التحقيق فى جريمة قتل غامضة حدثت عام 99 هجرية

في الإثنين ٠٥ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة

الملاحظ فى تاريخ الخلفاء أن بعضهم كان يموت فجأة وهو فى تمام صحته وريعان شبابه . منهم من كان يموت قتلا ويعلن قتله مثل الخليفة المنتصر العباسى الذى تآمر على قتل أبيه المتوكل ، وتولى بعده ولم يهنأ بالخلافة فمات مسموما بيد أعوانه من قادة الجند الأتراك . ومنهم من مات مسموما وهو أيضا فى ريعان الصحة والشباب مثل الخليفة الهادى الذى قتلته أمه الخيزران،وقد تعرضنا لهذا فى ابحاث منشورة . ولكن بعضهم مات فجأة وهو أيضا فى ريعان الصحة والشباب ،وحيكت أساطير تبرر موته الفجائى،ولكن تلك الأساطير تجعل الباحث التاريخى يتشكك فى تلك الموتة الفجائية، ويستشعر أن وراءها مؤامرة خافية. وحينئذ لا بد من البحث التاريخى لمعرفة الجانى المحتمل ، مع الايمان بأن الله جل وعلا هو الذى يعلم السّر وما أخفى ، وان التاريخ الحقيقى للبشر سيظهر علنا يوم العرض على الله جلّ وعلا :( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ )(الحاقة 18).

نتأهّب الآن للتحقيق الجنائى فى موت الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك .

أولا : من هو سليمان بن عبد الملك ؟

1 ـ تقول بطاقته الشخصية إنه ابن الخليفة عبد الملك بن مروان ، وهو شقيق الخليفة السابق الوليد . وكان الوليد أول من تولى الخلافة بعد أبيه عبد الملك ، ثم كان شقيقه سليمان بعده وفقا لترتيب الوراثة الذى وضعه عبد الملك . سليمان مولود عام 60 هجرية ، وتولى الخلافة بعد موت شقيقه الوليد عام 96 . مات فجأة عام 99 وهو دون الأربعين .

2 ـ قيل فى أحداث عام 99 :( في هذه السنة توفي سليمان بن عبد الملك بن مروان لعشر بقين من صفرفكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام ‏.‏). وقيل فى موته:( وكان موته بدابق من أرض قنسرين. لبس يومًا حلةً خضراء وعمامة خضراء، ونظر في المرآة فقال‏:‏ " أنا الملك الفتى " ، فما عاش جمعة . ونظرت إليه جارية فقال‏:‏ ماتنظرين ؟ فقالت‏:‏

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى غير أن لا بقاء للإنسان

ليس فيما علمته فيك عيب كان في الناس غير أنك فان

قيل‏:‏ وشهد سليمان جنازة بدابق، فدفنت في حقل، فجعل سليمان يأخذ من تلك التربة ويقول‏:‏ ما أحسن هذه التربة وأطيبها‏!‏ فما أتىعليه جمعة حتى دفن إلى جانب ذلك القبر‏.‏ ). هذا ما شاع بعد موته المفاجىء لتبرير موته المفاجىء . وبعض الروايات تزعم أنه تلك الجارية التى نطقت له بهذا الشعر أخذ يبحث عنها فلم يجدها ،أى كانت هاتفا سمعه سليمان وحده وارهاصا بموته .

كما شاعت أساطير عن نهمه فى الطعام لا يمكن تصديقها ، وقد تعرضنا لها فى مقالين. ومن المستبعد أن يشتهر سليمان بهذا النهم فى الأكل فجأة عندما تولى الخلافة وفى مدة حكمه القصير، كأنه كان شخصا عاديا يأكل بالقدر المعقول ثم تحول الى أسطورة فى النهم مرة واحدة . هذا بعيد عن التصديق ، فلقد كان من قبلها ولى عهد متاحة له كل أصناف الطعام ، ولو كان نهما فى الطعام لاشتهر بهذا وهو أمير وهو أيضا ولى عهد بعد أخيه . فلا تحجير عليه فى الطعام فى حياته أميرا أو خليفة ، ولم يكن فقيرا محروما ثم أصبح غنيا فجأة فإخذ ينتقم من أيام الفقر بالنهم فى الطعام. بإيجاز ..هى روايات تعزّز الشّك فى موته ، وترجح أن يكون قد مات مسموما ، كالعادة .

ثانيا : خبرة الأمويين فى استعمال ( السّم ) سياسيا

1 ـ نقول (كالعادة) لأن الأمويين إشتهروا بالتخلص من أعدائهم بالسّم . ولا نستبعد أن يكون الخليفة أبو بكر أول ضحاياهم ، فلقد كان أبو سفيان هو اللاعب الخفى فى ترشيح أبى بكر وتنصيبه خليفة وتهميش الأنصار واستبعاد (على بن ابى طالب ) وربما نعود لفحص هذه القضية فيما بعد.

