الاعراب ودولة النبى

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٩ - نوفمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هل ممكن يا استاذنا توضيح علاقة الاعراب البدو بالمسلمين فى المدينة فى عصر النبى عليه السلام ؟
آحمد صبحي منصور

من خلال القرآن يمكن ان نتفهم طبائع الاعراب في علاقتهم بالمسلمين في دولتهم الاولي في عهد النبي عليه السلام:-

فأغلب الاعراب اشد كفرا ونفاقا من غيرهم ،ولكن منهم من يؤمن ايمانا حقيقيا بالله واليوم الاخر وينفق في سبيل الله مخلصا (التوبة 99:97).

واولئك المنافقون الاعراب  كانوا خطرا علي الدولة الاسلامية يزعمون الايمان ،ولكن عند الخطر يتخلون عن الدفاع عن المدينة ويتعللون بشتي الاعذار (التوبة 90،الفتح 11،16)وقد وصف الله تعالي وهو الاعلم وحده بما في القلوب- ان اشد الناس نفاقا هم من الاعراب المجاورين لأهل المدينة وبعض اهل المدينة ،وقد ادمنوا النفاق ومردوا أي تعودوا عليه بحيث خفي امرهم علي النبي نفسه ،يقول تعالي (وممن حولكم من الاعراب منافقون ،ومن اهل المدينة مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الي عذاب عظيم :التوبة 101) أي انهم اخفوا نفاقهم بالمزيد من التدين والصلاح الظاهري بحيث لم يشك فيهم احد ..وهذا هو النوع الايدولوجي من الاعراب المنافقين .

اما النوع الاخر من الاعراب المنافقين ،قد فضحتهم اعمالهم ،يظهرون الاسلام عندما يرون قوة المسلمين وهو نوع من الاستسلام او الاسلام الظاهري وهو لا بأس به طالما لا يعتدون علي المسلمين وفي هذا النوع يقول تعالي (قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم :الحجرات 14).

لكن الذي كان يحدث ان يتأمر اولئك الاعراب في صحرائهم المحيطة بالمدينة، فينقلبون كفارا صرحاء عندما يجدون فرصة،ومن هنا كان الامر الالهي للمؤمنين باعداد قوة للردع هي في حقيقتها  لحقن الدماء .لأنها تخيف من يفكر في الاعتداء فلا يعتدي وبذلك يحقن دمه ودم المسلمين ،وهذا معني قوله تعالي (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ،واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم :الانفال 60)اذن هذا الاعداد العسكري لحفظ السلام وليس للاعتداء ،بل هو لمواجهة المعتدين ،وهما طائفتان ،الاولي تعلن عن نفسها ،وهم مشركو قريش ،والاخرى منافقة تتستر بالاسلام وتزايد في التدين السطحي ،بحيث لا يعرف المسلمون حقيقتهم ،والله وحده هو الذي يعلمهم (لا تعلمونهم الله يعلمهم ).

ومن هنا وضع القرآن حلا لمشكلة هؤلاء الاعراب المنافقين بأن منع التحالف مع من يظهر الايمان منهم الا بعد ان يهاجروا الي المدينة ويكونوا من اهلها ،تحت السيطرة ،فلا يهاجموها علي حين غرة وحتي لا تشجعهم الصحراء علي الاعتداء علي المسلمين ،فان ظلوا علي تقلبهم ونكث عهدهم واعتدائهم علي المؤمنين فلابد من تأديبهم واظهار قوة المسلمين ،؟لأن وجودهم حول المدينة خطر هائل عليها (التوبة 123،النساء 91:88).

وبعد موت النبي كان اولئك الاعراب المنافقون حول المدينة اسرع الناس بالردة وتجمعوا لغزو المدينة ،وكان ذلك التصرف من الاعراب دليلا علي صدق ما اخبر به القرآن عن طبيعة الاعراب.( التوبة 101 ، الانفال 60)

  

اجمالي القراءات 8886