الجنزورى ... منقذ" ثورى" يحاول تصحيح أخطاء " الماضى

حمدى البصير في السبت ٢٦ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

قبول الدكتور كمال الجنزورى رئاسة حكومة الإنقاذ الوطنى ، فى هذا التوقيت ، يعد موقفا وطنيا رائعا يحسب له ، ويصل إلى مرحلة البطولة ، رغم الجدل الشديد الذى دار حول تكليفه ، وإعتراض ثوار " التحرير " عليه ، لأنه لم يشارك فى الثورة ، فى الوقت الذى إعتبره متظاهرو " العباسية " أنه الرجل المناسب فى الوقت المناسب .

وأنا من مؤيدى تولى الدكتور كمال الجنزورى رئاسة حكومة الإنقاذ الوطنى رغم غيابه عن الساحة السياسية منذ خروجه الغامض من رئاسة الوزراء وإقالته بشكل مهين منذ 11 عاما وصمته طوال هذه الفترة ، ولم يقل جملة واحدة طوال العهد السابق، ولكنه كسر تلك العزله بعد رحيل مبارك ، وتكلم كلاما " عاديا " من قبيل إنه كان يتابع الأحداث السياسية والإقتصادية طوال الفترة الماضية ، وإن زيادة شعبيته بإعتباره " وزير الفقراء " وراعى المشروعات الكبرى ، كان وراء إقصائه عن المشهد السياسى وتواريه فى الظل ، ولم يتطرق مطلقا إلى أسباب إقالته فجأة  من رئاسة الحكومة وقتئذ.

لقد كان السبب المنطقى وراء إقصاء مبارك المخلوع للجنزورى ، أنه كان له ميول إشتراكية لإن " الحالة الإقتصادية "  التى كانت وقتها تسير نحو الإسراع فى برنامج الخصخصة ، والتوجه " الصاروخى " نحوالليبرالية، فى الوقت الذىرفض فيه الجنزوري ضغوط صندوق النقد الدولي على مصر لتحرير سعر صرف الجنية، والتوسع في خطط الخصخصة والتخلي عن القطاع العام ، بحجة حماية أموال الشعب ورعاية الفقراء ، مما أدى إلى تنحيته بشكل غير لائق عن منصبه، وبشكل غير متوقع عام  1999، بل حتي لم يحصل على أي منصب استشاري بعد خروجه من الوزارة، على غير العادة في عهد مبارك. كما ضرب حوله طوق من العزلة الإعلامية والسياسية.

 ثم تولى عاطف عبيد رئاسة الوزراء، وتراجع عن كل سياسات الجنزوري، ما أدى إلى مشاكل اقتصادية عديدة وتضخم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، إضافة إلى غياب العدالة الاجتماعية وانخفاض الأجور، التي كانت أحد الأسباب الرئيسية لثورة 25يناير.

ولكن أرى أن إقصاء الجنزورى عن رئاسة الوزراء فى عهد الرئيس المخلوع مبارك له أسبابه الوجيهة ، وهناك فرصة أمام رئيس الوزراء الجديد " القديم " أن يصحح أخطاءه ، ويثبت انه " المنقذ " الذى جاء كى يسير بالبلاد إلى بر الأمان.

بل أن الصلاحيات الواسعة التى إشترط أن يحصل عليها ، والتى تصل إلى أنه سيكون رئيس جمهورية بالفعل وبشكل غير رسمى ، سوف تعطيه فرصة كى " يكفر عن ذنوبه الإقتصاديه " ويصحح أخطاءه السياسية ، وتمحو عنه صفة أنه كان جزءا من النظام السابق ، بل أحد أعمدته منذ أن كان محافظا ووزيرا ورئيسا للحكومةفى يناير  1996

فقد قضى الدكتور كمال الجنزورى فى الوزراة ثلاثة سنوات وتسعة أشهر ومن قبلها كان وزيرا للتخطيط ، وفى عهده وبرعايته أقيم مشروع فوسفات أبو طرطور ، وأيضا مشروع فحم المغارة ، وهذان المشروعان فشلا وكلفا الدولة 6مليارات جنيه .

وأيضا كان الجنزورى وراء إقناع الرئيس المخلوع بعمل مشروع توشكى فى جنوب الوادى ، وهو المشروع الذى يحتضر الأن ولم نستفد منه كمصريين ، ثلث ماإستفاد منه الأمير وليد بن طلال صاحب شركة المملكة الزراعية ، وخسرت الدولة فى ذلك المشروع سبعة مليارات جنيه.

ولاننسى أنه كان وراء مشروع شرق التفريعة ، وقدم تسهيلات عديدة لمستثمرين من المقربين له ، وأعطى لهم أراضى شبه مجانية ، ولم يعط ذلك المشروع قيمة مضافة للإقتصاد القومى توازى ماانفق عليه .

وأيضا كان من المتحمسين لإنشاء مشروع شمال غرب خليج السويس ، وباع مساحات شاسعة من أراضى المشروع الى خمسة رجال أعمال كبار بسعر المتر 5 جنيهات كى يقيموا مشروعات عليها ، فى الوقت الذى كانت تكلفة المتر 100 جنيه ، بعد أن ا نفقت الدولة مئات الملايين على المرافق الأساسية لتلك الاراضى، بل أعطى لساويرس وعز وخميس ومروان وأبو العنين الحق فى بيع الأراضى الذى خصصت لهم بحجة تشجيع الاستثمارات بعد تنميتها .

وأعطى أيضا " الجنزورى " ألفا فدان لرجل الأعمال أحمد بهجت – أكثر من 8 ملايين متر – فى مدينة 6 اكتوبر كى يبنى عليها مشروعاته ، ولم يسدد إلا 10% فقط من ثمنها وقتئذ ، ولا أعرف ما مصير مديونية بهجت الخاصة بأرض دريم لاند الأن؟

بل أن رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى الذى أعيد تكليفه برئاسة الوزارة بعد ثورة يناير ، كان وراء صعود جمال مبارك  وأحمد عز وطلعت حماد ، أى " ثالوث الفساد " ، والذين بدأوا وتربوافى عهده ، وكانت أفعالهم بعد ذلك من أسباب قيام الثورة ايضا.

فهل ينتهز الجنزورى الفرصة ، ويصحح بعض أخطائه السابقة ؟أو على الأقل يبرر مافعله فى عهده خاصة فيما يتعلق بإقامة المشروعات الكبرى ، والتى لم تحدث إنتعاشه إقتصادية فى مصر ،ولاسيما أنه الأن يمكنه أن يتكلم وبصوت عال بعد أعوام من السكوت " المريب " .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 9305