2 ـ ولكن معاوية استعمل سلاح السّم فى قتل خصومه ومنافسى إبنه ، وأشهر ضحاياه كان الأشتر النخعى الذى عينه (على ) واليا على مصر ليحلّ محل ( محمد بن أبى بكر) فيها ، وخاف معاوية من تعيين الأشتر فى مصر وهو المشهور بحزمه والذى كان على وشك أن يفتك بمعاوية فى معركة صفين . وأحد عملاء معاوية تمكن من دسّ السّم فى كوب عسل شربه الأشتر وهو فى طريقه الى مصر فمات مسموما قبل أن يصلها ، وفيما بعد كان عمرو بن العاص ومعاوية يتندران فيقولان : إن لله جنودا من العسل .

3 ـ وفى سبيل الاعداد لتولى إبنه يزيد الخلافة تمكن معاوية من قتل الحسن بن على ليزيحه من منافسة يزيد ، وعندما علم بحبّ اهل الشام لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد تخلّص منه معاوية بالسّم .وعبد الرحمن بن خالد هو أفضل من يزيد بن معاوية ، كما أن خالد بن الوليد كان أفضل من معاوية ، فكان ابن خالد بن الوليد منافسا قويا محتملا ليزيد فى حال ترشيحه وليا للعهد. واستبق معاوية الأحداث فبعث لعبد الرحمن من دسّ له السّم ، مع وجود علاقة قوية تجمعهما.

4 ـ وتولى يزيد بن معاوية الخلافة شابا فتيا ، فلم يلبث فيها سوى ثلاث سنوات ومات ميتة غامضة بعد أن حفل عهده القصير بفواجع ثلاث : قتل الحسين وقتل أهل المدينة وانتهاك حرمة البيت الحرام . وانهار حكم الأمويين مؤقتا باعتزال معاوية بن يزيد بن معاوية ، وكاد الأمر يصفو لعبد الله بن الزبير الذى أعلن نفسه خليفة فى مكة ، ودخل فى سلطته العراق ومصر وجزء من الشام ، ولكن سرعان ما توحد الأمويون فى مؤتمر الجابية ، واتفقوا على تولية مروان بن الحكم ثم بعده خالد بن يزيد بن معاوية ، ولكن مروان أزاح خالدا من ولاية العهد بعد تحقيره علنا ، وجعلها لابنيه عبد الملك ثم عبد العزيز . وأنتقمت أم خالد لابنها خالد بقتل زوجها مروان بن الحكم ، وقد عرضنا لهذا فى مقال بحثى. وتولى عبد الملك بن مروان فحاول إزاحة أخيه عبد العزيز بن مروان الذى كان يحكم مصر فلم يستطع . ومات عبد العزيز ( فجأة ) فى وقت مناسب ( !! ) فأسرع عبد الملك وجعل ولاية العهد فى إبنه الأكبر الوليد وبعده سليمان وبعده يزيد بن عبد الملك ثم مروان بن عبد الملك . هذا موجز أنباء الأمويين فى استعمال (السّم ) عندما وصل الى الخلافة الشاب سليمان بن عبد الملك بعد وفاة شقيقه الوليد . ثم مات (فجأة) سليمان ،ونضع كلمة (فجأة ) بين قوسين للاشارة الى الشّك فى الموت بالسّم ، ومن ضحايا الموت بالسم فى اعتقادنا سليمان بن عبد الملك . فلنرجع الى تحقيق سبب موته .

ثالثا : المتهمون المحتملون بقتل سليمان

1 ـ ونبدأ بالشيعة . فقد إغتال سليمان سرا ـ وبالسّم أيضا ـ زعيم حركة شيعية سرية ، فكان أن غيّر سليمان تاريخ العالم دون أن يدرى . بعد مذبحة كربلاء التى قتلت معظم ذرية (على ) والسيدة فاطمة الزهراء وبعد اعتزال (على زين العابدين بن الحسين ) آلت قيادة العلويين الى محمد بن على بن أبى طالب المشهور بمحمد بن الحنفية نسبة لأمه من قبيلة بنى حنيفة .وقد تزعم محمد بن الحنفية العلويين بعد مقتل الحسين فى فترة الاضطراب الأموى والنزاع مع عبد الله بن الزبير. وانتقلت بعده أضواء الزعامة الى إبنه أبى هاشم ، وهو عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب ، المشهور بلقب ( كيسان ). واستطاع أبو هاشم تنشيط أنصاره وكبار الشيعة وإرساء دعائم دعوة سرية محكمة. وكثرت تحركات أبو هاشم فتتبعته عيون الأمويين ، وإستضافه سليمان بنفسه فى دمشق ليتحقق بنفسه من خطورته فتيقن من خطورته . واستعمل سليمان نفس التدبير الأموى الشهير فى التخلّص بالسّم من الخصوم والمنافسين . وخرج أبوهاشم يمشى على قدميه من قصر سليمان فى دمشق موفور الصحة والعافية دون أن يعلم أن عيون الأمويين تتابعه . وبعدها وهو فى الأردن للقاء بعض أعوانه قدم له عميل لسليمان لبنا ، شرب أبو هاشم اللبن فأحسّ بالسّم يسرى فى أحشائه . كان غريبا وحيدا ومعه أسرار الدعوة التى جنّد لها الدعاة ونظّم لهم الاتصالات والتحركات ووزع عليهم الأدوار والمهام ، وخاف إن مات فى الطريق أن تموت بموته الدعوة فسأل عن أقارب له فعرف أن ابن عمه من بنى العباس يسكن فى الطريق ،وهو محمد بن على بن عبد الله إبن عباس ، فسار اليه وقبل أن يلفظ أنفاسه دفع اليه بأسرار الدعوة ، وكتب يوصى الدعاة بانتقال الأمر اليه . حدث هذا فى نفس العام الذى مات فيه سليمان ،أى عام 99 . تقول الرواية عن وفيات هذا العام : ( وفيها توفي أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب من سم سقيهعند عوده من الشام . وضع عليه سليمان بن عبد الملك من سقاه . فلما أحس بذلك عاد إلىمحمد بن علي بن عبد الله بن عباس وهو بالحميمة ، فعرفه حاله ، وأعلمه أن الخلافة صائرةإلى ولده ، وأعلمه كيف يصنع ، ثم مات عنده‏.‏).

