الفتنة في القرآن الكريم 3
الفتنة في القرآن الكريم 3

خالد اللهيب في الخميس ٢٨ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

                             القسم الثالث

في القسم الأول تحدثت عن معاني الفتنة و فتنة الله عزو جل و في القسم الثاني تحدثت عن أهداف الفتنة  و مراميها و عن فتنة الشيطان والكفار ورجال الدين و في هذا القسم أتحدث عن صفات الفتنة و عقابها في الدنيا والآخرة .

 

صفات الفتنة  :   

1 - التكرار  --- من صفات فتنة الله عز و جل التكرار، ففي كل عام يفتن الإنسان مرة أو مرتين ، لعل الإنسان يرتدع أو يتوب الى الله عز و جل ، فالغافل لا ينتبه أن ما ألم به و ما حصل له من ألوان الشر و الخير في مجرى حياته اليومية ، ما هو إلا فتنة من الله عز و جل  ( أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) 126 التوبة .

فالفتنة تتكرر و تتكرر في حياة العصاة من الناس كل عام لكنهم كالأنعام  ، غافلين ، لا ينتبهون و لا يرتدعون ، بل هم أضل من الأنعام ، فخصهم و جعلهم رب العالمين حطبا لجهنم ، (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) 179 الأنعام .

  2 - العمومية --- كما أن الفتنة عامة شاملة ، تقع على كافة  الناس ، على انسان معين بذاته أو تقع على مجتمع كامل بأسره ، و على المؤمن و الكافر و العابد و العاصي و القوي و الضعيف و الغني و الفقير، لهذا جاءت كلمة الناس ، أي كل الناس (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) 2 العنكبوت .

 3 - التنوع ---  الفتنة نوعان ، فتنة بالشر و فتنة بالخير ، و غالبا ما تأتي الفتنة بمعنى الشر كالمرض و الخوف والنقص في الأموال و الأولاد  كما قد تكون بالخير و كثرة المال و القوة و السلطان ، (..وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)35 الأنبياء .

        الفتنة بالشر --- أي الفتنة السالبة المكروهة من الناس و التي بها معاناة و تعب و ألم جارح و تحتاج الى صبر و إيمان راسخ قوي .      

و البلاء من الفتنة بالشر :(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) 155 البقرة ، أي نختبركم و نجعلكم تذوقون طعم الجوع و الخوف و لو بشيئ قليل و نقص بالأموال ، فتتعرضون للخسائر المادية ، كما يأتيكم الموت و يأخذ منكم أحبائكم و تقل منتجاتكم ، إلا أنه نقص زهيد (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ)، فإصبروا ، فما هو إلا إختبارا  لكم ، وبشر الصابرين .

    الفتنة بالخير--- الفتنة الإيجابية و التي طبعت النفوس على حبها و كلما أعطيت منها قالت النفس هل من مزيد ، و هي سنة من سنن الله سبحانه و تعالى ، كالمال و الأولاد و القوة و السلطان و الجاه و حب الشهوات من النساء والزينة و الاستمتاع .

     أنواع الفتنة بالخير :   

       أ --- الزينة ، أي التزين و الاستمتاع ،(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ  ) 14آل عمران .

(زُيِّنَ) الفاعل هو الله عز و جل عبر جعل ما زينه ، سنة من سننه في الذات الانسانية و الزينة من التزين أي التبرج و الأخذ بظاهر الأمر دون الجوهر و هي صفة موقتة زائلة ، فمن انقاد وراء زينة الحياة الدنيا و اتبع غرائزه و شهواته و تمادى في الأخذ بها و بحبها  أوصلته هذه الزينة الى التهلكة و سوء الأخرة ، أما من راقب نفسه و كبح شهواته بحيث لا يصل الى الحرام ما أمكنه ذلك أو أن لا يكون عبدا منقادا لغرائزه و شهواته و ما زين له فقد فاز بالدنيا و الأخرة .

كما قد يكون الفاعل هو الشيطان عبر إغوائه للذات الانسانية وصولا للكفر و المعصية و جعل ملذات الحياة الدنيا هي الهدف النهائي للغافلين من الناس .  

     ب --- الأموال و الأولاد من أنواع الفتنة بالخير : فالذات لإنسانية ميالة للكثير من الأمور و هذا الميل ما هو إلا سنة الله عز و جل في خلقه ، منها حب المال و الحرص عليه و حب الأبناء و الخوف عليهم (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) 16 التغابن .

