آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ٠١ - نوفمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
قلنا إن التاريخ ليس دينا ، هو علم بشرى له منهج فى ترجيح رواية أو تكذيبها . وفيما يخص سيرة النبى محمد عليه السلام والتى كتبها ابن اسحاق فالفيصل فيها هو الاحتكام للقرآن الكريم . وابن اسحاق إفترى مواقع عسكرية لم ترد فى القرآن الكريم مثل ما يسميه بغزوة بنى المصطلق وخيبر و مؤتة وبعث أسامة بن زيد . لا نتصور أن تحدث هذه المواقع ويسكت عنها الوحى القرآنى ، وهو الذى كان يتابع حركة النبى بالتعليق والتوجيه ، والتأنيب حتى فى أى كلمة يقولها وتخالف الاسلام . ثم هناك مواقع حربية أشار اليها القرآن الكريم فى سور التوبة والمائدة والفتح والنصر كانت ضد المعتدين من أهل الكتاب والاعراب وأئمة قريش بعد دخول مكة فى الاسلام ، ولم يذكرها ابن اسحاق .
وقلنا إن هناك من كان ينكر الأحاديث جملة وتفصيلا مثل أبى حنيفة ، ثم جاء بعده من جادل الشافعى فى الأحاديث ، ورد عليهم الشافعى ، ومذكور رد الشافعى وليس مذكورا حجتهم . واستمر هذا التيار بعد الشافعى فى إنكار الأحاديث ولكن بمنهج مخنلف هو الطعن فى الأحاديث بالأحاديث ، وهم الذين إخترعوا أحاديث النهى عن كتابة شىء غير القرآن والأمر بمحو ما يكتب غير القرآن ، وكلام أبى بكر وعمر وعثمان فى النهى عن رواية وكتابة الأحاديث ، وحديث التمسك بالقرآن وحده ، وقد زاد فيه السنيون ( كتاب الله وسنتى ) وزاد فيه الشيعة ( كتاب الله وعترتى ). أى أصبحت الأحاديث نفسها ميدانا للنزال بين المنكرين لها والمؤمنين بها .
لا أعتقد أن عصر الخلفاء رواد الفتوحات كان يسمح لهم بهذا الترف الفكرى . وقتهم إستهلكته الفتوحات وتوطيدها ثم إنغمسوا فى الحرب الأهلية ، وجاء بعدهم الأمويون أكثر إنغماسا بالحروب ألأهلية والفتوحات التى وصلوا بها ال حدود الصين شرقا وجنوب فرنسا غربا ، مع حرووب داخلية ضد الشيعة والخوارج والموالى والعصبيات القبلية . وظل الأمر هكذا طيلة توطيد الدولة العباسية ، الى أن بدأ عصر التدوين فى خلافة المهدى مع هدوء نسبى ، فبدأ تدوين الثقافة الموجودة فى اتجاهين : الأخذ عن الحضارات الهلينية والشرقية واليونانية ، وبرزت فيه المعتزلة والاتجاهات الفلسفية والعلمية ، وفى مواجهتهم ظهر فقهاء لا يعرفون سوى الانكفاء على الماضى بصناعة أحاديث ينسبونها للنبى بأثر رجعى عجزا عن الاجتهاد .