الحكم على مبارك وإسترداد أموالنا

حمدى البصير في الثلاثاء ٠٥ - يونيو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

 

هناك فرق بين التعليق على الأحكام القضائية ، وبين بحث الأثار المترتبة على صدور حكم قضائى ، فمن الناحية القانونية لايجوز التعقيب على ألأحكام ، ولكن يمكن التطرق إلى معرفة تأثيرات الحكم على المجتمع ، أو على الأقل أخذ العظة والعبرة منه

.

وأرى أن هناك سلبيات وإيجابيات يمكن إستخلاصها من الحكم فى قضية القرن ، والمتهم فيها مبارك ونجلاه والعادلى ومساعدوه ، بالإضافة إلى حسين سالم ، والذى صدر أول أمس السبت ، مع التسليم أنه لايوجد حتى الأن أى حكم قضائى قد يرضى أطراف الخصومة ، لإن تلك طبيعة الأحكام

.

فمن أبرز السلبيات المترتبة على صدور الحكم ، هى خفوت الأمل فى إسترداد أموال المصريين المنهوبة ، والتى تم تهريبها تهريبا منظما بواسطة بعض رموز النظام السابق ، وعدد من رجال الاعمال المقربين والمحسوبين على النظام ، وأبرزهم حسين سالم ، ولاسيما أن هناك من طالب بأن يحاكم مبارك وعصابته امام قاضيهم الطبيعى ، وليس فى محكمة عسكرية أو ثورية ، حتى تكون هناك حجية فى المطالبة بالأموال التى نهبوها وهربوها ، ويمكن بالتالى إستردادها من بنوك الدول التى تم تحويل تلك الأموال إليها خاصة مصارف سويسرا

 

.

فمن الشروط التى تفرضها الدول التى تم تهريب الأموال إليها ، وطالبت الحكومة المصرية بإسترداد تلك الأموال ، أن يصدر حكم قضائي نهائي ضد المتهمين بتهريب وتحويل تلك الأموال إلى بنوك تلك الدول ، بل ومحاكمة هؤلاء المتهمين بواسطة محاكم عادية وليست إستثنائية أو عسكرية ، ولكن حصول حسين سالم ونجلى مبارك ، علاء وجمال على البراءة ، فى الجناية التى كانوا يحاكمون من أجلها ، أو عدم إدانتهم فى تلك القضية بحجة إنقضاء المدة المسقطة للدعوى الجنائية وهى عشر سنوات ، سيكون سببا مناسبا وقانونيا فى عرقلة محاولات إسترداد معظم الاموال المصرية المنهوبة والمهربة إلى الخارج ، أو عرقلة تلك الجهود ، خاصة جهود جهاز الكسب غير المشروع " البطيئة " وبعض المبادرات الشعبية " المنسية

 

" .

وهناك علامات إستفهام كبيرة حول عدم إدانة الملياردير والصديق المقرب لمبارك ، حسين سالم ، وكذلك نجلى الرئيس السابق والمحكوم عليه بالمؤبد ، فالمادة 15 من قانون العقوبات والتى إستند إليها القاضى ، والتى تمنع تحريك الدعوى الجنائية ضد أشخاص بعد عشر سنوات من إرتكابهم وقائع فساد ، لامحل لها فى التطبيق فى هذه القضية ، إذا تم التمسك بروح القانون ، وليس النص الحرفى للقانون ، وأيضا إلى مقتضيات العدالة ، والإسترشاد بالأحكام القضائية الراسخة ، خاصة الأحكام التاريخية لمحكمة النقض ، التى تعد نبراسا لكل القضاة ، ولاسيما فى القضايا التى تحمل أبعادا سياسية وتشغل الرأى العام مثل محاكمة القرن

 

.

فعلى سبيل المثال فإن القوة القاهرة إذا تم إثباتها يمكن أن تغير عقيدة القاضى ، ولاتدعوه إلى أن يطبق نص المادة 15 على قضية فساد بعد مرور عشر سنوات من وقوعها ، مثلما حدث فى السابق فى قضايا الحراسات والتأميمات ، وبالتالى فإن عدم الإبلاغ عن وقائع فساد حال وقوعها ، ولو خلال عشر سنوات ، قام بإرتكابها نجلى رئيس الجمهورية السابق علاء وجمال مبارك ، وأيضا حسين سالم ، يعد شيئا منطقيا ، فمن كان يجرؤ على إتهام نجلى رئيس الجمهورية بالفساد ، ولاسيما أن جمال مبارك كان يعد كوريث شرعي لوالده فى رئاسة الجمهورية ، وكان يعامل من معظم السلطات فى الدولة كرئيسا منتظرا ، وبالتالى هناك قوة قاهرة كانت تمنع أى مواطن من الإبلاغ عن واقعة فساد يكون مشارك فيها " أولاد الرئيس " أو الرئيس القادم " فمن كان سيبلغ بالتأكيد كان سيدخل مستشفى الأمراض العقلية ، بعد أن يكون قد زار كل معتقلات مصر " كعب داير " وفقا لقانون الطوارىء

 

.

ولكن من الأيجابيات أو العظات والعبر التى يمكن أن نستخلصها من الحكم فى قضية القرن ، هى الحكم على مبارك بالمؤبد ، ووجوده الأن فى سجن طرة ذليلا ، مع تابعه العادلى " المفترى " ، وهذا فى حد ذاته أبرز إيجابيات ثورة يناير ، وليس محاكمة القرن فقط

.

حمدى البصير

  

Elbasser2@yahoo.com

 

 

اجمالي القراءات 7578