تعليق على الأستاذ دادي.
* لا يجوز لنا أن نقرأ " فويل للمصلين ..." ثم نحكم على الصلاة !*

عبد الرحمان حواش في الجمعة ١٨ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

* لا يجوز لنا أن  نقرأ " فويل  للمصلين ..." ثم نحكم على الصلاة !*

 

ــ  تعليق على الأستاذ  دادي.

ــ الأستاذ دادي: سلام ، تحية مباركة طيبة.

ــالأستاذ الكريم : فلأهمية الموضوع، والتساؤل التقريري !?الذي طرحتموه، بل لجسامة الحكم الخطير ، الذي استنتجتم من ءاية النساء 23 ( حرّمت عليكم ... وحلائل أبنائكم الذين من أص من أصلابكم ..) ارتأيت أن أجعل الردّ ، على تقوّلكم ، موضوعاً بذاته حتى أنجو – بين يد الله – من عدم التحقيق، وخاصة عدم التصحيح ، امتثالاً لقوله تعالى في سورة البقرة159/160 :( إن الذين يكتمون ... أولئك يلعنهم الله ... إلا الذين تابوا وأصلحوا وبيّــنوا...) .

ــ يجب على المتدبر لكتاب الله أن يتحرى بجـدّ ، ما جاء  فيه من أحكام، من غير ارتجال ولا عدم  تأكـّـد.

ــ قرّر الأستاذ  دادي ، وحكم بصفة ارتجالية على أن حليلة الإبن  من البنت لا تحرم على جدها. وينتج عن ذلك أنه  يجوز لجدها أن يتزوجها !?  إن طلقها، أم  توفي عنها – وذلك استناداً لقوله تعالى في سورة النساء 23 السابقة  الذكــر،واستناداً لآية عدم إبداء الزينة في ءاية النور 31 ( ... ولا  يــبدين  زينتـــــهن إلا ...).

ــ أيها الأستاذ : لا  يكفي أن نقرأ : ( فويل للمصلين ...) الماعون 4. ثم نحكم على الصلاة.

كما قال  الشاعر:

لم  يقل  ربّك  ويل  للاولي  سكــروا       وإنما قال ويل  للمُصليـــــــن

ــ لنحاول معاً، أيها المومنون تدبّر ءايات الله البينات المبينات ، من كتابه المبين ،الــــــذي هو : ( ... تبياناً  لكل  شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) ولنسئل الله الهداية والتوفيق. فالحكم  خطير ولنستفت كتاب الله المبين، من غير أن نستند إلى قياس، أو إجماع ، أو عادة  أو ...

ــ أولا: جاء قوله تعالى : ( ... وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ...) جاء  لنفي حليلة الولد المتبنى لأنه ليس الوالد له،. فهو بعيد عنه ، وليس من صلبه. لقوله تعالى : ( ... وما جعل أدعياءكم أبناءكم ...) وقوله: ( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ...) الأحزاب 4/5.

ــ وجاء كذلك لنفي حليلة الإبن من الرضاعة أرضعته الزوجة فهو بعيد عنه وليس من صلبه كذلك، كما جاء في قوله تعالى : ( حرمت عليكم ...وأمهاتكم اللتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة...)23 النساء.

ــ ثانيا: إن الله سبحانه وتعالى حين خلق أبانا ءادم من تراب، جعل نسله وذريته من ماء مهيـن : ( ... وبدأ خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) السجدة 8.ثم أخبرنا عن ماهية هذا الماء : ( فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ) الطارق 6/7.

ــ - خاصة-  وهو الأهم في الموضوع ، أنه جعل هذا الماء الذي يخرج من الصّلب ( ومن الترائب ) جعله نسباً  وصهراً. كما جاء  في ءاية الفرقان 54 ( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً...).

ــ نسباًالذكر: تنازلي  وتصاعدي :  الأب  والإبن وما  أنجبوا. جاء  في  قوله تعالى في سورة الصافات 158: ( وجعلوا بينه وبين الجنة  نسبا...) .

ــ صهراً : الأنثى: أفقي- جانبي : الزوجة  والبنت وما  أنجبن.

