الأمن علم وفن

خالد منتصر في الثلاثاء ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

التعامل الأمنى مع المظاهرات وفض الاعتصامات وحتى التصدى للشغب هل هو فن وعلم أم بطش وثأر وانتقام؟!، المظاهرة حق مشروع والاعتصام حق مشروع والتوجس الأمنى من اندساس البعض مشروع أيضاً، التصرفات الفردية لمتظاهر من الممكن أن تمر ولكن التصرفات الفردية لفرد جيش أو أمن لا يمكن أن تمر مرور الكرام، لأن الأخير ينتمى إلى مؤسسة من المفروض أنها قد زرعت فيه أن تصرفاته الفردية ستنسب إلى المؤسسة نفسها، وأن عليه ألا يتحرك إلا بأمر عسكرى وإلا عوقب لأنه «بيتصرف على مزاجه»، ولذلك فلا يمكن التسامح مع سحل متظاهر أو تعرية متظاهرة تحت مبرر التصرفات الفردية أو توتر رد الفعل.

الأمن تنبؤ وقرون استشعار ورادار راصد قبل أن يكون مواجهة أمر واقع، لم يعد مسموحاً الآن أن يعتمد الأمن على ذراعه الباطشة بل لابد أن يعتمد على عقله القارئ للأحداث، الجيش غير مؤهل نفسياً وعلمياً لزرع بذور أمن داخلى وحماية مظاهرة أو فض شغب، ولا يمكن أن تكون العضلات العسكرية الفتاكة هى أسلوب التعامل وفصل الخطاب فى التعامل مع متظاهر أو معتصم أو حتى مشاغب.

لابد أن نقتنع بأن التعامل الأمنى مع أى تجمعات فن وعلم وليس خناقة شوارع. فى أحداث لندن وأحداث أمريكا الأخيرة كانت هناك مظاهرات حاشدة وأحداث شغب وتدمير وتكسير..الخ، لكن كانت هناك أيضاً خطط مسبقة لدى الأجهزة الأمنية، كانت هناك تدريبات على أعلى مستوى للتعامل مع مثل هذه الاضطرابات الأمنية، التعامل كان حازماً وقوياً وحاسماً ولكن بدون ضحية واحدة اخترق الرصاص جمجمتها أو مزق ضلوعها وقلبها.

لابد للداخلية أن تتسلم الشارع ولكن فى ثوب جديد ومنهج جديد وفهم جديد، فهى الجهة الوحيدة المؤهلة أو المفروض أنها مؤهلة للتعامل الأمنى مع الشارع وليس لحماية الحدود مع العدو، هى جهة مسؤوليتها الأمن وليس الحرب، لكن الشرط أن تكون مؤهلة جيداً، من الممكن فى زمن وزراء الداخلية السابقين أن تكون قد وجدت خطط تأهيل وتدريب لضباط المباحث والمطافئ وأمن الموانى وشرطة السياحة....الخ،

وبالفعل نجد ضباط مباحث كثيرين على قدر كبير من المهارة والحرفية، ولكن المشكلة أنه لا توجد خطط لتدريب وتأهيل الأمن المركزى الملقى على كاهله التعامل مع تجمعات الشارع. اعتمد حبيب العادلى على الكم الرهيب للجنود وراهن على خوف الشارع وبطش السلطة، فصار التعامل مع المظاهرات فتونة واستعراض عضلات وعصياً تضرب وتكهرب، وأقداماً تدهس وتركل، وعلى رأى الممثل محمد سعد رفعوا شعار «نجمع من كل رجل قبيلة»!!! وغاب الفن والعلم وغابت الحصافة والرؤية فى تعامل الأمن مع الجمهور.

لابد لهذا العصر الجديد من تعامل شرطى جديد لايعتمد على أحمد سبع الليل أو على «ياللا نفك خناقة» أو «ياللا ناخد بتارنا»، لابد من بعثات خارجية لمعرفة علم وفن الامن، ومناهج شرطية جديدة وبناء نفسى جديد لطالب كلية الشرطة، نحتاج إلى تحديد خطوط فاصلة والتدقيق فى مصطلحات فارقة للتفرقة مابين الثائر المتظاهر والمعتصم سلمياً، ومابين البلطجى الحارق المدمر المجرم الذى يخرج كبته وحقده ويقبض راتبه من الفتوة الشبح، ومابين من يموت من أجل بلده أمام تتار وجحافل الجلادين.

لكى نتقدم لابد من العودة إلى الثكنات والماكينات!

اجمالي القراءات 8346