البرلمان المرتقب
الستقرار أم العدالة

احمد شعبان في الإثنين ٢٣ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

بعد أن حصل الإسلاميون ممثلين في الذراع السياسي للإخوان المسلمين والتيار السلفي على أغلبية أعضاء مجلس الشعب ، إلا أن شقة الخلاف بينهم مازالت واسعة ، وبعد أن جاء حزب الوفد في المرتبة الثالثة تلاه تيار الكتلة .

فهل ستبقى التحالفات الانتخابية قائمة ، أم ستتغير داخل البرلمان ؟

هل سيكون تفويض بالوكالة لأحدى القوى ، أم ستكون تحالفات ، أم سيكون التنسيق هو سيد الموقف .؟

وهل سيستمر المجلس أم سيتم الطعن عليه .

وما هى أولى أولياته ؟ وماذا ستكون أولى قراراته :

هل هى تنفيذ ما تبقى من مطالب الثورة ، أم تشريعات الخروج الآمن للمجلس العسكري ؟

وماذا عن مكافحة الفساد ؟

وكيفية انتقال السلطة ؟

وكيف سيتم تشكيل لجنة المئة لصياغة الدستور ؟  

وماذا عن شروط رئاسة المجلس ، هل سيكون من خارج الأغلبية ، وماذا عن نوابه ،

أسئلة عديدة تراود الجميع ويتوقف عليها مستقبل مصر .

فإذا نظرنا من خلال المشهد العام سنجد :

 كشفت مصادر سياسية مطلعة عن مشاورات تجرى حالياً لإعداد «تحالف برلمانى» بين حزب النور السلفى " 120 عضوا " والكتلة المصرية " 42 عضوا " وحزب الوسط " 9 " والإصلاح والتنمية " 9 " ، بالإضافة إلى بعض القوى المدنية الأخرى على رأسها الوفد " 45 عضوا " ، بالإضافة إلى بعض المستقلين والأحزاب الصغيرة الأخرى، حيث سيصل نواب التحالف بعد نتائج المرحلة الثالثة إلى أكثر من ٢٥٠ نائباً، وبالتالى سيتجاوزون نسبة ٥٠٪، مما يضمن حصولهم على رئاسة البرلمان والمواقع الرئيسية ، من أجل انتخاب رئيس مجلس الشعب الجديد والوكيلين و١٩ رئيس لجنة و٣٨ وكيلاً و١٩ أميناً للسر.

أفادت المصادر بأن هدف التحالف البرلمانى هو الحفاظ على التوافق الوطنى فى ظل هذه المرحلة الصعبة، بالإضافة إلى مواجهة الاستعلاء الإخوانى الذى ظهر خلال الفترة الماضية، رغم عدم حصولهم على أغلبية البرلمان (٥٠ % + ١) .

جرت المشاورات حول هذا التحالف للأسباب الآتية :

 أنه يمثل نقطة إيجابية فى التوافق السياسى الذى افتقد خلال الفترة الماضية بسبب تعنت الإخوان وممارساتهم خلال الانتخابات البرلمانية ، والتى أغضبت جميع القوى السياسية منهم ، بالإضافة إلى انسحابهم المستمر من أى فعاليات تتوافق حولها القوى الوطنية المختلفة.

مع وجود خلافات حادة وقعت بين حزبى الحرية والعدالة ، والنور السلفى، خلال الانتخابات، وأيضاً بسبب تضارب تصريحات قيادات الإخوان حول المواقف والقضايا المختلفة.

وأضافت المصادر أن القوى السياسية الأخرى مثل الوسط والوفد والإصلاح والتنمية والكتلة المصرية ، التى تضم أحزاب المصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى الاجتماعى والتجمع ، ترى أن حزب النور أكثر وضوحاً والتزاماً من الإخوان المسلمين، وهو ما أشار إليه أيضاً أحد قيادات النور فى تصريحات أخيرة حينما قال: نفتح باب التنسيق مع كل القوى السياسية، ونحن أكثر وضوحاً والتزاماً من الآخرين، وهو ما اعتبره البعض إسقاطاً على حزب الحرية والعدالة.

 

كما يوجد حديث حول اتمام صفقة بين المجلس العسكري والإخوان حول : الخروج الآمن .. وجاري تنفيذها .

حيث سيتم بموجبها : عدم ملاحقة أعضاء العسكري قضائيا واحتفاظهم بثرواتهم.. وضمان استمرار محاكمة المخلوع بشكل قانوني بعيدا عن محاكم الثورة .. في مقابل منح صلاحيات غير مسبوقة لمجلس الشعب بقيادة الإخوان المسلمين .

التأكيد على "وضع خاص" للجيش في الدستور الجديد.. لضمان عدم تدخل الأجهزة الرقابية وكشف ما لا يجب كشفه!

العسكري يترك السلطة بالتدريج.. والإخوان يتصدرون المشهد بعد 23 يناير

مبارك يقضي فترة العقوبة في المركز الطبي العالمي.. وعلاء وجمال يخرجان بعد نصف المدة

العسكري سعى لعقد الصفقة فور وقوع أحداث محمد محمود خوفا من مصير مبارك .