ــ  إذاً  فحليلة ابن البنت هي من صلبه.

ــ لفتــة :الترايب : هي خصْـيتي الرجل، التي هي مَخـبر، ومصنَـع  الحُــيـَـيْ  المــــــــنوي testicules -- كما أن المبيـض ovaireمخبر ومصنع البويضات .

ــ ثالثا:كلنا يعلم  أن الانسان إنما أنجب أو خلق من نطفــــــــــــة الرجل spermatozoïde

( 23 صبغية مزدوجة ، واحدة منها Xو Y) chromosomes  ومن بويضة الزوجة كذلك l’ovule( 23 صبغية مزدوجة منها واحدة :X-   X).

ــ إذاً فابن البنت يحمل من جينات الأم(المُورّثات) التي تحمل بدورها جينات من صلب الأب . إذاً فولدها من صلبه !

ــ رابعا: تبياناً  لما سبق  فإن الله تعالى أشار إلى ذلك إشارة واضحة في قوله : ( ألم يك نطفة من مني يمنى ... فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) المدثر 37/39. إذاً  فكلاهما : الذكر والأنثى من الصلب من الماء  الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب.

( يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا...)الحجرات 13

لفتــةمهمة: لتعارفوا هنا من العُرف (الغُصن، وطرف كل شئ ) وهو بمعنى التشعب والتفرّع . جاء نظيرُه في كتابه، في سورة الأعراف 46 و48التي سميت بهذا المــــــــعنى : ( ... وعلى الأعراف رجال ...) ( ونادى أصحاب الأعراف ...)  ليس من التعارف ، الذي يذكره جُلّ المفسرين. لو كان كذلك لقال الله لتتعارفوا. لأن الأصل التـّعارف بالتشديد، على صيغة التفاعل (التاء مضعّفة) هذه الآية معجزة القرن العشرين، في كتاب الله، وما بعده. وهو ما نسميه بـ:géne  ( المورّثـة )  و génome  ( عنصر الوراثة – والأمــــشاج الصّبغية ) .  ( سنريهم ءايتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كلّ شئ شهيد) فصلت 53.

ــ خامسا: بالنسبة لما سبق نجد أن الله سبحانه وتعالى ينعثُنا بـ : يا بني ءادم  كما ينادي جميع نسل يعقوب عليه السلام بـ : بني إسراءيل لما لهذه التّسمية من إعجاز. ( ... ذرية بعضها من بعض ...) 34 ءال عمران. منذ  ءادم ونوح  إلى يومنا هذا.

ــ سادسا: بالنسبة لما سبق، نجد أن الله يخبرنا في كتابه المبين أن في جيناتنا جينات صلب أبينا ءادم،  وكذا في صلب كل البشر إلى يوم القيامة – ملحدا كان ، أم مشركا -  نجد في صلبه جينة الخالق العلي القدير وذلك مصداقا  لقوله  تعالى في سورة الأعراف 172: ( وإذ أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذرياتهم  وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم  قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة  إنا كنا عن هذا غافلين ) . وهو ما نسميه في عصرنا هذا  في علم المعالجة الآلية للإعلام بـ : Puce  électronique   " الجزئية الإلكترونية " .

ونجد ذلك في الواقع، حينما يُسئل الكفارُ والمشركون – كما أخبرنا بذلك ، الله الخالق – في عدة ءايات من كتابه المبين:( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخّر  الشمس والقمر ليقولُن الله فأنى يوفكون ) في سورة العنكبوت 61 و63.ومثله في لقمان 31  و 39 الزمر ،  و43 الزخرف.

ــ إذاً ، فكل فرد منا متّصل صلبه صعوداً إلى أبينا ءادم الذي جعل الله في صلبه جميع جينات خلقتِنا  وانحداراً  إلى ءاخر ذرية من صلبنا ، أي إلى يوم القيامة ،  مصداقا  لقولـــــــه تعالى ( والله  جعل لكم من أنفسكم أزواجا  وجعل  لكم من أزواجكمبنين وحفدة...) النحل72.

