامن بلاد الواق واق ، وليس قرية مصرية حظيت باهتمام السلطان نفسه.
الخلاصة ،أن منهجية ذكر اسماء الأبطال فى الحدث التاريخى كانت تركز على الحاكم وأعوانه من الجند والمثقفين من الكتبة ورجال الدين ،أما الناس الحقيقيون العاديون ـ ملح الأرض ـ فقد كان الموت بأمر الحاكم أو بإحدى الكوارث هو الطريق الوحيد الذي يضطر معه المؤرخ لذكر أحداث مرتبطة بهم .

3 ـ ونذكر مثلا أخر ذكره القاضي المؤرخ ابن الصيرفي – تلميذ ابن حجر – والذي أرخ لعصره وسنوات عمره على منوال أستاذه ابن حجر ومكملا لتاريخ أستاذه أيضا ، فكتب ابن الصيرفى " إنباء الهصر بأبناء العصر " على طريقة كتاب ابن حجر ( إنباء الغمر بأبناء العمر ).
يقول ابن الصيرفى في تاريخه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) فى أحداث النصف الأول من شهر محرم 874 هـ "( ووصلت الأخبار من الوجه القبلي أن القمح وصل ثمنه بها إلى ستمائة درهم ( الإردب ) وأنه عزيز الوجود، وأن النصل – أي الوباء – كان موجودا في الآدميين ، ثم انتقل إلى البقر ، حتى أن البلاد جافت.( أي انتشرت فيها الجيف والجثث ) وشاع وذاع أن الأمير قانصوه، حصل له في مخرج الغائط ( أى فتحة الشرج )ألم شديد ، فتحوه بالفولاذ ( أى أجروا له عملية جراحية لازالة الدمل ) وهو في غاية الضرورة ( أى الألم ) وتوجه إليه الأمراء والعساكر للسلام عليه .) !!
وفي النص التاريخي السابق خبرعن الصعيد المصري وخبر آخرعن أمير مملوكي من الحكام:
الخبر الأول يحكي عن غلاء حدث في الصعيد ارتبط بكارثة أشد وهي وباء أنتشر بين الناس وانتقلت عدواه إلى البقر حتى امتلأت الطرقات في الصعيد بالجثث والجيف من البشر والبقر، أما الخبر الثاني فهو عن إصابة الأمير قانصوه الخسيف بألم في مؤخرته (ورم أو خرّاج )، وكيف أن كبار الدولة زاروه للاطمئنان عليه وعلى " مخرج الغائط ".
ويهمنا هنا أن ذلك المؤرخ القاضي إبن الصيرفى قد تساوى عنده الخبر الأول بالخبر الثاني ، تساوى عنده موت مئات الألوف من المصريين الفلاحين في الصعيد ومعاناتهم من الغلاء والمجاعة والوباء والجثث التي ملأت الطرقات دون أن تجد من يدفنها – كل ذلك تساوى عنده بألم حدث في مؤخرة أحد المماليك الحكام .
أي استحق الألوف من البشر العاديين أن يذكرهم المؤرخ القاهري في سطرين بجانب خبر تافه لمؤخرة أحد الأمراء الحكام ، والمبرر الوحيد لحصولهم على سطرين في تاريخه هو أنهم ماتوا وملأوا الطرقات بجثثهم ،ولو لم يحدث لهم موت ما أهتم بهم ابن الصيرفي .
ومع أن ابن حجر أو ابن الصيرفي يجعل عنوان كتابه عن أبناء العصر أو أبناء العمر إلا أنه لا نصيب في التاريخ لديهم إلا للحكام والمتصلين بهم ، أما الإنسان العادي الذي يأكلون من خيره ويعيشون من كده فلا يتكرمون عليه إلا ببعض السطور وبشرط أن يموت في كارثة ترغمهم على الألتفات إليه ..!!
هذا هو منطق التاريخ ووجهته فى العصور الوسطى ، فهل هى كذلك فى القصص القرآنى ؟

ثانيا : (البطولة فى القصص القرآنى للإنسان حسب دوره فى القصة )


