عمر منكر سُنّة

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠١ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
دكتور احمد تحيه طيبه، كنت بتمني ان فضيلتكم تتطرقون للاحداث التي حصلت بأخر ايام رسول الله قبل وفاته بحلقة (موت النبي ١١٤) ببرنامج لحظات قرآنية ولكن واضح ان الحلقة كانت مخصصه لموضوع غير الذي كنت متوقعه. فكثير اسأله كنت منتظر لها اجابة فمنها، موضوع جيش اسامة الي امر رسول الله الانضمام اليه قبل وفاته وايضاً موضوع (أتوني أكتب لكم شيء لن تضلو بعده ابدا) وقول عمر (أن الرجل ليهجر او غلبه الوجع حسبنا كتاب الله). وقول رسول الله لهم (قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ) وقول ابن عباس (الرزية الرزية ماحال بين رسول الله وكتابه). أعلم جيدا انكم لاتؤمنون بهذه الاحاديث ولكنكم تستشهدون بها لاثبات الاحداث التي حصلت بتاريخ. فهل كان ابن عباس على صواب؟ ام ان عمر على صواب؟ وهل قالها رسول الله اصلا؟ وكيف كانت الايام الاخيره من حياة رسول الله؟ وهل هذه المواضيع طرحت فعلاً؟ وكما تعلمون فضيلتكم بأن بعض من يعادي فكر اهل القرآن يقولون بأن اول قرآني كان عمر لقوله هذه المقوله ولاسيما الشيعه منهم. فلذلك اتمنى من فضيلتكم تخصصون حلقه لهذا الموضوع ببرنامج لحظات قرآنيه وتحسمون الامر بالادلة التاريخية والاستشهاد من القرآن الكريم لاسيما انهم صوروا الموضوع كأن عمر المتمسك بالقرآن وان رسول الله هو الذي يهجر ويهلوس ويريد شيء مع القرآن الكريم.
آحمد صبحي منصور

قلنا إن التاريخ ليس دينا ، هو علم بشرى له منهج فى ترجيح رواية أو تكذيبها . وفيما يخص سيرة النبى محمد عليه السلام والتى كتبها ابن اسحاق فالفيصل فيها هو الاحتكام للقرآن الكريم . وابن اسحاق إفترى مواقع عسكرية لم ترد فى القرآن الكريم مثل ما يسميه بغزوة بنى المصطلق وخيبر و مؤتة وبعث أسامة بن زيد . لا نتصور أن تحدث هذه المواقع ويسكت عنها الوحى القرآنى ، وهو الذى كان يتابع حركة النبى بالتعليق والتوجيه ، والتأنيب حتى فى أى كلمة يقولها وتخالف الاسلام . ثم هناك مواقع حربية أشار اليها القرآن الكريم فى سور التوبة والمائدة والفتح والنصر كانت ضد المعتدين من أهل الكتاب والاعراب وأئمة قريش بعد دخول مكة فى الاسلام  ، ولم يذكرها ابن اسحاق  .

وقلنا إن هناك من كان ينكر الأحاديث جملة وتفصيلا مثل أبى حنيفة ، ثم جاء بعده من جادل الشافعى فى الأحاديث ، ورد عليهم الشافعى ، ومذكور رد الشافعى وليس مذكورا حجتهم . واستمر هذا التيار بعد الشافعى فى إنكار الأحاديث ولكن بمنهج مخنلف هو الطعن فى الأحاديث بالأحاديث ، وهم الذين إخترعوا أحاديث النهى عن كتابة شىء غير القرآن والأمر بمحو ما يكتب غير القرآن ، وكلام أبى بكر وعمر وعثمان فى النهى عن رواية وكتابة الأحاديث ، وحديث التمسك بالقرآن وحده ، وقد زاد فيه السنيون ( كتاب الله وسنتى ) وزاد فيه الشيعة ( كتاب الله وعترتى ). أى أصبحت الأحاديث نفسها ميدانا للنزال بين المنكرين لها والمؤمنين بها .

لا أعتقد أن عصر الخلفاء رواد الفتوحات كان يسمح لهم بهذا الترف الفكرى . وقتهم إستهلكته الفتوحات وتوطيدها ثم إنغمسوا فى الحرب الأهلية ، وجاء بعدهم الأمويون أكثر إنغماسا بالحروب ألأهلية والفتوحات التى وصلوا بها ال حدود الصين شرقا وجنوب فرنسا غربا ، مع حرووب داخلية ضد الشيعة والخوارج والموالى والعصبيات القبلية . وظل الأمر هكذا طيلة توطيد الدولة العباسية ، الى أن بدأ عصر التدوين  فى خلافة المهدى مع هدوء نسبى ، فبدأ تدوين الثقافة الموجودة فى اتجاهين : الأخذ عن الحضارات الهلينية والشرقية واليونانية ، وبرزت فيه المعتزلة والاتجاهات الفلسفية والعلمية ، وفى مواجهتهم ظهر فقهاء لا يعرفون سوى الانكفاء على الماضى بصناعة أحاديث ينسبونها للنبى بأثر رجعى عجزا عن الاجتهاد .

 

اجمالي القراءات 4413