وريث العرش
أبن الساعي وأبن الرئيس

محمود حامد المري في الجمعة ٢١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

حكاية قديمة حدثت منذ خمسة سنوات حضرتني  أحداثها اليوم  وبطل هذه الحكاية مواطن مصري بسيط  كان  يعمل ساعيا بإحدى مديريات الصحة بمصرنا الحبيبة  واسمه عم محمود  ,ولما  بلغ الستتين  من عمره حضر إلى المديرية لتسوية معاشة وأحضر معه  ظرف  يحمل فيه أوراق أبنه وحيد وبعد تقديم أوراق المعاش طلب  عم محمود من مدير شؤون العاملين أن يعين أبنه بدلا منه  ولكي يزكي المواطن البسيط موقف أبنه وحقه في التعيين  أخذ يشرح كيف أن أبنه يعرف أصول وظيفة الساعي جيدا وأنه قد تشربها منه، فكثيرا ما كان يساعده في العمل حينما كان بعافية شوية ، ووحيد محبوب من الجميع وعليه فنجان شاي  وقهوة ما حدش يعرف يعمل زيه ، ومرتب أبنه بعد التعيين مع المعاش تتستر ، وأخذ الرجل يعيد ويزيد يشرح في مواهب وإمكانيات أبنه  وأنا أستمع بإنصات لما يجري ونظرت  إلى عيون الرجل فلمحت دمعة تكاد تنسكب  من عينيه  أما لأنه كان حسب ظني يتوقع الفرح أو لأنه كان  يتوقع الصدمة برفض طلبه ، لكن مدير شؤون العاملين عاجله بالصدمة حينما  أخذ يشرح مواد قانون  الوظيفة العامة والتي توجب إعلان عن الوظيفة في جريدتين يوميتين وسن محددة للوظيفة والمؤهلات والخبرات  في هيئات أو شركات حسب بطاقة وصف الوظيفة وأبنك يتقدم زي أي حد وأسال الأستاذ خالد أهو معانا  وعرفه بي ، فهممت بأن أؤيد رأى المدير لكن الرجل عاجلني برد حاسم وبسيط حينما قال لي أزاي الكلام ده الريس مبارك جاب أبنه أزاي وشغله شغلانه كبيرة في الدولة وهيمسكه ريس  بعد عمر طويل  ، فنظرت إلى مدير شؤون العاملين ونظر إلى ولم يرد كلانا وكتمت غيظي وأنصرفت بعد أن أخذت عنوان عم محمود  ، وعرفت بعدها أن وحيد لم يتم تعينه  حيث أفتقد بعض شروط الإعلان ، نعم وحيد أبن عم محمود  لم يستحق  وظيفة ساعي بسبب عدم إنطباق بعض شروط أعلان الوظيفة علية حسب القانون  رغم أن راتبها يزيد قليلا عن مائتين جنيه وتعينه بدلا من والده  كان سينقذ أسرة من البهدلة ،  نعم لم  يستحق وحيد الوظيفة رغم خبرته بأصول الشاي والقهوة وحب العاملين له ولوالده  لكنه لم يستوف شروط الإعلان  فدفعت الأسرة إلى الذل والسؤال كملايين الأسر البسيطة  ، لكن جمال  حسني مبارك أستحق أن يكون في كل هذه المناصب بنفوذ والده  وجبروته رغم أن مجرد قربة من مؤسسة الرئاسة وإندماجه في الحياة السياسية والحزبية والإقتصادية يكون هو ووالده قد خرقا وخالفا كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية والقانونية التي  تحظر أن يكون للرئيس أو زوجته أو أحد أفراد أسرته مصلحة بالذات أو الوساطة في عقود أو أعمال أو مقاولات تتصل بأعمال وظيفة والده ، وأن والده بذلك يستحق المحاكمة البرلمانية وعلى البرلمان أن يحيله للتحقيق والمحاكمة وأن يقرر عزله بسبب هذه الجرائم المتعددة التي لو أرتكبها رئيس في دولة تحترم شعبها لما طلعت عليه شمس يوم واحد بعدها،  لكن الحال في مصر مبارك غير الحال في أي دولة حرة غير محتلة ،  والوريث بعبقريته النادرة وخبرته الفائقة أستحق أن يكون  أمينا لعصابة  السياسات وكبير مصطبة الحزب الوثني وعبقري مصر الذي يدير مؤسساتها  ، يعين من يشاء ويقيل من يشاء يرسم خططا لهدم الأقنصاد يعوم الجنيه ويغرقه  يعملق الدولار ويقزمه حسب مصلحة عصابة بابا وماما يفتح أبواب الإستيراد ويغلقها حسب مصالح ميتو وتيتو وعمو وخالتو وأنكل وسعادتو، يعلي الأسعار ويحميها ويولعها على