من المحتمل أن يلقى سليمان حتفه بيد الشيعة إنتقاما لمقتل زعيمهم أبى هاشم ( كيسان ). يعزّز هذا الاحتمال أمران : أن عملاء الشيعة كانوا سريين منتشرين دون أن يعرفهم أحد ، وأن سليمان مات فجأة وهو بعيد عن دمشق وهى مركز حكمه ، أى مات فى قنسرين ، وهى لا تخلو من الشيعة .

2 ـ وهناك متهمون آخرون وهم قادة قبائل ( مضر ) العاملون فى جيش الأمويين .

هذا يستلزم شرحا وافيا للصراع القبلى بين قبائل مضر وفى وسطها قبائل قيس من جهة وقبائل قحطان اليمنية وفى وسطها قبيلة كلب . ونوجز فنقول إن عبد الملك بمهارته استخدم التنافس بين الجناحين فى خدمته ، واقام توازنا بين الجناحين . ولكن هذا التوازن إهتز فى عهد الوليد بن عبد الملك الذى سمح للحجاج وآله وبقية قادة مضر من الاستحواذ على معظم الولايات . فكان الحجاج يتولى العراق الذى كان يشمل وقتها شرق العراق الى خراسان وما بعدها ، وكان موسى بن نصير وابنه يتولى شمال أفريقيا والاندلس غربا . ونجح قادة مضر فى الفتوحات شرقا وغربا ، واشتهر منهم قتيبة الذى واصل الفتوحات شرقا الى ما يقرب من حدود الصين ، كما أشتهر الشاب محمد بن القاسم الثقفى ابن عم الحجاج فى انتصاراته فى الهند ، واشتهر موسى بن نصير فى فتوحات الأندلس . جاءت المحنة بنفس السبب وهو عادة الخلفاء الأمويين ( ثم العباسيين ) فى أن يعهد الخليفة الى أبنيه أو أبنائه على التوالى ، وعندما يتولى الابن الأكبر يحاول عزل أخيه وتولية إبنه مكان أخيه فى ولاية العهد . وتتكرر القصة . واشرنا الى عبد الملك وكيف أراد عزل أخيه عبد العزيز فرفض فمات عبد العزيز (فجأة) وأسرع عبد الملك بالعهد لأبنائه الوليد ثم سليمان ثم يزيد ..

الذى حدث هنا أن الوليد قبيل موته أراد عزل شقيقه سليمان بطل قصتنا وتعيين ابنه عبد العزيز بن الوليد بدلا منه ، واستشار فى ذلك كبار رجالات دولته، وكلهم من القبائل المضرية ، ويتزعمهم الحجاج ، فشجعوا الوليد على عزل شقيقه سليمان من ولاية العهد وتعيين عبد العزيز بن الوليد مكان عمّه سليمان . رفض سليمان التنازل عن ولاية العهد ، وترجى عمر بن عبد العزيز بن مروان ابن عمه الوليد ألّا ينقض عهد أبيه . ولكن صمّم الوليد على عزل شقيقه ، فبعث لسليمان يستدعيه فتباطأ سليمان فى القدوم ، ومات الوليد (فجأة) فأصبح سليمان هو الخليفة . تقول الروايات عن موت الوليد وتولى سليمان عام 96 : ( وكان الوليد أراد أن يخلع أخاه سليمان ويبايع لولده عبد العزيز، فأبى سليمان ، فكتب( الوليد ) إلى عماله ودعا الناس إلى ذلك ، فلم يجبه إلا الحجاج وقتيبة وخواص من الناس ، فكتبالوليد إلى سليمان يأمره بالقدوم عليه، فأبطأ ، فعزم الوليد على المسير إليه ليخلعه، فمات قبل أن يسير إليه‏.).

تولى سليمان الخلافة وهو ممتنّ لابن عمه عمر بن عبد العزيز الذى وقف الى جانبه فى المحنة ، ولكنه كان مهووسا بالانتقام ممّن شجع شقيقه الوليد على عزله من ولاية العهد ، وهم الحجاج وقتيبة وموسى بن نصير . ومن حسن الحجاج أنه مات ( فجأة ) قبيل موت الوليد ( المفاجىء ). وعندما تولى سليمان كان همّه الانتقام من أهل الحجاج وبقية زعماء قبائل مضر الذين شجعوا الوليد على عزله . وكان الشاب محمد ابن القاسم ابن عم الحجاج فاتح الهند أول القتلى . وتلاه الفاتح قتيبة بن مسلم الباهلى . وكان الوليد قبيل موته قد عيّن يزيد بن أبي مسلم على العراق بعد وفاة الحجاج . فلما تولى سليمان بادر بعزل يزيد بن أبي مسلم عن العراق وعيّن مكانه على العراق وخراسان يزيد بنالمهلب ، وهو العدو الأكبر للحجاج وأسرته وأبرز زعيم للقبائل اليمنية وقتها. وصدرت الأوامر بقتل أهل الحجاج تحت التعذيب ،فكان يتولى تعذيبهم عبد الملك بن المهلب أخ يزيد بن المهلب. وقد كان آل المهلب بن أبى صفرة فى سجون الحجاج من قبل وتحت آلته فى التعذيب.

