قل سيروا في الأرض فانظروا
الجزء الثالث من رحلة الصحرا البيضا

محمد عبدالرحمن محمد في السبت ١٠ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

                   صنع الله الذي أتقن كل شئ!!

  ونتحرك سوياً مع السائقان في السياراتان الجيب في طرق َوعِرة مُبْهرة .. مسارات بين الجبال وبين التلال وبين الصخور.. ربما يكون المسار ضيقاً بين صخرتين كبيرتين لا يتسع إلا مقدار سيارة واحدة بالكاد .. تسير بين الصخرتين في طريق رملي تغوص فيه إطارات الجيب إلى ثلثها ..

الشمس ساطعة لاسعة شديدة الحرارة تلهب الوجه والعين داخل  زجاج السيارة.. لدرجة أنك تنسى أنك بفصل الشتاء.

مما لفت نظرنا وكان التعقيب عليه متوافقاً من عدد كبير من أفراد الرحلة..

                   صخور النـــــــــهود:

http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=rlkeMCh2YVs#t=12s

 <http://www.youtube.com/v/rlkeMCh2YVs?version=3&feature=player_detailpage"> name="allowFullScreen" value="true">http://www.youtube.com/v/rlkeMCh2YVs?version=3&feature=player_detailpage" type="application/x-shockwave-flash" allowfullscreen="true" allowScriptAccess="always" width="640" height="360">

م http://www.youtube.com/watch?feature=player_detailpage&v=rlkeMCh2YVs

من اللون والنحت الخارجي له حتى مكان الرضاعة الذي يرضع منه الطفل ..

 لايمكن تخيل ثنائيات الصخور هذه بشكل أوضح إلا عند هذا التخيل..

 آلاف من النهود المتراصة بحجم فيل حقيقي كبير أو يافع أو رضيع الفيل.. !! فسبحان من أبدع .حتى اللون من الأبيض الناصع إلى البيج الداكن.. وكأنها ألوان البشرة لتلك النهود.. الملمس مصقول منحوت بالتفاصيل ..

ربما يخجل الانسان من تخيله هذا لكنها الصورة الأقرب إلى العين والذهن عندما تقترب من هذه التكوينات الصخرية البديعة بهذه الأحجام الفيلية وبهذا النحت العجيب .. من مسافات بعيدة وأنت تركب السيارة..

 ويزداد الأمر وضوحاً بأنك ترى الصور مكتملة لمئات من السيدات العملاقات بحجم الديناصورات مستلقيات على ظهورهن ومتجاورات وتظهر نهودهن متراصة عارية  بجوار بعضها البعض.. بهذا الكيفية العجيبة..!!

 وكأن الصحرا البيضاء وتلك المحمية لا تفوت الفرصة على أن تترك رسالة لبني الانسان.. بألا يعاملوا المرأة على أنها كائن منقوص الخلق أو الكرامة أو القدر..

 فتنحت بنفسها مشهدا بديعاً بأمر من الله تعالى.. يدل على مصدر غذاء الطفل في مهده فهو إنسان المستقبل.. و بعد أن يشتد عوده يعود  إلى أمه الكبيرة الحنون الطبيعة لتذكره بأمه التي ولدته وأرضعته  من مصدر غذائه وأمنه الوحيد وهو طفل رضيع.

 

             جبال الكريستال أو تـــــلال الكريســـــتال:

جبال الكريستال أو تلال الكريستال.. كما يسميها سائقو رحلات السفاري.. جبال مشرقة  متألقة.. مصقول صخرها كأنما نُحِتَتْ بشعاع الليزر..!!

 مجموعات من التلال  المتوسطة الارتفاع ممتدة لمئات الأمتار  عدة تلال تزيد عن العشرات وكأنها مناجم الكريستال..

  والكريستال هو الاسم الشائع لتلال الرخام الأبض ودرجاته المختلفة.. من الأبيض بدرجاته والبيج الفاتح والداكن بدرجاته.. هى ثروة عظيمة ..  لا تقدر ..

يمكن استخراج الرخام الأبيض وكما يطلقون عليه (المرمر) النقي .. الذي ترى منه الظل والخيال من الجهة الأخرى.. إذا نظرتَ  إلى صخرة من جبل الكريستال!!

 منظر جبل الكريستال في أشعة الشمس ملفت للنظر ومثير للفِكَر .. (ومن الجبال جدد بيض)..

 رياح تصدر الصرير في منطقة جبل الكريستال.. قال لي أحد خبراء المحمية في رحلة سابقة .. أن هذه المنطقة على مدار العام تصدر ريحا له صوت مهيب طوال العام.. حتى في أكثر أوقات  العام اعتدالاً..!!