الغلابة يبيع بأبخس الأسعار  مصانع الحديد والأسمنت لعز وحسن وبعدها تولع الدنيا وتقترب أسعار الحديد من أسعار الدهب ، نعم هذا النابغة يستحق كل هذه المناصب وأنه يكون وريثا للعرش  حسب قانون بابا وماما بعد أن ساعد والده في في أهداء  أراض الدولة بالملاليم لطلعت وخميس وفريد وبهجت وعز و هوامير العرب الخليجين كالوليد والخرافي  ، وفي نفس الوقتا ييبع المتر الواحد للشباب الباحثين عن سكن بألف وألفين جنيه مع شروط بناء معجزة  وشروط في الدفع والتراخيص  أكثر تعجيزا ، ومن أشترى بالملاليم لا يدفع ولا  يبني  ويسقع ويدفئ بفضل المكرمة السامية من العائلة المقدسة ويصيح  ملياردير في غمضة عين ، نعم العبقري جمال يستحق أن يكون رئيسا بعدما رضع كل علوم الرئاسة وفنونها وخبرتها من والده الرئيس،  شرب الأمور خبرة الرئيس في القهر والظلم والسفه وعدم القدرة على التواصل مع الناس  وورث عناده وعدم إلتفاته إلى أهات والأم المظلومين   ورث جمال عدم رؤية الرئيس لما يجري حوله في العالم من تغيرات في مجال الحريات والحقوق والإعلام المفتوح وفضاء الإنترنت ومازال يرى العالم بعيون الستينات  دولة  بقناة تليفزيونية واحدة تسبح بحمده وتشيد بفضله وإنجازاته وعبقريته ، نعم ورث جمال خبرة الرئيس  في عدم الفهم وعدم القراءة وإن قرأ فلا  يقرأ إلا الصحف المسماة بالقومية وجريدة الحزب الفاشل القافل  على عقول وصدور الناس وضمائرهم ، نعم ورث جمال غباء الرئيس الذي يرى أن كل الأمور تسير على ما يرام وأن المعارضين قلة قليلة منحرفة تستطيع مباحث أمن الدولة أن تلمهم وتأدبهم  وتخرب بيوتهم وتشردهم في بلاد  الله ، نعم ورث جمال قلة خبرته أبيه في التعامل مع مشاكل مصر الداخلية  والخارجية ، ففي الزراعة  أصبح الفلاح في عهده يشتهي الرغيف الحاف وأستوزر عليها رجلا جاهلا  لا يعرف في الزراعة ولا في غيرها مشغول بشركاته الخاصة عن شؤن الفلاح والزراعة  فأهلك الحرث والنسل وخرب ملايين الأفدنة وأصبحت مصر تتسول المحاصيل الرئيسية  من قمح وقطن وذرة وبضعة أيام صقيع في روسيا خلت ركب الوزير تخبط في بعضها ،في التعليم سلط عليه رجل يحكم الوزارة بعقلية والده لواء الشرطة المجنون الذي أباد مئات الجنود في أحداث الأمن المركزي عام 86  حينما كان محافظ أسيوط فتم مكافأته مرتين على هذه الجريمة مرة حينما عينه  المجرم وزيرا للداخلية والثانية بعدما مات بتعين أبنه وزيرا للتعليم ، وأثبت الأبن أنه خير خلف لذلك السلف المجرم فأربك الوزارة في شهورا قليلة وسميت في عهده الميمون وزارة التأقليم  فكل من فيها مجرمين يعتقلهم في معتقلات والده المجرم الأثيم ويكفي هذا الوزير أن العاملين بالوزارة يطلقون عليه لقب اللواء ، في كل وزارات مصر جرائم وجرائم يندي لها الجبين خجلا ولولا خوفي من الإطالة على القارئ لتوسع المقال إلى أن يكون كتابا  نستعرض فيه إنجازات المورث والوريث ،   نعم يستحق جمال أن يكون رئيسا فقد ورث سذاجة الرئيس المفرطة فلا يكاد  يكمل لقاء واحدا بدون أن يتندر عليه المجتمع الدولى  وسقطاته على النت تستحق كتابا نحكي فيه بتوسع أكثر مما يتحمله هذا المقال ،   نعم ورث جمال  حكمة الرئيس في إختيار معاونية فالرجل لا يقرب إليه إلا المتاجرين بدم الشعب من رجال الأعمال وأصحاب الشركات وأنصاف العلماء والمتسلقين والمنافقين والظالمين ويستبعد الشرفاء والعلماء والمحترمين  نعم يستحق جمال أن يكون  رئيسا خلفا لحسني  غير المبارك ولا يستحق وحيد أن يكون  ساعيا خلفا لعم محمود البسيط المبارك     

اجمالي القراءات 11472