أموالنا فتنة لنا ، قد يخسر الإنسان حياته الدنيا و آخرته لأنه قد كنز ماله و لم يزك نفسه و ماله و لم ينفق منه في أعمال الخير و البر و الاحسان ، و بالتالي لم يوق شح ذاته ، بل قد يعيش عيشة الفقر طوال حياته خوفا من الفقر ، مما يجعل معيشته و عائلته و أهله معيشة ضنكا ، فهو لم يسعد بماله في الدنيا و لم يستفيد بها في الآخرة ، و هذا مرده الى عوامل ذاتية فردية  و الى ضعف الايمان الحق و عدم التوكل على الله سبحانه و تعالى و عدم التصديق بأن الله سبحانه هو الرزاق الوهاب ، كما يعود الى عدم الثقة في الغد و التشاؤم ، لاننا كشعوب متخلفة ، الدولة لا تضمن للإنسان ظرورات الحياة بما يسمى الكفالة الاجتماعية من انفاق على العاطلين عن العمل و الفقراء و المحتاجين و كبار السن و لا تقدم الرعاية الصحية و الطبابة بشكل كاف أو مقبول ، لهذا نراه يخشى الغد و يحسب له ألف حساب ، شعاره ( لا ينفعك الا جيبك ) ، تعلم من المجتمع و الدولة و المناخ الإجتماعي العام ، أنه لا معيل له و لا سند له إلا ما كنزه لأيام قادمة أكثر قتامة من التي يحياها الآن ، و المجتمع و المناخ العام يؤكدان  ما آمن به و بما إلتزم به ، لهذا تسود مقولة ( خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود ) فاليوم الأسود قادم لا محالة .

كما يساهم المجتمع و أعرافه في ترسيخ فكرة الإكتناز و الحرص ، إذ يؤمن المجتمع بفكرة و مقولة :( كلما زاد الرصيد المادي للإنسان  كلما زاد احترامه في المجتمع ) بحيث يوزن الشخص بوزن ماله و ما يملك ، لهذا نسمع ( فلان يساوي 100 أرنب ) و المقصود بالأرنب هو المليون ، يحسبون المال و القوة و السلطان التي وهبها الله سبحانه الوهاب  لهم ( من فضله و كرمه ) و جعلها بين أيديهم و جعلهم خلفاء عليها  و يبخلون بها ، هي خيرا لهم ، و لا يحسبونها شرا لهم ويغفلون عن تطويقهم بما بخلوا يوم القيامة ، (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) 180 أل عمران .    

كذلك أولادنا فتنة لنا ، إذ أنه سبحانه و تعالى قد زرع في قلوبنا حب أولادنا و رغبتنا أن تعلو مراتبهم  في الحياة الدنيا و النجاة لهم في الآخرة ، مما يدفع البعض منا ، أن يفعل أي شيئ لاسعادهم فلا يبتعد عن الحرام و الظلم في سبيل تحقيق هذا الهدف ، ناسيا أنه يوم القيامة و الحساب ، لن ينفعه ماله و لا أولاده إلا من أتى الله عز و جل بقلب سليم فلا تجزى كل نفس إلا بما كسبت (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) 33 لقمان ، كل منا يأتي الى الله سبحانه فردا بذاته ، قائلا : اللهم أسألك نفسي و نجاتي من النار، فلا أنساب يوم الحساب .

لهذا العاقل منا من ينتبه الى نفسه و ذاته و يعد العدة لهذا اليوم ، فلا رجوع بعد الموت ، فالنكثر من التزود باللحسنات قبل الممات ، فلا نلهوا اونضيع جل حياتنا الدنيا في جمع المال و الجاه و الحرص على سعادة الأولاد ، فلن ينفعنا إلا ما كسبنا من أفعال الخير قبل الممات ،(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  ) 11 المنافقون .

والفتنة بالخير، محببة الى النفس و الذات و إذا ما إتجهت الى المعاصي و الكفر ، صعب التخلص من هذه المعاصي ، لأنها تحتاج الى معاناة و صبر و مجادلة و القليل القليل من المؤمنين من ينفك من براثنها لانها توافق هوى النفس و هي بين يديه و خاضعة لأمره ، فيتصرف بها على هواه  و يحتاج الى ذات قوية و نفس تقية ، لوامة ، لهذا زين للكافرين أعمالهم ليذدادوا كفرا و بالتالي يذداد عذابهم ، (. زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) 12 يونس .

