مقطع من يوميات مواطن أحمق!

محمد عبد المجيد في الخميس ٢٩ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

اليوم قضيت فترةَ الصباح الأولى أمام التلفزيون أشاهد مذيعاتنا الجميلات اللائي خرجن من رحم إعلام الريادة الذي صنعه، وحافظ عليه صفوت الشريف وأنس الفقي و.. أسامة هيكل.
شاهدت برامج كثيرة، وتعلمت منها ما أكرمتني به مذيعات مصريات شربن من ماء النيل فجعل حناجرَهُنَّ من ذهب، وحبالــَهن الصوتية من حرير!
قلت لأخي بأنني أقترح أن توجّه وزارة الإعلام دعوات إلى بعض الجاهلات في الفضائيات العربية مثل منتهى الرمحي وغادة عويس وليلى الشيخلي وخديجة بن قنة وليلى الشايب وفضيلة سويسي وغيرهن ليتعلمن على أيدي مذيعاتنا المصريات أصول وفن الحوار والإلقاء ومخارج الألفاظ وثراء لغة الضاد وعمقَ الثقافة!
شاهدت المعارك الضارية بين الشباب المتسكع الزاعم أنه قام بثورة أطاحت ببطل الضربة الجوية الأولى، وبين قواتنا المسلحة التي رفضت اطلاق رصاصة واحدة على الشباب المتهور، بينما أمسك ما تطلقون عليهم الثوار الحجارة المدببة والزجاجات الحارقة مهاجمين أبناء أبطل العبور.
قال لي صديقي الذي لا يقل ذكاؤه عن ذكائي بأن هناك سيارات فارهة كانت تجوب ميدان التحرير، وبها صناديق ضخمة مكدسة بملايين الدولارات، ومعها زجاجات فارغة لتحويلها إلى مولوتوف.
كانوا يوزعون الأموال بدون حساب على كل من يوافق على ضرب قواتنا المسلحة الباسلة، لكن كاميرات الداخلية والمخابرات والجيش لم تتمكن من تصويرالمُحـَرِّضين لأسباب فنية، فأجهزة الأمن في الخارج كانت تقوم بالتشويش على كاميراتنا.
جلست أفكر في مصر العظيمة، وكيف يحاول بعض الصــِبـْية تدميرَها، فهل يفهم شباب الثورة أكثر من جنرالات المجلس العسكري؟
هل يخاف أي ثوري متهور على مصر أكثر من خوف قائدِنا، ومشيرنا، وأميرنا .. أطال اللــهُ عمرَه؟
لقد كنا نعيش في أمان وسلام قبل قيام ثورة 25 يناير، وكان الرئيس مبارك يوفر لنا لقمة العيش والكرامة، وكان يستعد لنقل السلطة إلى صاحب الفكر الجديد الأستاذ جمال مبارك، فطموحات الابن كانت ستنقل مصر إلى مصاف الدول الكبرى!
لقد عرف الأغبياءُ بعد فوات الأوان سبب صمت الجماعات الإسلامية في عهد الرئيس مبارك، فهي من جهةٍ ملتزمة بما أجمع عليه السلف الصالح من وجوب طاعة ولي الأمر حتى لو سلخ جلودَنا صباح كل يوم، وهشــَّم رؤوســَنا قبل النوم علىَ بطون خاوية.
ومن جهة ثانية فإن التمرد والغضب ونزع الحقوق عنوة وسخافات الشــِرعة العالمية لحقوق الإنسان وهراء مطالب الشباب لا تجدي نفعاً، فالصمت سيؤدي في النهاية إلى آلام في كفّ من يصفعنا على أقفيتنا، وبذلك ينتصر القفا على الكف!
وقفت ساعات طويلة أمام لجنة الإنتخاب، وأعطيت صوتي لمن يستحقه، فهو رجل صالح كما فهمت من جاري الذي قال لي بأن لحية المرشح تغطي النصف الأسفل من وجهه، وهو رجل تقوم حياته على العبادة فقط، وما إن ينتهي من صلاة في المسجد حتى ينتظر التي تليها، ولا يذهب إلى بيته إلا قليلا، ولا يعرف أسماء أولاده السبعة، وقد أكرمه اللــه ولم يكن من بينهم أنثى واحدة، فالبنت تجلب العار في النهاية.
وهو لا يتابع التلفزيون، ولا يسمع موسيقى، ولا يسافر إلا للــعُمرة، ولا يقرأ إلا في كتاب اللــه، وعندما ينجح ويمثلني في مجلس الشعب سيكون رقيبا على السلطــة حتى لو لم يفهم حرفاً واحدا من جوانب أي مشروع تتم مناقشته، فالتقوى هي المعرفة، وخطبة الجمعة التي أنصت إليها مئات المرات تحمل له فهم الحياة السياسية والحقوق والواجبات.
غضبت من الذين قالوا بأن المجلس العسكري لم يستجب لأي طلب من شباب الثورة، فكيف باللــه عليكم يستجيب جنرالات الحرب والسلام لشوية عيال سقطوا بالأمس القريب من بطون أمهاتهم؟
إن الفساد في أي مكان في الدنيا، فلماذا التركيز على الحالة المصرية؟ هل الأوضاع في السويد وفنلندا والنرويج وسويسرا وحتى أمريكا أفضل من الوضع في مصر .. أُمِّ الدنيا؟
إن لديهم في عالم الرفاهية أكبر نسبة إنتحار، وهم يعاقرون الخمر، والمرأة ليست لها كرامة مثل المرأة العربية، فنساؤنا مــَلكات في البيت، وأميرات في الشارع رغم أن خروج المرأة لغير القبر حرامٌ باجماع العلماء.
لقد شاهدت بنفسي معارك الجيش والشرطة ضد المشاغبين، ولا أجد حرجاً في استخدام أجهزة الأمن والعسكر العنف والقمع والغازات السامة والأسلحة الكيماوية والرصاص الحيّ من فوق أسطح البنايات الحكومية، فأعداء الوطن يتعمدون تعطيل الانتاج للاضرار بمصالح الشعب.
لقد فهمت سبب عدم قدرتنا على استرداد الأموال التي وضعها الرئيس مبارك ورجاله أمانة في بنوك الغرب، لأننا بغبائنا اعتقلناهم فلا يستطيعون التصرف في الأموال، ولو تركناهم أحراراً فإنهم كانوا سينفقون الأموال في مشروعات مفيدة فينتعش الوضع الاقتصادي في مصر.
ثم إننا ظالمون حقاً، فكيف نعتقل قائداً وبطلا عسكرياً في الثمانين من عمره، ونترك شبابا أهملوا دراستهم وأهلهم وجاءوا ينصبون خياماً في منطقة حيوية في قلب القاهرة؟

