آحمد صبحي منصور
في
الأحد ١٦ - يوليو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
1 ـ الذى ظهر للعيان هو حركات الانشقاق على تحكم الكنيسة الكاثولوكية وفسادها ، مثل اللوثرية والكالفينية ، وما صحب هذا من حروب غيرت تاريخ أوربا منذ العصور الوسطى . على هامش الحركة اللوثرية ظهرت حركة توحيد تؤمن ببشرية المسيح ولكن قوبلت باضطهاد وصل الى درجة إحراق العالم الاسبانى سيرفيتوس عام 1553 بأمر من ( المصلح ) جون كالفن ( ت 1564 ) الثائر على الكنيسة الكاثولوكية . ولأن الاضطهاد لا يوقف الضحايا فقد أنتشرت حركة المؤمنين ببشرية المسيح ، وظهر( سوزينى ) الايطالى وانتشر مذهبه فى أوربا يحمل إسمه ( السوزينية ) ، واضطهد سوزينى فى ايطاليا فهاجر مع اتباعه الى بولندة ، وتميز سوزينى بمحاولة التوفيق بين الجماعات المؤمنة ببشرية المسيح ، وبابتعاده عن السياسة متفرغا لدعوته الدينية الاصلاحية . وأنشأ المدارس والمؤسسات الدينية والمطابع، ووصلت حركته الى رومانيا ثم ألمانيا مهد اللوثرية ، ثم انجلترة وآمن بها الشاعر الانجليزى المشهور ( جون مولتون ) صاحب قصيدة "الفردوس المفقود"، ولكن تعرضت للاضطهاد فى انجلترة . ثم انتشر اضطهادهم فى اوربا على يد الكاثوليك والبروتستانت معا فى القرن السابع عشر مما أسفر عن حرق بعضهم أحياء ، فتشردوا فى أوربا هربا وخوفا . أدى هذا الى إلتفات بعض المفكرين والفلاسفة الانجليز الى الاصلاح الدينى الحقيقى باثبات بشرية المسيح ، فكتبوا فى هذا مثل جون بدل وجون لوك وبلشام . أهمهم "جوزيف برستلي" مكتشف الاوكسجين الذى هاجر الى أمريكا وأسس فيها كنيسة اصلاحية ، أسفرت عن نشر المسيحية التوحيدية فى أمريكا .
2 ـ بالكشوف الجغرافية ــ وما نتج عنها من استعمار فى العالم الجديد والقديم ــ دخلت أوربا فى متغيّر هائل دمّر ثوابت أوربا ( تحكم الكنيسة والملوك المستبدين ، وأتباعهم من طبقة النبلاء الاقطاعيين مُلّاك الأراضى ، ومعهم طبقة الفرسان ). أدت الكشوف الجغرافية الى نسف المعتقدات الكنسية عن العالم ، والى نمو طبقة تجارية توفر لديها المال ( البرجوازية ) والى ان يسيرالأوربيون فى الأرض يجوبون البحار والمحيطات يكتشفون ويستعمرون ويتاجرون ، ويخترعون . بهذا تأسّست الدولة الحديثة الديمقراطية العلمانية التى تقلّص فيها دور الكنيسة ، وتم فرض حظر التجول عليها بعيدا عن السياسة . بظهور المستشرقين المُنصفين تغيرت الصورة النمطية الكارهة للاسلام من تراث الحروب الصليبية وفتوحات الخلفاء العرب والعثمانيين ، مما أدى ـ مع حرية الفكرــ الى تدعيم فكرة البشرية للمسيح ، ولم تعد ألوهية المسيح مسيطرة كما كان . ولقد منعت العلمانية التى حلّت محل الكنيسة من إشتعال الجدل حول طبيعة المسيح ، إذ لم يعد الأمر هاما ، فقد انطلق الجميع فى دين العلمانية فى منافسات دنيوية ، يعتبرون الكنائس نوادى إجتماعية وفقط . الذين يؤمنون ببشرية المسيح ينعمون بحريتهم الدينية وهم يرون دينهم ينتشر بلا عناء .
أخيرا
1 ـ البابا الكاثوليكى رقم 214 إسكندر السادس ( ت 1503 ) والذى تولى البابوية عام 1492 . هو الذى أحرق الراهب الدومانيكى سافونا رولا عام 1498 . هذا البابا إسكندر السادس كان أحطّ الناس فى عصره ، ومن أحطّهم فى جميع العصور . فارق هائل بينه وبين البابا الحالى فى الفاتيكان ( فرانسيس ) رقم 266 ، وهو الذى يقترب من شخصية السكرتير العام للأمم المتحدة . إنه نفس الفرق بين تجبّر الكنيسة وفسادها فى العصور الوسطى وبين إنسانيتها فى العصر الراهن .
2 ـ وحيث تنتشر العلمانية يكون الاقتراب من الاسلام ، وهو الدين العلمانى . ولهذا فإن الغرب هو الأقرب للاسلام فى تعاملاته الانسانية لأنه تحرر من سيطرة الأديان الأرضية ، بينما لا يزال المحمديون أسرى لها .
3 ـ هيا بنا نلطم .!