واستشعر قتيبة الخطر من قبل ، وحاول أن يصلح أموره مع سليمان . يقول الطبرى فى أحداث عام 96 (وفي هذه السنة بويع سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي توفي فيهالوليد وهو بالرملة‏.‏) وبعدها وتحت عنوان ( ذكر مقتل قتيبة) (الطبرى 6 / 506 ـ ): ( وفي هذه السنة قتل قتيبة بن مسلم الباهلي بخراسان وكان سببقتله أن الوليد بن عبد الملك أراد أن ينزع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعل بدلهابنه عبد العزيز فأجابه إلى ذلك الحجاج وقتيبة على ما تقدم‏.‏فلما مات الوليد وولي سليمان خافه قتيبة ، وخاف أن يولي سليمان يزيدابن المهلب خراسان ..‏.‏) ‏.‏وتعجّل قتيبة ودعا الى خلع سليمان من الخلافة وسط جنده فى خراسان، فلم يجبه أحد ، وحدثت تحركات بين الجند من قبائل العرب انتهت بقتل قتيبة ومعه من أهل بيته أحد عشر رجلًا ، وجىء لسليمان برأس قتيبة ورؤوس أهله ، وكان عنده الهذيل بن زفر ابنالحارث من زعماء قبائل مضر ، فقال له‏ سليمان :‏ هل ساءك هذا يا هذيل ؟ فقال‏:‏ لو ساءني لساء قومًا كثيرًا‏.‏فقال سليمان‏:‏ ما أردت هذا كله‏.‏وإنما قال سليمان هذا للهذيل لأنه هو وقتيبة من قيس عيلان ثم أمربالرؤوس فدفنت . ) كان قتيبة من أعظم القادة الحربيين فى تاريخ المسلمين ، يقول الطبرى : ( ولما قتل قتيبة قال رجل من أهل خراسان‏:‏ (يا معشر العرب قتلتم قتيبة؟ !..والله لو كان منا فمات لجعلناه في تابوت فكنا نستقي به وسنتفتح به إذا غزونا .!! )

ووصل إنتقام سليمان الى الاندلس ليصيب قائدا بارزا أخر هو موسى بن نصير فاتح الاندلس. وكان ذلك عام 97 . كان موسى قد ولّى الاندلس إبنه عبد العزيز وعاد الى الشام . تقول الروايات إن عبد العزيز بن موسى بن نصير نجح فى ضبط الأمور فى الاندلس بعد توطيد فتحها ( .. فضبطها وسدد أمورها وحمى ثغورها وافتتح في إمارته مدائن بقت بعد أبيه. وكانخيرًا فاضلًا ، وتزوج امرأة رذريق فحظيت عنده وغلبت عليه فحملته على أن يأخذ أصحابهورعيته بالسجود له إذا دخلوا عليه كما كان يفعل لزوجها رذريق‏.‏فقال لها‏:‏ إن ذلك ليس في ديننا‏.‏فلم تزل به حتى أمر بفتح باب قصير لمجلسه الذي كان يجلس فيه فكانأحدهم إذا دخل منه طأطأ رأسه فيصبر كالراكع فرضيت به، فصار كالسجود عندها ، فقالتله‏:‏ الآن لحقت بالملوك وبقي أن أعمل لك تاجًا مما عندي من الذهب واللؤلؤ ، فأبى ، فلمتزل به حتى فعل‏.‏فانكشف ذلك للمسلمين ، ، فقيل تنصر وفطنوا للباب ، فثاروا عليه فقتلوه فيآخر سنة سبع وتسعين‏.‏وقيل‏:‏ إن سليمان ابن عبد الملك بعث إلى الجند في قتله عند سخطهعلى والده موسى بن نصير ، فدخلوا عليه وهو في المحراب يصلى الصبح ، وقد قرأ الفاتحةوسورة الواقعة، فضربوه بالسيوف ضربة واحدة ، وأخذوا رأسه فسيروه إلى سليمان . فعرضهسليمان على أبيه ، فتجلد للمصيبة وقال‏:‏ هنيئًا له بالشهادة فقد قتلتموه واللهصوامًا قوامًا‏.‏!!وكانوا يعدونها من زلات سليمان‏.‏وكان قتله على هذه الرواية سنة ثمان وتسعين في آخرها‏.‏..‏.‏وفيها عزل سليمان بن عبد الملك عبد الله بن موسى بن نصير عن إفريقية ).

