هل انت ليبرالى؟

مؤمن سلام في الثلاثاء ١٠ - مايو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

فى هوجة الثورات التى انتشرت فى الشرق الاوسط هذه الايام انتشرت معها هوجة اخرى اسمها انا ليبرالى.

وفى الحقيقة اذا نظرت الى من يرفعون هذه الشعارات ستجد العجب العجاب  سترى وتسمع اقوال تجعل الحليم حيران وتجعل اساتذة العلوم السياسية يحرقون شهادتهم التى حصلوا عليها فى العلوم السياسية بداية من البكالوريوس وحتى دكتوراة العلوم.

فانت ترى من يصنف نفسة "ليبرالى اسلامى" وطبعا المفروض من يتكلم يعرف الفرق بين مسلم واسلامى فمسلم هى عقيدة وديانة ولكن ا&Oacu;سلامى هى ايديولوجيا وهو من يسمى اسلامجى او اسلاموى او بالإنجليزى ايسلاميست

 فكيف يكون الانسان ليبرالى واسلامى فى نفس الوقت؟ كيف يكون الانسان الشيئ وضدة فى نفس اللحظة؟ نعم من الممكن ان تكون ليبرالى مسلم او ليبرالى ميسحى او ليبرالى يهودى او بهائى او بوذى او ملحد اما ليبرالى وفى نفس الوقت اصولى سواء اصولية اسلامية (اسلامى او اسلامجى) او اى اصولية أخرى مسيحية او يهودية فكيف يمكن ان يستقيم هذا؟

كيف يستقيم ان من يقبل الأخر وهو الليبرالى يكون فى نفس الوقت اصولى يرفض الأخر؟

وهنا ننتقل الى شخص يقول انة ليبرالى ولكن يقبل بعض الأخر ويرفض البعض كيف هذا ايضا الليبرالى يقبل كل الأخر

فنجد المسلم يقول انا اقبل المسيحى واليهودى ولا أقبل البهائى والملحد كيف هذا بالله عليك؟ لان المسيحى واليهودى اديان سماوية ولكن البهائية دين ارضى او ليست دين!!! عذرا يا سيدى هذا رايك وعقيدتك وانت حر فيها ولكن البهائى مقتنع ان لدية دين سماوى ولة نبي وهو حر ايضا فلا تفرض علية عقيدتك كما ترفض ان يفرض عليك احد عقيدتة.

واذا كنا نرى ان الاسلام هو خاتم الاديان وان الرسول هو خاتم الانبياء واى عقيدة تأتى بعد ذلك ليس دين. فكذلك اليهودى لا يعتقد فى اى دين او نبى بعد انبياء بنى اسرائيل ويعتقد انها ليست اديان او انها معتقدات ارضية وليست سماوية ونفس الامر ينطبق على المسيحية فماذا نحن فاعلون؟ هل نترك العمل والبناء والحياة ونتقاتل حتى نقرر ما هو الدين وما ليس دين اما نترك امر ذلك لله يحكم بيننا يوم القيام فيما كنا نختلف فية ونعيش معا فى هذه الدنيا اخوة فى الوطن والانسانية على قاعدة "لكم دينكم ولية دين".

وفى هذا الاطار ايضا يأتى العداء لليهود واليهودية من اشخاص يقولون انهم ليبراليون دون تفريق بين اليهودية والصهيونية كايديولوجيا او كمحتلين لدولة فلسطين ان الموقف من الاحتلال الاسرائيلى لفلسطين هو موقف مبدئ من رفض احتلال الدول بالقوة من اى شخص او اى ايديولوجيا واى ديانة ولا يمكن ربطة بدين معين لمجرد ان مجموعة من هذا الدين ارتكبت هذه الجريمة جريمة الاحتلال. الليبرالى يرفض احتلال اسرائيل لفلسطين ولكن لا يربط هذا الاحتلال بديانة هى اليهودية.