ــ إذاً لا نشك وأن ابن البنت هو من صلبنا لا مراء فيه ولا شك !!

ــ سابعا: فيوسف، نبئ الله ( عليه  السلام ) يسمي أجداده ( الجد الأول والثاني ) بالآباء وذلك في قوله تعالى فـــي ســــورة يوسف 38 ( واتبعت ملة ءابائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ... )  وما جاء في سورة البقرة 133. ( ثلاثة آباء منها جدّين ).

ــ ثامنا: قوله سبحانه وتعالى في سورة النور 31 ( ... ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابائهن أو ءاباء  بعولتهن ...) هنا درجات الآباء لم يُــحدد، لا بالنسبة لآبائهن، كما لم يحدّد بالنسبة لأباء بعولتهن – كما لم  يفرق ولم يخصص بين الآباء من الأب أو بين الآباء من الأم -  " كما سبق "  أن ذكرت – أن يوسف ( عليه السلام ) اعتبر أباً  يعقوب ( عليه السلام ) الذي أنجبه كما اعتبر جديه ( أبويه ) إبراهيم  وإسحاق ، أبوين.( عليهما السلام ) في سورة يوسف 6 و38.

ــ تاسعا : منطقيا – بل أقول فطريا كما قرّر ذلك خالقنا (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله  التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك  الدّين القيّم... ) الروم 30 .

ــ كيف يعقل أن يتزوج جدّ ( أب ) ، كما جاء  في يوسف ( عليه السلام ) كيف يتزوج  حليلة إبن كان يقول له أبي !( أو جدّي !) ( لأنه توفــّي  عن حليلته ) أو لا يـــزال حيّاً ( لأنه طلقها ) وهذا ما يسمى بالزنا ،  بذات المحارم لا غير، l’inceste.

ــ عاشرا : ومما لا يعقل ، فطريا، أن نحرم أباً (جدّ اً) من مشاهدة زينة حليلة ابنه من بنته !ونُحلّ له تزوّجها !وقد بلغ من الكبر عتيا، واشتعل رأسه شيبا، بل نقول – تجاوزاً- ( من قواعد الرجال) وقد تجاوز عمره الستين – على أقل التقديرات – هذا إذا ما اعتبرنا أدنى سن الولادة بعشرين سنة. 20 (الأب ) + 20 ( البنت ) + 20 ( ابن البنت ) = 60 سنة على أقل تقدير – كما ذكرت – لنتعقل !ولنتفكر !...

ــ أخيرا ، هذا ما بدا لي في التعليق – وخاصة – التصحيح لما جاء به  الأستاذ دادي ،  ذلكم الحكم الخطير الذي جاء به ارتجالا  ومن غير تريّث.

ــ أيها القراء الكرام  أرجوكم قراءة هذا المختصر، لما يمكن أن يقال في الموضوع ، وإعادة قراءته قبل أن نسرع في الحكم عليه سلبا أم إيجابا.

ــ أيها القراء الكرام أرجو أن لا يُنتظر مني الردّ على تعليقكم ،وذلك حتى لا  يصبح الموضوع دوّامة ، وتعثراً  في الترهات،  ودقّاً  للماء  في  المهراس، وتضييعاً للوقت كما صار ذلك في مواضيعي السابقة، إذ  دامت التعاليق والردود،  شهورًا وشهوراً – من غير أن نخرج بنتيجة  جديدة – مثل موضوع : تعدد الزوجات، والحجاب، وإبليس لم يكن من الملائكة،  وغيرها...

ــ أيها القراء الكرام ، لنتحاكم إلى كتاب الله  المبين وإلى ءاياته البينات المبيّنات، ولنتدبره، ونستفتيه ، قبل أن نحكم في الدين ، بغير ما أنزل الله. وأختم هذا التصحيح ، بما جاء في ءاخر ءاية النور 31 نفسها : ( .. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المومنون لعلكم تفلحون ).

ــ عفواً  ومعذرة .

ــ  والله  أعلم  وأحكــــم ــ

 

اجمالي القراءات 20061