كما حبب رب العالمين للمؤمن الإيمان و زينه في قلبه ليذداد إيمانا مع إيمانه و يفوز الفوز العظيم ، فمن كان يريد الحياة الدنيا و زينتها و سعى لها سعيها و أخذ بالأسباب وفقا للعقل و المنطق و العلم و الإقتصاد  ، فالله يعطيه منها على قدر سعيه و نجاحه فيها ، لأن الله سبحانه رب كل الناس ، فلا يحرم أي إنسان ، المؤمن و الكافر ، من النجاح ما دام قد أخذ بالأسباب الموجبة لذلك ، (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ) 15 هود .

نلاحظ  مدى دقة القرآن الكريم و إعجازه ، كيف لا و هو قول الله العزيز الحكيم ، في قوله (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ) التركيز و التأكيد و التكرارعلى كلمة ( فيها ) أي فقط في الدنيا و ليس لهم ،( للذين يريدون الحياة الدنيا ) في الآخرة من خلاق . 

 كبر وعظم و شدة  الفتنه عند الله :

 (..َالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ .. ) 191 البقرة  (..وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ..) 217 البقرة ، المفتن هنا هو الإنسان لأنه هنالك عقوبة في الدنيا كما في الآخرة  و مقارنة و قياسا بين القائم بالفتنة و القائم بالقتل و القتل لا يأتي إلا من إنسان  لاخيه الإنسان . 

و الفتنة تعني هنا ، السعي لتغير وجهة و اتجاه الإنسان من اتجاه الخير الى اتجاه الشر ، من عبادة الله العزيز الحكيم و عدم الشرك به الى عبادة الأوثان و الشرك بالله العزيز الحكيم ، خصوصا عبر الشرك الخفي ، كما تعني الوقيعة بين الناس و تغير حالتهم من محبة و سلام  و صداقة و انسجام و حب في الله العزيز الحكيم الى خصومة و عداوة و بغضاء .

والفتنة ليست بالأمر البسيط و الذي يمر دون مواجه لوقفها و صدها بل دفنها قبل أن يستفحل أمرها ، لهذا جاء الأمر الرباني (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193)البقرة ، أي حتى لا يغير الكفار بالقوة أو اللين ، حالة المؤمن من حالة الأيمان الى حالة الكفر، بجعله يسير على طريق الكفر بدلا من طريق الايمان  و نحن نعلم مدى كبر وعظم من يقتل نفسا دون وجه حق فكأنما قتل الناس جميعا ، فينزل التوضيح بأن الفتنة أشد و أكبر من قتل نفس و لو كانت نفسا واحدة ، كما يؤكد رب العزة أن من قتل نفسا ظلما و عدوانا فكأنما قتل الناس جميعا .

من هنا يتضح مدى النهي العظيم عن فتنة الناس ، (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) 32 المائدة .

أثر الفتنة على الناس :

وقع الفتنة على الإنسان له حالة و ردة فعل من ثلاثة حالات ، التوبة ، المعصية و التذبذب بين التوبة و المعصية و قد يعيش الإنسان كل هذه المراحل خلال حياته الدنيا و في نفس الوقت  :

       1  --- التوبة : الفتنة  تدفع المؤمن خصوصة الى جهة التوبه و الصحوة من الغفلة و الرجوع الى الله العزيز القدير .

      2  --- المعصية :  البعض الآخر من أصحاب النفوس المريضة و العقول المتحجرة إذا ما تعرض الى الفتنة تكون ردة فعله ، سلبية ، مما يزيد الضال ضلالة و تجبرا و تكبرا ، إذ أن صاحب النفس الكافرة و القلب الميت ، التي ألفت الكفر و المعصية و تراكمت الذنوب على قلبه و رانت ،لا تؤثر بها المصائب و الويلات فهو بعيد كل البعد عن قضية الإيمان و عبادة الرحمن ، (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) 14 المطففين .