1 ـ البطولة في الروايات التاريخية للحاكم وطبقته ، أما البطولة في القصص القرآني فهي للإنسان حسب دوره في كل قصة قرآنية . ومع أن القصص القرآني في حقيقته قصص ديني ويتناول في أغلبه تاريخ الأنبياء إلا أن تقسيم الأدوار فيه يتم طبقا للموضوع ولا يركز على شخص النبي إلا بمقدار دوره في الموضوع المحوري في القصة .
ولو تخيلنا أن مؤرخا حكي قصة يوسف لجعل البطولة فيها للملك والملأ حوله والحلم الذي رآه ، والساقي الذي احضر يوسف ليفسر الحلم الملكي ، ثم يوسف وهو يحكي قصته للملك وتولي يوسف منصب عزيز مصر ولحوق أهله به، ويكون الملك فى مصر هو الحاضر الغائب في كل فقرة وكل مشهد . ولكن القرآن الذي نزل في القرن السابع الميلادي جاء بمنهج مختلف مع أنه نزل في مطلع العصور الوسطى حيث كان التقديس تاما للملوك الحكام وكان الإهمال تاما لحياة الشعب والعوام ..
والذي يقرأ القرآن في عصرنا الراهن – عصر القوميات والديمقراطيات وحقوق الإنسان وأهمية الفرد– يحس بتلك النغمة الإنسانية في القصص القرآني، ولعل قصة يوسف تمثل في ذاتها أحد النماذج الرفيعة في هذا الشأن. ولقد جاءت بداية سورة يوسف تؤكد على روعة القصص القرآني وتفرده وتفوقه على غيره من القصص، يقول تعالى " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ".
ثم سارت أحداث القصة متتابعة متوالية متدفقة تبدأ بالحلم الذي قصه يوسف على أبيه ثم تآمر أخوته عليه إلى أن جيء به إلى مصر وإغراء امرأة العزيز له، ثم سجنه ظلما وخروجه من السجن ليتولى منصب عزيز مصر واستقدامه أهله..
وفي ذلك التدفق القصصي الرائع نرى نماذج إنسانية كل منها تأتي في دورها المحدد في القصة بدون زيادة أو نقصان، مع تعدد الأماكن بين الشام ومصر، وتعدد المراحل الزمنية من طفولة يوسف إلى كهولته، واختلاف المواقع من الجب إلى بيت العزيز، ومن السجن إلى بلاط الملك، ومن الطفل الصغير الذي يلقيه أخوته في الجب إلى عزيز مصر الذي يلجأ له أخوته ليطعمهم.. !!
وفي ذلك التأريخ القرآني لحياة يوسف نرى مشاهد إنسانية ومشاعر متباينة تفاعلت في كل الشخصيات مع اختلاف المنزلة الدينية والدنيوية، نرى فيها حزن النبي يعقوب حتى أبيضت عيناه.. ونرى فيها حقد أبناء يعقوب على أخيهم إلى درجة التآمر ، ثم نرى فيهم الندم والحسرة والتوبة وشبح جريمتهم لا يفارق قلوبهم ، ونشهد هيام امرأة العزيز بيوسف وتخييرها له أمام النسوة بين أن يستجيب لرغبتها أو يدخل السجن ، ثم نراها وهي تتوب وتعترف بجريمتها أمام نفس الملأ ..
ومع اختلاف المشاعر والمواقف حتى في نفس الشخصية الواحدة نرى تنوعا آخر في الشخصيات المحيطة بيوسف في ادوار حياته . وهو تنوع طبيعي وواقعي ، وكل شخصية تظهر في السياق المحدد لها وقد تمضي إلى غير رجعة ، وقد تعود حسب الواقع الذي حدث ..
هناك من الشخصيات النسائية ( أم يوسف) وقد وردت لها إشارة في الحلم الذي قصه يوسف ، ثم جاءت لها إشارة أخرى حين استقدم يوسف أبويه ورفعهما على العرش وقام يوسف بتأويل الرؤيا التي قصها على أبيه من قبل " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " . وهناك امرأة العزيز والنسوة المترفات في المدينة .
أما شخصيات الرجال فهي أكثر تنوعا، هناك أخوة يوسف، والقافلة التي عثرت عليه، وعزيز مصر الذي اشتراه، والرجل الشاهد الذي اكتشف افتراء امرأة العزيز على يوسف، وصاحبا يوسف في السجن. والواضح أن أحدهم كان ساقيا للملك – أي ينتمي إلى طبقة أرستقراطية ، وكان الأخر خبازا أي ينتمي إلى الطبقة الشعبية ، ثم هناك الملك والملأ الذين حوله ، ثم مساعدو يوسف حين أصبح عزيز مصر ، وأهل القرية التي نزل بها أخوة يوسف والقافلة التي صحبوها في الذهاب ثم العودة ..
والملك – مع أنه الملك – لم يستغرق في القصة إلا بقدر دوره الحقيقي فيها . ظهر في ثلاثة مواقف ، حين رأي الرؤيا وعجز عن تفسيرها الملأ حوله ، وحين حقق بنفسه في الاتهام الظالم ليوسف ، ثم المشهد الأخير له حين تكلم مع يوسف وجعله عزيز مصر . أما امرأة العزيز فقد احتلت أربعة مشاهد، حين راودته وضبطها زوجها، وحين جاء الشاهد ليحقق في الموضوع واثبت كذبها، وحين عقدت مؤتمرا نسائيا وجعلت النسوة يندهشن لجمال يوسف وتهدده أمامهن ليستجيب لرغبتها والمشهد الأخير حين اعترفت أمام الملك بذنبها وتوبتها.
إذن هو تاريخ إنساني مليء بالمشاعر والمواقف الإنسانية يجعل القارىء يحس بأنه يرى نفسه وغيره فيه، سواء كان القارىء عابدا ناسكا، أو كان سلطانا حاكما أو كان امرأة عاشقة أو والدا مكلوما على ابنه أو مسجونا مظلوما أو أخا حاسدا لأخيه أو متآمرا عليه، وان لم يجد القارىء نفسه في واحد من هؤلاء فأنه بالتأكيد يجد بعض معارفه تنطبق عليه إحدى تلك الحالات.. وبذلك يتحول التاريخ الذي يتحدث عن الماضي إلى شخصيات إنسانية حية نعايشها ونتعامل معها وتتنفس حولنا .