 وأنا أعلل ذلك إلى طبيعة التكوينات الصخرية لمنطقة جبل الكريستال.. حيث أن الرياح تصطدم بتلك الصخور العجيبة وتنزلق من عليها انزلاقاًًً متسارعاً فتحدث تلك الأصوات  للريح.. وتتسارع الرياح طوال الوقت بجبل الكريستال.

                    مسك الرحيق المختوم:

              صخرتي الدجاجة والموشروم:

سبحان من علم الرمال نحت الصخور.. في مناظر أجمل من الزهور.. أخبرنا السائق أنه ذاهب بنا إلى مكان هو ضرب من الخيال .. فلا يخطر ببال أن الطبيعة يمكن أن تكون فناناً تشكيلياً ليس له نظير .. عندما ينحت فتسكُتُ الجماهير ..لفرط إبداع الخالق سبحانه وتعالى في المحمية..

وصلنا  إلى مكان أكبر وأوسع من ميدان التحرير..  ووجدنا صخرة ليست ككل الصخور ليست كباقي الصخور تستحق أن  يطير لها الانسان  في الأجواء ويَعْبُر الانسان لها البحور .. أقامت هيئة حماية البيئة حولها سياج الحبال حول صخور الجبال.. سياج من حبال بيضاء شفافة نقية لا يفوق نقائها إلى لون الصخور وجسم الصخور.. هو سياج دائري يحيط

 بصخرة .. الموشوروم:

                       (صخرة عيش الغراب)

حجمها يتعدي الطابقين  زهرة من زهور الجبال تشكلت بقدرة الله تعالى على شكل نبات الموشروم (عيش الغراب)

عندما تتخيل الشكل المثالي لنبات عيش الغراب وكيف يكون، تجد هذه الصخرة تعطيك هذا الانطباع في اللون والتشكيل الذي يصل إلى درجة التطابق.. إنها صخرة شامخة باسقة تثير في النفس العجب والتواضع..

أمام صنع الله القدير.

 وأيما تواضع .. تواضع الفنان الذي ارتبط بالطبيعة والتصق بها فتعلم منها وتلون بلون فنها وجمالها ..  فهى الأم وهى المُعلم .

 لقد أطلقنا الآهات والتسبيحات من فرط المعجزات الكائنة الكامنة على أرض هذه المنطقة التي تضم تلك الصخرة أو بمعنى أدق تلكما الصخرتين ,, صخرة (عيش الغراب) المشهورة جدا على المواقع السياحية العالمية باسم صخرة الموشوروم بمصر.

        و... صخرة أخرى معجزة بكل المقاييس.. إنها:

               صخرة  الدجاجة .. الراقدة على البيض.

                            دجاجة بحجم الأســــد:

هل تصدق أنك ترى في الحقيقة أو في الواقع صخرة بحجم أٍسد كبير..!!؟

 ترقد الدجاجة الصخرة على بيضها  وهى بحجم  الأسد الكبير .. ومواجهة لصخرة عيش الغراب والمسافة بينهما لاتزيد عن متر ونصف أو مترين.. تنظر لها وتأنس بوجودها وكأن  الصخرة الدجاجة تقول للصخرة الموشروم إنكِ مصدر غذاء صغاري عندما يحين موعد خروجهم للحياة..!

 لا أروع ولا أبهى من تلكما الصخرتين في المحمية.. بالنسبة لعامة المسافرين,, وزوار ورواد المحمية..

 إلا إذا كان من ببينهم نحاتين ومثّالِين.. فمن المؤكد أنهم سوف يرون الكثير من التكوينات الصخرية التي تثير خيالهم وقرائحهم ومواهبهم النحيتة فيجدونها أكثر سحرا وجمالاً وجلالاً مما نرى من تلكما الصخرتين وما تحدثتُ عن باقي الصخور التي رزتها بالمحمية..

 إذا  أردت أن تزور وتتعرف على أجزاء وخلايا الجسد البشري فلا أحد يقدر على وصفها وتخيل ما بها من إعجاز في الخلق مثلما يفعله ويصفه الأطباء وعلماء التشريح والبيولوجيا.. ولا أحد يستطيع شرح ملائمة العضو للوظيفة مثلما يفعل علماء الفسيولوجيا.

