وفاة رئيسين سابقين

فوزى فراج في السبت ٠٦ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

خلال اسبوع واحد, توفى اثنين من الرؤساء السابقين, جيرالد فورد و صدام حسين.

 

ما ت احدهما ميتة طبيعيه لأسباب الشيخوخه, اما الاخر, صدام حسين, فمات على حبل المشنقه.

وبينما كانت محاكمته والطريقه التى صدر بها الحكم فى بلد لايزال تحت الاحتلال العسكرى, مثيرة للجدل من نواحى كثيره منها قانونيه المحاكمه تحت القوانين الدوليه والمحلية ايضا, كذلك الطريقه التى اتبعت فى تنفيذ الحكم وتوقيته فى اول ايام العيد, ثم المهزله التى حدثت اثناء التنفيذ, فهى تعد وصمة عار على مايسمى بالحكومه العراقيه القائمه.   كل هذا لا ولن يبرئ ساحته من الجرائم التى ارتكبها ضد الشعب العراقى ودول الجوار خلال حكمه.

 

لقد حكم احدهما بلده حوالى ثلاث سنوات, اما الاخر فظل فى الحكم اكثر من ثلاثه احقاب ونصف.  جاء  جيرالد  فورد الى  السلطه كنائب لرئيس الجمهوريه بعد ان استقال سبيرو اجينو نائب الرئيس فى فضيحه ماليه, وقد كان زعيما للأقليه فى مجلس النواب الامريكى فى ذلك الوقت, لم يسعى فورد الى ذلك المركز ولم يبدأ اى حمله سياسية من اجله.   غير ان الرئيس نيكسون اختاره فى وقت عصيب وصعب فى تاريخ الولايات المتحده السياسى كما كان صعبا بالنسبه له شخصيا كنتيجة لفضيحه ووترجيت المعروفه.

&n-EG" style="FONT-SIZE: 14pt; mso-bidi-language: AR-EG"> 

بعد سنه تقريبا, كان على نيكسون ان يختار ما بين محاكمته وطرده من الرئاسه او الاستقاله من منصبه, وقد اختار الاستقاله وكانت الأولى من نوعها فى تاريخ الولايات المتحده,  وفجأة وجد فورد نفسه يحتل اعلى منصبا فى الولايات المتحده , منصب الرئيس, منصبا لم يسعى اليه ولم يبدأ اى حمله سياسية من اجله هو الأخر.

 

بعد استقاله نيكسون كانت الولايات المتحده فى ازمه دستورية خطيره, فإن منصب الرئاسه التى يتطلع الجميع اليه فى احترام , كان قد اصيب بهزة قانونيه جعلت المواطنين يتساءلون عن قوة الدستور الامريكى وعن قوة المنصب , وكان لابد من الرئيس الجديد ان يستعيد للمواطن الامريكى الثقة  المطلقه فى منصب الرئاسه وفى الدستور بإتخاذ خطوات حاسمه وقويه.

 

كان اختيار جيرالد فورد لصالح الدوله , ودون اعتبار لمصالحه السياسيه  الشخصيه فى المستقبل, فقد كان من الممكن ان يفكر فى نفسه بأنانيه وفى فرصته ان يكون رئيسا لمدتين كاملتين بعد ان يكمل مدته الحاليه, لكنه اختار ان يضحى بمستقبله السياسى, وان يقود الدوله فى ذلك الوقت العصيب الى ما فيه مصلحة الدوله, فأصدر قرارا بالعفو عن نيكسون من جميع ماوجه اليه من اتهامات فى الووترجيت, وقد كان هذا القرار سببا رئيسيا فى هزيمنه بعد ثلاث سنوات عندما رشح نفسه للرئاسه, وقد برر ذلك القرار بأن الدوله كانت منشقه ومحاكمة نيكسون التى كانت ستطول,  كانت سوف تزيد من دواعى الانشقاق والعواصف السياسيه التى كانت سوف تؤثر حتما على  مصالح الدوله من جميع الجوانب, سواء السياسيه او الاقتصاديه او الاجتماعيه او الخارجيه......الخ, واستطاع بقراراته الاقتصاديه ان يغير من الكساد الاقتصادى الى اقتصاد اكثر ثباتا ومرونه, كما انهى اجراءات الحرب فى فيتنام وسحب باقى القوات الامريكيه, كما قام بإنقاذ ما يقارب من 150000 من اللاجئين السياسيين هناك وحملهم خارج فيتنام , ثم استطاع ان يكسر الجمود السياسى بين مصر واسرائيل , كما بدأ فى انهاء الاستعمار فى جنوب القاره الافريقيه.  كل ذلك وتحت تلك الظروف حدث فى ثلاث سنوات.