و إذا ما ذكرت النفس الكافرة بخالق الكون تراها تندفع متكابرة و رافضة الحق و الإيمان ، معتقدة أن قوتها ذاتية ، باقية دائمة غير زائلة و إنما هي كبوة حصان و سوء حظ فلا يقهرها الزمن و لا أي قوة أخرى ، شعارها إنما تؤخذ الدنيا غلابا بغض النظر عن الحلال و الحرام أو ظلم الناس و مخافة الرحمن ، حينذاك يزين لهم رب العالمين أعمالهم و يدعهم في أعمالهم يتخبطون (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) 4 النمل ، فأعمالهم في الدنيا ما هي الا زينة زائلة و وهم زائل ، يفرح و يتفاخر بها الكافر و الله سبحانه و تعالى يزين للناس جميعا و ليس للكافر فقط و الزينة متعة من متع الحياة الدنيا و هي من سنن الله عز وجل و فطرته ، (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) 14 آل عمران .

و لو شاء الله عز و جل لجبل كل نفس بشرية على الهدى و التقوى ، و الأنفس في هذه الحالة أشبه ما تكون بالملائكة و يفتقدون عنصر الإختيار بين الحق و الكفر ،(وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا  ...) 13 السجدة ، بينما شاء لنا الله عز وجل ، أن نختار سبيلنا عن إرادة و تصميم ،(مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ  ) 44 الروم .

     3  ---  التذبذب : و البعض الآخر من الناس نراه يتعبد الله سبحانه و تعالى و يظهر الإيمان و كثره السجود و لكن على حرف أي حد دقيق و خيط رفيع ، فأي هبة ريح من من الخير تدفعه الى جهة الإيمان و الاطمئنان به و أي هبة ريح من الشر تدفعه الى جهة الكفر و العصيان ، إيمانه لا يستند على أرض و قاعدة صلبة ، بل هو مذبذب بين الإيمان و الكفر كريشة تتلاعب بها هبات الحياة ، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) 11 الحج .

كما أن ردة فعله على فتنة الإبتلاء الحسنة هي إجهار القول بأنه قد أخصه الله سبحانه و تعالى  بالتكريم و التأيد ، و أما إذا كانت الفتنة سيئة حسب معتقده و ظنه ، و مقدار فهمه فهذه إهانة له ، (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) 16  الفجر ، (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) 10 هود .

و لكن الإنسان كثير الكفر (قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) 17 عبس ، معظم البشر يكنون قدرا محدودا من الإيمان ، مذبذبين بين الإيمان و الكفر ، و يخلطون عملا غير صالح بالعمل الصالح ، فإذا ألمت به فتنة و بعد أن ينجيه الله عز و جل من محنته و من ضر أصابه و بعد أن دعا الله مخلصا له الدين لإن أنجاه من محنته هذه ليكونن من الصادقين و هو ما يزال يدعو و يدعو ، ما دام الخطر متحكما به و المحنة محيطه به ، لهذا تراه يعطي العهد و الوعد ليلتزم الصراط المستقيم كل الإلتزام ، و يحلف بالله إنه لمن الصادقين ، و بعد أن يمن الله عليه بالنجاة و النجاح و الخروج من الفتنة و المحنة التي ألمت به ، نراه يعود الى سابق عهده في الغي و الظلال و الشرك و العصيان .

يظن الكافر ، إنما هي أسباب طبيعية ، فمن توفرت له أسباب النجاة الموضوعية و من ملك القوة و العلم و المعرفة فهو ناج من كل ضر و ناجح في عمله ، فلا توفيق و لا تدخل من الله عز و جل ، جاهلا إنما هي فتنة و إختبار من الله العزيز الحكيم .

قائلا : إنما أوتيته على علم ، هنا يزين له سوء عمله فيراه حسنا ، (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا...) 8 فاطر ، (فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) 49 الزمر.

فالله سبحانه و تعالى ( كما الشيطان ) يزين للإنسان الحياة الدنيا و يزيده منها (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ) 212 البقرة، ناسيا ما كان يدعو الله سبحانه و تعالى إليه ، جاعلا له أندادا و شركاءا ، ضالا عن طريق الحق ، ساخرا من ضعفاء الناس  متكبرا ،  (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) 7 الزمر .