ثالثا : ( وصف المشاعر والأحاسيس)

ويظل الوصف الدقيق للمشاعر الداخلية أروع ما في القصص التاريخي القرآني .
إن المؤرخ في روايته البشرية قد يصف الفعل الإنساني ولكنه يظل بعيدا كل البعد عن مشاعر الفاعل لأنه لا يعلم سريرة بطل الحدث التاريخي ، وعلى سبيل المثال فذلك الأمير المملوكي قانصوه الخسيف في محنته التي حكاها المؤرخ ابن الصيرفي لا تعرف إلا بالتخمين مشاعره وهو يستقبل زواره ، ولا نعرف بالتأكيد المشاعر الحقيقية لأولئك الزوار ، هل كانوا صادقين في مشاعرهم نحوه أم كانوا منافقين ويتشفون في محنته .. ليس للمؤرخ أن يقتحم السرائر فالله تعالى هو وحده الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . ولذلك فأن القصص القرآني ترى فيه تلك الناحية الفريدة ، وصف المشاعر الحقيقية للشخصية التاريخية .
وفي قصة يوسف يأتي التعبير عن المشاعر بالحوار الذي تنطق به الشخصية ، أو بالحركة التلقائية التي تأتي بها :
* امرأة العزيز عبرت عن مشاعرها نحو يوسف بصورة تلقائية حين ضبطها زوجها تراوده ، فأسرعت تقول لزوجها " ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم " . في موقف الخجل والاضطراب لم تطلب قتل يوسف لأن حبها له أقوى من مفاجأة الخجل والاضطراب !! .. وقد تطور هذا الحب إلى نوع من الشفافية والسمو حين رأته يفضل السجن – الذي لا مخرج منه – على ارتكاب الفاحشة – ولا ريب أنها تحولت إلى شخصية جديدة بدليل أنها اعترفت بجريمتها وأعلنت براءة يوسف في محفل رسمي عام أمام الأصدقاء والأعداء ، ولم تأبه للتعليقات التي يمكن أن تقال عنها . وقد كانت قبل ذلك تهتم بما تقوله النسوة في المدينة ..
* والقرآن يعبر عن مشاعر الكراهية لدى أخوة يوسف في كلمة قالوها حين أتهم أخوهم بالسرقة " قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل " . أى يقولون : إن سرق بنيامين فقد سرق أخوه يوسف من قبل . لم يقولوا " أخ لنا " بل حتى لم يذكروا اسم يوسف مجردا ، أي ظلت كراهيتهم ليوسف تعيش داخلهم حتى ذلك الوقت .
* والقرآن يعبر عن مشاعر الإعجاب الطاغي المفاجئ بحركة موحية ، فالنسوة حين رأين جمال يوسف " أكبرنه وقطعن أيديهن " . وهل هناك بعد ذلك تعبير عن الإعجاب والانبهار ؟ ..
ويطول الحديث عن روعة التعبير القرآنى عن مشاعر الشخصيات فى القصص القرآنى ..
ولنا عودة.
والله تعالى المستعان.







