ابو لهب

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٦ - أبريل - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
لايستريب لبيبُ أنّ أبا لهب وقت نزول القرءان الكريم كان حيّاً، وفيه قرار صادر (مسبق) من الله سبحانه وتعالى في أبي لهب أنه يموت كافرا وهو حيّ يُرزق! وكان بإمكانه ــ ابو لهب ــ اعلان اسلامه ليثبت أن القرءان هو اساطير الأولين ومن عند محمد "عليه السلام".. فثمة تعارض بين اسلام أبى لهب وآيات القرءان الكريم التي أقرّت بأنه جهنمي كما في سورة "المسد" المكية. لكن الذي حدث هو تحقيق وعد الله تعالى في عم الرسول, حيث ظل هو على كفره وفيه وعيده! اسأل: شخص كافر بالقرءان والاسلام ومكابر وكاره لرسول الله مثل ابى لهب وحريص على تكذيب نبي الله تعالى ورسوله, تُرى لماذا لم يقم بتكذيب آيات الله تعالى ويفعل العكس تماماً ليكيد للاسلام والمسلمين وليثبت افتراء هذا الدين؟ هل السبب جهله وعناده وكبريائه وغفلته؟ أم أن الله تعالى قدّر مسبقا أنه لا يؤمن ولا يدخل في الاسلام؟؟ اذا كان ذلك كذلك فحينئذ تأتي مسئلة القضاء والقدر وعلم الله تعالى الأزلي، والتدخل فى القضاء والقدر.. لعلّ لكم رأيا سديداً في هذه المسئلة المتشعبة المترامية الاطراف..
آحمد صبحي منصور
علم الله جل وعلا بالغيب وما سيحدث فى المستقبل لا يعنى التدخل فى حرية البشر لأن العلم صفة تختلف عن صفة القدرة ، ومثال ذلك قول بعض العلماء عن إحاطة علم الله جل وعلا بنا وعدم تدخل هذا العلم فى حريتنا :( مثل علم الله فينا كمثل السماء الى تظلنا والأرض التى تقلنا ، فكما لا نستطيع الخروج عن أقطار السماوات والأرض لا نستطيع الخروج عن علم الله ، وكما لا تحملنا السماء والأرض على فعل الذنوب و فعل الخيرات فكذلك علم الله )
ابو لهب اختار بمحض ارادته ان يظل كافرا الى النهاية ، ولم يكن يأبه بما يقول القرآن الكريم عنه . وكل إنسان فيه هذه الملامح ، بمعنى أنك لو وهبت عمرك كله فى اتجاه واحد وبلغت الستين فمن الصعب ان تغير رأيك واتجاهك بعد الستين ، وربما جاءت اشارة لذلك فى موضوع ( لكل نفس بشرية جسدان ) فى حلقة عن توبة حسنى مبارك ، واستحالة هذه التوبة . والواقع الآن يؤكد ما قلته من قبل ، فقد تم خلعه من الحكم وطرده ولكن وهو فى ارذل العمر يرفض ارجاع ما سرقه من بلايين الشعب المصرى ، ويرفض الاعتراف بجرائمه .كان ممكنا أن يثبت خطأ ما قلته ويعلن توبته وندمه و يرجع الحقوق لأصحابها متطوعا دون إكراه أو تأخير أو مساومة طالبا عفو الشعب وغفرانه ، ولكنه سار فى الطريق الذى اختطه لنفسه وسيظل فيه الى النهاية ، ولن يرجع الحقوق إلا بالاكراه والضغط والاضطرار.
هنا أيضا أتذكر فيما يخص علم الله جل وعلا بنا قوله جل وعلا :( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ )( الأنفال 22 : 23  )، أى فالذى اختار وصمم على ان يكون معاندا للحق لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل لا يتدخل رب العزة لهدايته لأنه جل وعلا يعلم أن لا خير فيه ، وبالتالى يظل على ضلاله الى الموت .
وأحوال الناس فى عصرنا ـ وفى كل عصر ـ تؤكد صدق القرآن الكريم . هل رأيت حاكما مستبدا تاب فى أواخر عمره واستجاب لرغبة شعبه الثائر عليه ؟ انظر الى اليمن و ليبيا وحتى فى سوريا وحاكمها الشاب ؟ بل انظر الى أئمة الأديان الأرضية من سنة  وشيعة وصوفيه ، هل يمكن لأحدهم أن يتوب ويرجع الى الحق ويعلن أنه كان على ضلال وأنه يعود الى الحق فى القرآن و أنه يعلن هذا للناس حتى يبرىء نفسه ويقلع عن الأضاليل التى كان يرددها عشرات السنين من قبل ؟
طبعا لا يمكن .
كلهم أخى العزيز ـ أبو لهب ـ مع اختلاف الزمان و المكان . وهذا جانب من عظمة القرآن يتجلى فى كل عصر لأن أبالهب هو رمز لكل من يصمم على الباطل الى النهاية ، وهو مثال لكل من ينطبق عليه قوله جلوعلا ( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ )
اجمالي القراءات 21871