بين التطرف الوهابي والتطرف العلماني ..
فك طلاسم هروب بن علي للسعودية .!!

أيمن عباس في الجمعة ٢١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

بين التطرف الوهابي والتطرف العلماني ..

يعيش العالم العربي والإسلامي أزمة حقيقية في العلاقة بين الدين والدولة ..تنبع  هذه الأزمة من فهم خاطئ للدين هدفاً ووسيلة وغاية  والدولة ونظم الحكم فيها وان العدل هو أساس الملك .. كما يقال ..

  أنقسم على أثرها العالم الإسلامي إلى حزبين كبيرين ..

1 ـ الحزب الأول ـ حزب الإكراه على الأخذ بالدين ــ  وهو اقصاء  حقوق الأف&Ntilaacute;أفراد وحرياتهم السياسية والدينية ـ  لصالح تفسيرات دينية أرضية منغلقة تحظي بالتقديس ، وهذه التفسيرات المريضة أصبحت بديلاً عن الدين. ..

وتزعم هذا الإتجاه نظام آل سعود السني الوهابي ونظام الملالي الشيعي في إيران ، وكلاهما ورث هذه الراية عن سابقيه .

2 ـ الحزب الثاني تطرف هو الآخر في مواجهة الحزب الأول .. فأقصي الدين إقصاءاً كاملاً وأكره الناس على ترك الدين سواء اكان سماوياً او أرضياً . وحمل لواء هذا الحزب في العالم الإسلامي  "تركيا أتاتورك " وتونس بورقيبة وزين العابدين " .

أي أن العالم الإسلامي تأرجح بين تيارين كلاهما يُكره في الدين ، أحدهما يُكره على الأخذ بما يعتقده دينا ويكفر الآخر المختلف .، والثاني تطرف هو الآخر ليكره على ترك الدين سواء أكان هذا الدين سماوياً أو أرضياً ...

هذا بالنسبة لمن هم في الحكم ..

وبالنسبة للنخب التي خارج الحكم سواء أكانت معارضة في صورة احزاب او جماعات .. إنقسمت هي الأخرى بنفس الطريقة مع تشيع أكثر لكلا المذهبين .

فظهرت القاعدة والأخوان المسلمون وغيرهما في السنة وفي الشيعة  ظهر مثل ذلك ..

وبالنسبة للشعوب حدث لها نفس الإنقسام وعانت منه أشد المعاناة وحدث تواطؤ بين الحاكم والنخب السياسية  والدينية على حساب الشعوب ..  

 

هذا مع ان الله سبحانه وتعالى في دينه السماوي يحرم الإكراه في الدين السماوي  ـــ على الأخذ  به ـــ  أو تركه مع إنه الحق .. " لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ... البقرة ".." وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ  .. الكهف ..(29)  "..

و من ناحية أخرى فمواثيق حقوق الإنسان تعطي الأفراد الحق في إلحرية الدينية والسياسية بدون إكراه أيضاً ..

إلا أن أصحاب الأديان الأرضية  لابد لهم أن يفرضونها على الآخرين لأنها بدون فرض لا تصمد للنقاش .. لذلك فإنها تقوم على تكفير الآخر المختلف معه والذي يتبنى رؤية أخرى .

فالفريق الوهابي الذي يحكم بنظرية الحق الإلهي ويعتبر نفسه ممثلاً عن الله . يكفر كل المخالفين من المسلمين حتى داخل إطار السنة نفسها ، ويكفر الشيعة والصوفية  والشيعة أيضاً وتكفيره بالطبع أشد للنظام الذي يستبعد الدين مطلقاً .. .. ويحظى أهل القرآن باكبر قدر من التكفير ..

وفي المقابل فإن الشيعة لا يحرمون مخالف لهم من التكفير ..ولكن بأشكال مختلفة تختلف في الشكل ولا تختلف في المضمون .

وحظي الإتجاه الوهابي في السعودية ونظام الملالي في إيران بكثير من الزخم والإنتشار وذلك بسبب براميل النفط السوداء التي ظهرت في السعودية وإيران فتم إستخدام هذا المال في الباطل وبدلوا نعمة الله كفراً ..

بسبب البترول السعودي والإيراني تقلص حجم العلمانية والليبرالية بكل أنواعها سواء أكانت متطرفة أم لا .. وأنفرد بالساحة ..الأتجاه الوهابي الملالي ..

 ظلت حالة الاستقطاب مستمرة إلى ان نشطت حركة أهل القرآن وغيرها من الحركات الليبرالية بفعل شبكة الإنترنت .. فأحرجت كلا الفريقين ، واوضحت لكلا الفريقين مخالفته للقرآن من ناحية  ولمواثيق حقوق الإنسان وحريته من ناحية أخرى  ...

