تحية لشباب مصر العظيم

عثمان محمد علي في الثلاثاء ٠١ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

تحية لشباب مصر العظيم .

 الشباب المصرى العظيم كسر كل القواعد ،وفاق كل التوقعات بثورته العفوية المباركة . الشباب الذى كنا ننظر للكثير منه على أنه شباب (نايتى ) وكنا فى قلق عليه  لدرجة مخيفة ،وكيف لشباب يعيش بصورة   (سوسو ،وتونى ،ووائل )وشباب آخر يعيش تحت وطأة مثلث الفقر والتطرف والمخدران  أن يتحمل مسئولية .ولكن ما لم نكن نعلمه أن هذا الشباب إختزل فى داخله كل ثقافة العالم  ،وثقافة القرية الكونية الجديدة ،وتواصل مع العالم الإفتراضى بكل لغاته  ،وإستفاد من كسر حاجز الخوف  والصمت على الإنترنت  ،وعبر عما بداخله بكل وضوح وصراحة وشفافية ،سواء  كانت إحباطات أو أمنيات ،وتحدثوا وكتبوا  فى كل شىء وفى أى شىء .وإستفادوا من كل ما خطه المصلحون الحقيقيون  فى فضاء الإنترنت .وما  بثته  بعض الفضائيات من برامج حوارية   ومناقشات جريئة على كل الأصعدة وفى كل مجالات الإصلاح (سياسى ،دينى ،إقتصادى ،إجتماعى ) . وإستفادوا من إمكانية خلق عالم إفتراضى لكل منهم من خلال المدونات ،وحسابات الفيس بوك ،والتويتر ،ودعوا الناس إليها وبكل اللغات .. فأصبح شباباً (جريئا ، مثقفاً ،واعياً ،يفهم فى الإصلاح والسياسة والإقتصاد وحقوق الإنسان أكثر بكثير من بعض  أساتذة الجامعات أنفسهم ) ،واصبح من الصعب ،بل من المُستحيل خداعهم ،وهذا ما لم يفهمه النظام المصرى وعلى رأسه (الفاجر الداعر الحقير الخائن – حسنى مبارك ). وظن حسنى مبارك بأنه بإمتلاكه  مجموعة من المنافقين والعبيد من البوليس وأعضاء الحزب الوطنى أنه إستطاع خداع الشباب ،وتركيعهم له  مدى الحياة ، ولإبنه من بعده ،سائرا على خطى عبدالناصر وكل  ديكتاتوريات العالم من قبله .ولكن كانت المفاجئة العظيمة التى بدأت  منذ سنوات على صفحات الفيس البوك والمدونات . أن بدأ هذا الشباب الثائر الحر فى كشف فساد النظام ،وفضح جرائم الشرطة  وحفلات التعذيب التى تقيمها للمواطنين الضعفاء ،ثم كشفت عن  سوءات وتزييف وتزوير مبارك  لإنتخابات الشعب والشورى والمحليات والرئاسة .. ثم أخذ هذا الشباب العظيم  خطوات أخرى اكثر إيجابية فى  تحديد مواعيد للخروج لمناصرة بعض المظلومين فى إحتجاجاتهم ومظاهراتهم ضد النظام ،مثل عمال المحلة ،والشهر العقارى وغيرهم وغيرهم ، ثم تكوين مجموعات أخرى بإسم (شهداء تعذيب البوليس ) مثل صفحة ومجموعة خالد سعيد التى ضمت اكثر من 2 مليون مشترك .. .. وكانت أهم وآخر دعوة لهؤلاء الشباب الوردى الزاهر دعوتهم  للخروج السلمى للتعبير عن مطالبهم فى يوم الإحتفال بعيد الشرطة (25-1-2011) . وسرعان ما لبت الجموع الدعوة  وخرجوا  للتعبير عن مشاعرهم ومطالبهم  بطريقة حضارية سلمية .ولكن مبارك بحقارته وخسته ونذالته أفسد عليهم  إنتفاضتهم وأنهى يومهم بقتل عدد منهم  وإعتقال وتعذيب عدد آخر .فكانت هذه هى القشة التى قسمت ظهر مبارك ،والمسمار الأخير فى نعشه إن شاء الله . فتضامن بقية الشباب المصرى فى الداخل والخارج معهم ،وإنضم إليهم الأهالى والرجال والنساء والأطفال والعجائز والفقراء والأغنياء .وعمت المظاهرات والإحتجاجات  أنحاء الجمهورية  فى جمعة الغضب (29-1-2011) .ونجحت نجاحاً باهراً .وتحولت إلى مطلب واحد وصريح وهو (إزاحة مبارك من الحكم ) وسقوطه هو و نظامه ،وحزبه ودولته البوليسية الحقيرة .. فما كان من مبارك الخسيس الخائن الحقير العاهر إلا أن سحب البوليس من كل اقسام الشرطة ،وأمرهم بفتح السجون للبلطجية والمسجلين خطر ،وأعطاهم السلاح ،وأمرهم ان يسيروا فى الطرقات والشوارع  لترويع المواطنين  وسرقتهم وسرقة ممتلكاتهم  الخاصة والعامة  ،محاولة منه العمل على  إعادة شباب المظاهرات إلى بيوتهم لحمايتها ولتقليل الأعداد المتجمهرة ضده ، ولإظهار الثورة المباركة بأنها ثورة للنهب والسرقة والفوضى ،وليست للمطالبة بالحقوق والإصلاح  وإزاحته هو ودولته الفاسدة من حياة المصرييين المستقبلية .فرد الله كيده فى نحره ،وفهم المصريون  اللعبة ،وحافظ الشيوخ والسيدات والأطفال وبعض الشباب على  بيوتهم وممتلكاتهم وشكلوا لجانا شعبية  تتناوب ورديات  الحماية ليلا،وتذهب  لميادين المظاهرات نهاراً ،وحمى الله مصر بفضله وبنعمته من كيد فرعون ودولته .. ونجحوا نجاحا باهرا وأثبتوا للعالم (بالصوت والصورة) حُسن خلقهم وحسن تصرفهم ومدى خوفهم وحبهم لبلدهم العزيزة مصر . فتحية لهؤلاء الشباب ،وتحيىة لأهلنا وأمهاتنا وأبناءنا وإخواننا وأخواتنا المصريين .