هذه المقالة تمت قرائتها 217 مرة

التعليقات
تعليق بواسطة ناعسة محمود - 2007-03-06
القصص القرآني .. ما أروعه
القصص القرآنى ما أروعه .
كم كانت سورة يوسف تستوقفنى كلما أقرأها وكنت عندمااحب أن أقرأ دائماأختار هذه السورة بالذات ولا ادرى لماذا ، فقد كانت لتلك المشاهد ـ التى صورها القرآن الكريم فى هذه القصة أعظم تصوير ـ تأثيرا كبيرا على نفسى .
فهذه القصة كانت مليئة بكم كبير من العظة والاعتبار لجميع البشر فلو اتعظ بها البشر وخصوصا المؤرخين الذين أرخوا للقرون الماضية لتحول تأريخهم وأصبح تأريخ عادل يذكر فيه الأحداث التاريخية لجميع الأفراد والشعوب دون ان تحدث لهم كارثة تستدعي ذلك،وليس تأريخ خاص بالحكام يذكر كل صغيرة وكبيرة تخصهم سواء كانت تستحق أم لا. فهناك الكثير من أفراد الشعوب والذين أصابتهم الأمراض المختلفة والنادرة فى تلك العصور ولم يتم ذكرهم ولو بالشىء البسيط ولكن مرض الأمير قانصوه ذكر حتى زواره ذكروا فهل هذا تأريخ ؟ فرق شاسع بين القصص القرآنى والقصص التاريخى وهذا ما يجعلنا نعتمد على القرآن الكريم وحده ولا ننظر للتراث والمرويات التاريخية فليس هناك أصدق من القرآن الكريم .
فكما يحدث من محاباة للحكام فى القصص التاريخى فهل لم يكن هناك محاباة أيضا للحكام فى المرويات التاريخية والتى تخالف القرآن الكريم ويتم نسبتها للرسول الكريم ؟!! لا أظن فهذا أدعى لنا أن نأخذ بالقرأن وحده كلام الله ورسالة رسوله التى بلغها خير تبليغ ونترك كلام البشر الذى يفرق بين الحكام والشعوب حتى فى التأريخ .



تعليق بواسطة عبداللطيف سعيد - 2007-03-06
الإلهى والبشرى
يحتل القصص القرآنى حيزا كبيرا داخل القرآن الكريم ، وكما تفضل الدكتور أحمد صبحى فإن قصص القرآن الكريم يختلف عن قصص البشر فى أموركثيرة وجوهرية ، منها ما يخص العبرة ، حيث يهتم قصص القرآن الكريم بإبراز العبرة بينما تأرخ البشر لا يهتم فى الغالب بذلك كما أن القرآن لا يهتم بإيراد أسماء الأشخاص أو الأماكن أو الأزمان وذلك لكى يخرج الحادثة التاريخيةمن محيطها ومحدداتها لكى تصبح صالحة لكل زمان ومكان .. وبذلك يستطيع البشر جميعا الإستفادة من حادثة تاريخية مرت منذ آلاف السنين مهما أختلفت الظروف ومهما أختلفت الأزمان ومهما أختلفت الثقافات ، وبذلك يتأكد لنا أن مقولة صلاحية القرآن لكل زمان ومكان هى مقولة فى محلها لأن القرآن الكريم فوق الزمان والمكان .



