انتصرت ثورة اللوتس المصرية

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٣١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة :

آخر مقال لي يتابع أحوال مصر كان بعنوان : (يا أمهات مصر تحركن لقيادة المظاهرات) وكان بتاريخ 27 يناير.كتبت بعدها مقالين تجاوزتهما الأحداث ، قلت فى أحدهما وتحت عنوان :( قبل جمعة الغضب : إلى جنرالات العار :  قدموا مبارك فداءاً للشعب  قبل أن يسحقكم الشعب )  ( حتى لا تتعلق برقابكم دماء المصريين ):

 

1ـينتمي الجيش المصري للشعب المصري كما ينتمي البوليس المصري للشعب المصري ،ولكن من يتحكم في الجيش والشرطة هم جنرالات مبارك. هم الذين يملكون أصدار الأوامر وهم ا&aacdil;لذين يمكنهم تحجيم مبارك وتسليمه للشعب .أمامهم الآن فرصة تاريخية للفوز بحياتهم والتكفير عن جرائمهم بالإنحياز إلى الشعب الذين ينتمون إليه في هذا الوقت الحاسم والعصيب .. وأن يستفيدوا من تجارب إيران وتونس .

2ـ في إيران وقف جنرالات الشاة مع الشاة ومعهم البوليس معززاً بالجيش و(السافاك ) " أمن دولة الشاة " وأطلقوا النار على الجماهير الثائرة ، فتضاعف الثوار وأصبحوا مئات الألوف . وبعد مئات القتلى شعر الجنود بالعار فكفوا عن اطلاق النار فسقط النظام وهبط الخوميني من طائرته وهرب الشاة بطائرة أخرى ، وفي أول جمعة يحضرها الخوميني جاء جنرالات الجيش يصلٌون حلفه يؤدون له فرائض الطاعة والولاء ،فتجاهلم وسأل عن سبب مجيئهم إليه وفهم اتباعه الإشارة فمزقوهم قتلاً .. وتتبعوا الآخرين حتى أتموا تطهير جيش إيران منهم ..

فهل يعتبر جنرالات مبارك بهذا الدرس الإيراني ؟

3 ـ الدرس الآخر من تونس .. فالرئيس التونسي عندما رأى عجز البوليس عن قمع المظاهرات طلب تدخل الجيش ليسحق التونسيين بدباباته .. ورفض قائد الجيش وتدخل الجيش مهدداً بن علي فلم يجد أمامه طريقاً إلا الفرار .

فهل يعتبر جنرالات مبارك بهذا الدرس التونسي ؟

4 ـ الوقت ضيق والموقف حرج .. وكلما مرٌ الوقت تضخمت المظاهرات ، ونحن أحرص على دماء المصريين المتظاهرين والجنود البسطاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في دولة مبارك. مع التأكيد والتذكير بإن أطهر من أنجبتهم مصر منذ 1952 هم أولئك المتظاهرون ومعظمهم شباب ولدوا وعاشوا في حكم مبارك ، وبثورتهم عليه اثبتوا فشله وفساد حكمه .الحرص على هؤلاء المتظاهرين هو الأولوية الكبرى .. ولتأكيد هذا الحرص يجب أن يتدخل جنرالات مبارك لخلع مبارك وحبسه واسرته إلى حين تقديمه إلى محاكمة عادلة هو ومن أجرم في حق الشعب ..

5 – كل يوم يمر بدون تدخل قادة الجيش لعزل مبارك يضيف مخاطر تنذر بوقوع المزيد من الضحايا الأبرياء من المتظاهرين الاشراف الآحرار ، ومن ضحايا الانفلات الأمنى ، ويضيف بالتالي جرائم إلى جنرالات العار في الجيش والشرطة .. لذا فإن مصلحتهم وحياتهم ومستقبلهم في التعجيل بالتدخل الآن قبل الغد،وإلا فقد حكموا على انفسهم وعائلاتهم بالعاروالدمار)   انتهى .

  بعدها انشغلت مع تحالف المنظمات المصرية الأمريكية في سعيها لدعم الثورة المصرية " ثورة اللوتس " عبر المظاهرات والاتصالات بالأدارة الأمريكية في الخارجية والبيت الابيض ..

أولا :

وحتى لا تسبقنا الأحداث المتلاحقة فإننا نقررمقدماً بعض الحقائق والدروس:

1ـ أن " مبارك " إنتهى . والحديث يدور الآن عن مصيره ..والتفكير الآن هو في السيناريوهات التي سينتهي إليها مبارك هل بالهرب مثل بن علي أو شاه إيران وعيدي أمين ، أم بالمحاكمة مثل صدام حسين أو بالقتل السريع مثل شاوسيسكو. وعند الهرب يدور البحث الجدي عن تأمين ملجأ آمن لمبارك .ولا يبدو الغرب مستعداً لاستضافته ، وهناك مقترحات لتسهيل هروبه إلى السعودية أو إلى إسرائيل ، ولكن الأرجح ان يهرب الى صديقه ملك البحرين ، ويملك مبارك قصرا فخما هناك .وتجرى اتصالات أمريكية معلنة بهذا الشأن ، يعززها شائعات عن قيام جمال مبارك برحلة سرية الاسبوع الماضى لبريطانيا وسويسرا حيث قام بتحويل أرصدة الأسرة الى البحرين ، خوف أن تتعرض للتجميد..هذا بخلاف تمكن جمال مبارك واسرته وبعض اتباعه من تهريب ما خف وزنه وغلا ثمنه من مصر مؤخرا. وبعد غياب مبارك سيندهش المصريون من حجم ما سرقه منهم آل مبارك وأتباع مبارك ، مما سيخلق وضعا صعبا لكل من يظل فى مصر من رموز عهد مبارك.

