تفوقوا على إبليس

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٨ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
فيه حاجة لا افهمها فى موضوع ابليس . انه كان يؤمن بالله وحده لا شريك له ولذلك رفض السجود لآدم أى رفض السجود لغير الله ، بل خاطب الله جل وعلا بقوله ( فبعزتك )؟ لماذا لعنه الله عز وجل وطرده من الملأ الأعلى ؟
آحمد صبحي منصور

أولا :

لأنه عصى وصمم على العصيان فى مواجهة رب العزة جل وعلا ، مستكبرا ، بل وقام بتبرير عصيانه . وطالما تم تبرير العصيان فتستحيل التوبة . إقرأ قوله جل وعلا :

1 ـ ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (34) البقرة ). هذا عن عصيانه واستكباره .

2 ـ ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) الاعراف ) . رفض السجود لآدم بحجة أنه خير من آدم .

3 ـ ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) الحجر   ). رفض السجود لآدم بحجة أنه خير من آدم .

4 ـ ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)  ص ). رفض السجود لآدم بحجة أنه خير من آدم .

ثانيا :

1 ـ الذى لم يفهمه إبليس ان سجوده لآدم ليس تفضيلا لآدم ، بل هو طاعة الآمر جل وعلا . وهذا هو الذى فهمه الملائكة جميعا فبادروا بالسجود طاعة فورية للآمر جل وعلا . أما الوحيد منهم الذى عصى وبرر عصيانه بحُجّة تبدو منطقية فهو ابليس .

2 ـ تعرض آدم وزوجه لاختبار آخر . الأمر بالأكل من كل الأشجار والنهى عن الأكل من شجرة واحدة . عصيا فأكلا منها فطردهما رب العزة من تلك الجنة البرزخية وأهبطهما الى أرضنا المادية . هما إعترفا بالذنب وطلبا المغفرة فتاب الله جل وعلا عليهما .

3 ـ بالتالى لدينا ثلاثة مواقف فى التعامل مع أوامر الرحمن جل وعلا :

3 / 1 : موقف الملائكة الذين بادروا بالطاعة دون تساؤل عن الحكمة من الأمر الالهى ، إذ يكفى أنه أمر إلاهى وعليهم المبادرة بطاعته .

3 /2 : موقف ابليس ، وهو رفض الأمر الألهى والتصميم على الرفض وتسويغ العصيان وتبريره بحُجج تبدو عقلية ومنطقية .

3 / 3 : موقف آدم وزوجه : التوبة بعد العصيان والاعتراف بالذنب وطلب المغفرة من الرحمن .

أخيرا  :

1 ـ تكررت قصة الملائكة وابليس وآدم وزوجه لنتعلم منها .

1 / 1 : من البشر من يبادر بطاعة أوامر الرحمن جل وعلا بلا أى تساؤل ، ومنهم من يعصى ثم يتوب ، ومنهم من يعصى ويبرر عصيانه .

1 / 2 : هناك أوامر إلاهية ليس لنا أن نتساءل عن حكمتها ، مثل لماذا الأمر بالأكل والشرب ثم الصوم ؟ لماذا الحج الى البيت الحرام ولماذا الطواف وما الحكمة فى مناسك الحج ؟ ولمذا كان تحويل القبلة من البيت الحرام الى المسجد الأقصى فى جبل الطور فى سيناء  ثم العودة الى البيت الحرام ؟ .

2 ـ  المجال واسع لمن يريد الجدال فى أوامر الرحمن وشرعه ، والشيطان ( هو ابليس بعد طرده ) يوسوس للبشر ليفعلوا ما فعله من قبل من تسريغ وتبرير العصيان ، وهو ما أقسم به ابليس من قبل ، قال لرب العزة جل وعلا : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) ص ).

3 ـ نجح الشيطان فى إغواء الأغلبية الساحقة من أبناء آدم ، والدليل تراه واقعا فى الأديان الأرضية الشيطانية ، وكلها تؤمن بالله جل وعلا ولكن تقدّس معه البشر والحجر ، وتقوم بتبرير العصيان وتسويغه وتشريعه بل وتحويله من عصيان الى فرض إسلامى يجب تأديته . وانظر لما فعله الخلفاء الفاسقون أصحاب الفتوحات الذين جعلوا الاعتداء والاحتلال والسبى والسلب والظلم جهادا فى سبيل الله جل وعلا بالتناقض مع شرع الله جل وعلا ، وأرسوا دينا أرضيا شيطانيا يحمل إسم الاسلام زورا وبهتانا ، وينشر الكفر بالاسلام على أنه هو الاسلام .  وانظر الى حالنا نحن ( أهل القرآن ) حين نجاهد سلميا فى تبرئة الاسلام مستشهدين بالقرآن الكريم نعرض عليه آثام الخلفاء الفاسقين وشرائع أئمة الضلال فنتعرض للإضطهاد من سجن وتعذيب وتشريد .

4 ـ يستحيل أن يتوب من يبرر المعصية ويسوّغها ويشرّعها بل يجعلها دينا وفريضة . هو بذلك تفوّق على ابليس نفسه . إبليس لم يقع فى هذا .

أحسن الحديث :

قال جل وعلا :

1 ـ ( قَالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)  الحجر )

2 ـ ( وَبُرِّزَتْ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93) فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (94) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (95) قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (99) فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (102)  الشعراء )

اجمالي القراءات 1750