مما أسفر عن ظهور الكثير من الشباب الأنترنتي الذي يمحص ويراجع كل ما يعرض عليه من فتاوى وآراء سياسية   .. فأصبح الكثير من الشباب عندما يسمع رأياً في الدين يسأل عن السند من القرآن الكريم وتكثر المناقشات بينهم على ان القرآن هو الحكم و هو الوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..

ظهور هذا الجيل من الشباب في عصر ثورة المعلومات والإنترنت ومعرفته بها . نجح نجاحاً ملموساً  في تقليص إنتشار الإتجاه الديني المتطرف ، والإتجاه العلماني المتطرف الإستبدادي ..

 .. وجاء نجاح الأتراك في توليفة تهذب بها شكل علمانيتهم  وتأخذ من المصلحة منهجاً ..

وسقط زين العابدين في تونس ولم تكن ثورة أهل تونس ترفع أي يافطة دينية بل كان بسبب تطرف سياسي إستبدادي وصل لمنتهاه ..

كل ما سبق هو طبيعي ومنطقي ومقدماته تؤدي لنتائجه بسهولة  ويسر ..

 ولكن الغير طبيعي والغير منطقي أن ترفض جميع دول العالم أستقبال زين العابدين بن على ما عدا السعودية الوهابية .. مع أن زين العابدين بن على يعتبر كافراً بالنسبة للوهابية ..دمه وماله وعرضه حلال بلال زلال ..ويجب تطبيق  حد الردة  ( القتل ) عليه فوراً عند العثور عليه بلا استتابة ..

إذن فما الذي جعل نار الوهابية التكفيري برداً وسلاماً على بن علي ؟؟..

هو لغز كبير بالطبع وكبره بحجم خيبتنا وتخلفنا عن ركب الحضارة وحقوق الإنسان .

ظهور هذا اللغز أربك الكثير من المنطقيات التي حسبناها منطقيات  وعشنا على أنها صحيحة ، وهذا يدعونا إلى  إعادة التفكير في دراسة المقدمات التي أفضت للنتائج التي ذكرناها ..

ونعود لموضوع الإكراه في الدين الذي بدأنا به مقالنا ..

ونقسم الأنظمة حسب الإكراه في الدين فيتم التقسيم للآتي :

اــ دولاً تاخذ الإكراه الديني طريقاً  ومنهجاً في الحكم  ( مع أو ضد ) هم ملة واحدة ودين واحد.. مهما تعددت الأشكال واليفط المعلقة والمرفوعة  .. يتساوى النظام السعودي الوهابي السلفي مع بن على العلماني الملحد ..

فالمصلحة والهدف والمصير المشترك يجمعهم ، وما يجمعهم من مصالح أكثر مما يفرقهم .

وفي هضم الحق في الحرية المشاركة في السلطة والثروة يتساوى السنة والشيعة في هذه العادة السيئة ..

إذن هي إسطوانات يصنعها المستبد المتطرف سواء أكان علمانياً او دينياُ بهدف الوصول للسلطة والإحتفاظ بها بلا وجه حق .وإبعاد الشعوب عن المشاركة في السلطة والثروة ..

  هي اسطوانات للإستهلاك المحلي لإلهاء الشعوب في معارك وهمية تكفيرية .. بعيداً عن الحاكم المغتصب للسلطة والثروة ..

2 ـ دولاً لا تأخذ الإكراه في الدين طريقاً..  وفي المقابل فمن لا يأخذون الإكراه في الدين طريقاً ملة واحدة مهما إختلفت اليافطات المرفوعة  ...

 إذن هذا يجعلنا نثمن الدور الذي يقوم به موقع أهل القرآن في تفعيل الشورى والديمقراطية وحقوق الإنسان .. وجعل الإصلاح السياسي هدفاً لا يقل اهمية عن الاصلاح الديني .. بل إن رؤية أهل القرآن للإصلاح الديني على أنه إصلاح سياسي في الأساس ..

والحمد لله أن وضح للجميع أن نظرية الحكم في القرآن الكريم أولها الشورى وآخرها الشورى ..فالنبي نفسه مامور بإن يشاور وهو الذي يتلقى الوحي من السماء .

ووضح أيضاً للجميع أن المستبد بالسلطة أو بالثروة أو بالدين هو أعدى أعداء بني آدم الذين كرمهم الله سبحانه وتعالى ..

اجمالي القراءات 14284