يبدو أن الجدل الذي أثاره حديث بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين، عن الخروج الآمن لأعضاء المجلس العسكري، ومطالبة أهالي الشهداء بقبول الدية، وتسرب أنباء عن رغبة الإخوان في العفو عن مبارك - أي كانت المبررات التي يسوقونها - لم يكن كل ذلك هراء أو تصريحات متسرعة من قيادي مندفع، بل هو واقع يتم الإعداد لتنفيذه بالفعل!

كما تضمنت الصفقة أن يتم بمقتضاها تنازل المجلس العسكري عن الجزء الأكبر من السلطة للإخوان في مقابل ضمان سلامة أعضاءه وخروجهم آمنين من اللعبة السياسية.  أيضا تضمنت الصفقة تجنيب أعضاء المجلس العسكري السقوط في فخ المحاكمات كما يحدث مع مبارك، سواء عما وقع في بدايات الثورة من أحداث وما تورطوا فيه من مشاركة أو تجاهل متعمد أثناء عمليات الاعتداء على المتظاهرين - منها موقعة الجمل - أو عمليات القتل العمد التي وقعت بعدما تولوا السلطة خاصة أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء التي خلفت مئات القتلى والمصابين، والتي تورط فيها رجال وضباط القوات المسلحة بشكل علني التقطته كاميرات الصحف العالمية، كما تتضمن الصفقة الحفاظ على ممتلكات أعضاء المجلس العسكري وعلى ما لدى أبنائهم وزوجاتهم من ثروات، وأن يحصلوا على حصانة من تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع، ولا يتم فتح أي تحقيق حول مصادر تلك الثروات، وكذلك النص على وضع خاص ومميز للجيش بالدستور الجديد، يمنح رجاله حرية إدارة القوات المسلحة بعيدا عن أي أجهزة رقابية قد يتسبب تدخلها في المستقبل في كشف ما لا يجب الكشف عنه.

الصفقة تتضمن في المقابل، قيام المجلس العسكري بمنح صلاحيات كبيرة وغير مسبوقة لمجلس الشعب ورئيسه، تمكنه من القيام بعدة مهام في طريق تشكيل وبناء الدولة الجديدة - لم يقطع المصدر بنقل سلطات رئيس الجمهورية لرئيس مجلس الشعب من عدمه - وهو الأمر الذي سيتم الإعلان عنه في الجلسة الافتتاحية المرتقبة لمجلس الشعب في 23 يناير القادم، وهي أولى الخطوات الفعلية لتنفيذ الصفقة، والتي توقعت المصادر أن تتضمن عدة قرارات جذرية من شأنها ضرب الاستعداد للثورة الثانية التي يروج لها شباب الثورة في 25 يناير، وامتصاص غضب الشارع بشكل كبير.

الصفقة لم تتجاهل الرئيس السابق، الذي يهم أعضاء المجلس العسكري ألا يخرج غاضبا في النهاية، خوفا من المفاجآت التي يمكن أن يفجرها سواء هو أو أبناءه أو زوجته تحديدا، والتي تتعلق بأعضاء العسكري ومنهم المشير طنطاوي والفريق عنان بالأخص، فقد أضافت المصادر، أن الإخوان يتعدون طبقا للصفقة بأن تسير محاكمة الرئيس المخلوع بشكل قانوني بعيدا عن دعاوى المحاكم الثورية وما إلى ذلك، وألا يتم إخراجها عن إطار القانون الجنائي - العسكري يحاول حاليا دعم الموقف القانوني للرئيس المخلوع عن طريق إخفاء الأدلة وإتلافها وإجبار أجهزة الدولة على عدم التعاون مع جهات التحقيق والسعي لتبرئة أغلب المتهمين من ضباط وقيادات الداخلية - لكي يحصل في أسوأ الظروف على حكم مخفف - خاصة مع عامل كبر السن - ليقوم بعدها الرئيس المخلوع بقضاء فترة العقوبة في المركز الطبي العالمي إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وفي هذه الحالة سيحصل نجلي مبارك على أحكام بالسجن نتيجة التربح والفساد وسيتم إخراجهما من قضية قتل المتظاهرين لأنهما لم يكونا أصحاب قرار، في الوقت الذي تم إخراج سوزان وزوجتي علاء وجمال من القضايا برمتها وتجاهل أدوارهن تمام لضمان سلامتهن من المحاكمات، ما سيمكن الأسرة بكاملها في المستقبل، من استكمال حياتها خارج مصر بعدما يقضي علاء وجمال العقوبة، والتي من المتوقع ألا تكون كاملة، بعدما يخرجا حسن سير وسلوك أو بعفو من رئيس الجمهورية الذي قطعا سيكون للإخوان دور جوهري في اختياره.

