الإرهاب
المسيحي يقتل ,والمسلم يقتل

زهير قوطرش في الأحد ٠٢ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

         الأخوة الأعزاء .

        المسيحي يقتل , والمسلم يقتل ....من وراء هذا القتل ؟

        أي فكر وأية ثقافة جعلت من الإنسان المضطهد والمسكين أداة لقتل

         أخيه الإنسان المضطهد والمسكين أيضاً.

    .

من المؤكد أيضا أننا أمام حالة استثنائية يدفع فيها القاتل , الفقير أو المضطهد , الثمن , ليس فقط من حياته التي يدمرها , Ède;رها , بل من إنسانيته أولا , و هو عندما يقتل مضطهدا آخر , فإنه يعيد إنتاج و تأبيد اضطهاده هو بالضرورة , اضطهاد الفقراء و المكبوتين و المستلبين من أبناء دينه أولا , إنه لا يقتل خصمه فقط , إنه يقتل إنسانيته قبل أي شيء , و لا يلغي الآخر فقط , بل يلغي نفسه أساسا لصالح السادة , الحاليين أو الطامحين للعب دور السلطة المطلقة ,

          

          أقدم لقراء الموقع الكرام , مقالة للكاتب مازن كم الماز  رؤية  من           منظور جديد لما حصل في الإسكندرية من جريمة بشعة راح                 ضحيتها أخوة لنا في الوطن من المسيحيين .رحمة الله عليهم

                                         

                                       المقالة

 

  • هناك نقطة هامة جدا تحتاج للتوضيح فيما يتعرض له المسيحيون في الشرق من إرهاب فاشستي و المسلمون في الغرب من إرهاب مماثل , هي أن المقصود بالدفاع هو الإنسان في كلتا الحالتين , أي المسيحيون أنفسهم كبشر هنا في بغداد و الإسكندرية و ليست المسيحية نفسها , و المسلمون أيضا في مدن الغرب الذي يسمي نفسه بالمتحضر و ليس الإسلام أيضا . المقصود في مواجهة هذا الإرهاب الفاشستي هو حرية الإنسان في كل الأحوال و أي الأحوال , و هذه الحرية تعني بالضرورة حريته في الاعتقاد أو اللااعتقاد دون أن يكن من حق أي كان أن يفرض عليه أولا الاعتقاد بفكرة أو بدين أو إيديولوجيا ما أو أن يفرض عليه بالمقابل عدم الاعتقاد بها أو أن يمارس ضده التمييز بسبب قناعته الحرة تلك,

