مـصــر المُـحــتَــلّة ومـوازيــن الـعــدل المُـخْــتـَـلّة

رضا عبد الرحمن على في الإثنين ٠٥ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

مـصــر المُـحــتَــلّة ومـوازيــن الـعــدل المُـخْــتـَـلّة

قبل عام تقريبا من الثورة نُـِشـَر في موقع أهل القرآن مقالا تفصيليا عن جرائم السلب والنهب وتوزيع أراضي الدولة على الأقارب والأصدقاء والمحاسيب وأفراد العصابة الإجرامية التي اشتركت في سلب ونهب حقوق المصريين وأجيال قادمة لم تولد بعد ، حيث تم فضح هذه الجرائم في مقال مفصل بالأسماء والمساحات المخصصة لكل حرامي ومن الذي ساعده في الحصول والاستيلاء عليها ، أقول هذه المقدمة حرصا على المصريين لأن معظم الوزراء الذين تم اختيارهم بعد الثورة متهمون بالاستيلاء على أراضي الدولة ، وأعضاء المجلس العسكري وقيادات الداخلية وبعض المرشحين للرئاسة  جميعهم متورطون في سرقة أراضي الدولة أو يشرفون حتى الآن على عمليات بيع ثروات وممتلكات الشعب المصري حسب ما نشر في هذا المقال ، ولذلك أحذر من انتخاب أحدهم في أي منصب في المرحلة القادمة ، ولابد من رحيل هؤلاء جميعا من الحياة السياسية المصرية ومحاسبتهم لكي تبدأ مصر بناء دولة على أرضية ثابتة خالية من الفساد والاستبداد وسرقة أموال وحقوق العباد.

تفاصيل سرقة ونهب وسلب المال العام بالمساحات والأسماء على هذا الرابط :ــ

http://ahl-alquran.com/arabic/show_news.php?main_id=10098

 

لم يكتفي هؤلاء المجرمون بتوزيع وسرقة أراضي مصر وأموالها على بعضهم داخل مصر ، ولكنهم ارتكبوا جريمة خيانة عظمي على الأقل من وجهة نظري ، وهي بيع ثروات مصر لبلاد أجنبية وبثمن بخث ولمدد طويلة جدا تحرم الأجيال القادمة من حقها في هذه الثروات ، وإليكم بعض الأمثلة:ـ

1ــ تصدير الغاز لإسرائيل بثمن بخث وبخسارة سنوية قيمتها 14 مليار دولار ، على الرغم أن المصريين حتى كتابة هذه السطور لا زالوا يقتتلون من أجل الحصول على أسطوانة غاز في معظم محافظات مصر ، وكذلك يتم تصدير نفس الغاز المصري لإسبانيا و إيطاليا وفرنسا وتركيا و إجمالي الخسائر تتجاوز نصف تريليون جنيه في ست سنوات مضت.

 وكتبنا مقالا عن تصدير الغاز والحديد والأسمنت لإسرائيل في أكتوبر 2007م على الرابط

  http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=2606

2ــ بيع مناجم الذهب لشركات استرالية وأجنبية أخرى بعقود ضعيفة جدا لمدة ربع قرن ، وبمساحات كبيرة جدا تصل لمئات الكيلو مترات ، وهذه جريمة في حق الشعب المصري كله لأن هذه الشركات من وجهة نظري أقوى من الاحتلال العسكري ، ولكنها لا تكلف هذه الدول مليما على التسليح العسكري فهي احتلت مصر وسرقت ثرواتها بواسطة معدات غير حربية بمساعدة الخونة من المسئولين المصريين ، والخاسر الوحيد هو الشعب المصري لأنه لا يعلم كمية الذهب التي تنتجها هذه المناجم ولا يعلم سعرها ، حتى مجلس الشعب نفسه لا يعلم أي معلومات عنها ، وكل معلوماته أن مصر فيها مناجم ذهب ، ومن الأمور المخزية في هذا أن راتب العامل المصري لا يقارن براتب العامل الاسترالي فبينما يحصل العامل المصري على راتب من 2000 : 3000 جنيه مصري شهريا ، فإن نظيره الاسترالي يحصل على 650 دولار في اليوم ، وحين يعترض المصري ويطالب بحقه يقول له الاسترالي (لو مش عاجبك امشي) مهزلة بكل المقاييس.

3ــ باعت الحكومات المصرية مليارات الأطنان من الرمال التي تمثل ثروة قومية والتي تستخدم في صناعة الزجاج والبلور وشاشات الكمبيوتر وباعوا الطن بــ 50 جنيه مصري ، ثم بعد ذلك نستورد الزجاج وشاشات الكمبيوتر بأسعار باهظة ، هذه هي سياسة الفساد والفشل في إدارة دولة وارتكاب جرائم حقيقية في حق الشعب.

4ــ بيع شركة المراجل البخارية بمبلغ 57 مليون جنيه على أنها خردة ، وعندما فكروا في إنشاء شركة مماثلة كانت التكلفة المبدئية حوالي 5 مليار جنيه.

5ــ بيع 194 شركة وبنك من القطاع العام بأسعار بخث لمستثمرين أجانب ومنحهم مزايا لا يحلمون بها مثل أسعار الطاقة التي لا يحظى بها المواطن المصري نفسه ، وتخفيض رواتب العمالة المصرية وتخفيض الضرائب وأحقية المستثمر في طرد العمالة المصرية في أي وقت لو لم يعملوا مثل العبيد ، وتم البيع بإجمالي خسارة 100مليار جنيه عن الثمن الحقيقي لهذه الشركات.

