موضة قطع الطرق فى مصر

حمدى البصير في الإثنين ٠٩ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

من الأساليب الإحتجاجية التى تمارس حاليا ، قطع الطرق وتعطيل حركة المواصلات ، ووقف حال المواطنين ، والذى سيؤدى فى النهاية إلى الشلل الإقتصادى للبلاد .

فبسبب الإعتراض على نتيجة المرحلة الثالثة للإنتخابات فى نجع حمادى ، تم قطع طريق السكك الحديدية على خط الصعيد ، وتوقفت حركة القطارات بين القاهرة وأسوان ، وايضا تم قطع الطريق البرى فى سيناء لنفس السبب ، ونحن فى بداية الموسم السياحى الشتوى .

وبسبب النقص فى أنابيب البوتجاز ، قطع محتجون فى أسيوط الطريق يوم الجمعة الماضى ، كما قام مجهولون اول أمس السبت بقطع طريق السكك الحديدية بين القاهرة والإسماعيلية عند محطة التل الكبير لأسباب غير معلومة .

وقد تعددت فى الفترة الأخيرة " موضة " قطع الطرق ، وتوقف شرايين الحياة الإقتصادية ، ففى قنا أيضا تم مؤخرا قطع الطريق البرى ، بل والسكك الحديدية بين القاهرة والصعيد لعدة أيام ، بسبب الإحتجاج على إعادة تعيين اللواء مجدى أيوب محافظا لقنا ، كما قام محتجون منذ ثلاثة شهور تقريبا بمحاصرة ميناء دمياط ، وقطع الطريق المؤدى إليه ، بسبب الإحتجاج على توسعات مصنع أجريوم ، وتكدست السفن فى الميناء ، بسبب تعطل حركة النقل ، وتوقفت سيارات الشحن المليئة بالبضائع - خاصة المواد الغذائية المستوردة - بالمئات حول الميناء ، تنتظر الإفراج ، كما توقفت وقتئذ حركة الصادرات المصرية عبر ميناء دمياط ، وكانت الخسائر اليومية بملايين الجنيهات .

كما تعطلت حركة المرور فى ميدان التحرير عشرات المرات بعد الثورة بسبب المظاهرات المليونية والإعتصامات الغير مبررة أحيانا ، ناهيك عن أغلاق بعض الشوارع فى العاصمة بسبب المواجهات مع رجال الأمن ، بل أن قطع الطرق فى محافظات مختلفة لم يكن لأسباب سياسية فقط ، بل للحصول على مطالب فئوية ، أو بسبب وقوع ضحايا نتيجة بعض حوادث السيارات ، فى القرى الواقعة على الطرق الزراعية .

والنتيجة المنطقية لقطع الطرق - مهما كانت الإسباب - هى تعطيل مصالح المواطنين وشل حركتهم ، ووقف عجلة الإنتاج ، وتكريس الإنفلات الامنى والمساس بهيبة الدولة ، وخسارة البورصة ، وتوقف حركة الإستثمارات الداخلية والخارجية وتطفيش السائحين ، وإصابة الحياة الإقتصادية ليس بالشلل فقط ، بل وبنزيف حاد فى الموارد المالية ، بسبب قطع " شريان " الحياة الإقتصادية ، أى الطرق ، بل إن الإستمرار فى جريمة قطع الطرق بحجة الإحتجاجات السياسية أو الإقتصادية أو حتى الإجتماعية ، سيؤدى حتما إلى ذبح الإقتصاد القومى على المدى البعيد .

الوضع الإقتصادى فى مصر لايحتمل إطلاقا قطع الطرق وتوقف الخدمات وتعطيل حركة الإنتاج والذى يؤدى إلى شلل إقتصادى ، سيدفع ثمنه المواطنين البسطاء .

فهناك نزيف مستمر للاحتياطى النقد الأجنبى لمصر ، وسيكون خلال الأشهر الثلاثة القادمة، بمعدل إجمالى يبلغ نحو 6 مليارات دولار، بسبب سداد مصر لقسط مستحق خلال شهر يناير الجارى، بقيمة 700 مليون دولار، لدول نادى باريس، فضلاً على استمرار تراجع إيرادات قطاع السياحة، والتى تعد أكبر مورد للعملة الصعبة للاقتصاد المحلى .

وقد فقدت الاحتياطيات الدولية للبلاد 50%، من رصيدها خلال العام الماضى، ما يعادل 18 مليار دولار، لتسجل حالياً 18.1 مليار دولار، من رصيد بلغ نحو 36 مليار دولار، فى نهاية ديسمبر 2010، وفقاً لأحدث إحصائيات البنك المركزى المصرى، والتى كشف عنها يوم الخميس الماضى...

وقد واصل احتياطى النقد الأجنبى لمصر نزيفه الحاد، للشهر الــ12 على التوالى، وفقد نحو 2 مليار دولار، خلال شهر ديسمبر الماضى، ليسجل حالياً 18.1 مليار دولار، من رصيد بلغ نحو 20.150 مليار دولار، فى نهاية الشهر السابق له ..

كما أن الموارد الدولارية لمصر تأثرت بشكل حاد بسبب تخارجات المستثمرين الأجانب من الاستثمار فى أذون وسندات الخزانة، بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار، خلال الشهور الماضية ، ونتيجة للاضطرابات السياسية، وضبابية المشهدين السياسى والاقتصادى، قبل الانتخابات البرلمانية .

أتمنى أن تتدخل الحكومة بقوة للقضاء على " موضة " قطع الطرق ، وإعتبارها جريمة إقتصادية كبرى ، وتفعيل القانون الذى يجرم تلك الأفعال التخريبية ، والتى لاتمت للإحتجاجات السلمية أو للضغوط السياسية بصلة من قريب أو بعيد ,

كما أن القضاء على الإنفلات الأمنى وعودة هيبة الدولة كاملة ، يتتطلب الوقوف بحزم ضد قطاع الطرق " الجدد " حتى ولو إرتدوا العباءة السياسية ورفعوا شعارات نضالية ، لأنه لامساومة على شل حركة المواصلات وتوقف حركة الإنتاج ووقف حال المواطنين ، وخنق وذبح إقتصاد البلاد .

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 10138