هكذا تكون المسيحية و الإسلام و أي دين آخر أو أية إيديولوجيا أخرى داخلة جميعا في نطاق حرية الإنسان كإيمان , كعقيدة ممكنة , و قابلة للنقاش و للنقد في جميع الأحوال دون أي ترهيب أو ترغيب أو وصاية أو محرمات , و جميعها ( و هذا ما كان عليه الحال في فترات مختلفة من التاريخ ) تناقض تلك الحرية و تخاصمها بل و تسحقها عندما تطرح أية فكرة أو دين أو إيديولوجيا نفسها كسلطة فكرية , أو روحية , كجزء أو كتبرير للسلطة السياسية و للهيمنة الاجتماعية القائمة , أي باختصار عندما تطرح كممارسة قمعية أو كمؤسسة قمعية أو كخطاب قمعي . يجب هنا أن نشير إلى حقائق تاريخية تتعلق خاصة بالدين المسيحي و الإسلامي و الخطابات الليبرالية و الستالينية و القومية الحديثة أو المعاصرة أو الحداثوية أو ما يمكنك وصفها به و غيرها من خطابات سلطوية , فالمسيحيون مثلا تعرضوا لقمع شديد و فظائع دموية على امتداد قرون , من سلطة الإمبراطورية الرومانية تحديدا , لكن عندما أصبحت المسيحية الدين الرسمي لذات الإمبراطورية تحولت إلى أداة قمع ستنتهي بأن تشكل محاكم التفتيش و أن ترسل للمقصلة أو تحرق آلاف الآلاف من البشر الذين اعتبرتهم هراطقة عدا عن ممارسة ملاحقة الساحرات الهوسية و البارانوية ضد كل مخالف أو ضد كل من تجرأ على انتقادها أو على التفكير بشكل مستقل أو حر , يصح هذا بالطبع عن الإسلام أيضا , و لو انه في حالة الإسلام كانت الفترة التي تعرض فيها أتباعه الأوائل للاضطهاد أقصر بشكل واضح و أيضا الفترة التي احتاجت إليها مؤسسته الدينية و السياسية التي حكمت باسمه لتبدأ بممارسة القمع ضد مجتمعها في الأساس كانت أقصر بكثير من حالة المسيحية , لقد تعرض المسلمون الأوائل أيضا للقمع و للتكفير و للاضطهاد , خاصة الذين كانوا ينتمون لأسفل الهرم الاجتماعي آنذاك , كابن مسعود و عمار بن ياسر و بلال الحبشي و غيرهم , لكن ما أن يتحول الإسلام إلى الدين الرسمي لدولة تقوم على سلطة مطلقة , بما في ذلك الخلفاء الراشدون ضمنا ( حروب الردة مثلا أو قمع عثمان لأبي ذر و منتقديه في العراق و مصر رغم نجاحهم فيما بعد في إنجاز ثورة تاريخية عليه سيكون تكفيرها المدخل لتأصيل السلطة المطلقة و التنظير لها من قبل المؤسسة الدينية الإسلامية ) , حتى يتحول إلى ممارسة القمع ضد المخالفين له بمن في ذلك من يقدم تفاسير مختلفة للنص المقدس نفسه و للمتمردين على النظام القائم , صحيح أن المسيحية و الإسلام استخدما أحيانا للتعبير عن نزعات أو محاولات التمرد على هذا الأنظمة السائدة لكن كل تلك المحاولات قد كفرت من المؤسسة الدينية الرسمية و ستعتبر تاريخيا على أنها هرطقية و خارجة عن الملة “الصحيحة” , لقد كانت المسيحية قبل أن تتحول إلى مؤسسة قمعية و خطاب قمعي , أي سلطة روحية عليا مطلقة , كانت هي روح الأخويات المسيحية الأولى التي قامت على أساس شيوعي حقيقي على هامش النظام العبودي المسيطر في روما بينما عندما أصبحت دينا له بابا و كنيسة و معتقدات رسمية تقرر في مؤتمرات كهنوتية يحسم فيها رأي الإمبراطور و تدخله حقيقة الإيمان الصحيح و محاكم تفتيش تلاحق الهراطقة , عندما أصبحت باختصار الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية أصبحت هي مبرر اضطهاد العبيد من قبل مستعبديهم الرومان , أصبحت الدين الذي يضطهد و يستعبد باسمه ملايين الأقنان و يقتل باسمه فيما بعد الآلاف من المفكرين الأحرار في أوروبا نفسها إضافة إلى شعوب العالم غير المسيحي الذين أبيدوا بالملايين في فترة التوسع الاستعماري انتهاءا بالهنود الحمر في العالم الجديد باسم يسوع الرجل الأبيض و رغبته المحمومة ( و حقه المقدس ؟! ) في الاستيلاء على ذهب الأمم المتخلفة أو غير المسيحية و “تخليص” الوثنيين من تخلفهم و حياتهم في نفس الوقت , هذا ينطبق بالطبع على البرجوازية التي ستبدأ حربها ضد النظام الإقطاعي و الكنيسة و النبلاء بالكثير من الحديث عن الحرية لتحقق أخيرا حرية واحدة فقط هي تلك التي عبر عنها سميث و ريكاردو بشعار دعوه يمر , و التي كانت تعني