حول رمى الجمرات
فتوى شجاعة.. وبانتظار المزيد

في الخميس ١١ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

كنا وما زلنا نعتقد انه لا طريق للاصلاح السياسي والاقتصادي الا بالتوازي مع الاصلاح الديني. وهي حقيقة تاريخية مرت بها كل امم الارض التي اختارت التقدم والتطور.

لقد ادركت اوروبا في وقت مبكر ان استمرار التفاسير الدينية التي وصلت الى مرحلة اعطاء صكوك الغفران لدخول الجنة بواسطة بعض الجهلة في المؤسسة الدينية هي احدى العقبات الكبرى في طريق الحضارة فأنجز الناس فهما جديدا وعصريا للدين اعاد للانسان احترامه وقيمته التي اعطاها الله له.

ونعتقد اننا بحاجة الى حركة اصلاح ديني في العالم العربي والاسلامي وحتى تكون المسائل واضحة وحتى لا نعطي فرصة للتفاسير المتسرعة فإننا نقول ان الاصلاح الديني لا يعني العقيدة، فهي ثابتة فلا يجوز الحديث عن اصلاح في مسألة العقيدة الصحيحة، ولكن المطلوب هو اصلاح لمفاهيم الناس وتفاسيرها للعقيدة وما ادت الى تعطيل لمصالح العباد، ووصلت احيانا من بعض الفرق الغالبة الى تحريم ما احل الله.

نقول هذا ونحن نرى هذه الفتوى الشجاعة التي صدرت في المملكة العربية السعودية والتي نصت على جواز الرمي قبل الزوال في الحج، وهذه الخطوة الكبرى والشجاعة ستؤدي الى حقن دماء ابرياء، وتمنع ما حدث من مآس في سنوات سابقة بسبب التردد في اتخاذ هذا الموقف الذي هو قراءة منفتحة للنصوص الدينية دون اخلال والذي هو تطبيق لقاعدة عظيمة تتعلق بتغليب المصالح!!

لنأخذ مثلا قضية قيادة المرأة للسيارة، فالذين رفضوا تحفظوا عليها كانوا بالتأكيد ينطلقون من نيات طيبة ورغبة في ما يعتبرونه سدا للذرائع، لكن هناك آراء اخرى يجب ان نستمع اليها وخاصة التي تقول بان قيادة المرأة لسيارتها هو اقل ضررا من وجود سائقين اجانب في المنازل وما قد يسببه ذلك من مشكلات. وبالتأكيد فإن مسألة عمل المرأة ومساعدتها على العيش الكريم ضمن ضوابط محددة سيحل مشكلة كبيرة، وسيساعد ملايين الاسر المسلمة على اعالة نفسها وتحسين ظروف معيشتها.

لقد تحدثت مع احد كبار العلماء عن مسألة التسابق على بناء المساجد حتى اصبحت ظاهرة للتفاخر بدلا من عمل خير، وأدت الى وجود هذا العدد الكبير من المساجد المتلاصقة التي فرقت الناس، وهذا كله ناشئ عن فكرة خاطئة هي ان الثواب هو في بناء المساجد فقط في ظل نقص خدمات التعليم والصحة وغيرهما، فقال لي هذا الشيخ الجليل «انصحك بعدم الخوض في الموضوع، فلقد تحدثت بذلك مع بعضهم وانا في هذا المركز الديني الرفيع، فسمعت تقريعا ولوما وكأنني ضد بناء المساجد»!

كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية سيحلها موقف شجاع لوعاظ ودعاة يقرأون كلام الله وسنة رسوله بعقل منفتح وذهن صاف، وقلب شجاع يفتحون للناس ابوابا اغلقت دون تفكير، ويدفعون حركة الحياة الى الامام دون اخلال بنصوص الشريعة وبمواجهة واضحة بين الشريعة الصحيحة وما دخلها من تفاسير واجتهادات خاطئة.