 

وعن رئيس الجمهورية الذي سيدعمه الإخوان، فقد نصت الصفقة على أن يتم اختياره بالتوافق بين الجماعة والعسكري، واشترط الجانبان، ألا يكون رئيسا مسيسا، وأن يأتي من خارج اللعبة السياسية وألا يكون قد سبق له تولي أي مناصب تنفيذية في العهد السابق، ليحظى بقبول الشارع من ناحية، وأن يكون بعيدا عن منطقة الصراع ولا يحمل أي أيديولوجية ثورية أو راديكالية تدفعه لمعادات أي من الطرفين، سواء الإخوان أو العسكري وتعطيل تنفيذ الصفقة - في الفترة الأخيرة تم طرح اسم الدكتور أحمد زويل كأحد المرشحين الذي يتوقع فوزه بدعم الجماعة.

 

المصادر أكدت، أن الصفقة تم التخطيط لها عقب اندلاع أحداث محمد محمود، والتي بدأ يشعر فيها المجلس العسكري بمدى ضعفه في الشارع، وتمثل شبح سقوط مبارك أمامه، وهو ما تعاظم بالدخول في أحداث مجلس الوزراء، ما دفع المجلس العسكري باللجوء إلى الإخوان المسلمين - التي كانت نتائج الانتخابات قد بدأت تظهر تقدمهم الملحوظ وتكشف عن سيطرتهم على البرلمان مستقبلا - لعقد هذه الصفقة، التي كانت أولى بنودها، هو إجبار الجماعة على سحب شبابها من الميدان، وتجاهل الأحداث تماما، لما يمثله موقف من الإخوان من قوة في الشارع، مع استمرار إعلان الجماعة لدعمها الكامل لمواقف العسكري وفكرة التزامه بتسليم السلطة في موعدها، وهذا لا يمنع من إصدار بيان هنا، أو إطلاق تصريح هناك ينتقد العنف الزائد في التعامل مع المتظاهرين، مصحوبا بالتأكيد على وجود مندسين ومخربين وضرورة محاسبة المخطيء من الجانبين.

ورغم الهجوم والانكار من كل من الاخوان والمجلس العسكرى لهذه الوثيقة ، إلا أن المشاهد على أرض الواقع يوحي بها بصرف النظر عن وجودها من عدمة .

 

وعليه الإخوان بدأوا سريعا في الترويج للخطوات التي سيتم الإعلان عنها مستقبلا، خوفا من صدمة الشارع المصري منها فور وقوعها، ما دفعهم للحديث عن قبول الدية بدلا من محاسبة قتلة الثوار، وفكرة الخروج الآمن، والحديث عن الوضع المميز للجيش بالدستور الجديد، مع العلم بأن خروج الجيش من الحياة السياسية وعودته لثكناته، لن يتم بشكل حاسم وواضح - طبقا للصفقة - وإنما سيأخذ بعضا من الوقت، يخلي فيها مقاعده بهدوء للإخوان، وخلال تلك الفترة سيبدأ الإخوان في تصدر المشهد تدريجيا حتى ينسى الشارع أن العسكري لازال في السلطة وتخفت الأصوات المطالبة برحيله، لتبدأ مصر عهدا جديدا وغامضا في ظل قيادة "الإخوان المسلمين".

 

وعن العلاقات الخارجية :

فقد دعا الكاتب توماس فرديمان الإدارة الأمريكية إلى الحذر في التعاطي مع الإخوان المسلمين الذين باتوا يهيمنون على البرلمان في مصر، وقال لا بد من التحقق قبل الثقة بهم.

وقال إن المرحلة التي كانت تتطلب اتصالا هاتفيا واحدا مع رجل واحد لمرة واحدة قد ولت، وأصبح الأمر يتطلب دبلوماسية معقدة جدا مع مجموعة من اللاعبين على مدى أسبوع.

ويضيف أن على أمريكا أن تبدو صارمة في المبادئ عند التعاطي مع الإخوان وترهن استعدادها للمساعدة باحترام تلك المبادئ، وهي: الانتخابات الحرة، وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات، والأسواق الحرة، والسيطرة المدنية على الجيش، والتسامح الديني ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

وفي ما يتعلق بدور الجيش المصري، يقول فريدمان إن عليه أن يلعب الدور البناء الذي لعبه الجيش التركي ليحمي الانتقال الديمقراطي التدريجي.

 

ومن جانب آخر فقد أعلن حزب الحرية والعدالة عن تقديمه للنائب سعد الكتاتني ليكون رئيسا للبرلمان ، والنائبين من حزبي النور والوفد ، مما يشكك في مصداقية التحالف البرلماني بين النور والكتلة والوسط والوفد والاصلاح والتنمية وبعض القوى المدنية .

والصراع سيحتدم حول مبدئين أساسيين :

هل سينتصر دعاة الخروج الآمن بما يدعم الاستقرار ؟   

أم سينتصر دعاة الثورة بما يدعم العدالة ؟ .

أم هل يمكن تعديل وثيقة الخروج الآمن لتحقق التوازن بين مطالب الثورة والاستقرار .

بمعنى آخر :

هل يمكن أن يتم عدم الملاحقة للعسكري بالنسبة للقضايا الجنائية ، مع الحق في الملاحقة بالنسبة للجوانب الاقتصادية .

 

                                                                          احمد شعبان محمد 

                                                                             19 يناير 2012

 

 

اجمالي القراءات 5215