لدينا هنا روايتان فى قتل عبد العزيز بن موسى بن نصير . الأولى تصفه بالنجاح فى إدارة الاندلس ولكن تتهمه فى دينه وتجعل ذلك سببا فى قيام الجند بقتله . والأخرى تؤكّد أن الخليفة سليمان بن عبد الملك هو الذى أمر الجند بقتله فقتلوه وهو يصلى فى المحراب . ثم جىء لسليمان برأس القتيل عبد العزيز فعرضها على ابيه موسى بن نصير ليتشفّى فيه ، فتجلّد الشيخ المصاب فى إبنه . وأكمل سليمان انتقامه بعزل الابن الآخر لموسى بن نصير وهو عبد الله بن موسى بن نصير عن شمال أفريقيا . وأرى الجمع بين الروايتين ، فلقد أمر سليمان باغتيال عبد العزيز بن موسى بن نصير وبتشويه سمعته ليبرر قتله . وكالعادة جىء له برأس الضحية فاستدعى موسى بن نصير ليرى رأس إبنه .

هذا الانتقام المبالغ فيه من قادة القبائل المضرية ربما يكون دافعا لبعضهم فى الانتقام بقتل الخليفة الشاب سليمان بالسّم . يرجّح هذا الرأى أن البلاط الأموى وقتها كان مزدحما بقادة القبائل المضرية وعملائهم ، فلقد قادوا الدولة الأموية عشر سنوات طيلة عهد الوليد بن عبد الملك ( 86 : 96 ) وجزءا من عصر عبد الملك ( 73 : 86) . ومنتظر أن يقتل بعضهم سليمان إنتقاما لما فعله بقادتهم .

رابعا : المتهم الأكثر ترجيحا :

1 ـ هو يزيد بن عبد الملك ، الأخ غير الشقيق لسليمان والوليد .السبب هو نفسه ولاية العهد. يقول الطبرى فى أحداث عام 98 تحت عنوان : ( مبايعة سليمان لابنه أيوب وليا للعهد ) :( وفى هذه السّنة بايع سليمان لابنه أيوب بن سليمان وجعله ولى عهده ..كان عبدالملك قد أخذ عهدا على ابنيه الوليد وسليمان أن يبايعا لابن عاتكة ولمروان بن عبد الملك من بعده ، فمات مروان فى خلافة سليمان فى منصرفه من مكة . فبايع سليمان حين مات لأيوب ، وأمسك عن يزيد ، وتربص به ، ورجا أن يهلك ، فهلك سليمان وابنه ولى عهده). ( الطبرى 6 / 531 ).

2 ـ وفى شرح هذه الرواية نقول : عهد عبد الملك الى أبنائه على التوالى الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم مروان. وأوصى إبنيه الشقيقين الكبيرين بمراعاة العهد مع إبنيه الصغيرين وهما يزيد ومروان ، وهما شقيقان ، وأمهما قرشية أموية سفيانية، وهىعاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. ولتميّز يزيد بن عبد الملك عن بقية إخوته بنسب أمه الأموى كان يقال عنه ( إبن عاتكة ). وأشرنا من قبل لفشل محاولات الوليد التخلص من تعيين سليمان وليا للعهد وتعيين ابنه عبد العزيز مكانه . وجاء سليمان يكرّر بصورة أسوأ نفس السّنة السّيئة ، لذلك مات ( فجأة ) مروان بن عبد الملك أثناء رجوعه من مكة أثناء خلافة سليمان ، وبادر بعدها سليمان بتعيين إبنه أيوب بن سليمان وليا للعهد متجاهلا حق أخيه يزيد بن عبد الملك ، ومتجاهلا وصية أبيه عبد الملك . ومن الطبيعى أن تدور حرب خفية من مكائد القصور بين الأخوين الخليفة سليمان وولى العهد المعزول يزيد بن عبد الملك . وحتى لا تثور الشبهات ضد سليمان لو قتل أخاه الآخر يزيد فقد أمسك عن قتله ، متربصا لفرصة مواتية ، أو كما يقول الطبرى فى روايته : (فمات مروان فى خلافة سليمان فى منصرفه من مكة . فبايع سليمان حين مات لأيوب ، وأمسك عن يزيد ، وتربص به ). ومن الطبيعى أن يحسّ يزيد بالخطر يحيق به بعد موت شقيقه مروان (المفاجىء ) وهو مسافر، ومن الطبيعى أن يبادر بالانتقام وقتل أخيه سليمان وابن أخيه أيوب بن سليمان. أى يتغذى بسليمان قبل أن يتعشّى به سليمان . وهكذا بدأ الأمر بموت ولى العهد الجديد الصغير أيوب بن سليمان عام 98 ، فمات ولى العهد (فجأة) لإفشال موضوع ( التوريث ) ، وبعدها كان قتل الرأس الكبيرة سليمان نفسه ( فجأة )عام 99.

