وسواس المرأة والتقدم إلى الخلف (١)

خالد منتصر في الأحد ٢٦ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

القضايا الاجتماعية، وعلى رأسها قضية المرأة والطفل، هى الضحية الأولى للوضع المقلوب الذى وصلنا إليه، غرقنا فى السياسة ومشاكل الدستور والانتخابات، وغفلنا عن قضايا اجتماعية مهمة ماتت وتوارت وغابت عن المشهد لأننا تصورنا أن المكلمة السياسية أهم من الجدل الاجتماعى،

ولم نفطن إلى أن مجتمعاً ينتخب رجاله بكل ديمقراطية وشفافية أمام صناديق الانتخابات بينما يضربون زوجاتهم فى الغرف المغلقة ويتزوجون عليهن بـ«الاتنين والتلاتة» دون أدنى مبرر إلا الطفاسة الذكورية رافعين شعار «الشرع بيقول كده»، و«هذا حقى الشرعى»، ويزوجون بناتهم فى عمر الزهور ويتاجرون فى أجسادهن فى سوق النخاسة لعواجيز الخليج طمعاً فى ريالات ودينارات النفط، ويدفعون بهن إلى سلخانة الختان تحت لافتات دينية هى أبعد ما تكون عن الدين وعن الإنسانية،

 ويتعاملون مع المرأة على أنها مشروع فريسة وشيطان فتنة وزائدة دودية اجتماعية يجب بترها. مجتمع يحجب بنات الحضانة والابتدائى بالإجبار ويعزل نصفه عن الحياة بقماش أسود وساتر يكفن الجسد لا تظهر منه إلا حدقتان وأحياناً نصف عين مغطاة بشبكة!!، هذا المجتمع مهما كانت انتخاباته شفافة وبه كل هذه الأمراض الاجتماعية فهو مجتمع فاشل مريض محكوم عليه بالموت والإيداع فى متاحف التاريخ.

تحرك تيار الإسلام السياسى بجناحيه غضباً وغيظاً، لا ضد انتهاكات المجلس العسكرى فى ماسبيرو ومحمد محمود وقصر العينى، ولكن تحركوا بمنتهى الحماس ضد المجلس القومى للمرأة ومجلس الأمومة والطفولة،

فكل القضايا تهون ومن الممكن المرور أمامها مرور الكرام إلا أن تأخذ المرأة حقها وتتعامل كإنسان وبنى آدم له نفس حقوق الرجل، هنا ترتفع لافتات الحرام والعيب وصرخات «اسحلوا تاء التأنيث الفاجرة الفاسقة».

هذه هى بعض التصريحات الغاضبة نطرحها قبل مناقشة الموضوع:

- طالب الدكتور علاء عيد، أمين عام نقابة العلميين «خدوا بالكم من العلميين دى» البرلمان بمراجعة تشكيلات المجلس القومى للمرأة والقومى للأمومة والطفولة، موضحا أن المجلسين تم إنشاؤهما لدعم الماسونية فى مصر بغرض إفساد الحياة الاجتماعية، ومشدداً على ضرورة مراجعة قانون وأهداف إنشاء المجلسين وتعديلهما، بما يحقق مصلحة الوطن، بالإضافة إلى مراجعة جميع القوانين التى تم إقرارها فى العقود الثلاثة الماضية وتعديلها وفق المرجعية الشرعية.

- طالبت كاميليا حلمى، رئيس لجنة المرأة والطفل بالمجلس الإسلامى العالمى للدعوة والإغاثة، فى مذكرة أرسلتها إلى المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بضرورة غلق المجلس القومى للأمومة والطفولة والمجلس القومى للمرأة،

وإنهاء أعمالهما بشكل فورى، واصفة إياهما بالأورام السرطانية التى وضعها النظام البائد فى قلب مجتمعنا، ليتولى تدمير الأسرة وإفساد المنظومة الأخلاقية والقيمية فى المجتمع.

- أكد بيان حزب الحرية والعدالة أن تشكيل المجلس بهذا الشكل ودون إعادة النظر فى الهدف منه وتقييم أدائه خلال المرحلة التى سبقت الثورة، سيعيد إنتاج المخططات الغربية التى قام من أجلها، وبالتالى فإن حزب الحرية والعدالة يرفض المشاركة فيه حفاظا على مستقبل الأسرة المصرية.

- صرحت أمينة المرأة فى حزب الحرية والعدالة، منال أبوالحسن، بأن حزبها لم يشارك فى المسيرة النسائية الحاشدة، التى عرفت إعلامياً بمسيرة «الحرائر» فى ديسمبر من العام المنصرم احتجاجاً على انتهاكات الجنود بحق المتظاهرات، «لأن المشارِكات فيها ممولات، ولديهنّ أجندة خاصة، ومن شارك فيها نساء لم يشاركن فى الثورة أصلاً».

السؤال: هل القضية هى ارتباط هذه المجالس بسوزان مبارك أم أن القضية هى أن المرأة تمثل وسواساً مزمناً للفكر الوهابى الذى سيطر على أمخاخنا وتشريعاتنا وسلوكياتنا؟ الإجابة غداً إن شاء الله.

اجمالي القراءات 8931