حريتها في نهب سائر البشر , و من سجنه أو منفاه السيبيري سيظهر ستالين فقط لكي يرسل آلاف مؤلفة من مخالفيه إلى هناك بعد أن أصبح حاكم الكرملين المطلق . من المؤكد أن الفوبيا من الإسلام أو المسلمين في الغرب و المسحيين في الشرق ( و تكفيرهم و اضطهادهم بسبب مخالفتهم للسائد ) هي ذات طبيعة فاشية , نازية , لكن من المؤكد أيضا أن هذا الخطاب الفاشستي الإقصائي المهووس بامتلاكه للحقيقة المطلقة و حقه في محاسبة الآخرين و محاكمتهم وصولا إلى تصفيتهم أو تطهيرهم الجماعي هو في نفس الوقت نتاج للجانب القمعي في الإسلام و المسيحية و العلمانية و الليبرالية و الستالينية و القومية و .. جميعا على حد سواء , و أنه نتاج لمواقف رجال الدين المسيحيين و المسلمين و للمنظرين الليبراليين و الستالينيين و القوميين و غيرهم على حد سواء , سواء من الإنسان عموما أم من الفرد سواء المخالف أو حتى التابع لدينهم أو لفكرتهم الإيديولوجية , إن ربط فكرة الإنسان و حصرها بحالة ما أيا تكن هو موقف فاشستي معادي للإنسان , أي إنسان , في جوهره , ليس فقط ضد من تستخدم لإقصائه و تكفيره بل حتى ضد من تعتبره عبدا أو تابعا جيدا و مخلصا لتلك الفكرة أو الدين , كما أن محاولة رجال الكنيسة القبطية تعزيز زعمهم بامتلاكهم للحقيقة المطلقة عن طريق ملاحقة أي مسيحي يغير دينه , و إصرار رجال الدين الإسلامي من جهتهم على أحكام الردة و حرمان المسلمين من حقهم البديهي في نقد الإسلام أو تغيير دينهم أيضا لتكريس زعمهم الفارغ بامتلاكهم للحقيقة المطلقة بفرضها على أتباعهم أولا و حرمانهم في كلتا الحالتين المسيحية و الإسلامية من الحق في التفكير المستقل و الحر و من ممارسة حرية الاعتقاد هي أساس ما يجري اليوم . إن التراشق بالكلام المعسول على جثث الضحايا اليوم , بين كل رجال الدين و التنظير النخبوي و الفوقي هؤلاء , ليس له أي معنى , إنه أكثر من ذلك استمرار للجريمة بحق الإنسان . من المؤكد أيضا أننا أمام حالة استثنائية يدفع فيها القاتل , الفقير أو المضطهد , الثمن , ليس فقط من حياته التي يدمرها , بل من إنسانيته أولا , و هو عندما يقتل مضطهدا آخر , فإنه يعيد إنتاج و تأبيد اضطهاده هو بالضرورة , اضطهاد الفقراء و المكبوتين و المستلبين من أبناء دينه أولا , إنه لا يقتل خصمه فقط , إنه يقتل إنسانيته قبل أي شيء , و لا يلغي الآخر فقط , بل يلغي نفسه أساسا لصالح السادة , الحاليين أو الطامحين للعب دور السلطة المطلقة , هذا كان ما يفعله بالضبط العامل الألماني عندما كان يمارس القتل و التعذيب الهمجي ضد اليهود و غيرهم في ألمانيا النازية . الحقيقة أن الكنائس أو المساجد هي اليوم رموز للوقوف في وجه اضطهاد مؤقت لكن هذا ليس أكثر من خداع مؤقت أيضا , إن المسيحيين في الشرق و المسلمين في الغرب يحاربون و سيحاربون فقط ليقيموا كنائس و مساجد سيكون عليهم أو على أولادهم أو أحفادهم أن يحرقوها بأنفسهم , كشرط ضروري لحريتهم فيما بعد , لخلاصهم من الاضطهاد , و هذا يسري أيضا على مقرات الأحزاب الليبرالية التي تزعم أنها عندما ستتولى حكم الناس و تصبح هي في موقع السيد سيصبح هؤلاء الناس عبيدا محظوظين , إنها فقط صورة لسيطرة النخبة و محاولتها تكريس تفوقها و هيمنتها إلى الأبد , إنها النسخة الحديثة من الأحزاب الستالينية التي كان على شعوب أوروبا الشرقية أن يحرقوها و يدمروا أصنامها و يقاتلوا ميليشياتها المخلصة لرأس النظام حتى النهاية , كي يلقوا بنير الاستعباد عن كاهلهم , في إسبانيا الثائرة 1936 – 1939 كان على الفلاحين و العمال أن يحرقوا تلك الكنائس كرموز إجبارية للقمع و الاضطهاد , و لا شك أن الزنج العبيد المتمردين على نظام القنانة القروسطي السائد في الدولة العباسية يومها لم يفرقوا بين بيوت سادتهم و مساجدهم عندما أحرقوا تلك المدن كالبصرة مثلا و غيرها كرمز لعبوديتهم و إذا لم تصبح المساجد اليوم بعد رموزا لعبودية الملايين لا بد من حرقها لتحقيق حريتها فهذا لأنها لم تحصل بعد , في العصر الحديث , على فرصة للعب دور المستبد