بين بلال الأشعرى وحسنى مبارك

في الجمعة ٢٠ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

اولا :بلال الأشعرى بين سطور التاريخ  :

1 ـ بلال بن ابي بردة الأشعري هو حفيد الصحابى المشهور ابي موسي الأشعري وابن قاضى الكوفة أبى بردة الأشعرى  . بلال هو أحد الولاة الأمويين المشهورين بالظلم ، كان أحد أنياب الأمويين فى القهر ، ثم كان أحد ضحاياهم أيضا.

2 ـ بلال الأشعرى من الشخصيات التي برزت ثم إختفت بين سطورالتاريخ الأموي فيما بين البصرة والكوفة والشام ،وفيما بين عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز الي عهد الخليفة هشام ابن عبد الملك. دخل بلال الأشعرى الي دائرة الضوء حين تولي البصرة سنة 109 هـ اثناء ولاية خالد القسري علي العراق الي ان عزل الخليفة هشام صديقه خالد القسري عن العراق سنة 120هـ، وهنا بداية محنة بلال الشعرى وخالد القسرى ومقتليهما علي التوالي سنة 126 هـ في ولاية يوسف بن عمر الثقفى علي العراق.

3 ـ إرتبط تاريخ بلال الأشعرى من صعود وهبوط  وتوليه الامارة ثم عزله وسجنه وقتله بتطورات الصراع القبلي داخل الدولة الأموية بين القبائل اليمنية من جهة وزعيمها خالد القسري والقبائل المضرية القيسية وزعمائها من ثقيف وتميم وقريش ، فترتب عليه صعود بلال  ابن ابي بردة الأشعري ـ الذي ينتمي الي القبائل اليمنية القحطانية ـ مع علو نجم خالد القسري وولايته علي العراق، ثم ضاع معه حين عزل عن العراق وتولاه يوسف بن عمر الثقفي المضرى.

4ـ واذا كان هشام بن عبد الملك وخالد القسري وقبلهما عمر بن عبد العزيز يحتلون الصدارة فى تلك الفترة من التاريخ الأموي فأن بلال الأشعرى لم يجد له موضعا إلا بين سطور التاريخ ، شأنه في ذلك مثل بقية رفاقه من الصف الثالث من الشخصيات التاريخية ، بعد الصف الأول ( الخلفاء) ثم الصف الثانى (كبار الولاة )مثل خالد القسرى زعيم القبائل اليمنية وقتها ، ثم يأتى ولاة المدن الهامة شأن بلال الأشعرى .الا ان بلال بن ابي بردة الأشعرى تميز بين شخصيات الصف الثالث بقصته الفريدة والغريبة ، والتى صارت نوادر ذكرها عنه المؤرخ ابن الجوزي في كتابه (اخبار الأذكياء )كما ذكر المؤرخ صلاح الدين خليل الصفدي ترجمة له في كتابه (الوافي بالوفيات )هذا علاوة علي ما تردد في تاريخ الطبري وغيره عنه وعلاقته بخالد القسري .

5ـ وأهم المحطات فى التاريخ المذكور عن بلال يتركز في ثلاث نقاط: الأولي محاولته خداع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز حتي يوليه الخليفة العراق، إلا ان الخليفة العادل  كشف لعبته عن طريق علاء بن المغيرة ومنع أن يتولى عملا  للدولة، والثانية علاقته بخالد القسري التي جعلته يتولي البصرة في اطار الصراع القبلي في العراق بين قبائل اليمن وقبائل مضر ، والثالثة عزله ونهايته المأساوية حين سجنه الوالي الجديد يوسف بن عمر الثقفي في القصر الذي اشتراه بلال لنفسه في الكوفة، ومحاولة بلال الفرار عن طريق الزعم بأنه توفي وبالأتفاق مع السجان ولكن صمم يوسف بن عمر الثقفي علي غير عادته بأن يري جثة بلال بنفسه فأضطر السجان لقتل بلال .وهذه هي أهم الحقائق التاريخية عن بلال الاشعري .