يتحدثون عن انتهاك عــِرْض فتاة مصرية مستهترة كان ينبغي لها أن تمكث في البيت، وتنتظر أن يطرق بابــَها ابنُ الحلال، فإذا بها تتمركس، وتتعلمن، وتصيبها أمراض الليبرالية فتخرج مع الشباب كتفا بكتف في مواجهة جيش مصر العظيم لينشغل عن مراقبة الحدود، ومنع اسرائيل من التقدم شبراً واحداً.
إن جنودنا البواسل لم يمســّوها بسوء، إنما التصوير المغرض من زوايا مختلفة، ثم إعادة تركيب الصورة جعل الأمر يبدو كأنه انتهاك لعـِرضها، لكن الحقيقة أنها هي المعتدية، وما ظهر من ملابسها الداخلية كان تخيلا لهوس المحرومين.
الأغبياء يعاتبون الجماعات الاسلامية لأنها لا تدافع عن المنتهكات عرضهن، وهؤلاء لا يفهمون عبقرية فكر الإخوان المسلمين والسلفيين لأن المعركة الحقيقية هي في الدفاع عن المنقبات الفاضلات في فرنسا وبلجيكا اللائي تجبرهن السلطات الكافرة على كشف الوجه بحجة معرفة الهوية، أما السجون والمعتقلات والمفقودون واغتصاب الرجال والنساء ونهب أموال وطن فكلها تفاهات لا يلتفت إليها من هم منشغلون بالطاعة والعبادة والدعوة والاعتكاف.
أنتظر علىَ أحــَرّ من الجمر أول اجتماع لأعضاء مجلس الشعب الممثل الشرعي للشعب المصري.
صحيح أن ثلاثة من كل عشرة أعضاء يفـُكــّون الخط بصعوبة بالغة، وسبعة من كل عشرة يجهلون ما يدور خارج دائرة الترشح، أي أنهم لا يعرفون مشاكل مصر، ولا يفهمون في الاقتصاد والاجتماع والتعليم والكتاب والإدارة والاقتصاد والعلوم الانسانية ومقارنة الدساتير والتشريعات الدولية، لكنه خيار الشعب الذي ينبغي احترامه.
ثمانية من كل عشرة أعضاء يمثلون صاحب رأس المال في العملية الانتخابية، ويراعون مصالحه، ويطيعون حزبا صعدوا باسمه، وجماعة نجحوا بفضلها، لكنه خيار الشعب.
إنه البرلمان الشرعي حتى لو كان غير قادر على محاسبة الحكومة، ولا يجرؤ تسعة من كل عشرة أعضاء على النظر في عيني جنرال في المجلس العسكري.
إن لدينا مجلس الشعب القادر على وضع حلول لأكثر المعضلات صعوبة، فيمكن مثلا منع طبع (ألف ليلة وليلة)، وإصدار تشريع برفض أي طلب لا يبدأ صاحبه الرسالة بالبسملة، ومنع الكتب المخالفة لدين الدولة مثل رواية (الرجل الذي فقد ظله) لأن الظل ملازم للإنسان منذ بدء الخليقة.
يجب منع رواية (الحقيقة العارية) لأن العريَ ابتذال مــُحـَرَّم، ويجب مسح كل شرائط قصيدة مضناك جفاه ومرقده فهي كفر بواح حيث يقول الشاعر ( مابال العاذل يفتح لي باب السلوان وأُوصده

