تجربتي الشخصية على موقع أهل القرآن

رضا عبد الرحمن على في السبت ١٢ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

تجربتي الشخصية على موقع أهل القرآن

 

بداية لابد من الاعتراف بحقيقة قد يستغربها البعض ، وهي أنني أعتبر نفسي أحد الملايين من ضحايا فساد التعليم في مصر في عهد مبارك المخلوع ، و الاعتراف بهذه الحقيقة ليس جلدا للذات بقدر ما هو مصارحة مع النفس أعتز بها ولا أخجل منها ، ولكن من حسن حظي أنني كنت دائم الصلة بالدكتور / أحمد صبحي منصور ـ خصوصا في فترة الدراسة الجامعية ، حيث كنت أحضر معه في رواق ابن خلدون للمشاركة في ندوات الرواق كمستمع ، ثم مشارك بتعقيب في بعض الندوات ، وهذا الاتصال بالدكتور منصور مَـنـَحَـني فرصة أخرى ، وهي أن أعيد تعليم وتثقيف نفسي من جديد ، لأن الرجل كان يطلب مني كتابة كل ما يحدث في الندوات بخط اليد ، وكذلك كان يطلب مني قراءة بعض الكتب لمراجعتها لغويا ونحويا وإملائيا ، لأن بعض أصدقائه كانوا يرسلون له مؤلفاتهم لمراجعتها قبل الطباعة ، فكان يطلب مني ــ أنا وأولاده وهم اخوتي ــ  قراءة بعض الكتب ومراجعتها ، وكنت أعاني كثيرا من هذا بسبب ما قلته أعلاه ، ولكن كل يوم كنت أتعلم الجديد بحضوري صلاة الجمعة كل أسبوع في بيت الدكتور منصور ، وأيضا بالتعامل مع طبقة من المثقفين والمهمومين بمستقبل مصر وشعبها ، وكانت هذه البداية الحقيقية لي كتلميذ يتعلم لأول مرة ما لم يتعلمه في مؤسسات التعليم المصري التي تحتاج لإعادة هيكلة وبناء من جديد ، وسأحاول لاحقا المساهمة بمقالات تحمل رؤية لتحديث التعليم في مصر بعونه جل وعلا.

بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية في عام 2001م ، سافر الدكتور منصور ، وتركت القاهرة عائدا لبلدي ومسقط رأسي قرية أبوحريز ، وكنا ننتظر بشغف كل حين الحصول على مؤلفات الدكتور منصور الجديدة ، من أبنائه قبل سفرهم ، أو من الدكتور عثمان قبل سفره أيضا ، وفي هذه الفترة قرأت كتاب (القرآن وكفى) وبحث (الإسناد في الحديث) و (أبوبكر الصديق) و(المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب) وغيرها من الأبحاث التي كنا ننتظر وصولها وتصويرها لقراءتها ومتابعة كل جديد يخطه قلم الدكتور منصور ، واستمر الوضع هكذا إلى أن أراد الله جل وعلا وتمكنت من اقتناء جهاز حاسوب والاشتراك في خدمة الانترنت في شهر يونيو من عام 2006م ، وبدأت حياتي في التغير ، كنت متسرعا ومتعطشا للقراءة والثقافة والبحث والتعلم ، وبنفس الحماسة والتسرع والرعونة كنت أظن في نفسي أنني كاتب يستطيع كتابة مقال بسهولة ، وكنت أغضب كثيرا عندما يوجه لي أحدا أي نقد ، أو يطلب مني مزيدا من القراءة والبحث قبل الكتابة ، حدث هذا في أول عام تعاملت فيه مع الانترنت والحاسوب ، ووقتها كانت مقالاتي سيئة وضعيفة جدا في أسلوبها وصياغتها وضعيفة في لغتها العربية الفصحى حيث كنت أكتب بعض الكلمات بالعامية بالخطأ ، ولا أخجل من هذا ، لكن بفضل التوجيه المستمر للدكتور منصور ، وبفضل التعلم منه ومتابعة كل كلمة يكتبها اكتشفت فعلا أنني كنت ضحية من جديد ، ولكن هذه المرة كنت ضحية من ضحايا الانترنت هذا العالم المفتوح.