تعليق بواسطة رضا على - 2007-03-06
إن القصص القرآنى يعطى كل إنسان حقه
إن عظمة القرآن الكريم أنه كتاب حكيم يقدر كل شىء , فى القصص القرآنى نجد إيضاح فعلى للمشاعر الداخلية لكل شخص مشترك فى القصة , وهذا الأمر لا يستطيع اى مؤرخ أو كاتب قصة أن يتناوله مطلقا , وهذه عظمة كتاب الله , وكما قال الأستاذ عبد اللطيف سعيد ان القرآن كتاب لكل زمان ومكان مهما اختلفت الظروف .. , عندى مثال لا ينتمى للتأريخ ولكنه من الاحداث التى يسلط فيها الأضواء على الشخصيات المهمة , وترك الفقراء , وعدم ذكرهك إلا فى الموت .
) إلا فى المصائب والكوارث ,و يحدث ذلك ايضا فى الحوادث على الطرقات السريعة نتيجة تصادم السيارات , فعند تناول الصحف مثل هذا الخبر فإنهم يذكرون عدد الموتى فقط , ولكن يذكرون الضابط الذى حضر لمكان الحادثةللمعاينة والعميد الذى تابع الموضوع , واللواء الذى أشرف على التحقيقات , ورئيس النيابة الذى تولى القضية لتصل للمحاكمة , مع ذكر بيانات هذه الشخصيات الهامة بالتفصيل من عناوين , ورتب , مقاس الأحذية , ونوع السيجار الذى يدخنه , أما من مات من الفقراء والمساكين .؟ فيكتفون بذكر عددهم فقط..
وهم بذلك يفعلون ما يفعله المؤرخون ـ إذن النتيجة أن أى قصة أو حادثة يشترك فيها مجموعة من الأشخاص ـ عند كتابتها فيتم إبراز الشخصيات الهامة فقط , لا يذكر الضعفاء إلا عند الموت على سبيل العد وإكمال الحكاية أو القصة أو الخبطة الصحفية ..




تعليق بواسطة اشرف ابوالشوش - 2007-03-07
الادب القراني
من الادب القراني في القصص بالاضافة الي اسلوب القصة الادبي نفسه والتي تحدث عنها باسهاب الدكتور منصور , هو الادب في الكلام.
فلنتخيل معا لو ان هذه القصة اراد احد القصاصين والحكاواتية ان يحكيها من غير اسلوب القران واياته , فما هو اللفظ الذي سوف يصف به افعال زوجة العزيز مع يوسف عليه السلام؟.
وهل كان هذا الاسلوب من الادب الاخلاقي بمكان كي يحكى امام جمع من الناس فيهم الرجال والنساء؟.
قصة يوسف عليه السلام هي القصة التي لا اجد حرجا ابدا في قصها على اخوتي الصغار من اولاد وبنات لكي احذرهم من الفاحشة من غير ان اجرح حيائهم لاني استعين بالفاظ واسلوب القران الكريم.
ناهيك عن ان القصة تروى في القران منذ اكثر من 1400 سنة فهل ادعى احدا ولو حقدا انها خدشت حيائه او انه رفض ان تقراء في وجود الاطفال.
لكنه النور الالهي المعجز.
وسبحان الله ولا اله الا الله.



تعليق بواسطة عبداللطيف سعيد - 2007-03-07
أمير المؤمنين في الحديث
كان ابن حجر العسقلانى من أبرز علماء العصر المملوكى فى الفقه وفى الحديث، حتى أسموه ( أمير المؤمنين فى الحديث) بالاضافة لكونه من مشاهير قضاة القضاة فى عصره ، وأحد كبار مؤرخى العصر المملوكى .
أي أن ابن حجر العسقلاني كان شاهدا على مظالم العصر المملوكي ،والعصر المملوكي كما هو معروف من أسوأ العصور إذ لم يكن أسوأها على الإطلاق ..
ومع مكانة ابن حجر وإحتلاله مكانة متقدمة داخل " التدين السني " إلا أنه قام بمعاونة الدولة المملوكية في ظلم المصريين ..
وعندما أرخ للمعاناة التي مرت بالشعب المصرى ، إذ به يساوى بين قتل الآلاف من الجوع والأمراض وبين ألم في مؤخرة أحد الأمراء المماليك .. هل هذه هى العدالة أم أنه تناقض يحظى به الفكر السني ، وهو بسبب أنهم يقدسون مرويات شديدة التناقض ، ومن الطبيعي أن تخرج هذه المتناقضات شخصيات أكثر تناقضا..
ومن الطبيعي أن يكون "أمير المؤمنين في الحديث "
أكثر الناس تناقضا وأن يتساوى عنده قتل الآلاف من المصريين مع معاناة أحد الأمراء المماليك من ألم في موقع الغائط له..
سامحك الله يا ابن حجر يا صاحب كتاب "فتح البارى في شرح حديث البخارى"!!!