6ـ هذه الحقائق التاريخية وغيرها عن حياة بلال الأشعرى عنصر جذب درامى هائل قلما يتوفر حتى للشخصيات التاريخية من المستوى الأول ، فليس مهما وضع الشخصية التاريخية ، فى الصدارة أم فى القاع ، الأهم هو الجوانب الدرامية والانسانية التى تجذب المشاعر و تتلامس مع القلوب . وهكذا كان بلال الأشعرى فى تاريخه المتناثر بين آلاف التفصيلات التاريخية فى تاريخ الطبرى وابن الأثير وابن الجوزى ، وغيرهم . وتكفى نهايته ، فبعد اشتهاره بالظلم فى ولايته تأتى محنته ، وبعد أن يسرق الكنوز ويبنى قصرا يخبىء فيه كنوزه تداهمه المحنة قبل أن يفتتح هذا القصر وقبل أن ينعم فيه، وتكون المفارقة أن يتحول قصره المنيف بعد تجهيزه الى سجن ، ويكون هو أول مسجون فيه ، وبعد تعرضه للتعذيب داخل قصره السابق وعلى يد من كانوا أتباعا له ، يرتب معهم خدعة تمويه بزعم موته ، ولكن تشاء الصدفه أن يصمم الوالى الجديد يوسف بن عمر الثقفى على أن يتأكد بنفسه من موت بلال ، فيضطر السجان الى قتل بلال حتى لا ينكشف أمره ،أى إن بلال التعس حين عاش على أمل الفرار بحياته على يد السجان الذى كان له خادما من قبل فوجىء بنفس السجان خادمه السابق يقتله وهو يبكى خوفا من إفتضاح أمره . لذا كان عنوان الفيلم التليفزيونى ( الأشعرى  التعس ). وهو رمز لكل حاكم ظالم تعس ، وكل حاكم ظالم هو تعس فى الحقيقة لأنه يجنى على نفسه قبل أن يجنى على شعبه .

7ـ وتحت عنوان ( الأشعرى التعس ) كتبت سيناريو فيلم تليفزيونى ، وبمساعدة المبدع وحيد حامد توصلت الى من كان مسيطرا على قطاع الانتاج فى التليفزيون المصرى ، فأوصل السيناريو الى قسم الرقابة . و رأيت نفسى هناك فى مواجهة مع فتاة حديثة التخرج تعتذر لى عن عدم الموافقة لأن السيناريو فيه مساس بحفيد صحابى جليل هو ( أبو موسى الأشعرى )، مع إعرابها عن إعجابها بالسيناريو وشخصياته وأحداثه. 

أخيرا :

بلال الاشعرى التعس يذكّرنا بتعس آخر هو حسنى مبارك . هناك أوجه تشابه بينهما ،  إن كليهما كان ظالما باغيا ، وكان فى نفس الوقت تابعا ذليلا لقوة أكبر منه ، وأنهما تعرضا للذل فى نهاية حياتهما . إلا إن التشابه الأكبر بينهما فى المرحلة الأخيرة فى حياتهما : بلال الأشعرى التعس أقام قصرا منيفا لمتعته فكانت فيه نهايته . حسنى مبارك التعس بنى أكاديمية الشرطة لتحميه وليربى فيها كلاب حراسته فكان فيها مهانته، وربما يأتيه الحظ فيموت على سرير نقالته، بدلا من أن يحاول المناورة والخداع مثل الأشعرى فينكشف أمره ويضطر الجنرالات الى قتله .

السطر الأخير

كل حاكم مستبد يفقد عقله بمجرد التصاق مؤخرته بالكرسى . ويحتاج الى عملية جراحية دقيقة لفصله عن الكرسى. والعادة أنه يظل يقاوم بكل ما أوتى من غباء وعناد، وكلما إستغبى وعاند إزدادت محنته وعانى وكابد . هذا فى المستبد الذى يطرأ عليه الغباء عندما يتولى الحكم ويمارس الاستبداد . فما بالك إذا كان غبيا بالفطرة ؟ ..لا رأيتم مكروها فى غبى عنيد بليد لديكم ..

هذه المقالة تمت قرائتها 1625 مرة

التعليقات (5)
[59978]   تعليق بواسطة  فتحي مرزوق     - 2011-09-06
في استمرار حياته إهانة سوف يريحه الموت منها

ما يتعرض له المخلوع مبارك ذل وإهانة بكل المقاييس وفي الموت رحمة له منها ولكن الله تعالى يريد أن يذله أمام العالم بأكمله وأمام الشعب المصري خاصة الذي ظلمه وأذاقه الجوع والذل والقهر طول ثلاثة عقود.


فأرى أن بلال الأشعري أحسن حالا من مبارك لأن الموت أراحه من الذل والإهانة مع تركه لكل هذه الكنوز .


فهل من متعظ ؟!!