وبمرور الوقت وبالقراءة المستمرة للدكتور منصور ولغيره من عشرات أو مئات الكتاب منذ عام 2006م وحتى الآن لدرجة أنني أقرأ تقريبا كل كلمة تكتب على موقع أهل القرآن مقالات وتعليقات وكتب وأبحاث وأبواب خاصة وأخبار ، وأعلق على كثير منها ، ورغم كل هذا كلما تقدمت خطوة وتقدم أسلوبي في الكتابة أشعر بالجهل ، وبحاجة ماسة للتعلم ، ورغم كل هذا أفتخر بنفسي في شيء واحد فقط وهو على الرغم أنني كنت ضحية من ضحايا فساد التعليم المصري إلا  أنني حاولت ولم أستسلم لجهلي ، ودائما أنصح نفسي بالقراءة والتعلم من العلماء والمفكرين ، وفي الحقيقة كانت مناهج التعليم الجامعي ضعيفة وسطحية وتتعامل مع تخصصي (كمدرس تربية رياضية) بكل سطحية ، وهذا ما صدمني ، لأنني كنت في الثانوي قسم علمي علوم ، وكانت لدي استعدادات لدراسة موسعة عن التشريح والطب الرياضي والتغذية وإصابات الملاعب وكل ما يخص التربية الرياضية بصورة  أكثر عمقا وشمولا وتخصصا ، ولا أنكر استفادتي الكاملة في مجال التربية وطرق التدريس وإعداد المعلم ، وذلك بالمداومة على الذهاب إلى المكتبة كل أسبوع مرتين على الأقل لأن معظم مواد الدراسة في كلية التربية هي مواد تربوية ومواد تخص الصحة النفسية والعلوم السلوكية.

 

أعود للموقع من جديد

عشت لحظات قاسية جدا في هذا الموقع كتلميذ يتعلم من أستاذه ، ويلقى أشد أنواع النقد جراء الكتابة في موضوع دون علم ودون دراية وإلمام بكل جوانبه ، وهذا ما وقعت فيه في يوم من الأيام حين كتبت مقالا بعنوان( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ) على هذا الرابط  

http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=3641

 

أخطأت مرة أخرى في مقال آخر وصحح لي الدكتور عثمان حين وصفت معظم خريجي الأزهر بالجهل والسطحية في حالة من التعميم الغير مقصود الذي يظهر جهلي ككاتب مبتديء ، ولكن تسرعي وحماسي الزائد أوقعني في الخطأ ، فكثيرا ما كنت أستعمل مفردات ومصطلحات لا تناسب الموقف ولا تناسب المعنى أو الحدث ، وكان هذا في مقال عن الغش في الامتحانات بعنوان (الحج " سعدون " وامتحانات الثانوية ) على هذا الرابط   

http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=3565

 

وفي مقال ثالث (الحلال والحرام بمفهوم القرآن) وقعت في خطأ واضح جدا وهو فهمي لمعنى (إلا ما قد سلف) وتفضل الأساتذة / فوزي فراج ، وأسامه حلاق بتصحيح هذا الخطأ ولفت نظري إليه المقال على هذا الرابط

http://ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=3543

 

هذه الأخطاء كنت أقع فيها بسبب التسرع والحماس الزائد وعدم الفهم الكامل للموضوع ولقواعد ومنهجية البحث القرآني ، بالإضافة إلى اقتناعي بفكرة معينة سيطرت على عقلي ووجداني وأريد التعبير عنها ، وبين التسرع والحماس والجهل بالمنهج واقتناعي بالفكرة يحدث الخطأ ، وبفضل الله جل وعلا كان يقف بجانبي الدكتور منصور يصحح لي ويرشدني ويدلني على الصواب ، وعلى طرق البحث خصوصا البحث في الأمور المتعلقة بالدين والتشريعات في الإسلام.

وكانت الاستفادة العظيمة حين بدأت المساهمة في إعادة نسخ ما خطة قلم الدكتور منصور خلال رحلة كفاحه الطويلة ، وكنت أنسخ على جهاز الحاسوب المقالات والأبحاث والكتب التي نشرت من قبل في الصحف والمجلات لكي يعيد نشرها على موقع أهل القرآن وعلى مواقع أخرى ، وهذا العمل الذي شرفت بالمشاركة فيه كان له تأثير إيجابي حقيقي على التنمية الفكرية والثقافية والبحثية لديّ كباحث لا زلت في بداية الطريق.

