عفوا يا شيخ الأحلام !!!

ابراهيم ايت ابورك في الثلاثاء ٢٩ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

عفوا يا شيخ الأحلام !!!

كل مرة أمسك فيها بجهاز التحكم عن بعد و أنتقل بين القنوات الفضائية، لابد وأن يستوقفني مشهد طريف، محزن كان أو مبكي حول واقعنا المرير، والذي يزداد مرارة مع هذا الربيع الذي أبى إلا أن يكون شتاء دائما, شتاء من دماء و أنهار من الجهلالمرصع بالدين !!

نصيبي من المرارة هذه المرة، كانت مع شيخ سلفي يدعي أنه يقوم بتفسير الأحلام على الهواء مباشرة، اندهشت من جرأته على ممارسة الدجل و الخرافة باسم الدين و على الملأ, و الخجل لا يعتري وجهه !!

المكالمات تتقاطر على الشيخ من كل حدب وصوب, شاب حَلم باختفاء أدنيه, و دكتور حلم أنه سيفقد وضيفته !و فتاة ذات صوت حنون حلمت هي الأخرى بفارس أبيض !

في بداية اتصالها حسبت أن الشيخ سيفصل الخط عنها بدعوى أن صوت المرأة عورة, و الظاهر أنه ليس كذلك هذه المرأة، لأنه يدر الجنيهات على الشيخ و كلما طال حلمها لكان أفضل..!!

الناس تحلم بالليل و الشيخ يجمع ضريبة أحلامهم بالنهار!!وماذا سننتظر من شعب ملئ رفوف مكتباته إن كانت له أصلا بكتب تفسير الأحلام و حوار مع جني مسلم وأهوال القبور و الثعبان الأقرع و خلطات الوجه بالفلفل الأخضر و الأصفر..؟؟؟ هذا حالنا و نحن أصحابه!!كل الأخبار السيئة تأتي من عند العرب, التفجيرات، الحروب، الجهل، الفقر و الإرهاب كلها معادلات ستجد العربي فيها طرفا بلا حل !أخشى أن يأتي يوم و يتفق فيه العالم على إلغاء خريطة العرب على الكرة الأرضية, لربما سيعيش العالم بسلام دوننا !!

نسعى لفتح العالم, و نحن عاجزون حتى على فتح كتاب ربنا و نتدبر فيه بكل صدق بعيدا عن ضغوط الموروث و عصبيات السابقين وعنتريات مذاهبهم و أفهامهم المضحكة !!

تفسير الأحلام أو بالمصطلح القرآني تأويل الأحلام هي معجزة حسية عُرف بها نبي الله يوسف الصديق عليه السلام وهي معجزة مصدقة للمنهج الذي جاء به وهو عبادة الواحد الأحد الفرد الصمد, فهي معجزة صالحة لزمن هذا النبي كسائر معجزات الأنبياء و المرسلين، كمعجزة إحياء الموتى لعيسى عليه السلام، و معجزة العصا لموسى ... انقضت بوفاتهم ولن تتكرر في أي عصر, فالله تعالى يجتبي من رسله من يشاء { اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ}-البقرة-189 و من المجتبين لمعجزة تأويل الأحلام يوسف الصديق { وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}-يوسف-6 وإذا كان الله اجتبى يوسف عليه السلام واختاره بعلمه الكاشف و علمه تأويل الأحاديث و أتم نعمته عليه كما أتمها على أبويه من قبل, و إذا كان الله اجتبى إبراهيم وهداه إلى الصراط المستقيم { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}-النحل-121 وإذا كان الله تعالى اجتبى آدم فتاب عليه وهداه { فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}-طه-122 و إذا كان الله اجتبى يونس وجعله من الصالحين و أنجاه من الموت { لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}-القلم-51

فمن الذي اجتبى هذا الشيخ الذي يقف متسمرا لساعات طوال يضحك على جهل الناس ويتنبأ بمستقبلهم و يأكل عرق جبينهم بالبهتان ؟؟

و إذا كان يسير على خطى اجتباء يوسف عليه السلام في تأويل الأحلام, فمن الذي منعه أن لا يسير على خطى عيسى عليه السلام في  إحياء الأموات ؟؟ أو على خطى محمد ص ليأتي بقرآن مماثل ؟؟

هل الأموال التي يجمعها هذا الشيخ من هذه الخطوط الحمراء الباهظة التكلفة لا تعتبر ممن يأكل أموال النّاس بالباطل؟ و هل لا ينطبق عليه قول الله تعالى؟؟: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}-التوبة-34 هل حال الرهبان و الشيوخ دائما متساوية وهي استغلال الدين لكنز الذهب و الفضة ؟؟

هل إتاوات هذا الشيخ لا تعتبر سرقة و لا يقوم عليه الحد ؟؟ مع العلم أنه يبيع الأوهام و الكذب ويرسخ ثقافة الجهل و الخرافة واليأس في المجتمع كما يفعل السحرة و المشعوذين..

هل الآن أدركتم أيها النّاس أن تأويل الأحلام هو اجتباء و تعليم خاص لمن يختارهم الله ليحملوا رسالته (الأنبياء و الرسل), وليست لكل من يضع خرقة بيضاء على رأسه وأخرى سوداء على عقله !!و يزور السعودية و الكبير منهم من قرأ الألباني و يلقب نفسه بالعالم و يطل علينا في كل صباح يرسل الفتاوى عبر القارات و يعكر صفو فطورنا ويقذفنا بجهله في كل صوب و نحب..!!

لذلك لا أزال أبحث عن من يفسر أحلام يقظتي و يحول حلمي إلى حقيقة و يقول لهؤلاء المهووسون بالأحلام أن الشيوخ ما هم إلا كهنة جهلة يضحكون عليكم في كل شيء إلا من رحب ربي، فهل أنتم واعون ؟؟!!

استفيقوا واستقيموا يرحمنا و يرحمكم الله !!

 

تابعنا على facebook: ابراهيم ايت ابورك

اجمالي القراءات 9231