هل النقاب فرض أم مستحب أم مكروه ؟
النقاب أم الاحتشام أيهما أفضل عندالله تبارك وتعالى

نجلاء محمد في الإثنين ٢٠ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

موضوع النقاب من الموضوعات التي كثٌر الحديث عنها في الآونة الأخيرة بسبب انتشاره في المجتمع المصري، وهو دخيل على الثقافة المصرية ،وعلى المرأة المسلمة التي عٌرفت بسماحتها وعدم تشددها منذ القدم .

ولقد طلب مني الدكتور أحمد صبحي متعة الله بالصحة والعافية ، أن أٌفرد عدة مقالات عن المرأة المصرية المنقبة ، وعن سلوكياتها المخالفة لشرع الله في كثير من الأحيان، وهذه محاولة مني وأتمنى أن يوفقني الله في هذا .

ولكن في البداية لابد من مقدمة عن النقاب بهذا المقال .

النقاب فيه مزايدة على شرع الله تعالى ، وقد حرّم الله تعالى أن يزايد أحد على شرعه  فالله جل وعلا لم يحرم كشف وجه المرأة ، فكيف يأتى بشر من الناس ويجعل الحلال حراما ؟ هل يتهم الله تعالى بالتقصيرفى التشريع ؟ 

فالأولى أن تتجه النفس البشرية لله وحده بالتقوى والعفة و الخشية فى الخلوة والسر قبل العلن لا أن نختصر الدين في نقاب وجلباب ولحية وندعي ظلما وعدواناً أن هذا هو شرع الله وأن ما عداه شريعة البشر!! وشريعة الشيطان !!.

المنتقبة كغيرها من نساء مصر لها حقوق ولها أن تحصل عليها ، وكذلك عليها واجبات نحو أسرتها من زوج وأولاد ملتزمة بآدائها ، وأيضا واجبات نحو  مجتمعها الكبير الذي يكفل لها حقوقها كاملة  كمواطنة مصرية  .

في البداية نعرف النقاب وهل هو من الشرع وفرض على كل مسلمة  أم لا ؟

وهل أتى ذكره في القرآن الكريم لكي يتم فرضه على النساء المؤمنات؟

أم هو دخيل على شريعة الاسلام وعلى النساء المسلمات ؟

نستطيع أن نعرف النقاب بأنه

 عبارة عن زي أسود اللون تغطي به المرأة التي ترتديه جميع جسدها بما فيه الوجه والكفين بطريقة تجعلها عبارة عن هالة سوداء تمشي على الأرض ولا يستطيع أحد معرفتها ولا التعرف عليها ، وهل هى رجل أم امرأة ؟.

هل النقاب قد فٌرض شرعا ؟

 نستطيع القول بوضوح وباطمئنان أنه ليس بفرض، ولا توجد آية واحدة في القرآن الكريم المصدر الأوحد  الذي نستقي منه فرائضنا ونعرف منه ما يجب علينا فعله ، وما يجب علينا تركه .

  لم تأتي آية واحدة لتوجب النقاب ، بل لم يرد زكره ولا إشارة له في القرآن الكريم .

فالذين يحرمون ما أحل الله تعالى يعتدون على حق الله تعالى فى التشريع ويدخلون ضمن من قال عنهم ربنا الواحد القهار {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }الشورى21.

 

والارتباط واضح بين النقاب والاستعلاء على الاخرين ، ليس فقط فى أنه رسالة لهم بالتميز عليهم ولكن أيضا لأن المتنقبة تعطى لنفسها الحق فى أن ترى الاخرين وتنظر لهم بعينيها دون أن تسمح للاخرين بأن يعرفوا هويتها ومن هى.

 الزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو أي زي لا يصف مفاتن الجسد ولا يشف ويستر الجسم كله ما عدا الوجه والكفين وبطبيعة الحال الشعر لا يعتبر ضمن عورة المرأة ، ولا مانع كذلك أن تلبس المرأة الملابس الملونة بشرط ألا تكون لافتة للنظر أو تثير الفتنة ، فإذا تحققت هذه الشروط على أي زي جاز للمرأة المسلمة أن ترتديه وتخرج به .

أما نقاب المرأة الذي تغطي به وجهها وكفيها فهو ليس واجبًا وأنه يجوز لها أن تكشف وجهها وكفيها .

فمن يوجب النقاب يعتبر هذه الآية القرآنية الكريمة توجب ذلك {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31:فالبعض يفسر بخمرهن في { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } تفسير يجانبه الصواب، فالجيب هو فتحة الصدر من القميص ونحوه ، فأمر الله تعالى المرأة المسلمة أن تغطي بخمارها صدرها ولو كان ستر الوجه واجبًا لصرحت به الآية الكريمة .

من ذلك نخلص أن ستر الوجه والكفين للمرأة المسلمة ليس فرضًا وإنما يدخل في دائرة الحرية الشخصية ولا يحق لمن تنتقب أن تقول أن هذا الذي ترتديه هو الزي الشرعي، وتصف غير المنتقبة بمخالفتها للشرع .

وأن النقاب لا أصل له فى الاسلام حيث أن الأصل فى الاسلام هو الاباحة ما لم يرد ذكر فى تحريمه فى القرأن الكريم

بل والأكثر من ذلك أن النقاب يعارض سنة الله فى خلقه الذى امرنا جلا و علا بالتعارف فى قوله {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13. فكيف يتم التعارف إذا اخفى الانسان وجه ذكراً كان أو أنثى...