وكانت تصير الأمور بيني وبين الدكتور منصور علاقة أستاذ بتلميذ ، ولا تأثير يذكر لصلة القرابة التي بيننا على هذه العلاقة ، الدكتور منصور كان يثني على بعض مقالاتي ، والبعض الآخر كان يوجه لي نقدا حادا ، وكنت أستفيد في الحالتين ، ومن أعظم الصفات التي اكتسبتها منه هي تقبل النقد مهما كان ، لدرجة أن بعض القراء كانوا ولازالوا يتهموننا بالكفر ، وفي البداية كنت أغضب وأنزعج كثيرا ، ولكن من خلال العمل بجانب الدكتور منصور اكتسبت حصانة كبيرة وخبرة أكبر في كيفية العفو والصفح والتسامح ، وتحويل النقد لاستفادة حقيقية تعود عليّ كباحث ، لدرجة أنني دائما أبحث في التعليقات على كلمات النصح والإرشاد والتوجيه والنقد البناء لكي أستفيد منها ، ولأنني لازلت في مرحلة التعلم فلابد أن أفكر بهذه الطريقة ، كما تعلمت منه عدم التشبث بالرأي إذا ثبت لي أنني على خطأ.

 

ويمكن تلخيص أهم ملامح تجربتي في الآتي:

 

1 ـ تكرر كثيرا في ردود الدكتور منصور عليّ بالنقد الخشن على مقالاتي لما فيها من أخطاء ، بل طلب مني صراحة حذف مقال كان بعنوان (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) وقال لي لقد أخفقت في هذا المقال ، وعندها عرفت وفهمت أنني كنت على خطأ وكنت أنظر للموضوع بسطحية من زاوية واحدة وقمت بانتقاء بعض الآيات التي بنيت عليها وجهة نظري ،  ثم بدأت أتعلم منهج البحث في التشريع الإسلامي بعد هذا المقال وفي كل مرة كنت أقع في خطأ كان هذا يتطلب من أستاذي الرد بمقال توضيحي يبين لي حقيقة خطأي أو يقوم بتوجيهي لقراءة مقال قديم نسيته أو لم أقرأه ، كنت أتقبل النقد الخشن ، وأطيع التوجيهات بصدر رحب ،  كما أرسل اليّ رسائل خاصة عن منهج وفنّ كتابة المقال لأتعلم منه.

 

2 ـ وأيضا من المهم أن أذكر تجربتي مع آخرين فى قاعة البحث القرآني والتى كانت تعبر عن أملنا فى تحويل الموقع الى مدرسة علمية حقيقية وجامعة يتخرج فيها باحثون  ، وكم أتمنى اعادة باب (قاعة البحث القرآني) ، لأنه كما أعلم اضطر الى الغائه بسبب ضغط من أمن الدولة فى عهد مبارك. 

3 ـ وأهم نصيحة نفذتها وطبقتها على نفسي هى القراءة  ، ولقد قمت بقراءة كل ما هو منشور على الموقع وخصوصا مقالات وأبحاث الدكتور منصور ، فقرأته بعناية لكى أتعلم منه ليس فقط المعارف القرآنية والتاريخية والتراثية ، ولكن أيضا فنية ومنهج البحث وفنية ومنهج الصياغة والكتابة للبحث والمقال ، واهم ما انتفعت به هى المقالات التى تشير الى منهجية البحث مثل المقالات عن المحكم والمتشابه فى الشفاعة و ( رؤية الله ) و ( ماينطق عن الهوى ) و الاسناد ....الخ ..ورغم كل هذا أعترف بانني لا أزال أخطئ فى النحو وأرجو ان أتغلب على هذه المشكلة بالدراسة والتعلم ومزيد من النصائح والنقد البناء.

4 ـ بالاضافة الى أنه كلفني بنسخ كتابات لكتب ومقالات لم يسبق نشرها فقمت بكتابتها وكنت أول من يقرؤها واول من يستفيد بها ، ولذلك حين يطرح بعض القراء أسئلة فأكون أول من يرشدهم لقراءة بحث او مقال أو كتاب يجيب على أسئلتهم ، والبعض يشكرني ، والبعض يغضب مني ، ومؤخرا غضب مني الأستاذ جمال أبو ريا ، ولكن سرعان ما تفهم وجهة نظري.

