علانية جلسات محاكمة مبارك وسمعة مصر

حمدى البصير في الأربعاء ١٧ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

قرار منع البث التلفزيونى لمحاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ، والذى أصدره المستشار أحمد رفعت رئيس المحكمة فى جلسة الإثنين الماضى ، جاء لإعتبارات عديدة ، أهمها الحفاظ على المصالح العليا للدولة عند تداول الجلسات بعد ذلك ، وكشف أدق تفاصيل وأسرار الدولة ، ولاسيما الخاصة بإدارة كبار المسؤلين فى النظام السابق للأزمة التى نشبت جراء قيام ثورة يناير ، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع مبارك ، ووزير داخليته حبيب العادلى ، وكبار رجال الأمن ، وأيضا عدم إنضباط المحامين المدعين بالحق المدنى ، وظهورهم بمظهر سىء ، لايتفق مع جلال مهنة المحاماة ، ولايليق بحضورهم محكمة هامة وغير مسبوقة فى تاريخ مصر ، والتى يحاكم فيها رئيس جمهورية سابق ، مع أهم رجاله ومعاونيه وزبانيته فى وزارة الداخلية .

فمن المتوقع أن تحدث خلال الجلسات القادمة ، مواجهات ساخنة جدا ، بين الرئيس ورجاله ، خاصة وزير داخليته ، حول من هو صاحب قرار قتل المتظاهرين ؟ ، ذلك القرار الخطير الذى تتمحور حوله القضية ، بل إن ضم القضيتين معا - مبارك والعادلى - فى قضية واحدة ، طبقا لقرار رئيس المحكمة ، بسبب وحدة الموضوع فى القضيتين ، سيؤدى إلى مشاحنات وحوارات ومواجهات ، لايجب أن يذاع على الهواء ، وتتناقلها الفضائيات فى الداخل والخارج ، لإن كل متهم بداية من رئيس الجمهورية المخلوع مرورا بوزير داخليته "الجزار" ، وحتى مساعدى وزير الداخلية ، سيحاولون تبرئة أنفسهم من تهمة قتل المتظاهرين ، بكل السبل الممكنة ، وبالتالى لايجب أن تكون هيبة الدولة ، الممثلة فى المسؤلين السابقين ، والمتهمين الحاليين ، مستباحة امام الغير ، فهناك دول تضمر الشر لمصر ، كما من المؤكد هناك منه يحقد على مصر وثورتها ، ويريد أن يصطاد فى الماء العكر ، ويتمنى أن يحول المحاكمة ، إلى مسلسل فضائح ،رغم الشفافية والعدالة التى تجرى فيها.

وأيضا هناك محظورات من عرض الأدلة الخاصة بالمحاكمة بطريقة علنية ، ولاسيما عند عرض شرائط الفيديو التى سجلتها المخابرات العامة يوم جمعة الغضب ، وأيضا تفريغ محتويات السيديهات ودفاتر الشرطة ، والإطلاع من خلال ذلك على أليات العمل داخل أجهزة الأمن .

ورغم منطقية عرض كل الأدلة بشفافية خلال جلسة المحاكمة ، إلا أن بثها تلفزيونيا على الهواء مباشرة فى مصر والعالم ، له خطورته ، ونيل من سمعة مصر ، فلسنا بصدد جلسة برلمان ، ونسعى إلى تعميق الشفافية وإرساء المبادىء الديمقراطية ، ولكنها جلسة محاكمة نظام سابق ، ولابد من ضوابط لإذاعة بعض مايدور فيها ، أى نحقق العلانية من جانب ، وفى نفس الوقت نحافظ على أمننا القومى ، وأيضا أمننا الإجتماعى ، فمن الممكن تسجيل وقائع المحاكمة ، ثم إذاعتها فى نفس اليوم ، بعد عمل المونتاج لها ، ودون حذف الوقائع المهمة التى حدثت بالجلسة ،أى تحقيق الشفافية " الإعلامية " وتهذيب " الخروج على النص" الذى من المتوقع حدوثه أثناء نظر الدعوى ، بما يحافظ على كرامة مصر ، فقد تحدث مناوشات أو أعمال إنتقامية من المعارضين لنظام الحكم السابق - خاصة من أسر الشهداء - وبين المؤيدين له ، على خلفية المعلومات التى ستتكشف خلال الجلسات ، ومن هنا لايجب أن تكون أسرارنا مستباحة للجميع ومادة دسمة للفضائيات ، خاصة برامج التوك شو ، والتى ستكسب الكثير عند إعادة عرض تلك المحاكمات ، عند إستضافة الضيوف المتخصصين فى " اللت والعجن " والخوض فى الأعراض السياسية والإجتماعية ، وبالتالى تزيد حصيلة الإعلانات وتربح قنوات " التسخين " من عرض المحاكمات ، وتخسر مصر بعض سمعتها وهيبتها . !

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com

 

اجمالي القراءات 9953