 وعلى هذا قس فلا أحد يستطيع التقييم الحقيقي لجنة الصخور تلك إلا النحاتين والمثالين.. والمصورين .ولكل مقام مقال من أولي الأمر ( أهل العلم أو الفن أو الفكر).. لذلك فلا أحد يستطيع تقدير الاعجاز القصصي القرآني العظيم .. أكثر من الحكائين أو الروائيين القصاصين.. من الأدباء . يقول تعالى {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ }يوسف3

يقول تعالى :{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً }الكهف45

    هى الرياح جنود الله تعالى ومن أقوى الجنود التي لايمكن تخيل مدى قوتها إلا أهل التخصص أولي الأمر منها تتكون الأعاصير التي تدمر مدناً وقرى وولايات.. ولا احد يستطيع وقفها.. كما أن الرياح أو الريح لا ترى  بالعين المجردة.. وهذا من سر الاستهانة بأمرها.. عند العامة.. في كثير من الأحيان..!!

 وهى لواقح تُلَقِحُ النباتات  والأشجار والأزهار لتنتج المحاصيل والثمار..يقول تعالى.

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }الحجر22

 يمكن ان ترى ذلك في الصحرا البيضا .. فكما تلقح الرياح النباتات والنخيل.. والزهور.. فهى تلقح الصخور .. وتشكل منها بنحرها ونحتها تلك الكائنات العجيبة التي لو تأملها الفنان النحات والمثّال .. لما فتر عن ذكر الله (التسبيح بحمد الله).

                  

                       مصرع الصُخُــــور..!:

  وإذا كانت الزهور تسقط صرعي من عبث العابثين في الحدائق والجنان.. والبستان..

فإن جنة الصخور بمحمبة الصحرا البيضا يسقط منها  صخور صرعى مثلُ ذلك..!!

 وكما ذكرتُ من قبل أن  جنة الصخور تلك معظم تكوينها من الحجر الجيري الهش.. سهل التشكيل والتكسير.. تشكلها الرمال بتلك المناظر العجيبة الساحرة.. وتُكسّره أصابع وأقدام الانسان وإطارات مخترعاته (السيارات الجيب وغيرها) ..

 كثير من تلك الصخور لقيت مصرعها وفارقت تكوينها المعجز بسبب جهل الجهال .. من الأطفال والسيارات والرجال..!

 وجدت صخرة عملاقة مشطورة  شطرين وبعض من فتاتها حولها كأنها نزفت دمائها البيضاء على رمل المحمية.. لم يلتفت أحد لها .. ولم يشعروا باحتضارها.. لكني كنت أراقب وأشاهد .. ولا أستطيع أن أفعل شيئاً ..

  لم يلاحظ أحد غيري ذلك لأنهم في شغل شاغل .. ولا يتوقعون أن تصرع الصخور أو أن تموت الصخور.!!

          من المضحك المبكي.. جداً..!!!

  الكثرة الغالبة من أعضاء الرحلة .. كانوا يريدون أن يركبوا ظهر الفرخة (الدجاجة) لالتقاط الصور التذكارية.. صرخت فيهم وقلت لهم  هذه جريمة .. لو كل فرد دخل المحمية وأراد ان يلتقط صورة له وهو يمتطي ويركب ظهر هذه الفرخة (الدجاجة) .. سوف تنهار في شهور عديدة .. وهى عمرها مليون عام وأكثر.. ونأتي نحن في مائة  ساعة ندمرها ونقضي عليها..

 إنها صخرة كالزهرة على شكل فرخة.. صحيح  أنها بحجم الأسد لكنها ليست بقوة الأسد بل هى بقوة الدجاجة فعلا.. مع أو صعود على ظهرها سوف تنكسر  وتفقد محور ارتكازها.. البديع الخلاب .. الذي جعلها تبدو وهى كأنما ترقد على بيضها..

 ولو كل مصري حاول أخذ صور بهذه الكيفية كلها عدة شهور ولا تكون هناك تلك الصخرة الزهرة.

  ثم أن هناك شئ آخر أن هيئة الآثار ووزارة البيئة وضعوا سياج من الحبال حول هذا السحر الإلهي حتى لا نقوم بتشويهه وتدميره بحماقاتنا ..

 وقلت لهم أن الصور بجوار المشهد الرباني هذا أفضل بكثير من الصورة وأنت على ظهر الفرخة نفسها..

 اقتنعوا بكلامي,, وخصوصا بعدما قلت لهم أننا لو ذهبنا وتصورنا بهذه الكيفية لفعل جميع أعضاء الرحلة الذين يزيد عددهم عن إثنين وعشرين  نفس الفعل .. وربما إنهارت الصخرة الدجاجة على الفور..

 وأثنيتهم عن هذه الطفولة الانسانية  العابثة.

أختم مقالي بقوله تعالى :{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }العنكبوت20 .

 

 

 

اجمالي القراءات 11604