2 ـ موقف الجيش المصري هو في النهاية مع الشعب. فتاريخه مرتبط بالدفاع عن الشعب، تحرك في ثورة عرابي مع الشعب ضد الخديوي توفيق ، وتحرك في حركة 1952 ضد فساد الملكية، وتحرك مؤيداً للشعب في انتفاضة الخبز في 18 ، 19 يناير1977 ، وتحرك ضد شغب مساكين الامن المركزي فى 1986.

ولقد حاول مبارك تكوين جيشه الخاص عبرافساد كبار الجنرالات في الجيش وتضخيم الحرس الجمهوري وتجييش البوليس وأمن الدولة ، فنشأ ما أسميناه بجيش مبارك . ولقد تهاوى هذا الجيش سريعا بصمود الشعب المصري . والوضع الآن ـ حتى هذه اللحظة ـ ان الجيش في الشارع مع الشعب ، ولكن بعض الجنرالات لا يزالون مع مبارك ،ولقد حاولوا تخويف المتظاهرين عن طريق تحليق طائرات الاف 16 فوق رءوسهم فلم يهتم المتظاهرون ، عندها أدركوا مدى تصميم شعبهم المصرى على موقفه.

ولذلك فسرعان ما سينفضون عنه، خصوصاً مع الأخذ فى الاعتبار عاملين : الأول : ان الضباط الصغار والمتوسطى الرتب الذين يقودون وحدات الجيش فى الشارع لا يزال ولاؤهم قويا مع الشعب ، ولم يتم إفسادهم كما حدث مع القيادات ، وبالتالى فلن ينفذوا أى أمر باطلاق النار على المصريين ، بل قد يتحركون ضد هذه القيادة و تحدث مجزرة.الثانى هو العناد الشعبى على رفض أى إجراء يقوم به مبارك والتصميم الشعبي على الزحف بمظاهرة مليونية غداً الثلاثاء أول فبراير لعزله ، واعتبار الجمعة القادم يوم رحيله . ومن السهل عليهم يوم الثلاثاء احتلال قصر الرئاسة فى مصر الجديدة بعد أن إنضم اليهم القضاة وبعض الشيوخ وبعض الفنانين وكثير من القيادات الشعبية . وواضح أن استمرار المظاهرات يزيد فى عدد أنصارها بانضمام الخائفين والمترددين واللاعبين على الحبال ومن يمسك العصا من الوسط ، وقد تأكد الجميع من أن عصر مبارك قد ولّى ، ويتوالى كشف الأنباء عن فضائحه وجرائمه هو والعادلى .

وبالتالى لا بد أن يتخلى عن مبارك جنرالاته ، ومن السهل أن يجدوا عذراً مقبولا لدى الشعب . تكفيهم الحجة بأنهم حافظوا على الجيش من الانقسام وابتعدوا عن الخيانة العظمى للشعب المصري ..

3 ـ قلنا ان المسبد خائن لشعبه ، وحكمنا على مبارك بالخيانة العظمى .وهو الآن يؤكد خيانته العظمى ، فهو يريد البقاء في السلطة ، رغم أنف الشعب حتى لو أحرق مصر .لم يكتف بما سرقه هو واسرته واتباعه من أموال المصريين ، ولم يكتف بما ارتكبه في حقهم من قتل وقهر وتعذيب ، وعندما طالبوه سلمياً بالخروج سلط عليهم كلابه بالرصاص الحي والمطاطي.. ولا يزال حتى هذه اللحظة يعاند . ولو اطاعه الجيش لأرتكب مذابح مليونية في مصر .. هذا مع انه يعلم أنه انتهى سياسياً في الداخل والخارج ..

4 ـ وهذا يؤكد أهمية تحديد " مدة واحدة " للرئيس في تعديل الدستورـ لو تم اختيار النظام الرئاسى ـ ولتكن 6 سنوات " مثلاً "  فهذا يقطع دابر الاستبداد في الحكم ..ولكن الأفضل هو الديمقراطية النيابية حيث يكون الرئيس مجرد رمز لا يحكم ، ويتولى الحزب ـأو الأحزاب ـ صاحبة الأغلبية فى البرلمان تشكيل الوزارة ، كما يحدث فى بريطانيا والهند واسرائيل.

5 ـ وهذا يؤكد أيضاً على ضرورة أن يفهم الناس ان الديمقراطية لا تعني وجود رئيس حاكم .. لأن الحاكم هو الشعب . الرئيس هو رئيس الأدارة التي تخدم الشعب . وليس رئيس الشعب ، نكرر :الرئيس هو خادم الشعب وليس حاكماً للشعب .. يجب تأكيد هذه الحقيقة . لتكون كل الأجهزة من شرطة وجيش وادارات في خدمة الشعب وفي تحقيق كرامة الفرد .

ختاماً :

الله أكبر .. والنصر للشعب المصري الذي أثبت الرقي والحضارة المصرية الأصيلة . إن الشعب المصري كما قالت أم المصريين " صفية زغلول " مثل رمال الصحراء ، قد يدوسها المستبد والمحتل ، ولكن عندما تثور تعصف به .

الله أكبر.. واللعنة على كل مستبد .. وآله وأعوانه ...

اجمالي القراءات 13162