كانت ملكة على مصر
الملكة كليوبترا ( الجزء الثاني )

نجلاء محمد في السبت ٢٠ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

في هذا الجزء سوف تقص لنا كليوبترا بعضاً من علاقتها بأبيها وإخوتها ، وما حدث لأبيها وكيف استطاعت الحفاظ على أن تظل ملكة لمصر والعقبات التي صادفتها وضياع المملكة من يديها.

سألتها قائلة : قد قرأت عنك الكثير والكثير ومن بين ما قرأت أن من

أسس السلالة البطلمية ضابط الأسكندر بطليموس، الذي أصبح الملك بطليموس الأول حاكم مصر. كانت كليوباترا من السلالة البطلمية، فانها ولأسباب سياسية أطلقت علي نفسها لقب "ايزيس الجديدة " وهو لقب ميزها عن الملكة كليوباتراالثالثة، والتي زعمت أيضا انها تجسيد حي للإلهة ايزيس.

وكان قد قدر لكليوباترا في أن تصبح آخر ملكة للسلالة البطلمية التي حكمت مصر بعد موت الاسكندر الأكبر في 323 قبل الميلاد وضمها إلى روما في 30 قبل الميلاد.

سألتها عن مدى تأثرها بإيزيس ولماذا كانت تتخذ من إيزيس قدوة لها وما دليل هذا .

فأجابتني قائلة : سوف أجيب عن أسئلتك من خلال سردي للقصة

الحقيقة أنني كثيرا ما كنت أذهب في طفولتي – كأي فتاة مصرية أخرى لأتعبد في هيكل هذه الإلهة الذي كان على المرتفع الصخري بالقرب من القصر. وكانت هناك الأمواج تتصارع وتتضارب مثلما يدق قلبي وأنا أسأل إيزيس ان تحميني ضد الوشاية والغيرة والدسائس القتالة.

وكثيرا ما كنت أذهب في الثلاث سنوات الأخيرة إلى كهف إيزيس أكثر من قبل . وعندما كنت في الحادية عشرة من عمري وكانت برنيكي أختي في الثامنة عشرة ، كان على ابي أن يفر هاربا من المدينة يطارده رعاياه الخانقون الذين استاءوا من الضرائب الجديدة التي فرضها عليهم ليدفع لروما ديونه المتضخمة .

تركني وبقية الأسرة بالإسكندرية غير مطمئنين إلى مصيرنا ، بينما أقام هو في روما  كملك لاجئ محاولا أن يسترد مملكته بما كان يدفعه من كنوز البطالمة التي جمعها أجداده على مر القرون  .

وكانت في استطاعة روما الاستيلاء على مصر بسهولة وكنت أعرف ذلك ولكن كان ذلك سوف يحدث عندما يكون  هذا العمل في مصلحة روما وميسورا لها .

فكنت أصلي للإلهة إيزيس وقلبي يحس بالغضب والذل وعدم الطمأنينة ، لأحمي بلادي لأني كنت أحس في نفسي بإيمان وحب عميق لم يتغير لمصر وأهلها .

وقد بادلني المصريون هذه العاطفة وحفظوا لي الجميل وردوه في السنين التالية .

لقد ذكرت اسم برنيكي وأنت تقصي لى القصة فما دورها في قصتك وفي سير الآحداث ؟

قالت : كانت هذه الفترة فترة محيرة بالنسبة لي أنا كليوبترا ، فقد ظهرت برنيكي الجميلة في صورتها الحقيقية ، فقد ساعدها الحزب السكندري الذي حرض الغوغاء ،

 والإسكندريون دائما جمهور سريع التهيج يلتهب بسهولة هسترية وضعيف متقلب ، فطردوا أبي من المدينة وأعلنت أختي برنيكي نفسها الملكة برنيكي الرابعة !..

لم أعرف ما الذي يجب أن أفعله ازاء ذلك ، لم أحب أبي من نوع خاص ولكني كنت مخلصة لفكرة الملكية . وأن تصرف برنيكي ما هو إلا اغتصاب للسلطة وأيقنت من ذلك ومن إدانتها !

ومنذ ذلك الوقت تعلمت إخفاء مشاعري وهو الدرس الأول في النفاق للدفاع عن النفس فكنت أقول وقتها إنني طالبة علم ومشغولة بتعلم لغة جديدة وأدرس الفلسفة والرياضيات ولا تهمني السياسة في شئ وكان طبيبي المخلص لي (أوليميوس ) يتولى ترديد هذه الأقوال عني لتنتشر بين الآخرين .

وهكذا كنت أتظاهر بتجاهل الأحوال وكنت لم أزل طفلة لم أكد أبدأ سن المراهقة ، وأن أشغل نفسي بالدراسات كالمسترجلات ، وأصبح بعض المشاهير من العلماء في ذلك العصر مثل (فليوستراتس )الفيلسوف والعضو في أكاديمية العلوم من أصدقائي المخلصين وأهدى هو وغيره من العلماء كتبهم القيمة لي .