 

[59989]   تعليق بواسطة  نورا الحسيني     - 2011-09-07
وهذا هو حسني مبارك ووزير داخليته

هذا هو حسني مبارك وما قالته عنه وثائق ويكيلينكس.


حيث أكدت أن الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي أمرا بالاعتداء الجنسي علي ناشطات حركة 6 إبريل المعارضة أثناء اعتقالهن أو احتجازهن رهن التحقيقات.



وأكدت الوثيقة التي أفرج عنها بتاريخ 30 أغسطس الماضي برقم 9 القاهرة وحررت في 15 يناير 2009 أن ناشطة من حركة 6 إبريل تعرضت بالفعل للاعتداء الجنسي في نوفمبر 2008 إلا أن الوثيقة حجبت اسم الناشطة وبياناتها.



أوضحت الوثيقة أن نظام وزارة الداخلية في عهد حبيب العادلي كان قائما علي التعذيب من أجل التعذيب وأنهم كانت لديهم تعليمات مشددة من الوزير شخصيا بضرورة تعذيب أي مواطنين يريدون استخراج المعلومات منهم وأن التعذيب لديهم أصبح منهجا يوميا بطريقة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني منذ عهد الفراعنة.


فماذا بعد هذا الكلام يقال عن مبارك أعتقد أنه لا تعليق .
 

 

[59996]   تعليق بواسطة  عائشة حسين     - 2011-09-07
هو من سعى لهذه النهاية

السلام عليكم ، كان على مبارك ان يرحل عندما طلب منه الرحيل ، وألا تحول دكتوراه العند بينه وبين تنحيه وحفظ ماء وجهه أو على الأقل ما بقي منها ،كان عليه أن يقف  كرجل ويعتذر لشعبه  عما حدث منه من أخطاء ، ويعرب عن استعداده لتقبل أي حكم ، حتى لو كان  بالإعدام ، ويتكفل بإعادة الأموال وما سلبه من شعبه ،  لكنه أصر أن يسلك طريق العند حتى النهاية وألا يترك طريق للرجعى ، لأنه لا يكاد يصدق أن الشعب قد أفاق من نومه أو موته ، أما الآشعري فهو على الأقل حاول الهروب عندما أحس بانه خسر ، وحاول الخروج ولكن حظه العسر حال بينه وبين الخروج حيا فكانت النهاية !  فهو موت سريع إو هكذا يبدو .

 

[60026]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2011-09-08
تشابه غريب بين مبارك وبلال في هذه الفقرة ...

بعد قراءة هذا لمختصر التاريخي أقول بكل اختصار أن الحكام العرب المسلمون لو قرأوا التاريخ هم ومن يساعدهم في تجهيل الشعوب واستبدادها وسرقة حثقوقها ، لو المسئوللين في كل بلد عربي قراوا هذا التاريخ بعناية ووعي بغرض نشأ أفضل ومجتمعات أفضل ، لو قرأ هؤلاء التاريخ بكل ما فيه من عبر لفادوا واستفادوا لفادوا الأجيال السابقة والحاضرة والقادمة ، ولاستافدوا من عبر التاريخ أن الظلم مهما طال لابد له من نهاية حتمية وهذه النهاية لابد ان يدفع ثمنها كل ظالم في حياته أو بعد موته ومن الممكن أن يذل في دنياه كما حدث مع بلال ويحدث مع مبارك ، ومن الغريب جدا أن يقوم خادم بلال بقتله خوفا من إنكشاف امره أمام الوالى ، فيقتل سيده الذي تربى على أمواله وسرقا معا قوت الشعب وكما يقولون لحم أكتافه من خير سيده وكانت النهاية بأن يقتل الخادم سيده حرصا على نفسه وهذه هي الدنيا كل واحد يخاف على مصحلة وعلى عمره وعلى حياته ، فما بالنا في الآخرة وظهر هذا جليا في شخصية العادلي وتصريحه أكثر من مرة بأنه لن يكون كبش فداء لأحد ، والعادلى كان أكبر خادم من خدم مبارك ، واليوم وكل يوم تظهر حقيقة خدعة ولعبة المحاكمات ، ولكن بالضغط الشعبي والثوري سيتم محاكمة القتلة رغما عن كل من يحاول ان يخدمهم ويقبل أيديهم وسيلعنهم الضباط والقادة اذين يؤدون له مالتحية العسكرية اليوم أثناء المحاكمات لكي يفلت كل واحد منهم بعمره 
 