تعليق بواسطة لطفية احمد - 2007-03-07
هل أغفل القصص القرآني ركناً من أركان القصة
مع أن قصة يوسف عليه السلام لا تتعدى صفحات، ولكننا نجد فيها كل سمات القصة على أفضل ما تكون.
فلم تغفل البعد الزماني والمكاني على سبيل المثال، بدون إطالة أو إسهاب وأذكر مقالاً سابقاً للدكتور احمد يتحدث عن الحسد، ويأتي بأيات من سورة يوسف والتي يحتج بها بعض الناس كدليل على وجود الحسد في القرآن بما لا يدع مجالاً للشك،مفنداً إياها إلى النتيجة النهائية والتي تقرر أن بعض أنماط التقدم الحضاري في مصر. فيقول الدكتور أحمد في مقال الحسد (ودخل الأبناء من أبواب متفرقة كما أمر أبوهم وقال الله تعالى فى القرآن (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)
أى إن هذا الحذر لن يغير شيئا من القدر الحتمى المرسوم سلفا. فالله تعالى أوحى من قبل للنبى يعقوب عليه السلام بما سيحدث لابنه يوسف من اخوته ، وهذا هو العلم الذى أعلمه الله تعالى به وجاءت الاشارة اليه فى سورة يوسف فى أكثر من موضع ( 5 ، 6 ، 18 ، 83 ، 86 ـ ، 94 ، 96 ) إلا أن عاطفة الأبوة عنده أذهبت عينيه من الحزن وجعلته يشفق على أبنائه من دخول الحدود المصرية.
من ناحية أخرى فان التقدم الهائل الذى كانت تعيش فيه مصر فى تلك الفترة كان يجعلها فى حذر من مجىء البدو اليها. وبعض ملامح هذا الترف والحضارة تظهر بين ثنايا سورة يوسف فيما يخص قصر العزيز ـ ولم يكن هو الملك بل أحد خدمه).




تعليق بواسطة ايمان خلف - 2007-03-07
بانوراما القرآن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
عزيزى الدكتور : أحمد
إن ما ذكرته عن أبن حجر العسقلانى ما هو إلا مثال وصورة تتكرر فى كل زمان ومكام ، فما دام هناك حكام كان هناك ابن حجر .
على علمى كان هناك أيضا فى عصر محمد على من كان يؤرخ له ويتناسى جثث الشعب

فى عصر جمال عبد الناصر كان هناك ...محمد حسنين هيكل

فى عصر أنور السادات كان هناك ....... موسى صبرى

فى عهد مبارك ..........كان هناك الكثيرررررررر

شاهدت فى قريتنا أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية فى الأبقار وحمى الوادى المتصدع هذة الأمراص تعصف بالفلاح وثروته التى لا يعرف غيرها حتى أن هناك تجار يشترون الأبقار المريضة لذبحها وبيعها لحوم مذبوحة وما أكثر الحيل

فى كل زمان ومكان منافقون لكن منافقون السلف الصالح أشد قسوة لانهم حاولوا تزييف الدين

........................
تعتبر قصة يوسف من القصص الواضحة المعالم أكثر من أى قصة أخرى فى القرأن الكريم أ وأعتقد أن الله سبحانه شخص الكثر من علوم الإنسانية فى هذة القصة

1- علم نفس قرآنى
2- علم إجتماع
3- علوم سياسية
4 علم تنبؤ وأحلام قرأنى
علوم التوبة من الذنب والصفح الجميل والعفو عند المقدرة والتسامح

القصص القرآنى بانوراما أخلاقية وإجتماعية صالحة للإستخدام العملى فى كل زمان ومكان وعلى مر العصور

