صوت الموسيقى فى انتظار شباب الثورة

سعد الدين ابراهيم في السبت ٠٩ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

ربما يتذكر المُخضرمون من قرّاء هذا المقال الفيلم الذى قامت ببطولته المُمثلة الاستعراضية جولى أندروز (Julie Andrews)، بعنوان «صوت الموسيقى»، قبل ثلاثين عاماًً، ودارت قصته حول ضابط فى الجيش النمساوى، رحلت زوجته، وهما فى أوائل الأربعينيات، وتركت له عدة أطفال تراوحت أعمارهم بين الرابعة والرابعة عشرة.

 ولم يكن أمام ذلك الزوج الأرمل إلا أن يُدير أسرته ومنزله، كما لو كانا وحدة عسكرية، فى أحد مُعسكرات الجيش. ثم جاء أمر بترحيله إلى موقع آخر فى أوائل الحرب العالمية الثانية، واضطره ذلك إلى توظيف مُربية منزل، لرعاية أطفاله، أثناء غيابه.

وهنا يأتى دور جولى أندروز (Julie Andrews)، تلك المُربية المرحة والمُحبة للحياة، وقد استطاعت، رغم مُعارضة مخدومها، أن تحوّل المنزل الذى تعيش فيه مع الأطفال الخمسة، مما يُشبه الثكنة العسكرية إلى بيت مفتوح يمتلئ بالبهجة والمرح، وتنطلق هى والأطفال لاكتشاف التلال والبُحيرات والغابات المُحيطة به، وفى هذا السياق، كانت تستخدم الموسيقى والغناء، كوسيلتين تربويتين، تُحببان الأطفال فى المعرفة والتعلم.. ومن هنا أخذ الفيلم عنوانه: «صوت الموسيقى».

 فأنغام الموسيقى والأغنيات العذبة، تطرب مُشاهدى الفيلم من الدقيقة الأولى إلى الدقيقة الأخيرة.. ثم تصبح أغنيات مُفضلة للملايين حول العالم، لما يقرب من أربعة عقود!

بل أصبح القصر الذى عاشت فيه تلك الأسرة، وهو قصر «الملك ليدبولد» وتم فيه تصوير الفيلم، فى مدينة «سالزبورج»، أحد المزارات السياحية، الأكثر جاذبية وإقبالاً فى النمسا، خصوصاً، ووسط أوروبا عموماً.

ولأن القصر والمدينة يقعان فى منطقة طبيعية خلابة، قد اكتشفها مجموعة من طلبة جامعة هارفارد الأمريكية، فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، ونظموا فيها مؤتمراً للشباب الذين شاركت بلادهم فى تلك الحرب، على أمل ألا تحدث حرب عالمية ثالثة. وتزامنت تلك المُبادرة الشبابية للسلام، مع تأسيس «الأمم المتحدة»، التى هى مُنظمة للدول والحكومات. ومع نجاح الندوة الأولى فى سالزبورج عام ١٩٤٧، تكررت المُمارسة سنوياً، وشجع فيلم «صوت الموسيقى» الإقبال على الموقع لعقد الندوات، حول كل الموضوعات والقضايا الأخرى التى تشغل الرأى العام العالمى.

ومن ذلك أن القائمين على إدارة الندوة بقلعة «ليدبولد كرون» بمدينة سالزبورج، التى تستضيف تلك الندوات، قد اختاروا هذا العام موضوع «الربيع العربى للديمقراطية»، لكى تدور حوله ندوات سالزبورج، ودعوا لهذا الغرض ثلاثة متحدثين عرباً، بينهم الدبلوماسى العربى الجزائرى الأشهر، الأخضر الإبراهيمى، ود. شبلى ملاط، أستاذ القانون الدولى بجامعة هارفارد، وكاتب هذه السطور.

كما شارك اثنان ممن بقوا على قيد الحياة، من الذين كانوا قد أسسوا الندوة، قبل أربعة وستين عاماً، حيث شعروا بأن موضوع هذا العام، وهو الربيع العربى للديمقراطية، هام للغاية. ودعّم من هذا الشعور الحماس الشديد لكل من مُدير الندوة، الأمريكى ستيفن سالير، ونائبه البريطانى إدوارد مورتيمور.

وهذا الأخير كان صحفياً شهيراً، وعمل لعدة سنوات مُراسلاً لصحيفتى التايمز اللندنية حول العالم، ثم نائباً لتحرير صحيفة الفاينشنال تايمز (Financial Times) أشهر الصُحف الاقتصادية، وهو حريص على أن يتعرف العالم الخارجى بشباب ثورة التحرير، مُباشرة، وليس من خلال التقارير الصحفية أو الرسائل الدبلوماسية، التى ترسلها السفارات لوزارات الخارجية فى عواصمهم.

ويقول إدوارد مورتيمور، إن خطتهم فى ندوة سالزبورج، هى دعوة أفواج من النشطاء المصريين والتونسيين لمدة أسبوع لكل فوج.

فعلى من شاركوا فى ثورة يناير، ويرغبون فى إطلاع العالم الخارجى على تجربتهم، أن يكتبوا إلىّ على (مركز ابن خلدون- ص.ب ١٣، المقطم، القاهرة، أو على بريدى الإلكترونى، الذى يظهر أسفل اسمى على هذه الصفحة). وسأقوم بدورى بإرسالها إلى سالزبورج. وسيكون مُفيداً أن يكتب كل منهم ما لا يزيد عن صفحة، بسيرته الذاتية، ودوره خلال الفترة من ٢٥ يناير إلى ١١ نوفمبر ٢٠١١. وحبذا لو كان ذلك باللغة الإنجليزية. وليعلموا مُقدماً أن عملية الاختيار، ستقوم بها الجهة الداعية، أى «ندوة سالزبورج الكونية» (Salzburg Global Seminar).

وإذا كان لمن يتقدمون أى هوايات يرغبون فى عرضها خلال إقامتهم فى تلك البقعة الجميلة، فليستعدوا لذلك. هذا وسيكون ضمن الموضوعات الأسيرة خلال الندوة موضوع السلام الإقليمى، والُمحافظة على البيئة، ومُناهضة التعصب ومُحاربة الفقر. هذا وهناك عرض مسائى مُستمر لفيلم صوت الموسيقى، الذى شهر هذه البقعة من النمسا، واشتهرت به مدينة سالزبورج.

وسُبحان الله الجميل الذى يُحب الجمال.

semibrahim@gmail.com

اجمالي القراءات 9237