تضييع الصيام

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٤ - سبتمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
يلح علينا الإعلام بتوصيات من المذهب السني تشرح طريقة التصرف في رمضان ... و لكن كيف يجب أن يكون شكل الحياة في رمضان لنا و نحن لسنا من أهل السنة ؟ إذا كان أهل السنة يقرأون القرآن في رمضان كل يوم جزء لينتهوا منه كاملا في أخر الشهر لأنهم يعتقدون أنه و لمجرد القراءة فبكل حرف تحسب لهم مقابلة حسنة عند الله , و يصلون صلاة طويلة في الليل (التراويح) تأسيا بعمر بن الخطاب , و يزيدون من الزيارات العائلية و زيارة الأصدقاء و العزومات كوجه من وجوه التواصل و التراحم و عمل الخير و يعملون الخير بصفة عامة , و يؤمنون بأفضلية مكثفة للتعبد في الأيام العشر الأواخر , و يكثر عدد المعتمرين و عليه يرتفع ثمن العمرة إلى السماء ,و قبل نهاية الشهر يخرجون مبلغا من المال لوجه من وجوه الخير يسمونه زكاة الفطر لأنهم يعتقدون أن الصيام معلق بين السماء و الأرض لا يرتفع إلا إذا أخرجوا زكاة الفطر و يحبط أجر الصيام إن لم يفعلوا , و بعد نهاية الشهر يتبعونه بسنة صيام ستة أيام من شوال لأنه إذا كانت الحسنة بعشر أمثالها فصيام ثلاثين يوما و مضافا إليها ستة أيام يعدل (30 x 10) + (6 x 10) = 360 و عدد أيام السنة كلها ... إذا كانو
آحمد صبحي منصور
الأهم من ذلك كله هو الهدف من الصوم أو من العبادات بوجه عام..
هذا هو الفارق بين الاسلام والدين السّنى الأرضى وغيره من أديان المسلمين التى صنعوها بالفقه و الحديث و النسخ التراثى و التاويل.
عندهم تأدية الفرائض من صلاة و صيام و صدقة وحج هى الهدف فإذا حققوه فليس عليهم ملام إذا ارتكبوا السيئات و الكبائر لأن تللك العبادات تغفر لهم ـ وبالتالى تصبح تادية الصلاة و الصوم و الصدقة و الحج مسوغا للانغماس فى المعاصى و مشجعا عليها.
فى الاسلام يؤكد القرآن العظيم أن تادية العبادات هو وسيلة للتقوى ـ اى الخوف من الله تعالى و الابتعاد عن المعصية ، وأن الصلاة الصحيحة هى التى تنهى المصلى عن الفحشاء و المنكر ، وأن الغرض من الصوم هو ( لعلكم تتقون ) وكذلك الحج والصدقات ، وكلها لتزكية النفس و الرقى بها .
بعد توضيح الفارق بين العبادة فى الاسلام و العبادة فى الدين السنى نتفرع الى نتائج أصبحت من معالم المتدينين فى الفقه السنى.
فتراهم مغرمين بالتدين السطحى من حيث الثياب واللحى و النقاب و الحجاب وفى نفس الوقت تجدهم اسوأ الناس فى التعامل مع الغير داخل نطاق الأهل و البيت و الشارع و العمل ..الخ ..، وأكثرهم إتيانا للفواحش سرا ، و أبعدهم عن التقوى القلبية .. ومنهم يأتى الارهابيون و سفاكو الدماء باسم الاسلام.
بسبب هذا التدين السطحى ترى رمضان قد تحول على ايديهم الى عكس المراد منه تماما ، فلم يعد شهر التقوى و تدبر القرآن الكريم ، بل أصبح مناسبة اجتماعية تمتلىء فيها البطون بالأطعمة العادية و الأطعمة المخصوصة برمضان ، وتمتلىء فيها العقول
والقلوب بشتى انواع التسلية من مسلسلات و برامج وومسابقات .
وبينما يمر نهار رمضان بطيئا مملا لا يعملون فيه إلا بشق الأنفس ، ويتحايلون على تمضيته بأى طريقة حتى ينتهى بالافطار فإن الليل يكثر فيه السهر فى المساجد للاستماع الى الرقص و الغناء والتغنى بالقرآن الذى تحول فى الدين السنى الى مادة للتغنى ، فهناك صوت الشيخ فلان وصوت الشيخ علان ، وفى زحمة الوصول للمساجد و الطرقات تنتشر بائعات الهوى جنبا الى جنب مع بائعى الكذب من شيوخ الوعظ .. ويقام مهرجان و مزاد للدخول الى الجنة بعدد ما تصلى من ركعات ( وليس بمقدار ما تخشع فيها أو بمقدار ما تتقى الله تعالى فى غير اوقات الصلاة ) وبقدر ما تقدم من اموال يذهب جزء منها للشيوخ و المنتفعين.
باختصار يتحول رمضان الى مولد شهرى ومواكب احتفال ولهو ولعب وزينة وتفاخر و تكاثر و تنافس وتقديس للبشر و الحجر.
تجد العكس تماما فى الاسلام .
فى الاسلام : رمضان شهر للتقوى و تصحيح السلوك و قراءة للقرآن قراءة تدبر وخشوع وفرصة للدعاء المخلص لله تعالى. الصائم ـ طبقا للاسلام ـ هو من يصوم قلبه عن التفكير فى المعصية تمسكا بالتقوى ، وتصوم جوارحه ولسانه عن فعل ما يغضب الله جل وعلا تمسكا بالتقوى ، وأن ينشغل القلب و تنشغل الجوارح بالمزيد من الطاعات وفعل الخير ابتغاء مرضاة الله تعالى دون مراعاة لرأى الناس أو مراءاة لهم.
وبالتالى ينعكس الصيام فى تعامل المسلم الحقيقى ليكون إحسانا فى التعامل مع الناس وصدقا فى القول و همة و حيوية فى العمل وخفة فى الطعام وتعلما للصبر ، ورأفة بالفقير و المحتاج وعطفا عليه.. وكل ذلك بدون مهرجانات ومواكب و مسلسلات و اناشيد وأغانى و وأضواء و جموع و صفوف متراصة للسهر
اجمالي القراءات 13967