ويقول تكاد تجن به فاقول وأوشك أعبده ).
بما أن غالبية الأعضاء من الاسلاميين الذين يمثلون دين الحق فإن من يعارض مجلس الشعب هو في حــُكــْم الكافر الذي يكره الإسلام، وبالتالي ينبغي استتابة كل المعارضين حتى لو بلغوا ثلاثين مليونا، فإذا لم يتوبوا في خلال ثلاثة أيام تقطع السلطة أعناقــَهم بسيف حاد.
إن الذين يهاجمون المشير كأنهم يشككون في جيشنا البطل، وقد أرسلت مقالا لــ ( الأهرام ) ولم تنشره الصحيفة لصراحته، طالبت أن يبايع المصريون عن بكرة أبيهم قائدنا، ومُعلمــَنا، رئيسَ المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأن تكون البيعة تحت شجرة!
أفكر كثيرا في حُكم البراءة الذي سينطق به المستشار أحمد رفعت ليحصحص الحق، وفي هذه الحالة يجب أن يتلقى الرئيس مبارك تعويضا مناسبا من كل شاب رفع الحذاء في ميدان التحرير، وأن يعود سيادته إلى شرم الشيخ، شريطة تعيين الأستاذ جمال مبارك نائبا أول ويكون مقره قصر العروبة، والمشير نائبا ثان ويحتل مكتبــُه قصر عابدين.
سعدت كثيرا بعودة الدكتور كمال الجنزوري فهو رجل ناضج، وسيبلغ من العمر الثمانين بعد عامين، ومن المعروف أن كل مشروعاته فاشلة في عهد الرئيس مبارك لأنه كان مراهقا في الستين من عمره، أما الآن فهو قادره على إنقاذ مصر حتى لو استأذن المشير في كل شاردة و .. واردة!
إنني أحمل احتراما شديدا لأعضاء المجلس الاستشاري فهم من كبار رجال الدولة، ومنهم عمرو موسى، ويجلسون أمام المشير ورجاله كأنهم تلاميذ في الثالثة الابتدائية. إنها عبقرية الخنوع و الخضوع والمسالمة من أجل مصر، فأعضاء المجلس الاستشاري أرانب، وأعضاء مجلس الشعب فئران، وأعضاء مجلس الشورى القادم سيمثلون دور الضفادع، وأعضاء المجلس العسكري صقور، ومن هنا يحدث تناغم وانسجام بين الأسياد والعبيد، وتعبر مصر تلك المرحلة الحرجة بفضل زعيمنا .. المشير.
إن مصر تعيش أجمل عهودها فقد كان الأمن مستتباً خلال أيام الانتخابات، وقد تخلصت مصر بفضل قيادتها الواعية من مئات من المشاغبين الشباب ولم يتعرض أي من قاتليهم إلى مساءلات قانونية، وأثبت رجال الأمن والعسكر أنهم قنــّاصة عيون من الدرجة الأولى حتى إذا قامت الحرب بيننا وبين إسرائيل أفقدنا جيشَ الاحتلال الصهيوني عيون كل جنوده.
ذكاءُ مشيرنا آينشتايني، وعندما وقف أمام المستشار أحمد رفعت كانت شهادته قمة في العبقرية فهو لا يعرف أي شيء، ولم تقع عيناه على ما يسيء للرئيس مبارك، وظل إنسانا وفياً لمعلمه، ورئيسه الذي تتلمذ على يديه لأكثر من عشرين عاماً.
أسعد أيام حياتي عندما يتولى الحــُكمَ رئيسٌ سلفي قـَـحّ يمنع كل ما صنعته أيدي الغرب الكافر مثل الكهرباء وأجهزة تنقية المياه والكمبيوتر والموبايل والتلفزيون والتصوير والستالايت وأجهزة قياس ضغط الدم والسكري وضربات القلب، ومنع استيراد السيارات غير الاسلامية، وتحريم السفر بالطائرة لأنها تصعد إلى السماء وتتحدى الإرادة الالهية.
الآن يجب أن أعترف بأن التفكير في الجنس أنهكني، وأن فكرة الزواج غادرت جمجمتي بسبب الفقر، ولكن أملي كبير أن يتعاون العسكر والإخوان والسلفيون لوضع حلول عاجلة لمشاكلي قبل أن أبعث رسالة لأيمن الظواهري لعلي أجد العلاج لديه!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 28 ديسمبر 2011

 

اجمالي القراءات 9302