نساء تنازلن عن أدوارهن ورجعن إلى عصر الجاهلية
رجعية المرأة المصرية

نجلاء محمد في الأحد ١٥ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

هذا المقال لمحة عن ما وصل إليه حال بعض النساء في عصرنا الحاضر ، ولمحة سريعة عن ما كانت عليه نساء في مطلع القرن الماضي وهو تبصير للمرأة المصرية وتذكرة بحالها اليوم والبارحة ، علها ترجع لما كانت عليه من عزة وكرامة بنفسها .

وحتى لا يعتقد القاريء الكريم أني أتهم كل المصريات بالرجعية كما هو مفهوم من عنوان المقال ، فأنا أقصد المرأة المصرية التي رضيت تعليب نفسها داخل نقاب أسود ووضع نفسها في قمقم وعلى بابه سجان رضيت به وشجعته على ذلك .

أما الرائدات فهن لا يمكن أن يتم وصفهن بهذه الصفات ولا وضعهن مع هؤلاء النسوة الرجعيين .

فلا يمكن أن نصف السيدات اللاتي اشتركن في مظاهرات واعتصامات ثورة 25 يناير المجيدة بالرجعيات ، لأنهن قدمن مثل يٌحتذى لما يجب أن تكون عليه المرأة المصرية من قوة وصبر وعزيمة وإصرار على نيل حقوقها وحقوق مجتمعها ككل من الحرية والكرامة الإنسانية ،التي تم إهدارها على يد أنظمة فاسدة بعيدة كل البعد عن شريعة القرآن التي نجد معظمها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .

أما عن الرجال أصحاب الاتجاهات المتشددة  السلفية وغالبية الإخوان فإنهم ينظرون إلى المرأة نظرة دونية وأنها ليس لها الحق في تقرير مصيرها.

 نراهم يؤكدون أن صوت المرأة عورة ،مع أن النساء في عصر النبوة كن يخاطبن الرسول عليه السلام وجها لوجه بدون نقاب وبأصواتهن ،

وبناء على أن المرأة عورة قرروا بأنه يجب بقاؤها في بيتها ولا تخرج إلا للضرورة ،وإذا خرجت تلبسها الشيطان ،وكانت آثمة وحرموا عليها التطيب بالعطر وإذا فعلت وخرجت وشم منها رجل رائحة العطر فإنها تكون كالزانية !.

والذي يحدد هذه الضرورة التي تخرج فيها المرأة هم السلفية والإخوان !.

وهذا ما حدث وقت الانتخابات ، فقد خرجن كل النسوة المنتقبات وأصبح صوتهن الانتخابى ليس بعورة ليس هذا فحسب ،بل حرموا عليها عدم الادلاء بصوتها ، وتكون آثمة إذا بقيت في بيتها ولم تعطِ السلفية والإخوان صوتها!! فصوتها الانتخابي ليس بعورة ولكنه عورة في باقي أمور حياتها !!

فما أبعد الفرق بين الليلة والبارحة في حياة المرأة المصرية فالبارحة أقصد بها الأعوام من بداية القرن الماضي التي كانت المرأة المصرية تمتلك طموحاً وكأنها أرادت أن تبلغ الأفق البعيد .

 لقد استطاعت بما لديها من عزيمة وإرادة أن تحطم قيود الحريم وأوشكت أن تسترد كرامتها وإنسانيتها الضائعة والتي أفقدها لها رجل لا يعرف عن أمور دينه إلا الجلباب والمسواك واللحية وأن يضع حريمه داخل نقاب في حالة السماح لهن بالخروج !

وأما في الحاضر فقد فترت عزيمتها وانصاعت لأوامر سجانها بسرعة غير متوقعة بعد أن ضحك عليها من ضحك وخدعها من خدع . وكانت المأساة أن جازت عليها الحيلة .

فأقنعت نفسها أن دنياها ليست هى دنيا الناس من علم وعمل وفن وفكر وأدب ورأي وريادة .

صدّقت وآمنت أن الرجل والمرأة بينهما اختلاف وتباين ما بين النفس والجسد ، وما بين السماء والأرض !.

صدقت وآمنت أنها حلية يتملكها من يقتنيها وأن من حق هذا المٌقتنِي أن يفعل بها ما يشاء ، وأن تكون رهن إشارته وتحت طوعه ولا يجوز لها معارضته أو مخالفة أوامره حتى لا يغضب عليها خالقها إن هى خالفت وعارضت ومارست حقها الطبيعي الذي كفلها لها رب العزة جل وعلا .

نسيت أنها فرع من فرعين يتألف منهما الإنسان ، ومما زاد الأمر سوءً أنها لم تعد  تنتظر من يقتنيها ويفرض عليها ما يريد ويلفها داخل نقاب أسود بل بادرت هى بلف نفسها قبل أن يلفها مقتنيها.

ومما زاد الطين بلة أنها أخذت تشك في مشروعية حقوقها الإنسانية من حيث  المواطنة بأنها مواطنة مصرية لها حقوق وعليها واجبات تجاه هذا الوطن، كأنما يوسوس لها الشيطان بأنها إنما خلقت لا لتكون حرة مسئولة أمام ربها وضميرها بل لتكون تابعة لهذا وخاضعة لذاك ، تتحجب إن أراد لها سيدها أن تتحجب وتترك الحجاب إن أراد لها سيدها أن تتركه !

فأين هى إذن من سيدات القرن الماضي حين أخذت سيدات ورائدات القرن الماضي بحركاتهن النسوية أن تشق الصخر لتفسح للمرأة طريقها إلى ضوء النهار .

ولكن ما حدث للمرأة في هذا العصر لا يمكن أن نصفه إلا أنها موجة رجعية من الموجات الرجعية الوهابية السلفية التي أغرقت الحياة الفكرية اليوم بأفكار هدامة وفتاوى غريبة لا تتناسب مع العصر الذي نحياه ، بل تتناسب مع عصر الجاهلية الأولى الذي يعمل السلفية  جاهدين على إرجاعنا له .

فهل سوف تظل المرأة على هذه الرجعية أم أنها سوف تستيقظ وتستعيد كرامتها المسلوبة وحريتها الضائعة وإنسانيتها المهدرة لكي تكمل المشوار وتؤدي الواجبات التي  كلفها خالقها سبحانه وتعالى بها تجاه نفسها أولا وتجاه اسرتها وتجاه مجتمعها بأكمله؟!.

اجمالي القراءات 14615