3 ـ يرجّح هذا الاحتمال قوة نفوذ يزيد بن عبد الملك داخل البيت الحاكم ، لأن أمه حفيدة معاوية بن أبى سفيان مؤسس الملك الأموى ، وجدّها الأكبر هو أبو سفيان زعيم قريش والذى لا يدانيه فى شرفه أخوه أبوالعاص بن أمية جدّ عبد الملك بن مروان. وهذه ثقافة الأمويين التى جعلت أعظم ابناء عبد الملك وهو مسلمة بن عبد الملك ممنوعا من الترشح للخلافة لأن أمه كانت جارية وليست عربية ، ولقد تعرضنا لمسلمة فى مقال بحثى سابق. وعليه فلو كان ابن لعبد الملك بن مروان بن عبد الحكم بن أبى العاص بن أميه وتكون أمه فى نفس الوقت بنت يزيد بن معاوية بن أبى سفيان بن أمية فلا بد أن يزداد فخرا ومكانة على بقية أخوته من أمهات من خارج البيت الأموى الحاكم . ثم إن عاتكة تنتمى من ناحية جدتها الى ميسون بنت بحدل الكلبى أم والدها يزيد بن معاوية . أى مع ابنها يزيد ولاء قبيلة كلب أقوى القبائل اليمنية القحطانية . ولا يرضى الجميع داخل البيت الأموى وحتى داخل زعامات قبائل اليمن بعزل وقتل مروان بن عبد الملك ثم بعده شقيقه يزيد بن عبد الملك ، وربما لهذا أمسك سليمان مؤقتا عن التخلص من يزيد بن عبد الملك وتربّص به مما أتاح ليزيد أن يعجّل بالتخلص من أخيه الخليفة.

4 ـ ومما يرجّح أيضا هذا الاحتمال ما حدث من سليمان وهو يحتضر عالما بمن دسّ له السّم ، إذ كانت حركته الأخيرة انتقاما من أخيه يزيد إذ تخطّاه وعهد لابن عمّه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم . وهو تصرف غير مسبوق من أبناء عبد الملك ، ولا تعليل له إلا بهذا المقال البحثى . ولأنه تصرف غير مسبوق وهو أيضا مرفوض من أبناء عبد الملك ، فلهذا وحتى يرضى أخوته من أبناء عبد الملك بتأخير يزيد فقد جعل سليمان الولاية لأخيه وعدوّه اللدود يزيد بعد عمر بن عبد العزيز على أمل أن يتخلّص عمر ابن عبد العزيز من يزيد ويكمل المهمة التى عجز عنها سليمان نفسه .

5 ـ ويزيد أكثر من الاحتمالات نهاية الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، فقد مات قتلا بالسّم أيضا ، وكالعادة مات (فجأة ) فى ريعان شبابه وصحته . (عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم )هو مولود بمصر أثناء ولاية أبيه عليها عام 63 ، وتزوج بنت عمه فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ، وتولى الخلافة بعهد من ابن عمه سليمان عام 99 ، وسرعان ما مات مسموما فى شهر رجب 101 ، وكان عمره 39 عاما ونصف العام . تقول الروايات ( وكانت وفاته بالسّم ، كانت بنو أمية قد تبرموا به لكونه شدّد عليهم وانتزع من أيديهم كثيرا ممّا غصبوه ..فسقوه السّم ). وكالعادة اشاعوا أساطير تبرّرموته (المفاجىء ). وردّ عليها عمر وهو يحتضر،إذ قال ردا على إشاعات بأنه مسحور:( ما أنا بمسحور ، وإنى لأعلم الساعة التى سقيت فيها ). وحين شعر بالسّم استدعى غلامه الذى سقاه فقال له: ويحك!ما حملك على أن تسقينى السّم ؟! فقال : ألف دينار أعطيت لى وعلى أن أعتق ، فأخذ منه عمر الألف دينار ووضعها فى بيت المال وعفا عنه . !! الواقع إن قتل عمر بن عبد العزيز بالسّم جاء تاليا لمناظرة شهيرة له مع الخوارج . فقد دعاهم لمناظرته وغلبهم فيها إلا إنهم غلبوه فى حجتهم الأخيرة ، وهى فى مشروعية تولى يزيد بن عبد الملك بعده دون مشورة المسلمين ومخالفة لما كان عليه الراشدون فى عدم التوريث. عندها سكت عمر وعجز عن الاجابة ، ووعد ببحث الأمر. كان عمر من قبل يهدّد أهله الأمويين المعارضين لسياسته بأن يتنازل عن الخلافة لأحد العلويين فكانوا يتراجعون خوفا . وجاء تصريحه الأخير فى مناظرة علنية ببحث أمر توريث يزيد مؤرقا لولى العهد يزيد ، وبالتالى فإن أصابع الاتهام تشير الى يزيد بن عبد الملك ، والذى تولى بعده الخلافة فكان سكيرا عربيدا .

6 ـ والطريف أن يزيد هذا حين تولى الخلافة حاول أن يغطّى على جريمته فى قتل إبن عمه عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل بأن أمر الناس بأن يسيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز ، فلما إستوثق له الأمر جىء له بأربعين شيخا شهدوا له أنّه ماعلى الخلفاء حساب ولا عذاب.! ثم فانطلق فى المجون .وتنازع يزيد فى خلافته مع آل المهلب فخرجوا عليه ، فهزمهم أخوه مسلمة بن عبد الملك فى موقعة العقير بقرب كربلاء . عام 102 . وانتهى يزيد الى نفس المصير؛ إذ مات (فجأة )فى شعبان عام 105 . وكان عمره 36 عاما .!!

أخيرا

1 ـ ما سبق ليس تأريخا للاسلام . هو تأريخ للمسلمين ، هو تأريخ للمجرمين منهم وللضحايا .