وأخيرا مرت الشهور العصيبة إلى أن جاءت للأسرة أنباء تعتبر حسنة بالنسبة لي ، وكانت في نفس الوقت أنباء كئيبة بالنسبة لبرنيكي وأصدقائها .

فقد كانت روما تحتفل بتنصيب القيادة الجمهورية الجديدة للحكم الثلاثي المكون من يوليوس قيصر وبومبي وكراسوس، وأن مجلس الشيوخ قد آزر ابي المنفي ، وأن القائد العظيم (جابينيوس) مساعد بومبي كان في طريقه فعلا إلى الإسكندرية ليعزل الملكة المغتصبة للحكم ويعيد أبي إلى عرش مصر .

ولم تكن الثلاث سنوات التالية لأبي بطليموس أوليتيس سنوات سعيدة ، فبالرغم من أنه عاد إلى العرش فإنه لم يجلس عليه باعتباره فرعون عظيما له كيان مستقل عن الجميع ، ولكنه تولاه بفضل الجمهورية الرومانية .

وكان عليه أن يتقبل الإهانة بقبوله تعيين مفتش روماني للضرائب يرأس مفتشه المصري.

وكان الجند الذين تركهم جابينوس للمحافظة على هدوء سكان الاسكندرية ، بمثابة جيش احتلال صغير.

فإذا أراد قيصر أو بومبي أن يخلعه عن العرش – كما أراد كراسوس عضو الحكومة الثلاثية الثالث أن يفعل ذلك من قبل – فلم يكن هناك ما يحول دون تنفيذ مشيئتهما ، وكان ابناء بطليموس (إخوتي ) مجرد طفلين وكانا واقعين تماما تحت نفوذ مربيهما بوثيونوس وثيودوتس ، ولم يكن لهما أي قيمة أكثر من كونهما صغيرين لا قيمة لهما في معارك ودسائس البلاط ، ومع ذلك فقد حتم القانون المصري بأن يعلن أحدهما وليا للعهد ويتزوج من الوريثة لعرش يتزوج أخته الكبرى ليتولى العرش بعد ذلك بصفة شرعية .

عندما توفي أبي بطليموس الثاني عشر في 51 قبل الميلاد، انتقل العرش إلى ابنه الصغير، بطليموس الثالث عشر، وإليّ أيضا كليوباترا السابعة.

قد عرفنا من خلال التاريخ أنكِ تزوجت أخوكِ بطليموس الثالث عشر فهذا الزواج محرم في شريعتنا وزماننا الذي نعيشه  فهللا قصصتي لنا بعض الشئ عن حقيقة هذا الزواج

فأجابت كان هذا الزواج مجرد زواج على الورق ، من المعروف أنني  ابنة الـ 18عامًا كنت أكبر شقيقي بنحو ثماني سنوات، فأصبحت أنا الحاكم المهيمن..

وكانت برنيكي قد ماتت إذ ذاك ، إذ نزلت بها أقصى عقوبة توقع على شخص لعدم ولائه ، ولهذا كنت أنا الوريثة وكنت أنا الوحيدة في الأسرة التي تستطيع بما كنت أتمتع به من همة وشجاعة هادئة وعقل راجح أن أتغلب على روما وكان من المعروف وقتها أنني أستطيع أن أحكم مصر بمفردي ، وأن أهل الإسكندرية سوف يمنحونني إخلاصهم وولائهم لأنهم كانوا ذوي مروءة ونخوة تجاه ملكاتهم أكثر منهم تجاه ملوكهم .

ولكن روما لن تعترف أبدا بامرأة كحاكم بمفرده وكان الحل لذلك الإشكال هو أن أنصب أنا كليوبترا وأكبر الولدين شريكين في الملك ، وأن يصدر الأمر الرسمي بأن نتزوج وذلك إرضاء لشعور رعايانا المصريين

وكانت تلك وصية أبي بطليموس وقد كتبها سرا وجعل مجلس الشيوخ الروماني منفذا لتلك الوصية ، إذ أن احترام الرومان للقانون كان مضرب الأمثال . وأودع تلك الوصية مع كاهنات المعبد اللاتي أقسمن ألا تفض أختامها إلا بعد وفاة أبي بطليموس

عندها أدركت  انني في حاجة لدعم الرومان، أو بشكل أكثر تحديدا دعم قيصر، إذا كان علي استعادة العرش.