ومن عجائب من يسمون انفسهم ليبراليون سب وضرب من يختلف معة فى الرأى، فاذا اختلفت معة فى الرأى فيما يخص قضية من القضايا كال لك الاتهامات والسباب ثم قال انا ليبرالى. نجد شخص يدعوا للتصريح بالدعارة مثلا وهوما كان الوضع علية قبل انقلاب يوليو1952 ويسوق فى ذلك الحجج والبراهين فيخرج شخص اخر يسمى نفسة ليبرالى يكيل لة السباب والاتهامات بالانحلال الخلقى والفساد والرغبة فى تدمير المجتمع هل هذه ليبرالية؟ الليبرالية لا تعنى انة يجب ان توافق على ما يقول وهى ايضا لا تعنى انة لابد من التصريح بالدعارة ولكن ايضا لا تعنى ان تسب المخالف وتتهمة ولكن ارفض ما يقول وأرد الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان وليس بالسب واللعن والا فانت لست ليبرالى. واذكر هنا اسماعيل ادهم اظن ان كثير منكم لا يعرفة انة شاب مصرى سكندري نشر فى بدايات القرن العشرين مقالة فى مصر بعنوان " لماذا أنا ملحد؟ " ماذا حدث له؟ لا شيئ تم الرد علية بمقالات مثل " لماذا انا مؤمن؟ " و " لماذا هو ملحد؟ " وانتهى الأمر عند هذا الحد لم يدعوا احد لقتلة ولم يرفع علية احد قضية ولهذا لا يعرفة احد تخيلوا لو ان هذا حدث فى ايامنا هذه والله لتعدت شهرتة مصر الى العالم كلة ليس بفعل المقالة التى كتبها ولكن بفعل السب واللعن وتهديدات القتل التى تلاقاها وليس سلمان رشدى منا ببعيد. هذه هى الليبرالية ان ترد الفكر بالفكر والرأى بالرأى لا سب ولا اتهام ولا عنف.

واخطر خزعبلات الليبراليين المزيفين هى فصل الليبرالية عن العلمانية فتجد كثير من مدعى الليبرالية ينفى عن نفسة صفة العلمانية وكائنها سبة او تهمة. وهذا النفى هو اما تعبير عن الجهل وعدم إدراك لمعنى الليبرالية والعلمانية معا متأثرا برأى الاسلامجية ان العلمانية كفر وردة عن الاسلام. او تعبيرعن خوف من ان يصبح الشخص هدفا للارهاب الاسلامجى سواء كان إرهاب فكرى متمثلا فى التكفير او إرهاب لفظى متمثلا فى السب والشتم كما يفعل كثير من الاسلامجية من خلال الايميلات معتمدين على فتوى لشيخهم ابو إسحاق الحوينى فى جواز سب المخالفين او ان يصل الارهاب الى أقصى صورة وهو إراقة الدماء. وهذا الموقف وهو موقف الخوف كان يمكن تقبلة قبل الأن اما وقد اسفر الجميع عن وجهه واصبحت الدول الثائرة خاصة تونس ومصر تتعرض لهذا الخطر الأصولى الذى سيقضى على الأخضر واليابس فلم يعد للخوف مكان ولابد من مواجه هذا الفكر المتطرف بفكر الاستنارة والعلم.

من عجائب مدعى الليبرالية ايضا دعوتهم للقومية العربية والتى ترى فى ارتباط مصر بالدول العربية ارتباط ايديولوجى يقوم على اساس وحدة اللغة مع ضرورة العداء لاوربا وامريكا وذلك بسبب ارتباط الفكر القومى العربي التاريخى بالاشتراكية والشيوعية. الليبرالى يا سادة يتعامل مع العلاقات الخارجية بمفهوم علمى وهو بالتالى مفهوم براجماتى يقوم على المصالح فما يحكم السياسة الخارجية لاى دولة هى مصالحها وامنها القومى لا مكان فى الامر للايديولوجيا او الحب او الكراهية او الاخوة. فاذا كانت علاقتى مع اوربا وامريكا تحقق مصالح فاهلا وسهلا واذا كنت خطر على امن البلد فالى الجحيم، ولكن هذا ايضا ينطبق على الدول العربية فاذا كانت دولة عربية ما تتأمر على وطنى وتهدد امنها القومى وتعمل ضد مصالحها فهل اقول هنا قومية عربية والاخوة العربية والشقيقة الكبري؟ بالطبع لا بل الى الجحيم ايضا.

يبدوا ان منطقتنا تمر بحالة من الفوضى ليس فقط السياسية ولكن ايضا الفكرية فقد اتخلطت المفاهيم والافكار فاصبحت الليبرالية بالنسبة لكثير من الناس هى الحرية والانتخابات النزيهة فقط لاغير.

علي الليبراليين الحقيقين ان يهبوا الان ويتكلموا ويشرحوا ويوضحوا ما هى الليبرالية للبسطاء والمغيبين وانصاف المثقفين بل وللمتأمرين على الليبرالية والليبراليين لتدميرها من داخلها بعد ان فشلت محاولات تدميرها من الخارج بتشويها واقرانها بالالحاد والكفر وهو ما ثبت ويثبت كذبة كل يوم

يا ليبراليين الشرق الأوسط إتحدوا

اجمالي القراءات 11246