2 ـ ترى من كان المعلم الذى تربى على يديه المجرمون من أبناء عبد الملك (الوليد وسليمان ويزيد ثم هشام )؟

كان ابن شهاب الزهرى . ولاّه عبد الملك تأديب أولاده مذ رحل اليه الزهرى فى حدود 75 هجرية . ترك الزهرى قومه فى المدينة وهم يعانون جراح ما فعله بهم الأمويون حين استباحوا المدينة قتلا وإغتصابا بعد هزيمة أهل المدينة فى موقعة الحرة عام 63 . ترك الزهرى أهله ورحل الى عدوهم فى دمشق معلما لأبناء عبد الملك ومؤدبا لهم حسب تعبير المصادر التاريخية ، فتعلم أبناء عبد الملك صغارا على يدى الزهرى ونشأوا على ذلك من تولّى منهم الخلافة ومن لم يتولها منهم . وانقطع اليهم الزهرى الى أن مات عام 125 فى نفس العام الذى مات فيه آخر خليفة من أبناء عبد الملك وهو هشام بن عبد الملك .

كان ابن شهاب الزهرى هو الراوى الذى اسند اليه ابن إسحاق معظم روايات السيرة ، وكان إبن شهاب الزهرى هو الراوى الذى أسند اليه مالك معظم روايات الفقه فى الموطّأ . أى كان ابن شهاب الزهرى هو المصدر العلمى للروايات الشفهية لأول كتابين فى الفقه والسيرة . وفى سيرة إبن إسحاق تم تشويه سيرة خاتم النبيين عليه وعليهم السلام ، وتم فى الموطّأ إتّخاذ القرآن مهجورا والكذب على النبى عليه السلام .

3 ـ لذا لا زلنا نعيش ثقافة الزهرى وثقافة أبناء عبد الملك بن مروان ، مع فارق هائل : إنهم حكموا معظم العالم من حدود الهند والصين شرقا الى حدود فرنسا غربا . ونحن الآن نسعد بخيبتنا القوية ...!!

4 ـ آن لنا أن نزيل القدسية عن تاريخنا ، وأن نقرإه بصورة نقدية من بيعة السقيفة الى عصرنا ، وأن نتعامل مع شخصياته كبشر يخطئون ويصيبون وليسو آلهة أو أنصاف آلهة ، حتى نستفيد من أخطائهم فنتجنبها ، وحتى نستفيد من مزاياهم فنتفوق عليهم فيها. آن لتاريخ الصحابة والخلفاء الراشدين وغير الراشدين أن يهبط من علياء التقديس الى مستوى النقد والتمحيص . فالتاريخ لا يتحوّل الى دين أرضى إلا عند الشعوب المتخلّفة فقط ..

5 ـ لقد تعبنا ومللنا من التخلّف ومن شيوخ التخلف .. أليس كذلك ؟

هذه المقالة تمت قرائتها 875 مرة

 


التعليقات (3)
[64875] تعليق بواسطة رضا عبد الرحمن على - 2012-03-02
الآن نفهم كيف صنعت الأرضية التاريخية لكتابة الأحاديث التي تبيح قتل المعارضين

هذا البحث التاريخي يضع بين أيدينا معلومات هامة جدا ، ورغم أن البحث فيه كم هائل من المعلومات التي في معظمها جرائم قتل واغتيال بالسم لك معارض يقف في وجه الخليفة ، ولكن كل هذا الكلام هو تاريخ من يؤمن به أو يقتنع به أو يوافق عليه له مطلق الحرية ، ومن يرفضه ويكفر به ويختلف مع كل حرف فيه أيضا هو حر ولا يمكن ان نتهمه بالخروج عن الملة ، وقد يقول أحد السلف أن هذا الكلام كذب وغير صحيح ومن أين جئت به يا دكتور منصور نقول له نفس المؤرخين والقصصاين الذين نقلوا الحديث هم من كتبوا وأرخوا هذه الروايات فلو كذبنا هذا التاريخ المليء بجرائم القتل والاغتيالات فيجب علينا ان كذب الحديث


بكل خجل وبكل أسف أرى أن تاريخ السلف كان أسوأ فترة في تاريخ المسلمين ، وهذه ليست سبة أو قدحا فيهم ولكن كل هذا التآمر والتقاتل والاغتيالات في فترة زمنية لا تزيد عن نصف قرن ، والأخطر من كل هذا أن الأحبة الاخوان والسلفيون يردون إرجاع المسلمين لهذا التاريخ ويريدون تطبيق شريعة السلف وثقافتهم على أساس انهم كانوا ملائكة لا يخطئون فهذه نبذة مختصر عن تاريخ السلف ومن يطلقون عليهم الصحابة والتابيعن وتابعي التابعين الى يوم الدين كل هذا التآمر والتناحر من أجل السلطة والكرسي ومن أجل طموحات شخصية دنيوية حقيرة زائلة هل أشخاص بهذه الصفات هم جديرون بالاحترام والتقديس هؤلاء لا يقلون إجراما في تآمرهم عن مبارك المخلوع وعصابته الفاسدة الذين نهبوا وسرقوا اموالنا وقتلوا شبابنا من أجل الكرسي أيضا ومن أجل أن يجلس جمال المخولع على كرسي الحكم قتلوا آلاف الأبرياء في العبارات والقطارات وتحت أنقاض العمارات ونهبوا الملايين والمليارات كله حرصا على الكرسي وعلى توريث السلطة ولا أجد فرقا كبيرا إلا عامل الزمن بين هؤلاء وبين هؤلاء كلهم قتلة ومتآمرون وأصحاب مصالح وخونة