 

كثير من الناس لايذكرون عنه سوى قرار العفو عن نيكسون, او بعض حوادثه الشخصيه مثل عندما اصطدمت رأسه بباب طائره الرئاسه الامريكيه, او ما قاله بطريق الخطأ عن عدم وقوع بولندا تحت سيطره الاتحاد السوفييتى. لكن الذين يعرفونه عن قرب, فعندما يتحدثون عنه وعن ادائه كرئيس للمعارضه فى الكونجرس او كرئيس الجمهوريه فهم يتحدثون عنه حديثا مختلفا تماما.

 

لنقارن ذلك بالرئيس السابق صدام,  والذى جاء الى الحكم بالقوه والخداع, والذى ادخل بلاده ليس فى حرب واحده بل اثنين, فقد قام بغزو ايران دون مبرر فى حرب تسمى بأطول حرب فى القرن العشرين, وقد استمرت ثمانى سنوات, مما تسبب فى مقتل اكثر من مليون انسان من مواطنيه ومن الايرانيين, واعداد لا تحصى من الجرحي والمشوهيين, والأخريين الذين فقدوا مساكنهم وكل مايملكون. تلك الحرب التى تكلفت اكثر من 1.2 تريليون أى اكثر من 1200 بليون دولار, وقد استعمل فى تلك الحرب كل انواع الاسلحه بما فيها الكيماويه والبيولوجيه,  ثم لم يكفيه ذلك, فبعد انتهاء تلك الحرب, قام بغزو الكويت, ليتم طرده منها بخسائر اخرى فى الارواح والعتاد.

لقد بدد مثات البلايين من الثروه القوميه للعراق على تلك الحروب والمغامرات الفاشله, بينما فى نفس الوقت كان يبنى لنفسه عشرات القصور, والتماثيل فى جميع انحاء العراق. لقد عذب وقتل اعدادا لاتحصى من ابناء وطنه لحمايه نفسه والابقاء على حياته. لقد سبب بسبب عناده وحماقته مقاطعة دوليه على العراق تسببت فى موت نصف مليون طفل حديث الولاده , بينما لم يحس هو وعائلته ومحاسيبه بأى الم من تلك المقاطعه.

 

خلال اكثر من ثلاثه احقاب ونصف, لقد ابدى حماقه وبلاهة وعدم معرفة بأمور القياده ومتطلباتها, كما ابدى جهلا مدقعا بالامور السياسيه والاجتماعيه والثقافيه ثم خاصه بالامور العسكريه.  لقد كان من الممكن , بعد كل ما اقترفه فى حق الشعب العراقى, ان يغفر له البعض لو انه مات فى معركه مع المحتل الامريكى, او مات فى قصف جوى مثلا اثناء الدفاع عن حريه العراق او شيئا من هذا القبيل, لكنه قبض عليه مختبئا فى حفرة كحفرات الفئران مثل..... فأر جبان.

 

اخيرا, لايمكن لأحد ان يتعجب او يتساءل عندما مات فورد بشرف واحترام وحزنت عليه الدوله بأكملها, باختلاف اتجاهاتها السياسيه, اما الاخر, فقد انطلقت الافراح والتهانى من اكثرية الشعب العراقى فى شوارع العراق بموته.   وهذا هو الفرق بين الخير والشر, بين الشرف واللاشرف, بين الديموقراطيه والدكتاتوريه.    فهل تعلم احد من الدكتاتورات فى الشرق الاوسط من هذا الدرس شيئا!!!!!!!!  اشك فى هذا كثيرا.  

 

اجمالي القراءات 11491