أو المستعبد لهذه الجماهير , إلا في بعض الأماكن كإيران مثلا . و من الغباء اليوم تصور أن من سيحمي المسيحيين اليوم في الشرق أو المسلمين في الغرب من هجمات و إرهاب الفاشيين الجدد هو آلهتهم في السماء أو تلك الأصنام التي تعبد كسادة على الأرض , لن يحمي يسوع المسيحيين في الإسكندرية و بغداد و لن يحمي محمد أو ملائكته المسلمين في الغرب من التمييز و الاضطهاد , و لن يفعل ذلك أيضا رجال الدين لا المسلمين و لا المسيحيين , و بالتأكيد لا يمكن أن تفعله تلك الأنظمة و قتلتها المأجورين الذين يسمون أنفسهم شرطة و حراس و عسس , إذا كان يجب استخدام وصف الإرهاب فإن الأحق به هم القتلة من أجهزة الأمن و حراس الأنظمة القائمة من الشرق إلى الغرب , و جلادي شعوبها في الشرق و الغرب , حماة النظام القائم , حماة علاقات الملكية و السلطة القائمة , و لا معنى هنا لكلام المومياء المصرية المسماة حسني مبارك على الإطلاق و لا للبلاغة اللغوية لمصاصي دماء الشعوب ( و خاصة شعوبهم هم بالذات ) كساركوزي و أوباما , هؤلاء الذين يقترون و يفرضون أقصى تقشف ممكن على الناس العاديين و الفقراء و يعتبرون أن فقدان الملايين لوظائفهم و بيوتهم و لأي قدرة على حياة كريمة هي نتيجة طبيعية لفاشيتهم التي تقوم على الداروينية الاجتماعية أي حق البقاء للأغنى ( و ليس للأفضل كما يزعمون زورا و كذبا ) و يغدقون المليارات على الاحتكارات من تعب و جيوب الفقراء , بمن فيهم الأجيال السابقة و حتى القادمة , و يكفي أن نقول أن القمع و الفوبيا و التمييز ضد المسلمين في الغرب الذي يسمي نفسه متحضر هي أفضل مدرسة ممكنة لتفريخ الانتحاريين و هي أفضل حجة لتسفيه كل ما يسمي نفسه حداثيا أو مستغربا أو ليبراليا أي كل من يعتقد بتفوق مراكز النظام الرأسمالي العالمي على أطرافه المتخلفة تقنيا و اقتصاديا و ضرورة استنساخها لأسلوب الحياة الأمريكي كشرط شكلاني أجوف و فارغ تماما لحداثة لا تتجاوز القشور السطحية و تمثل في نفس الوقت مدخلا لتقوية سيطرة ذلك النظام على أطرافه و سحق مقاومتها و لهيمنة نخبة مستغربة على تلك الأطراف باسم و لصالح الإمبراطورية في الأساس , ليس الغريب هو وجود انتحاريين مسلمين في شوارع الغرب , بل الشاذ و الغريب هو عدم وجود انتحاريين من غير المسلمين أو العرب في شوارع الشرق . طالما كان الفاشيون يستخفون بقدرة الجماهير نفسها على المقاومة و يضعون مشاريع للهيمنة تقتصر على محاربة النخب و القوى المنافسة , إن الجماهير التي تهب للدفاع عن نفسها و التي تتنظم ديمقراطيا و تتسلح في سبيل انتزاع و الدفاع عن حريتها أقوى مما يظن الفاشيون أو الأنظمة القائمة , و إذا كانت هناك شبهة في حرب الأصوليين ضد الأنظمة القائمة فإن حربهم ضد البشر ذات طبيعة فاشية بحتة , إنهم يقتلون الآخر لأنه مختلف فقط , لأنه إنسان مختلف , و هم لا يذبحون الفقراء المختلفين عنهم دفاعا عن حرية أحد ما بما في ذلك حريتهم بل في سبيل عبودية جديدة أشد همجية من تلك التي يعيشها الفقراء و المضطهدون اليوم , أعتقد شخصيا أنه على المسيحيين في الشرق و المسلمين في الغرب أن يعتمدوا على قواهم الذاتية فقط , أن ينظموا قواهم هذه للدفاع عن النفس , و هذه ليست معركة الأقباط وحدهم في مصر أو المسيحيين وحدهم في العراق أو المسلمين فقط في الغرب , على العكس تماما , فإن أسوأ استلاب و اضطهاد هو ذلك الذي يمارس ضد الأغلبية باسم و بمبرر هويتها السائدة نفسه أو تفسير تلك الهوية الشمولي و الاستبدادي , تبدأ حرية المضطهدين المسلمين في الشرق بحرية المسيحيين في هذا الشرق المسلوب الحرية و المستلب الإرادة أولا , أما إذا أرادها الفاشيون حربا فلتكن كذلك , هناك دائما فرصة لنشوء حروب بين الفقراء باسم النخب التي تهيمن عليهم و لصالح هيمنة هذه النخبة أو تلك في الواقع , لكن الحرب الوحيدة التي يمكن أن يكون عنوانها حرية البشر جميعا أيا كانوا هي بين الناس أنفسهم الذين يتعرضون للقتل و التمييز و الملاحقة و الاضطهاد و بين قتلتهم و مضطهديهم

 

اجمالي القراءات 11411