أولاد الشوارع يشوهون الثورة

حمدى البصير في الثلاثاء ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً


الأحداث المؤسفة التى يشهدها شارع القصر العينى حاليا ، وبالتحديد فى محيط مجلس الوزراء ، والتى إشتعلت شرارتها منذ يوم الجمعة الماضى ، غطت على نتائج الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية التى أعلنت أمس الأحد ، وأجهضت مبادرة " إشترى المصرى " ، والتى بدأت فعالياتها يوم الجمعة الماضى أيضا .
وكأن مصر تنتخب وتحترق فى نفس الوقت ، وأن هناك من أقلقهم بشدة إعادة الاعتبار للمنتج المصرى ، من خلال إقبال المصريون على شرائه ، فى مهرجانات للتخفيض على السلع المصرية قامت بها معظم المحلات الكبرى ، من أجل أن تعود عجلة الإنتاج للعمل بكامل طاقتها .
وأيضا هناك من أفزعهم أن تبدأ حملة كبرى لإستتباب الأمن ، ونزول رجال الشرطة إلى الشوارع بجدية وحماس ، من أجل القضاء على الإنفلات الأمنى ، وتحقبق الإستقرار ،وعودة المصانع إلى العمل بكامل طاقتها أيضا .
لايعقل أن تنفجر الأحداث الدموية المؤسفة أمام مجلس الوزراء، والتى سقط فيها حتى يوم الأحد الماضى ثلاثة عشرةقتيل وثمانيمئة مصاب ، وحرق مؤسسات حيوية ، بسبب لعب الكرة أمام مقرالحكومة .
ومن العبث أن يحول معتصمون - بعضهم مجهول الهوية - الشارع الذى يوجد به مقر السلطة التنفيذية - مجلس الوزراء - ، ومبنى السلطة التشريعية - البرلمان - ملعبا لكرة القدم ، وعندما تسقط الكرة داخل مقر الحكومة يأمر احد الصبية ويدعى " العبودى " أحد الضابط المكلفين بحراسة المبنى بقذف الكرة له مرة أخرى كى يستأنف اللعب مع فريق مجهول ، وعندما يرفض الضابط يسبه العبودى بأمه ، ويقتحم سور المبنى ، وبالتالى من الطبيعى أن يقبض عليه ، ولكن كان من المفترض أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد العبودى، لا أن يقوم أفراد الحراسة بضربه بوحشية والإفرج عنه ، كى يتحول إلى مناضل من مصابى الثورة، وتشتعل شرارة الأحداث ، وينتج عن ذلك 10 من القتلى من بينهم الشيخ عماد عفت - رحمه الله - الذى قتله احد المندسين فى الإعتصام - وفق رواية أرملته - وقيام " مندسون " أيضا بتحطيم سور مجلس الوزراء ، وأشعال النار فى مبنى هيئة الطرق والكبارى بشارع القصر العينى ، وحرق المجمع العلمى ، الملاصق لمجلس الشورى ، والذى بناه الفرنسيون منذ 213 عاما ، ونتج عن الحريق القضاء على ذاكرة مصر العلمية وحرق وإتلاف حوالى مائتى مخطوطة علمية وتاريخية نادرة ، منها النسخ الأصلية لكتاب " وصف مصر"
بل وحاول هؤلاء المندسين الجهلاء حرق الجمعية الجغرافية الملاصقة للمجمع ، لولا تدخل بعض الثوار ، واللجان الشعبية ، ويقظة رجال الشرطة والجيش ، ولولا هذا التدخل الذى صاحبه عنف متبادل ، لقام هؤلاء " المندسون " المأجورين بحرق مجلس الوزراء كى لايدخله الجنزورى وحكومته ، وإشعال النيران فى مجلسى الشعب والشورى ، كى لايكون هناك برلمانا أو حكومة ، وتغرق مصر فى افوضى ، وتسقط الدولة المصرية .، بسبب هؤلاء الرعاع واولاد الشوارع الذين يشوهون الثورة العظيمة
ولأننى لأأعتقد كثيرا فى نظرية المؤامرة ، فقد رصدت طوال أول أمس السبت خلال تواجدى كصحفى فى موقع الأحداث بشارع القصر العينى وسؤال شهود عيان ، بعض مجريات الاحداث ، ووجدت أن هناك الكثير من الصبية المشردين والمتسولين وبائعات المناديل ، وصغار البلطجية ، هم الذين يواجهون رجال الجيش والشرطة ويقذفونهم بالحجارة ، وقد تأكدت من ذلك بعد أن شاهدت أمس الأحد مقاطع فيديو بثها المجلس العسكرى مع بيانه التسعين ، وقيديو أخر بثه التلفزيون المصرى فى نشراته الإخبارية ، ويظهر فى تلك " الفيديوهات " صبية يقومون بحرق المجمع العلمى وأخرين يهدمون سور مجلس الوزراء ، وأطفال مشردين يلقون الحجارة على رجال الأمن .
ومن خلال إعترافات هؤلاء " التلفزيونية " وضح أن بعض هؤلاء كانوا مخدرين ، ويتلعثمون فى الكلام هناك من دفع لهم من أجل مهاجمة قوات الشرطة والجيش وحرق المنشأت الحكومية الهامة ، وقد اكد رئيس إحدى دور رعاية الأحداث أن هناك شخص مجهول قام بإستئجار بعض هؤلاءالأحداث من أجل القيام بأعمال تخريبية فى محيط مجلس الوزراء .
والحقيقة أن أفعال اولاد الشوارع إستنكرها الثوار الأنقياء ، والذين فشلوا فى منعهم ، وكانوا يقومون بإطفاء الحرائق بأنفسهم .
أنا لا ألوم الثوارالحقيقين على إعتصامهم ، فتلك الإعتصامات والمظاهرات هى التى صنعت ثورة 25 يناير ، وقادتنا الى التحول الديمقراطى الذى نعيشه الأن ، ولكن اختلف معهم فقط فى توقيت الإعتصام ومنع حكومة الجنزورى من مزاولة عملها داخل مقرها الطبيعى ، وأن يتحول محيط تلك المقر إلى ملعب لكرة القدم ، واللعب بهيبة الدولة ، كما أن إعتصامهم أوجد مناخا خصبا ، لأعداء الوطن والفلول وراسبى الإنتخابات وأصحاب الأجندات وعواجيز الفرح ، كى يبعثوا بأمن وهيبة الدولة المصرية من خلال إستئجار الغوغاء ، ,واعطوا الفرصة لأولاد الشوارع والمرتزقة أن يخربوا فى هذا البلد الأمن ، لحساب الذين يرفضون عودة الإستقرار وإستئناف عجلة الإنتاج دورانها .
وأخشى أن يستخدم أولاد الشوارع الفقراء الذين لا مأوى لهم والناقمين على المجتمع والكارهين للدولة ، مستقبلا ، كوقودا لثورة شعبية !
حمدى البصير
elbasser2@yahoo.com
اجمالي القراءات 10166