والله تعالى المستعان
إيمان خلف



تعليق بواسطة إبراهيم دادي - 2007-03-07
يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ"
عزيزي الدكتور أحمد صبحي منصور، ما أروع التعبير القصصي في القرآن العظيم، و ما أروع هذا المقال و تعليقكم و توضيح هذه القصة بالذات، و حقا كل منا يمكن أن يعيش دورا من أدوارها كما تفضلتم، حتى لو لم يكن أحدنا فقد يكون أحد أقاربنا وأهلنا، ـ كما قال الذئب للخروف ـ و مما أتعجب في هذه السورة و القصة لم ألاحظ ذكرا لمشاعر الأم التي يعتبر حنانها لأبنائها أكبر من الوالد، رغم أن والد يوسف عليهما السلام قد ابيضت عيناه من الحزن فماذا حدث للوالدة يا ترى؟ أم أنها من الكاظمين الغيظ؟
و مما أتعجب من هذه القصة أيضا رد فعل العزيز زوج المرأة حين ضبطها متلبسة بمحاولة القيام بالفاحشة و التي كانت تجري وراء يوسف، وقد شهد شاهد من أهلها على قميصه الذي قدّ من الدبر، و رغم كل ذلك لم يضربها و لم يقتلها و لم يطلقها، ولم يقص الله إلا:" فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ"(29). يوسف.
نفعنا الله مما علمكم وجزاكم الجزاء الأوفى يوم الدين.
مع أخلص تحياتي للجميع.




تعليق بواسطة نجلاء محمد - 2007-03-07
من سار على نهجهم كثيرون
من سار على نهج ابن حجر العسقلاني كثيرون هذه الأيام، وهم لم يرثو فقط الاهتمام بالحكام وترك المحكومين، بل ورثوا أيضاً التناقض العجيب الذى نراه هذه الأيام يقولون عكس ما يفعلون، دائما لديهم شعارات براقة وتعبيرات جميلة عن التسامح والعدل وعدم الاستغلال، ولكن عندما يتصرف تجده تلقائياً على العكس مما يقول.
كنت في زيارة بالأمس لإحدى المعارف، وهى مريضة بالفشل الكلوي( شفاها الله)، والسبب في ذكر هذه المناسبة أنها قالت لي أنه يوجد شيخ عندهم وهو (ممرض) طول النهار ينصحهم، ومفيش على لسانه غير قال الله وقال الرسول وطول النهار أحاديث، ويبيع لهم بعض الأدوية التي يحصل عليها بسعر بسيط، ويستغل المرضى ويأخذ منهم ربح ليس بالقليل ومعظمهم لا يجد ثمن تلك الأدوية،ولا يتساهل مع المرضى الذين يعانون أمامه أشد المعاناة .



تعليق بواسطة عثمان محمد علي - 2007-03-07
نهر القرآن الذى لا ينضب.
استاذى العزيز الغالى الدكتور -منصور .بارك الله قيك وفى قلمك وعلمك الذى يعلمنا كيف نتدبر القصص القرآنى .وحقيقة تعلمت من هذه المقاله الكثير والكثير فى الفرق بين القصص القرآنى والقصص البشرى الأرضى .وعلى سبيل المثال . اولا --ما هو موقف أم يوسف عليه وعليها السلام مع ان القرآن اشار إليها فى بداية القصه ونهايتها ايضا (واشكر الاستاذ إبراهيم دادى على تلك اللفته )وكأنى لم أقرأ القصه قبل ذلك ابدا فأنا اتخيل انها كانت شبه ميته إكلينكيا بسبب فقدان يوسف ..ثانيا -- هل كان المسلمون على موعد مع الشيطان عندما سلط عليهم البخارى فى ان يجمع لهم روايات ما انزل الله بها من سلطان وينسبها ويسندها إلى الله تعالى وإلى نبيه محمد بن عبد الله عليه السلام .بعد وفاته بقرنين ونصف من الزمان .ثم يسلط عليهم من يشرح لهم هذه الروايات(إبن حجر العسقلانى) وكأنه يشرح لهم القرآن الكريم بعد وفاة النبى بتسعة قرون :: وكأن دين الله تعالى وكتابه المبين كان معطلا لمدة تسعةقرون حتى يأتى لنا إبن العسقلانى ليؤكده لنا ويشرحه لنا..ثالثا __بعد قراءتنا لموجز حياة (إن العسقلانى ) ووضوح ظلمه البين وإنتصاره للأمراء وتغاضيه عن مظالم المظلومين وموتهم جوعا وكبدا ووباءا هل يعتبر بمقياس علم مصطلح الحديث (علم الجرح والتعديل ) من الثقات العدول ام من الفاسقين المدلسين ؟؟؟ وهل بعد ذلك نثق فيه وفى الروايات التى إختارها للشرح والتبيين والإيضاح ؟؟؟ واترك لكم الإجابه ..