وتحية لهم على أنهم لم يعطوا الفرصة  لأى شخص أن يقول أنه الأب الشرعى لهذه الثورة .فلا الأحزاب ولا الإخوان ولا الجيش ولا أى إنسان يستطيع أن يقول أنه قائد هذه الثورة ،فهى ثورة شباب حُر خاطر بنفسه ،وحمل كفنه على يده وضحى وسيضحى من أجل وطنه وأهله ومستقبله ..

ورحم الله كل من توفاه الله فى هذه المظاهرات  ونسأل الله لنا ولهم الرحمة والمغفرة  ،وألهم أهله وأحبابه الصبر والسلوان والربط على قلوبهم ونعمة الإيمان ...

وأهمس فى اذن  المثقفين الذين ساعدوا النظام الفاسد الفاسق على ظلم إخوانهم المصريين .لا زالت الفرصة أمامكم سانحة  لتصلحوا من أخطاءكم ،بأن تبتعدوا عن ممارسة النفاق للنظم القادمة  مرة أخرى ،وأن تخلصوا التوبة لله وتصلحوا من اعمالكم ،وتهتموا بتخصصاتكم العلمية  والأكاديمية فقط ، وتعلموها للأجيال القادمة بإخلاص ... وساعتها سيقول لكم الشعب عفا الله عما سلف .فالشعب المصرى شعب كريم ،ومتسامح .

-- ولا زالت الثورة المباركة متقدة  حتى تاريخه ،ونسال الله أن ننتهى من مبارك  الخائن لشعبه ووطنه  سريعا وفى غضون ساعات وليس أيام .

الثلاثاء 1-2-2011

اجمالي القراءات 11331