الشباب وتأسيس الأحزاب

حمدى البصير في الثلاثاء ٢٩ - مارس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

عراقيل أمام الشباب

فى تأسيس الاحزاب

 

بقلم حمدى البصير

 

قانون الأحزاب الجديد أو المرسوم بقانون الذى أدخل تعديلات جذرية على قانون الاحزب القديم ، به الكثير من المزايا والقليل من العيوب ، ولكن العيب الخطير فيه أن سيقف عقبة كئوود أمام تأسيس الشباب لأحزاب جديدة ، رغم التسهيلات الكثيرة التى جاءت فى ذلك القانون ، والتى تعتبر مكاسب جمة لفصائل سياسية عديدة ، كÇml;ة ، كانت تنادى بتلك التعديلات على مدى سنوات عديدة ، ولكن تلك التسهيلات لن تناسب الشباب بسبب صعوبة تحقيقها على أرض الواقع ، رغم إن الغرض من تلك التعديلات إفساح المجال أمام كل التيارات السياسية والأغلبية الصامته ، والشباب على وجه الخصوص ، لتأسيس أحزابا جديدة ، والإندماج فى الحياة السياسية ، والإستعداد للإنتخابات القادمة - التشريعية والرئاسية - ولاسيما أن الشباب هو مفجرثورة يناير ، وصاحب التغيير الحقيقى لوجه الحياة فى مصر الأن ، والذى يجب أن يجنى ثمار تلك الثورة ، و يشارك وينافس فى الإنتخابات القادمة ، كى يحقق مكاسب سياسية واقعية وملموسة تتوج جهوده ، وتعطى له شهادة ميلاد سياسية ، وجماهيرية مستحقه ، ومشاركة عملية فى تحديد مستقبل مصر السياسى والإقتصادى وفى مختلف المجالات .

فبجانب مانص عليه القانون أو المرسوم الجديد من ضرورة عدم قيام الحزب على أساس دينى أو طائفى أو أى شكل من أشكال التمييز، وعدم معارضة أهدافه ومبادئه وبرامجه مع المبادىء الأساسية فى الدستور ،ووجوب الشفافية لمعرفة مصادر تمويله وعلاقاته وأساليبه فى العمل ، إلا أن عدم التمويل الحكومى للإحزاب قد يحكم عليها بالموت السياسى بعد ولادتها ، بل إن التكلفة الأولية من أجل تأسيسها ، سواء فى تجميع الخمسة ألاف عضو من عشر محافظات على الأقل ، ونشر تلك الأسماء فى جريدتين واسعتين الإنتشار، سيجهض تلك التجربة الوليدة ، ويجعل ولادة حزب بالنسبة للشباب ولادة متعثرة ، وتصبح أحزابا مبتسرة

.

فقطاع عريض من الشباب الذى قام بالثورة لم ينجح فى إيجاد فرصة عمل مناسبة ، كما أن هناك مشكلة بطالة بين أوساط الشباب ، وتلك إحدى الأسباب القوية لقيام ثورة يناير ، فمن أين سيأتى الشباب المؤسس للأحزاب بأموال من أجل تأسيس أحزاب على وجه السرعة للحاق بالإنتخاات التشريعية فى سبتمبر ، ولاسيما أن تجميع خمسة ألاف عضو من عشر محافظات مسألة تحتاج إلى الكثير من المال ، لإن تلك التوكيلات ستوثق فى الشهر العقارى ناهيك عن مصاريف السفر والأنتقال بين المحافظات المختلفة ، وفتح مقرات مؤقته للأحزاب بتلك المحافظات لتجميع المؤسسين والراغبين بعد ذلك فى الإنخراط فى الحزب بعد تأسيسه والحصول على عضويته ،.

ومن أين سيأتى الشباب بالمال من أجل نشر أسماء المؤسسين فى المحافظات المختلفة فى صحيفتين واسعتين الغنتشار مثل الأهرام أو الاخبار أو حتى المصرى اليوم ، علما بأن تكلفة الصفحة الغعلانية فى المتوسط تبلغ 100 ألف جنيه ، كما أن نشر 5 ألاف إسم مؤسس سيكون فى صفحتين على الأقل بالجريدتين أى تكلفة الأربع صفحات ستكون 400 ألف جنيه ، بالإضافة إلى حوالى 100 ألف جنيه أخرى لمصاريف الإنتقالات وتجميع الأسماء فى المحافظات ، يكون مطلوب من أى مجموعة شباب تريد إنشاء حزب " بالإخطار " نصف مليون جنيه على أقل تقدير ، فمن أين للشباب المكافح " العاطل " وذو الدخل المحدود بها المبلغ ؟

وحتى ولو نجح الشباب فى تأسيس أحزاب بالسلف والقروض والغعتماد على الأقارب والمحسنين ،فهل ممكن أن يستمر الحزب ويدخل الأنتخابات ،ويؤسس جريدة له ويتملك أو يؤجر مقرات فى ظل عدم وجود دعم حكومى ، أو تمويل داخلى "نظيف " ولاسيما أن هناك مادة فى القانون أو المرسوم تنص على أن " لا يجوز للحزب قبول أى تبرع أو ميزة أو منفعة من أجنبي أو من جهة أجنبية أو دولية أو من شخص اعتباري ولو كان متمتعا بالجنسية المصرية "

أين تخفيف القيود فى إنشاء الاحزاب ، وأين التيسيرات التى يمكن أن تقدم للشباب كى يؤسسوا احزابا ،وينخرطوا فى العمل السياسى بعد الثورة ، بدلا من ينضموا لحزب الاغلبية الصامته ؟

إن الظروف الأقتصادية الحالية فى مصر لن تمكن الكثير من الشباب من إنشاء أحزاب خاصة بهم وتعبر عن توجهاتهم ، وتتناسب مع قام به من معجزات فى ثورة يناير ، وتتناسب أيضا مع دماء الشهداء التى أريقت من أجل إنجاح تلك الثورة .

فلابد من إعفاء الشباب من مقابل نشر أسماء المؤسسين فى الجريدتين ،وأيضا تقديم قروض ميسرة ومشروطة لهم من أجل إعانتهم فى تأسيس أحزابهم ووضع معايير منضبطة لتحقيق ذلك دو تمييز .

فمن المنطقى أن نضع شروطا وضوابط من أجل إنشاء احزاب جديدة ، حتى لا نفاجىء بألف حزب ورقى فى مصر ، ولكن من المهم أن نيسر على الشبب من أجل أنشاء أحزاب تعبر عن رؤياهم المستقبلية بعد ثورة يناير ، بدلا من أن تستقطبهم التيارات الدينية والسياسية المختلفة ،ويتاجر بهم البعض ، أو أن يصيبح هؤلاء الشباب أعضاء ناشطين فى حزب الأغلبية الصامته !

حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com

اجمالي القراءات 11011