الحرية والحياة
مات الطاغية ومصر أبدا لن تموت

محمود حامد المري في الأربعاء ٢٦ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

في مصرنا الحبيبة في يوم الغضب على الظالمين الفرح للمظلومين  بالأمس الموافق 25يناير أشتعلت نيران الغضب

   انطلقت الأصوات والزغاريد مقترنة بآهات الموتى والحرقى وكل المعذبين يطلبون من  الطغاة  الرحيل قبل أن تراق الدماء ويكفيهم  ما جمعوه ونهبوه على مدار عقود ثلاثة سلبوا  حرياتنا قتلوا أولادنا سرقوا كرامتنا  وأموالنا .

في ذلك اليوم بداية لعهد مصري جديد نفض فيه الكثير منا السلبية التي بتنا نعرف بها ،نفضنا عنا الخوف ،عرفنا أن الخالق واحد والرازق واحد من يملك الموت والحياة هو الله  عرفنا أننا كلما أزددنا حرصا على الحياة فستكون العيشة ذليلة والموتة مهينة .

 الشباب والفتيات رأينا في عيونهم الفرحة والعزة والكرامة  يد واحدة مصري واحد لا  إنتماءات دينية أو طائفية أو حزبية يد واحدة غني وفقير أستاذ جامعة وصنايعي القرى والمحافظات كلنا شربنا من كأس الظلم حتى بعض عساكر الأمن المركزي المغلوب على أمره أنضموا للمظاهرات وهتفوا ضد الظلم وعصابة السلطة ، أمهات وأطفال وفتيات يستحثون الرجال على الصمود شباب يقفون في مواجهة  المدرعات في مواجهة خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع .

 التعامل البوليسي في بداية التظاهرات كان حذرا يخشى المواجهة لكنه أشاح عن وجهه القبيح بعد أن شهد تظاهرات جادة وعرف أنها لن تعود إلا بعد أن تؤتى أكلها  بعد أن ترفع العصابة راية التسليم

خسرنا بعض الشهداء شهيدنا بألف والحساب قادم وسيدفع الظالمون الثمن وأظن ليلة الحساب قريبة قادمة لا محالة هؤلاء الشهداء  نبراس حرياتنا يضئ  لنا للمستقبل ، نحتسبهم عند الله ضحايا للحرية وتحرير مصرنا العزيزة .

 سقط الطاغية من الرعب وكأني أراه ينادي على رئيس حراسه أن أغلقوا الأبواب  أن زيدوا الحراس يجري يمنة ويسرة يهرول صاعدا السلم ويهبط مسرعا إلى بدروم قصره فينكفئ على الأرض فينهض بمعاونة خدامه فيجدون الأرض مبللة فيبعدون عنه ويطلبون منه الذهاب إلى الحمام ، يخرج مذهولا خائفا يضع لفافة يصم بها أذنيه عن سماع الأصوات الهادرة التي تطلب رحيله لاعنة  سنوات حكمه التي هي أحلك العقود التي مرت على مصرنا المختطفة ، وكأني أسمع  هذا الظالم وهو يفكر ويقول لنفسه  هل تهرب ياحسني وتحمل ما خف وزنه وغلى ثمنه من المجوهرات والتحف المسروقة من متاحف مصر هل سيتمكنون مني أم أن البوليس الذي ربيته وأنعمت عليه سيجهز على هذه الفئة الباغية

 لو خسر البوليس المعركة فهناك   الجيش أيوه الجيش موجود  ربيته وأنعمت على الكثير من قواده أنهم جيشي أنا أنهم يحمونني يأتمرون بأمري وقد أغدقت عليهم الكثير وأعطيتهم رواتب مجزية وسيارات وشقق وفيلات سيبيعون شعبهم من أجلي من أجل استمرار الترف الذي هم فيه

أنهم مجموعة من الخونة جعلت منهم قيادات للأفرع المهمة في الجيش ينتظرون إشارة واحدة مني ،والأسلحة موجودة ومكدسة في المخازن وإن لم تستعمل اليوم في صدور هؤلاء المتظاهرين فمتى تستعمل يهرع إلى التليفون يطلب حبيبه فيرد عليه  ألحقنا ياريس فيطلب الطنطاوي تليفونه خارج نطاق الخدمة يطلب من هم دونه تليفوناتهم غير متاحة ،

يعود إلى نفسه هل تهرب كيف وإلى أين كما أنني  لست جبان كم من المحاولات الماضية لقتلي مرت بسلام ، أنهم مجموعة من الغوغاء سرعان ما يتفرقون لا لا لن أهرب أن الشعب المصري تفرقه عصا ويجمعه مزمار سيخافون مع أول عسكري يرفع بندقيته سأظل أحكم كما وعدت الشعب الغلبان حتى أخر نبضة في قلبي

يعود إلى الشباك المغلق يسترق الصوت فيجد الأصوات تعلو وتعلو والعرق يتصبب من كل مكان في جسده الواهن أنهم يقتربون من القصر

بعض العساكر يقترب منه ويقول له أنهم قد شاهدوا بعض المتظاهرين يحاولون الدخول فيأمرهم بالضرب في المليان فرقوهم  أقتلوهم أبعدوهم أنهم خونة ثم يجري إلى الدور العلوي من القصر يبحث عن أولاده وزوجته  فلا يجد أحد يعرف أنهم هربوا بدون أن يخبروه لقد حملوا ما أستطاعوا ومع أول طائرة إلى لندن تركوه  وحده، هل يلحق بهم هل يترك كل ذلك الجاه والسلطان والهيلمان أنه الحاكم بأمره يعود فيقول أبدا لن أهرب أنا بطل العبور قدمت حياتي لهذا الشعب وهؤلاء المتظاهرين  قلة منحرفة أما الشعب الغلبان فكلهم معي 90% صوتوا لي في الإنتخابات نادوا بي رئيسا للجمهورية مدى الحياة

ليس هناك في هذا الشعب البائس من هو مثلي، أن النساء في مصر قد عقرت أن تلد حاكما عالما عادلا قائدا حازما مثلك يا مبارك أنك هبة الله لهذا الوطن ، هناك بعض الأخطاء نعم ولكن ليست مني أنا نعم هذه الأخطاء ممن حولي أما أنا فلا ،  يدخل إلى غرفة نومه من أجل أن لا يسمع هذه الأصوات يسمع طرقات الباب تدق بقوة بعض رجال الجيش الشرفاء قد أتوا للقبض عليه نعم حانت لحظة المحاكمة

يرتعش بين أيديهم أنا رئيسكم يردون عليه نحن جيش الشعب وقد قال الشعب كلمته وعليك بالإمتثال وتسليم نفسك يسألهم أن يتركوه وسيجزل لهم العطاء سيجعل منهم القواد وكبار المسؤولين لكنهم يعاجلوه بوضع أساور حديدية بين يدية

 وأنظر إلى  عينيه فأرى دموعا قد لمست خديه ، فأتحسسها بيدي هل فعلا هذه دموع ،  ربما تكون دموع ولكنها أبدا ليست دموع  الندم أنها بالأحرى  دموع التماسيح يرتجي بها أن ينجو من هلاك قادم وموت محقق

ووقع الطاغية على سلالم قصره قبل أن يدخل إلى عربة مصفحة كانت تنتظر أن تقله إلى ميدان التحرير حيث كانت تجهز أكبر محاكمة سياسية وجنائية في التاريخ المصري للعصابة التي أختطفت مصر لثلاثين عاما

 سيموت الطاغية  أما مصر فأبدا لن تموت  

اجمالي القراءات 9242