يقول المؤرخون عنك  أن كلا من كليوباترا وقيصر سعيا لاستخدام الآخر، فقيصر سعى للمال لتسديد الديون التي تكبدها من والد كليوباترا اوليتيس، من اجل الاحتفاظ بالعرش. في حين أن كليوباترا كانت عازمة على الاحتفاظ بعرشها، واذا أمكن استعادة أمجاد البطالمة الأوائل واسترداد أكبر قدر ممكن من سطوتهم، والتي شملت سوريا وفلسطين وقبرص. وتوطدت أواصر العلاقة بينكما وولدت له بعد رحيله طفلا أسميته بطليموس قيصر أو بطليموس الخامس عشر (وأطلق عليه الاسكندريون اسم التصغير قيصرون

ما حقيقة الأمر في ذلك ؟ (

قد وقع أخي الملك بطليموس الثالث عشر تحت تأثير مستشاريه الذين عملوا على ابعادي  وطردي من الإسكندرية للانفراد بالسلطة, فلجأت إلى شرقي مصر واستطعت تجنيد جيش من البدو لاستعادة موقعي. عند وصولها إلى بيلوزيوم (بور سعيد حاليا) حيث كان يتصدى لي جيش أخي, وصلت سفينة القائد الروماني بومبي (Pompeius) على اثر هزيمته في معركة فرسالوس (48 ق.م), فما كان من أوصياء الملك الاّ أن دبّروا مقتله, وقدّموا رأسه إلى القائد المنتصر يوليوس قيصر الذي وصل الإسكندرية في 2 أكتوبر عام 48 ق.م. وقد نجحت  في اختراق صفوف خصومي بعد أن حاول أخي بطليموس الثالث عشر التقرب إلى القيصر حيث وجدها فرصة لاعلان ولائه الكامل, وعمل قدر طاقته على تملّقه والتقرب اليه, هكذا بدأت علاقة تاريخية بيننا بين قيصر وكليوباترا في القصر الملكي, فقد قرر الوقوف إلى جانبي واعادتي إلى عرش مصر. لكن أوصياء أخي حرّضوا جماهير الإسكندرية ضدي .

 زحف الجيش الموالي لهم وحاصروا قيصر وحاصروني في القصر الملكي, فبدأت حرب الإسكندرية التي حسمها يوليوس قيصر في مطلع عام 47 ق.م بعد أن وصلته النجدات وانتهت بمقتل الملك بطليموس الثالث عشر وأعوانه, وتسلمّت أنا كليوباترا عرش مصر مع أخي الاصغر بطليموس الرابع عشر وبقي قيصر إلى جاني ثلاثة أشهر.

سألتها وماذا عن علاقتك بماركوس أنطونيوس

بعد اغتيال قيصر في روما انقسمت المملكة بين اعظم قواده اكتافيوس وانطونيوس فقرراكتافيوس أن يضم مصر إلى الامبراطورية الرومانية، لكن كان امامه الكثير من العواقب، ومن أشدها ماركوس أنطونيوس "مارك أنتوني" الذي أراد  أن ينفرد بحكم الامبراطورية الرومانية، ومن ثم فكرت في أن أصبح زوجة لماركوس أنطونيوس الذي قد يحكم في يوم ما الامبراطورية الرومانية.

حيث جاء مارك انتوني الي مصر وجئت له خفية لخوفى من ثورات المصريين ضدي وكنت مختبأة في سجادة وخرجت منها امام انتوني كعروس البحر وأنا في ابهي صورى ومن وقتها وقع انتوني في حبي

كان مارك انتوني متزوجا من اوكتافيا اخت أوكتافيوس(اغسطس) ومنع علي الرومان التزوج بغير رومانية وهنا ظهرت مشكله ارتباطه بي .

 وأصبح حليفا لي بدل من أن يضم مصر للامبراطورية الرومانية. و كان ذلك سببا في العداوة بين أغسطس وأنطونيوس لأن أوكتافيا كانت أخت أغسطس تم تقسيم الامبراطورية الرومانية إلى شرق وغرب, وكان الشرق بما فيه مصر من نصيب انطونيوس، وكان طبيعيا أن أصبح تحت سلطة السيد الجديد انطونيوس، فلأحاربه بسلاح الحب والجمال، ولم أنتظر حتى يأتي إلي في الإسكندرية، ولكني أبحرت على متن سفينة فرعونية ذهبية مترفة من الشواطئ المصرية، وكان أنطونيوس قد أرسل في طلبي عام 41 ق.م عندما وصل إلى مدينة ترسوس في كيليكية، وذلك ليحاسبني على موقفي المتردد وعدم دعمي لأنصار يوليوس قيصر.

أعجبت كثيرا بأنطونيوس ليس فقط لشكله حيث كان وسيما  لكن أيضا لذكائه لأن كل التوقعات في هذا الوقت كانت تؤكد فوز انطونيوس، من ثم أعد أنطونيوس جيشا من أقوى الجيوش وتابعت أنا الجيش عن كثب وتابعت خطة الحرب.

وللحديث بقية فكفاني هذا اليوم ما تذكرته من أحزان قد أراحني الموت من تذكرها

اجمالي القراءات 19228