أدلة على كفر أهل الكتاب بالبيت
موقف أهل الكتاب من البيت

جمال أبو ريا في الخميس ١٠ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين, وسلام على عباده المرسلين, ثم أما بعد:
 
بمناسبة هذه الأيام الطيبات المباركات, أوائل ذي الحجة, نعرض لمسألة مختلف حولها, وهي مسألة حج أهل الكتاب لبيت الله الحرام:
فهل حج المسلمون الموسويون والمسلمون العيسيون بيت الله الحرام, أم أنه كان لهم بيت آخر يحجون إليه؟
 
أثناء قراءتي لسورة آل عمران وتحديداً للآيات التي تتحدث عن تحليل وتحريم الطعام, وهي قوله تعالى:
 
"كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥) ...."
ومعلوم من كتاب الله –وغير معلوم للمسلمين- أن حج بيت الله مرتبط بالطعام, وتحديداً بصنفٍ رئيس منه, فهو لذكره وشكره على بهائم الأنعام :
 
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧).

فالأنعام من أكبر نعم الله على الإنسان (لاحظ: نعمة وأنعام), وتخيل حياة بدون أنعام, فلا ألبان تُشرب ولا أجبان ولا لحوم تؤكل ولا جلود تلبس, ولا روث يسمد الأرض! وليست الأنعام بالشيء اليسير فثمة اقتصادات دول قائمة على الأنعام, وتحديداً على صنف منها (هولندا مثلاً: البقر).

فالإنسان في الحج يحمد الله على هذه النعمة ويذكر اسم الله ويذبح هذه الأنعام لله الذي سخرها له شكراً له على ما أنعم عليه.
 
وأثناء قراءتي لآيات آل عمران السابقة لاحظت أن الله تعالى قال عند حديثه عن البيت وأنه أول بيت وضع للناس وأن فيه آيات بينات:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (٩٨) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٩)"
 
فنلاحظ أن الله قال أن له على الناس حج البيت (وليس فقط على الذين آمنوا) وإذا أخرجنا المشركين النجس الذين لم يعد مأذوناً لهم أن يقربوا المسجد الحرام, يظهر لنا أنه من الواجب كذلك على أهل الكتاب حج البيت, وأن منعهم من قرب المسجد الحرام لا مستند له في كتاب الله!!
وبعد أن بيّن الله أن الحج على من استطاع إليه سبيلا يقول أن من كفر فلا يضر الله شيئاً فالله غني عن العالمين.
 
وتأتي الآية التالية سائلة أهل الكتاب لم يكفرون بآيات الله ولم يصدون عن سبيل الله؟!

فتكون هذه الآيات الواقعة بعد الحديث عن البيت والكفر, إشارة واضحة على أن كفرهم بآيات الله متعلق بالبيت وبحجه, ومن ثم فهم كانوا يعلمون به, وإذا كان الحج قد فُرض من زمن الخليل, فلزام أنه كان واجباً عليهم (لكونهم مسلمي ذلك العصر), إلا أنهم انحرفوا وحرفوا! وحجوا إلى أماكن أخرى!

ولقد اقترب الإمام الفخر الرازي في تفسيره من القول بهذا القول, إلا أنه لم يصرح به, فقال:
 
" الوجه الثاني : وهو أنه تعالى لما بين فضائل الكعبة ووجوب الحج ، والقوم كانوا عالمين بأن هذا هو الدين الحق والملة الصحيحة قال لهم : { لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ الله } بعد أن علمتم كونها حقة صحيحة. ......
فإن قيل : ولم خص أهل الكتاب بالذكر دون سائر الكفار؟ .
 
قلنا لوجهين : الأول : أنا بينا أنه تعالى أورد الدليل عليهم من التوراة والإنجيل على صحة نبوّة محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم أجاب عن شبههم في ذلك ، ثم لما تمّ ذلك خاطبهم فقال : { يا أَهْل الكتاب } فهذا الترتيب الصحيح الثاني : أن معرفتهم بآيات الله أقوى لتقدم اعترافهم بالتوحيد وأصل النبوّة ، ولمعرفتهم بما في كتبهم من الشهادة بصدق الرسول والبشارة بنبوته ." اهـ
 
ونقول نحن: خص أهل الكتاب بالذكر دون سائر الكفار لأنهم كفروا بحج البيت بخلاف المشركين الذين كانوا مستمرين على حج بيت الله.
 
نعم إنهم يكفرون بالبيت ويكفرون بالقبلة نحو البيت ويعلمون أنه الحق من ربهم
 
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ
اجمالي القراءات 8501