6ــ بيع حق إدارة ميناء العين السخنة لشركة موانئ دبي التي تراجعت عن تنفيذ التعهدات والاتفاقات التي تعهدت بها منذ ستة أشهر بخصوص حقوق العمال في الأرباح.

7ــ بيع 500مليون متر من أرض مصر لعدد 2000 شخص بتسهيلات وأثمان بخث بينما الفلاح المصري المسكين يحبس في سجون مبارك إذا تأخر عن دفع ملاليم من قرض اقترضه لينفق على زراعة أرضه ليعيش الكفاف هو وأسرته ، ومن المفزع أن يمتلك 2000 شخص حوالي 24% من ثروة مصر ويتحكمون فيها ويسيطرون عليها.

أقول هذا الكلام لأنني أرى وأؤكد أن مصر محتلة ، ولكن احتلال من نوع جديد بدون دبابات ولا جيش ولا طائرات ولا أي مخاسر للمحتل ، وكل هذا بفضل الخونة والعملاء الذين يقومون بإهداء ثروات مصر لأمريكا واسرائيل واسبانيا وإيطاليا وفرنسا واستراليا وغيرها من الدول العربية ، مصر محتلة ولا تزال ، الثورة المصرية لابد أن تكتمل لكي تخلص مصر من هذا الحصار والاحتلال الاقتصادي الذي يستنزف أموالنا وأموال أولادنا وأحفادنا في المستقبل ، الثورة المصرية لابد ان تكتمل لخلع العملاء والخونة الذين لا زالوا يشرفون حتى هذه اللحظة على تصدير الغاز لإسرائيل بنفس الأسعار التي يخسر فيها الشعب المصري 14 مليار دولار سنويا ، وكذلك  لا تزال شركات القطاع العام في يد أصحابها من المحاسيب والأقارب والأجانب ، وإلى يومنا هذا لا تزال قيادات في الدولة تحصل على رواتب بدون حد أقصى بينما الفقراء في مصر جوعى ومرضى ويعانون الأمرين يوميا لإيجاد قوت يومهم ، وكذلك لازال الموظفون يعانون وينتظرون تطبيق الحد الأدنى للأجور.

ورغم كل هذه الثروات وهذه المليارات يُـصِرون على الاقتراض لتوريط مصر في ديون جديدة ، وبدلا من العمل بجد لاسترداد الأموال المنهوبة يقومون بتوريط الأجيال القادمة في ديون لا ذنب لهم فيها.

المال المنهوب من الشعب المصري لو تم توزيعه على المصريين سيكون نصيب كل مواطن حوالي 3مليون جنيه ، لكن بسبب الفساد والسلب والنهب والاحتلال الاقتصادي لمصر على يد الخونة والعملاء الذين تربوا في عهد مبارك فإن كل مصري مَـدِين بــ 15 ألف جنيه حتى الطفل المولود يولد ويجد نصيبه في الثروة المصرية ديون بــ 15 ألف جنيه ، هذه هي إنجازات مبارك خلال 30 سنة ويسير على خطاها من يديرون شئون البلاد منذ يوم 11 فبراير 2011م أقول هذا الكلام لأن هناك أصوات تريد التصالح مع هؤلاء القتلة والمجرمين والسفاحين الذين سرقوا حقوق المصريين وأموالهم وأراضيهم وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم ، وفوق كل هذا عاش المصريون في عذاب مقيم بسبب الفقر أو المرض  أو الجهل أو الاعتقال. 

إذن عملية استرداد المال المنهوب يحتاج لموقف قانوني قوي ، يتبعه موقف سياسي أقوى يصاحبه موقف شعبي منظم للضغط على هذه البلاد لإرجاع الأموال ، لكن حتى الآن لم نطالب أي دولة مطالبة رسمية واضحة لإرجاع الأموال والدول التي بها الأموال لسان حالها يقول (بركة يا جامع إنها جت منك) لأن هذه المليارات هي عبارة عن أسهم في شركات ولو تم سحبها فجأة ستؤثر سلبا على اقتصاد هذه الدول ، إذن هي مصالح مشتركة ، ولا فرق بين هذه المؤامرة وبين احتلال مصر في الماضي ، فلابد للشعب المصري أن يفهم جيدا أن المحاكمة الحقيقية لم تبدأ بعد لمبارك وأفراد عصابته الذين تتم محاكمتهم على قتل المتظاهرين أو سرقة فيلا أو قطعة أرض أو لوحات معدنية أو بيع أو شراء قطعة أرض واحدة ، فهذا اختزال واضح لجرائمهم التي لا تحصى ولا تعد لأنهم قاموا بنهب منظم لأموال المصريين وسرقوا ونهبوا أراضي الدولة ، وباعوا القطاع العام وسلموا ثروات المصريين للأجانب بثمن بخث ، وخربوا التعليم وخربوا الصحة والاقتصاد وخربوا الوعي المصري والثقافة المصرية وشوهوا الهوية المصرية وأسقطوا هيبة الدولة بعد سفر المتهمين الأمريكان على متن طائرة أمريكية هبطت في مطار القاهرة دون أن يعترض طريقها أحد وغادروا في دقائق معدودة أمام أعين الجميع في حالة من الصمت أو الموت المؤقت لجميع من يدّعون أنهم يخافون على مصر وعلى هيبتها وكانوا يصرخون وينعقون من قبل لن تركع مصر لن تركع مصر ، وبعد كل هذا يريدون محاكمة بقية المتهمين المصريين في نفس القضية هل هناك ظلم وعار أكثر من هذا.؟

ارحمونا يرحمكم الله .

 

 

 

 

اجمالي القراءات 8577