التعديلات الدستورية الأردنية بين الدولة والشارع

د. شاكر النابلسي في الجمعة ٣٠ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

-1-

 يوم الجمعة الماضية، كانت مسيرات "جمعة لا تخدعونا" في الأردن.

و "جمعة لا تخدعونا" كانت موجهة لرأس النظام، ولإطرافه، الذين يحاولون خداع الشعب الأردني، بالتعديلات الدستورية المضحكة الأخيرة.

فمن الذي حاول خداع الشعب الأردني مؤخراً بالتعديلات الدستورية الأخيرة التي وافق عليها البرلمان الأردني، ومجلس الأعيان الأردني، وكلاهما طوع بنان القصر، ويخشيان الانفضاض "الدستوري" السريع من قبل الملك، صاحب الحق في هذا الفض، بموجب مادة "دستورية"، لم تطلها  "التعديلات الدستورية" الأخيرة، كما لم تطل أية مادة "دستورية" أخرى، من شأنها الحد من صلاحيات الملك، وتحويله من ملك مطلق، يحكم بالحق الإلهي المطلق إلى ملك دستوري، يملك ولا يحكم.

 

-2-

ولكن، تمّت التعديلات الدستورية، دون المساس بصلاحيات الملك المطلق. وكانت غاية هذه التعديلات كما طالبت بها جماهير الشعب الأردني، ليس السماح بأكل (الفلافل)، ولكن الحدَّ من صلاحيات الملك المطلقة، وانتخاب رئيس الوزراء بدلاً من تعيينه وطرده من قبل الملك، كما هو الحال منذ تسعين عاماً من حكم الهاشميين للأردن.

-3-

"لا تخدعونا"

ذلك هو النداء الذي نادت به جماهير الشعب الأردني التي خرجت بعد صلاة الجمعة الماضية.

ولكن هذه الجماهير – للأسف الشديد – كانت تهتف ضد رئيس الوزراء (معروف البخيت) الذي لا (يهشُّ) ولا (ينشُّ) كأي رئيس وزراء آخر في الأردن والعالم العربي – ما عدا وصفي التل – منذ تسعين عاماً حتى الآن.

 

-4-

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من صاحب القرار الأول والأخير، والآمر الناهي في الأردن.. أليس هو الملك؟

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من الذي أمر بالتعديلات الدستورية التي هتف الشعب الأردني بالأمس بأنها التعديلات "الخدعة".. أليس هو الملك؟

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من الذي أمر بتشكيل لجنة تعديل الدستور واختار أعضائها وزكَّاهم.. أليس هو الملك؟

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من الذي وافق أولاً على التعديلات الدستورية وباركها، قبل أن يطلع عليها "البرلمان".. أليس هو الملك؟

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من الذي هدد "البرلمان بالحل، وإجراء انتخابات مبكرة إذ لم يوافقوا على التعديلات الدستورية .. أليس هو الملك؟

ألم يعرف الشعب الأردني بعد، من الذي أثنى ليلى شرف عن قرارها بالاستقالة من مجلس الأعيان، نتيجة لاستقالة ابنها (فارس شرف) كمحافظ للبنك المركزي احتجاجاً على (لهط) الملك (وُصِفَ بالمرجعيات العليا) لمبلغ المليار دولار الخليجي، وعدم دخوله خزينة الدولة.. أليس هو الملك؟

 

-5-

إذن، لماذا يهتف الإخوان المسلمون وباقي المصلين في "جمعة لا تخدعونا " بسقوط البخيت (المسيكين) وباقي الطقم الوزاري الفاسد والسارق الناهب؟

ما ذنب هؤلاء إذا كان رب البيت بالنتف مولعاً؟!

 

-6-

يحتاج الأردنيون وعلى رأسهم الإخوان المسلمون إلى شيء من الشجاعة والتعقّل والفهم.

الشجاعة في أن يقولوا للأعور يا أعور وليس يا (بو عين واحدة)! وأن يعرفوا الحق فيتبعوه.. فأملنا في الأردن وغير الأردن بهم. فإصلاحهم وصلاحهم أقرب وأكثر تحققاً من إصلاح وصلاح أي نظام عربي فاسد!

والتعقّل في أن يكفوا عن مساندة الحكام السُنَّة ومنهم الملوك لكونهم سُنَّة فقط، ومن أهل البيت والزيت.

والفهم في أن لا فضل للهاشميين على "الإخوان"، حين كنسوا الساحة السياسية مدة أكثر من ثلاثين عاماً(1957-1989) من كافة الأحزاب السياسية، وأبقوا على "الإخوان" فقط، معتبرين "الإخوان" من "عظام الرقبة" الهاشمية، كما كان يقال.

فلا نريد للإخوان أن ينكسروا كعظمة من عظام هذه الرقبة، فيما لو انكسرت هذه الرقبة، كما انكسرت في تونس ومصر وكما تتكسر الآن في ليبيا، وسوريا، واليمن، وربما في البحرين كذلك!

 

اجمالي القراءات 8754