السنة التي يجب علي المؤمن إتباعها
السنة الصحيحة

مهيب الأرنؤوطي في الأحد ٣١ - ديسمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

مر بنا أن ليس في الإسلام سنة بالمعني الذي فهمه منها المتأخرون في العصور الإسلامية، وبحسب التعريف الذي التمسوه لها هو تعريف لا يطابق مفهومه الذي كان سائداً في زمن الصحابة الأوائل من الإسلام، وتبين لنا من خلال دراسة الأحاديث ومواقف الصحابة منها أن كلمة السنة كانت تعني (السنن)، والسنة والسنن في مفهوم الصحابة هي من الله تعالي، وقد توصلوا إلي مفهومها وطبقوها مستندين إلي النص القرآني، وقدموا أفضل النتائج، ثم أتي بعد ذلك من الحكام من يفضل الحياة الدنيا عن الآخرة، ويفضل العاجلة علي الآجلة، واستعان بفقهاء وعلماء يعرفون الحق لكن لديهم استعداد لتحريفه لمرض في أنفسهم أو لحبهم للدنيا أكثر من الآخرة، فقدموا خدماتهم للحكام، وحرموا الناس الحق والنور في كتاب الله، وقدموا بدلاً منه الأوهام والضلالات مدعين وحياً آخر لله تعالي باسم السنة والحديث، فأقاموهم علي التناقض ليكون مرناً في أيديهم يستنبطون منه الأحكام لمصلحة أصحاب السلطة ليتسلطوا ما شاء له التسلط في رقاب عباد الرحمان يدعمهم في تنفيذ مصالحهم أحاديث وأحكام نسبت للرسول الكريم زوراً يناقض بعضها آيات الله في القرآن مناقضة صريحة حتي أمست السنة بالمفهوم الذي ابتدعه لهم أتباعهم من العلماء سلاحاً دينياً لا اعتراض عليه، في حين أن السنة الواجبة الإتباع استناداً للآية الكريمة: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب 21) هي أن نحب رسول الله صلي الله عليه وسلم، ونحب صفاته التي ذكرها لنا الله تعالي في القرآن أو وصلت إلينا عن طريق السيرة النبوية كالصدق والأمانة والإخلاص والوفاء بالعهد ومكارم الأخلاق والعفو عن المقدرة والشجاعة والكرم التي أجملها الله تعالي في قوله الكريم: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم 4).

والسنة أن نبتعد عن الصفات المرزولة التي كان الرسول (ص) يبتعد عنها مثل (الكذب، والرياء، والنفاق، والحسد، والحقد، والغضب، والظلم، والجبن، والبخل، وخيانة الأمانات، والنميمة، والإخلاف بالوعد أو العهد)، وبهذا نكون علي الصراط المستقيم الذي أمرنا بها سبحانه وتعالي في مواضع كثيرة من القرآن ثم نتبع الرسول (ص) في أهم سنة له وهي: كيف فهم هو وصحبه القرآن الكريم وأحكامه فطبقها علي حياتهم في الجزيرة العربية وعلي زمنهم في القرن السابع الميلادي، وكيف نقل القرآن الناس من عقلية جاهلية كانت تؤمن بالسحر والأوهام والأباطيل إلي عقلية إسلامية علمية لا تؤمن إلا بالحق والحقائق والعقل بعد أن كانت حياتهم الأولي في الجاهلية بسبب إتباعهم لنزوات النفس الأمارة بالسوء، فقادتهم نفوسهم إلي الخمر والميسر والزنا والكذب والسرقة وأكل أموال الناس بالباطل، وقتل الناس ظلما في غزوات وحروب تقوم علي الظلم والعدوان، فتحولوا بعد أن حول الإسلام ما في نفوسهم إلي حقائق القرآن ونوره وأحكامه إلي محاربة النفس الأمارة بالسوء وصرفها عن الشهوات والابتعاد عن الفسق والفساد والإفساد في الأرض والسير بهدي من الله تعالي علي صراطه المستقيم أكثر فأكثر بالصلاة والزكاة والصيام وباقي العبادات، والسخاء بالمال في الصدقات وبالنفس في التقال في سبيل الله، فغير الله تعالي ما كان في أحوالهم من ضعف إلي قوة وجاه وسلطان، ومن ذل وهوان علي الناس إلي عز ونصر من الله مبين، ومن فقر وجوع إلي غني وصحة في النفس والجسد، ومن جهل وضلال وأوهام إلي إشراق وعلم وهدي

اجمالي القراءات 29787