5 ـ ثم كانت سعادتي فائقة عندما بدأ استاذي يمدح في ويشيد بكتاباتي ، وكانت السعادة أكبر عندما كلفني بأن أكون مساعدا له فى البحث ، ورغم سعادتي إلا أنني أرى أنها مسئولية كبيرة جدا عليّ أن أكون مساعدا للدكتور منصور أو تلميذا له ، وهذه كلمة حق أقولها عندما يعلن الدكتور أنني أحد تلامذته وأساعده فهذه مسئولية كبيرة جدا أتمنى أن أستحقها.

6 ـ وهنا يجب أن أتحدث عن تجربتي فى العمل مساعدا للدكتور منصور وأذكر للقراء أمثلة من المفردات القرآنية التى كلفني بتجميع كل آياتها ، وأذكر استفادتي الشخصية من هذا التجميع و دهشتي العلمية من اتساع وعمق البحث القرآني وتعدد مفهوم اللفظ الواحد حسب السياق الخاص والسياق العام على نحو ما كان يكتبه استاذي ، مثل مفردة (كتب ـ كتاب) ، وجربته أنا بنفسي حين بدأت أكتب بنفس المنهج مع الفارق طبعا بين التلميذ والأستاذ ، لأنني حسب إمكاناتي قد أنسى بعض الآيات القرآنية دون الإشارة إليها في موضوع البحث ، ولكن حين أقرأ لأستاذي بحثا أراه يكتب بحثا تأصيليا متكاملا يعلق فيه على جميع الآيات القرآنية التي ذكر فيها مفردات لفظ معين ، بالإضافة لذكر آيات قرآنية تتحدث في نفس الموضوع ولكن لم يذكر فيها أي من مشتقات هذا اللفظ ، وانني أنوى ان أكتب مقالات على نفس البحوث  ونفس المنهج البحثي فى القاموس القرآنى والتأصيل القرآني لأتعلم بالتجربة فنّ البحث ثم أقارن بين بحثي وبحث استاذي ، ولقد طرحت هذه الفكرة على استاذي فرحّب بها لأنه يريد تنوع وجهات النظر حتى بين الاستاذ وتلميذه. 

7 ـ ويجب هنا أن أوضح حقيقة هامة جدا وهي أنني أقوم بتجميع كل الآيات القرآنية التي يذكر فيها مفردة معينة من القاموس القرآني وإرسالها لأستاذي ، و لكن عند قراءة البحث  يفاجئني أستاذي بآيات قرآنية تتحدث فى نفس الموضوع ولها صلة معنوية و يقوم ببحثها معا و لا يقوم بالانتقاء بأي حال من الأحوال.

 8 ـ ولكنني نسيت أن أذكر الوجه الآخر من منهج البحث وهو أننى أبدأ البحث بدون فكرة مسبقة ، بمعنى أقوم بتجميع الآيات حسب الكلمة المراد بحثها ولا ادري مسبقا ماذا سيحدث ، ولا أتوقع أي نتيجة ، وهذا واضح جدا لأن استاذي يبدأ البحث فى مقال فيتحول الى سلسلة مقالات ، بعضها يكتمل وبعضها لا يكتمل ، وهذه احدى المظاهر الاساسية فى كتابات استاذي وتؤكد أنه يبدأ بلا فكرة مسبقة ثم يأخذه البحث فى القرآن الى مناطق لم يكن يعرفها وبعد أن يوضح الفكرة الأساسية بكتابة معظم مقالات السلسلة يتركها لباحثين شباب أو لوقت آخر أو بسبب انشغاله بفكرة أخرى أو بحث آخر.

هذه مجرد فكرة عامة ومبسطة عن تجربتي الخاصة بموقع أهل القرآن ، وعلاقتي بأستاذي الدكتور / احمد صبحي منصور

 

رضا عبد الرحمن علي

مدون مصري

تلميذ وباحث مبتدئ يعشق التعلم من الآخرين

اجمالي القراءات 14834