وحقيقة وجدت تشابها كبيرا جدا بين هذه الفقرة من المقال وبين ما يحدث اليوم على أرض الواقع 
 


اقتباس "((وتكون المفارقة أن يتحول قصره المنيف بعد تجهيزه الى سجن ، ويكون هو أول مسجون فيه ، وبعد تعرضه للتعذيب داخل قصره السابق وعلى يد من كانوا أتباعا له ، يرتب معهم خدعة تمويه بزعم موته ، ولكن تشاء الصدفه أن يصمم الوالى الجديد يوسف بن عمر الثقفى على أن يتأكد بنفسه من موت بلال ، فيضطر السجان الى قتل بلال حتى لا ينكشف أمره ،أى إن بلال التعس حين عاش على أمل الفرار بحياته على يد السجان الذى كان له خادما من قبل فوجىء بنفس السجان خادمه السابق يقتله وهو يبكى خوفا من إفتضاح أمره ." انتهى الاقتباس 
 


وأخيرا 
 


هل سيستمر التلاعب بالمصريين وسيطول وقت الهزل في المحاكمات .؟
 


عموما التاريخ يقول أن من يخدم السلطان الظالم لن يستمر طويلا فيي تمثيل دور العبد الطيع ولابد ان ينقلب عليه في يوم من الايام وهذه هي عبر التاريخ التي لم يستفد منها لا السلطان الظالم ولا خدمه وعبيده من الحاشية والأيام بيننا ولكن نحن واثقون من النهاية سينتصر الحق على الباطل وسينتصر العدل على الظلم والظالم ...
 

 

[60027]   تعليق بواسطة  رضا عبد الرحمن على     - 2011-09-08
لماذا رفضت الرقابة المصرية هذا المسلسل .؟

الرقابة المصرية هي جزء قبيح من نظام مبارك القذر الذي يساهم في الحفاظ كرسي العرش للرئيس الطاغية أذله الله ، ورفض الرقابة المصرية لمسلسل كهذا رغم تعبيرهم الصريح عن إعجابهم به وبالشخصيات والدراما الحقيقية التي تظر من هذا السيناريو ، ولكنهم رفضوه من وجهة نظرى لأنه يظهر بكل وضوح أن الحاكم الظالم نهايته يمكن أن تكون على يد أقرب الناس إليه ، والحاكم الظالم مهما طال ظلمه لابد أن تأتي نهايته ، والحاكم الظالم مهما امتلك من متع الحياة وقوتها وسطوتها لابد له من لحظة حساب يكون فيها ضعيفا حبيسا في إحدى قصوره التي شيدها لكي يتفاخر بها أمام أمثاله من الطغاة ، وهذا بالطبع لا يروق لمبارك ويرفضه تماما لأنه ظن في نفسه أنه إله لن يموت ولن يمرض ولن يضعف ولن يهزم ولن يسطع إنسان أو شعب على قهره ، فتم رفض السيناريو لكن موضوع الصحابة وأن القصة تمس أحد الصحابة فهذه كذبة كبرى جدا ، وكان يستخدمها جهاز أمن الدولة القذر في تعامله مع أحرار مصر ومن يبحثون عن الاصلاح والتنوير في المجتمع وتخليص البلاد من الظلم والاستبداد والفكر الظلامي الوهابي 
 


فعلى سبيل المثال كانوا يعتقلون القرآنيين بحجة أنهم ينكرون السنة ويحاربون الاسلام وأنهم خطر على الاسلام وفي حقيقة الأمر كانوا ولازالوا أعدى أعداء الاسلام بتعذيب الأبرياء وقتلهم وسحلهم والتلصص والتجسس والقيام بأعمال إجرامية تخالف تشريعات الاسلام الذي يدعو كذبا وزورا أنهم يخافون عليه ويدافعون عنه ، ولكن في حقيقة الأمر هم ينفذون مهمة مدفوعة الثمن هم ينتقمون من القرآنيين لصالح آل سعود المتضرر الوحيد من فكر القرآنيين 
 


هذا مجرد مثال ونموذج حي لنظام مبارك الفاسد 
 


وأكرر لقد تم رفض السيناريو لأنه يفضح جميع الحكام العرب الذين التصقت مؤخراتهم بالكرسي ولا يستطيعون العيش بعيدا عنه ، وهذه المسلسلات الهادفة سنتشر وعيا مهما ضد الاستبداد السياسي وضد الحاكم العرب وستظهر صورتهم في أسوأ حال ، فكان لابد من الرفض ...