وفى النهاية تخبرنا الآية القرآنية الكريمة أن تقوى القلوب هى الاساس و ليس الزى مهما كان شكله أو طبيعته أو لونه ....ان تعبئة المرأة فى النقاب ليس اهدارا فقط لكرامتها الانسانية ومحوا لشخصيتها البشرية التى تتحدد بالوجه الذى به تعرف وتتميز عن غيرها ـ ولكنه أيضا تضييع لاقامة الشريعة الاسلامية الحقيقية التى ترتكز على معرفة الشاهد والجانى والمجنى عليه من الوجه الذي يتم التعرف من خلاله على الشخص . فاذا كانت المرأة جانيا أو مجنيا عليها أو شاهدا فلا يمكن التعرف عليها وهى فى النقاب .

 

من حق أى انسان أن يرتدى ما يشاء فى ظل القوانين المرعية. ومن حق المرأة ان تتنقب فهذه حريتها الشخصية, ولكن إذا ارادت ان تقرن ذلك بالاسلام وتجعله شعارا لدين الله تعالى فقد وقعت في المحظور .

 

إن التقوى الاسلامية تعامل خاص بين العبد وربه تعالى الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.

 والذى يتقى الله تعالى ويخشاه بالغيب ليس فى حاجة لأن يعلن ذلك على الناس.

والاحسان فى تعامله مع الناس دون استعلاء أو فساد ، يقول تعالى ﴿تِلْكَ الدّارُ الاَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ﴾ (القصص 83).إذن من هم الذين فرضوا النقاب الذي لم ياتي ذكره في القرآن الكريم ؟ نستطيع القول ان النقاب قد فرضه متبعي الحديث

 استنادًا إلى حديث السيدة عائشة  أنها كانت تغطي وجهها في الحج حتى يمر الركب .

واختلف الفقهاء في حكم تشريع النقاب بين مستحب وواجب .

فالمستحب عندهم إذا خشيت المراة على نفسها الفتنة وكانت فاتنة الجمال فيجب عليها تغطية وجهها وكفيها ولا يظهر منها شيء .

   وأما الفقهاء الذين أوجبوا النقاب فاستدلوا بآيتين من القرآن الكريم على  وجوب النقاب:

 

   فمنها: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب:59]،   وقالوا أن الزينة في لغة العرب ما تتزين به المرأة، مما هو خارج عن أصل خلقتها، كالحلي والثياب، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة كالوجه والكفين؛ خلاف الظاهر.على حد قولهم  

وهذا الراي مردود عليه بأن الزينة ما ظهر منها في قوله تعالى (إلا ما ظهر منها ) أي من خلقتها التي خلقها الله عليها وليست الزينة التي تضعها المرأة أو ثياب ترتديها ، وهي الوجه والكفين وليست الحلي والثياب.

وأيضا من المستفاد من الآية انه لابد لزوجات النبي وبناته ونساء المؤمنين " أن يعرفن" ... " فلا يؤذين " ..

أي أن أزواج النبي وبناته ونساء المؤمنين، لكونهم يدنين عليهن من جلابيبهن ، فإنهم سُيعرفون بذلك ، وبالتالي فلن يتعرضن للأذى الذي يتعرضن له النساء اللاتي لا يدنين عليهن من جلابيبهن "..

3ـ ".. وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً " أي أن الله غفورا رحيما، وهذا غير مرتبط بالأزمنة المتعارف عليها بيننا، فهو سبحانه وتعالى غفور ورحيم في كل وقت ...

فهذه الآية التي استدلوا بها نجد أنها ليس لها علاقة بالنقاب " تغطية الوجه " ..

 والاية الثانية التي استدلوا بها على وجوب النقاب : قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53]، فهذه الية القرآنية خاصة بأمهات المؤمنين أزواج النبي عليه السلام وهذا الحكم لا ينطبق على سائر النساء كما يقولون بذلك فليس لنا أن نعممه من تلقاء أنفسنا بما أنه قد ورد فيه نص واختصت نساء النبي بهذا الحكم .

فالمطلوب من المرأة المسلمة إن هى أرادت الالتزام بشرع الله المطلوب هو الاحتشام ، وعدم لفت النظر لها بأي صورة من صور ذلك . وأن تكون رقيبة على نفسها ولا تنتظر من أحد أن يعرفها كيف تلبس وما تخفيه وما تظهره ، كل هذا هى التي تحدده بحسب طبيعة جسدها وطبيعة الزي المناسب له الذي لا يظهرها ويظهر ما تخفيه .

 وكل امراة وكل فتاة تدري كيف تحتشم جيدا وكيف تداري مفاتنها .

قال تعالى ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلناعليكم لباسا يوارى سَوْءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التقوى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (الاعراف 26 فكما نرى أن النقاب ليس مطلوبا وليس ملزما للاخرين من ارادت أن ترتديه  فلها ذلك . لكن الافضليه لمن يرتدى التقوى لباسا والتدين الداخلى أساسا مع الاحتشام الواجب

فهل الوجه سوءة لكى نطمسه؟؟؟

ونكمل في المقال القادم إن شاء الله تعالى.

اجمالي القراءات 55704