فهو ناج و لا يوجد رب أو إله يسخر له الأسباب و يعطيه النعم ، أو يحسب أن الله يمده بالأسباب المنجية و بالمال و النجاح في الحياة الدنيا لرضاه عنه رغم عدم التزامه بشرع الله سبحانه و تعالى ، و هذا العون و المدد و النجاح و صبر المولى عز و جل هو خير دليل عن رضى الله سبحانه و تعالى عنه و حبه له ، (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا) 36 الكهف ، فهو لا يثق بقيام الساعة و الحساب ، و إن رد الى ربه يوم القيامة على سبيل الإفتراض عنده ، ليجد خيرا منها  ، بينما الحقيقه صبر الله سبحانه و تعالى و عطاؤه هو صبر و عطاء ربوبية لكافة الناس ، المؤمن و الكافر ، إذ إنه سبحانه و تعالى يصبر و يعطي الناس جميعا ،و هذا الصبر ما هو إلا فتنة له ليزداد إثما و معصية و بالتالي يزداد عذابا مهينا يوم الحساب ،(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178) آل عمران .

لو أراد الله سبحانه أن يؤاخذ الناس و يحاسبهم على قدر أفعالهم ما ترك على الأرض من أحد ، بل يملي لهم و يصبر عليهم ، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) 61 النحل .

كما أن الله سبحانه يعطي كل إنسان وفق سعيه و غايته ، مسخرا له الأسباب الطبيعية للمؤمن و للكافر(مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ  ) 20 الشورى ، نلاحظ للمؤمن نزد له في حرثه ، أي هنالك زيادة على نتيجة عمله خلال حياته الدنيا و فضلا من الله الكريم ، هذا في الآخرة ، بينما الكافر نؤته من متع الدنيا ، مجرد عطاء يكفل الحياة الدنيا و ما له في الأخرة من نصيب .

 المؤمن ، في سعيه في الحياة الدنيا ، يأخذ بالأسباب و يعتمد على رب الأسباب و له في الأخرة نصيب بينما الكافر ليس له في الأخرة من نصيب ، إذ إنه يأخذ بالأسباب فقط و لا يؤمن برب الأسباب .

إلا أن المؤمن قد يقع في عمل السوء عن جهل منه و عدم المعرفة بشرع الله سبحانه و تعالى خلال فتنة الله سبحانه له ، و خلال حياته ، و حين يتبين له أن عمله هذا مخالف لشرع الله ، يرتد عن عمله السيئ و يتوب و بستغفر الله الرحمن الرحيم ، بل يصلح عمله و مسلكه في الحياة الدنيا وفقا لشرع الله سبحانه و تعالى ، (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) 135 أل عمران ، و هنا التزام من رب العالمين بكتاب و عهد منصوص للمؤمنين ، بأن لهم الرحمة و المغفرة ، (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ) 54 الأنعام .

عقاب الفتنة في الدنيا :

(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) المائدة .

نلاحظ : القسم الأول و يختص بكل الناس (مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) ، الأصل إيمان القلب .

القسم الثاني و يختص باليهود و بقوم آخرين لم يأتوا الرسول محمد عليه السلام (وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ) ، يحرفون كلام الله عز و جل بعد أن وضع و أنزل و إستقر في قلوب المؤمنين .

(وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) الفتنة هنا أي الإختبار و الأمرلله العزيز القدير و لا يملك الرسول محمد عليه السلام من الأمر شيئا .

قلوبهم غير طاهرة و الله العزيز الحكيم لا يريد تطهيرها ، لهم الخزي في الدنيا و العذاب العظيم في الآخرة (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) .   

 ويتوعد الله العزيز الجبار الذين يسعون في الأرض فسادا و الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا أن لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة ، (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) القصص ، (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (19) النور.

بينما المؤمنون حق الايمان لا خوف عليهم و لا هم يحزنون ، لا في الدنيا و لا في الأخرة ، (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ )31 فصلت .

عقاب الفتنة في الآخرة :

 (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) 13 الذاريات ، أي يعذبون ، (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا) 60 الإسراء ، و إذ قلنا لك و الخطاب للرسول محمد عليه السلام ، و أخبرناك من قبل أن الله قد أحاط بالناس أي أحاط علما بحال الناس و أن الرؤية  التي أريناك إياها ما هي إلاعذابا للناس و الشجرة الملعونة من قبل الناس و المذكورة في القرآن و هي شجرة الزقوم  ، ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ) 63 الصافات، ما هي إلا عذابا لهم في الآخرة و لا يذيدهم هذا الوعيد و التخويف  بالعذاب إلا ظغيانا و ظلما في الحياة الدنيا فهم لا يرتدعون .

  ختاما : (عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ،والحمد لله رب العالمين  .

 

اجمالي القراءات 16356