من العار على كل مسلم أن يقدس هؤلاء الناس لا تقديس لبشر حتى لو كان نبيا مرسلا لا تقديس لبشر مهما كان التقديس كله لله جل وعلا وللتوضيح أنا لا أقارن بين الأنبياء والمرسلين وبين هؤلاء القتلة والمجرمين حتى لا تؤخذ علي هذه الجملة ولكن أؤكد إذا كان امر الله لنا ألا نقدس رسله ولا نشرك به شيئا فهل بعد هذا نقدس البشر الذين ياكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويتآمرون ويقتلون من أجل السلطة ويستغلون الاسلام في الوصول لأطماعهم الشخصية ونزواتهم الحيوانية


لا تقديس للتاريخ البشري حتى لو أطلق عليه التاريخ الاسلامي والأص أن يطلق عليه تاريخ المسلمين لأن التاريخ الإسلامي موجود في القرآن الكريم وهو القصص القرآني فقط ولا بعده تاريخ آخر يجب أن نطلق عليه التاريخ الاسلامي التاريخ الإسلامي هو القصص القرآني الذي أمرنا ربنا جل وعلا أن نقرأه لنتعلم منه ونستفيد ونأخذ العبرة والعظة القصص القرآني هو أحسن القصص وأحسن القصص وأصدق القصص وما سواه هو تاريخ بشرى يقبل الصدق والكذب ولا تقديس له


أخيرا :


من خلال هذه الفترة في الدولة الأموية أجد مناخا مناسبا لكتابة الحديث وتلفيق الروايات والتهم والأكاذيب لأن قبيل العصر العباسي كان العصر الأموى كافلا بجرائم القتل والاغتيالات والتآمر بلا حدود فكان العصر العباسي مناخا مناسبا لقول وتصديق أي شيء ولذلك ازدادت الأحاديث والروايات بكل الصور والأشكال

 

[64893] تعليق بواسطة عائشة حسين - 2012-03-03
أي أن دولة الأمويين كان السم فيهم هو البطل

السلام عليكم : التاريخ يتحدث عن أهم جرائم بني أمية ، أم تقتل ابنها كالخيرزان أخ يقتل أخيه خوفا على الخلافة وأبناء العمومة ليس بينهم صفاء لبعضهم ، والسم هو البطل المعلن الخفي الواضح الغامض في كل ذلك !! وكان البقاء لأقواهم سما ، وأمكرهم حيلة ، وأخفاهم عيونا وجواسيسا ، ليس إلا ! هل يصدق أن أسم هؤلاء هم الخلفاء في الخلافة ، وانهم يقومون بالفتوحات الإسلامية التي لابد أن نقرأها ونقول يا سلام على التسامح مع أهل البلاد المفتوحة !! وهناك مجلدات كاملة تتحدث عن تسامح الفاتحين مع أصحاب البلاد المتوحة ،حتى أنهم كانوا يتعجلون دخول المسلمين إليهم ويحاربون معهم !

 

[64897] تعليق بواسطة محمد عبدالرحمن محمد - 2012-03-03
من قتل يقتل ولو بعد حين...!

الحكمة تقول أن من قتل يقتل ولو بعد حين.. وهذا ما نراه في حادثة .. مقتل سليمان بن عبدالملك الخليفة.. فقد تآمر وقتل بالسم الزعيم الشيعي مما حفز عبدالله بن محمد بن علي بن أبي طالب أن ينظم حركة مقاومة شيعية منظمة كانت نواة للمذهب الشيعي.. السائد حالياً في عقائد أكثر من نصف عدد سكان المسلمين...


وبالتالي فالمستفيد الوحيد من مقتل أبي هاشم (كيسان) هو سليمان الخليفة..


وأنصار كيسان كثيرون وسريين.. ومدربين مثل امن الدولة ..


وبالتلي فمن السهل عليهم أن يتآمروا لقتل سليمان بالسم أيضاً بنفس السلاح الذي قتل به غريمه وقائد الشيعة الروحي..


ويا للعجب .. حتى الآن المصريين تعلموا فن القتل بالسم من الأمويين المستترين باسم الاسلام..


فهناك آراء قوية تقول أن السادات كان متآمراً في قتل جمال عبدالناصر بالسم أيضاًً


والحكمة تؤكد أن مقتل السادات على أيدي مبارك ورجاله .. يدل على أن السادات كان عضوا في منظومة التخلص من عبدالناصر


التاريخ يعيد نفسه وكله تحت شعارات عجيبة منها الخلافة وتوحيد المسلمين .. والحفاظ على الدين ...!! والحفاظ على وحدة الصف ووحدة الوطن؟؟


أي وطن يمكن أن يختاره الانسان وفيه كل هذا القتل بالسم.. وهى طريقة في القتل تدل على الخسة والحقارة.. وفقدان الشجاعة لمواجهة الغريم في نبل وبطولة.؟