وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم
الحسن والأحسن من أوامر الله

Ezz Eddin Naguib في الخميس ١٠ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

الحسن والأحسن من أوامر الله

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول سبحانه وتعالى

آ{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}الزمر55

وقد فسر معظم المُفسرين "أحسن ما أنزل إليكم من ربكم" بأنه القرآن

ولا أتفق مع هذا التفسير، فما أُنزل إلينا هو القرآن، والله يُطالبنا باتباع أحسن ما فيه

ولكنى أتفق مع من فسر هذه الآية بأن فى أوامر الله (الحسنة كلها)  ما هو حسن وما هو أحسن

يقول تعالى

آ{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}الزمر18

فالقول هنا هو القرآن، وعلينا اتباع أحسن ما فيه

ويُؤكد هذا الفهم قوله تعالى عن ألواح موسى

آ{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}الأعراف145

فالله يُطالبنا بالأخذ بالأحسن من أوامره حتى نكون ممن هداهم الله ومن أولى الأباب

 

والأمثلة كثيرة، وإليكم ما خطر ببالى منها

 

ففى القصاص

يقول تعالى

آ{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً} النساء92

فالحسن هو قبول دية المقتول خطئًا

والأحسن هو التصدق بعدم أخذ الدية

 

وفى الأسرى

هناك الفداء وهو حسن

وهناك المن بدون فدية وهو الأحسن

يقول تعالى

آ{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} محمد4

 

وفى الإنفاق

فقد قال تعالى

آ{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} البقرة219

أى أن يكون الإنفاق مما يفيض عن حاجة المُسلم

وهذا هو الحسن من أوامر الله

ولكن هناك الأحسن، وهو فضيلة الإيثار، وهو ما قاله الله فى

آ{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر9

 

وفى الزواج

آ{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} النساء3

آ{وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} النساء129

فالحسن الزواج بأكثر من واحدة مع عدم الميل كل الميل إلى إحداهن

والأحسن الزواج بواحدة لأننا لن نستطيع العدل بينهن

 

وفى الطلاق

يقول تعالى

آ{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} البقرة237

فللمطلقة التى لم يُدخل بها نصف مهرها، وهذا هو الحسن من أوامر الله

ولكنها لو تنازلت عن هذا النصف أو تنازل ولي أمرها فهذا هو الأحسن وأقرب للتقوى

 

وفى الصوم

آ{أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة184

ففدية المُطيق هى طعام مسكين وهذا هو الحسن

والأحسن أن يتطوع فيُطعم أكثر من مسكين أو يفعل ما هو أكثر من ذلك تطوعا

 

وفى التحية

آ{وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً} النساء86

فمن حيانى بقوله: السلام عليكم

حييته بقولى: "وعليكم السلام" أو "السلام عليكم" وهذا هو الحسن من أوامر الله

أو أفعل الأحسن، فأقول: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

والحسنة هى الشيء الحسن (عمل حسن، جزاء حسن، عطاء حسن، إلخ)

يقول تعالى

آ{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} الأنعام160

فالحسنة هنا هى العمل الحسن ويُجازينا الله بعَشر أمثالها

فماذا لو عملنا العمل الأحسن؟

يقول تعالى

آ{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة261

فالله يُضاعف لمن يشاء

 

هذا ما ما أراه وما فهمته من تدبرى لآيات الله والله أعلم

جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه

اجمالي القراءات 18630