الى متى تظل مصر مطية راكب ؟ ..

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٤ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

1- الثابت تاريخيا مساعدة المصريين لعمرو بن العاص فى فتح مصر ، ولولاهم لما استطاع بجيشه الضئيل – الذى لا يعرف شيئا عن مصر- ان يهزم الروم . هذه الحقيقة التاريخية تؤدى الى حقيقة مؤلمة هى ان المصريين هم الذين فتحوا مصر لصالح العرب وعمرو بن العاص.

كافأهم عمرو بن العاص بفرض الجزية عليهم ثم قال فيهم كلمته المشهورة "مصر مطية راكب".

2- المطية هي الحمار او الحمارة التى يستطيع اى احد ان يركبها دون ان تعترض او تحتج ، بل تصبر على الظلم والأذى ، وترى ان ك&aeكونها مركوبة من القدر المكتوب الذى لا فكاك منه ..

فهل مصر مطية راكب ؟

حين قال عمرو بن العاص هذه الكلمة كان يقصد جموع المصريين ، ومع انهم ثاروا عليه ، ثم ثاروا على الولاه الآخرين فى العصرين الأموى و العباسي ، إلا أن السمة العامة لدى المصريين هى الاستكانة للحاكم والصبر على ظلمه ، مع ان كل الحكام كانوا أجانب ، حتى قيام حكم العسكر منذ عام 1952.

نعم ..ومع شديد الأسف .. مصر لا تزال مطية راكب .

3- ومن أسف ان العسكر المصريين ألحقوا بمصر شعبا ووطنا أفدح مما ألحقه به حكامها الأجانب السابقون، وليس هناك أى عذر لأى حاكم ظالم يستعبد شعبا مسالما ، فكيف اذا كان هذا الحاكم الظالم مصريا يستخدم الجيش المصري فى تكريس ظلمه واستبداده وفساده ؟

 ان كلمة عمرو بن العاص "مصر مطية راكب" قد تحولت الى مثل شعبي يجري على ألسنة المصريين حين يقول أحدهم غيظا "دي بلد اللى يركب" يعلق بهذا على استعداد الحاشية للتصفيق لأى حاكم جديد و التخلى عن حاكم سابق انقضى عهده وسلطاته .

ومنذ أن علا نفوذ الاخوان المسلمين فى الشارع المصري انتشرت اللحى على الوجوه وطالت الثياب واستحكم الحجاب والنقاب تمهيدا لأيام سوداء قادمة وإعدادا لمصر مطية يركبها الاخوان المسلمون ، وقد عبر زعيمهم السابق عن احتقاره لمصر بنفس احتقار عمرو بن العاص لها من قبل ، فقال مهدي عاكف "طظ فى مصر" . وكتب آخرون عن اعادة "فتح مصر" اى ارجاعها الى عصر الجزية ومعاملة الاقباط كرهائن يساوم بهم معسكر الكفر الغربي وفق ما كان معمولا به فى صراع معسكر الروم ومعسكر المسلمين فى العصور الوسطي..

4- تخلص الاخوان من عقدة السلبية والسكون ، ووقفوا ضد الحاكم العسكري ، تحملوا الاضطهاد والسجن والتعذيب حتى اصبحوا فى موقف المنافس للحكم . هذا كله محسوب لهم ، وليس عليهم ، ولكن خطيئتهم الكبري هى منهجهم الوهابي السلفى الذى يتنكر للوطن فى سبيل أممية عالمية تقسم العالم الى معسكرين ، معسكر الاسلام ومعسكر الكفر.وبهذا المنهج يقسمون مصر الى قسمين،ويتحول جزء من المواطنين المصريين الى غرباء فى وطنهم ،ولا يلبث ان يلحق بهم فى الغربة والاضطهاد كل مسلم لا يوافق الاخوان المسلمين على منهجهم .ومن طبائع التقسيم الديني والطائفي ان يتسع ويمتد ويتحول به الوطن الى شراذم متحاربة.

منهج الاخوان هو خطيئتهم الكبري ، ومهما نافقوا وتلونوا فهو اساس عقيدتهم السياسية وبه يتميزون كاخوان مسلمين، وعلى اساسه يواجهون الحاكم ويسعون لاطاحته والحلول مكانه ..

5- من العار ان نستبدل حاكما عسكريا بمن هو شر منه .. ومن العار ان تظل مصر مطية راكب يمتطيها الاخوان بعد العسكر ..

الاخوان فى حقيقتهم أقلية ضئيلة جدا ، ولكنهم أقلية نشطة متحركة تعمل كل وسعها لتسيطر على الأغلبية الصامتة ، وهى تعتقد ان تلك الاغلبية الصامتة هى المطية التى ستصل بها الى الحكم ..

6- الأقباط سيكونون أول الضحايا فى دولة الاخوان القادمة.. قد يكون هناك عذر للأغلبية الصامتة المسلمة ، ولكن لا يوجد أى عذر للصامتين الأقباط ..

لابد للأقباط ان ينشطوا لإنقاذ انفسهم و مستقبلهم .

ولكى ينشطوا فى الاتجاه الصحيح عليهم التخلى عن نضالهم الطائفى الذى يحصر أزمة مصر فى بناء كنيسة أو ترميم أخرى ،فالأزمة أفدح بكثير، إذ  تحمل فى طياتها إحتمال حرب أهلية سيكون الأقباط أهم ضحاياها . لم يعد مقبولا ولا معقولا فى أزمة مصر الحالية وهى تدخل مفترق الطرق أن يتصرف الأقباط فى الداخل والخارج على أساس كونهم أقباطا أولا ثم مصريين ثانيا، فهذا يصبّ فى مصلحة المستبد العسكرى ويطيل أمده فى الحكم .

يجب أن يناضل الأقباط  على أنهم مصريون أولا وأخيرا . وبالمصرية يتحدون مع الحركة الليبرالية المصرية فى مواجهة المستبد العسكرى الحالى والمستبد الاخوانى الذى يسعى للحلول محله .

يجب ان تكون مصر مظلة لكل المصريين الأحرار من مسلمين وأقباط ، فسياسة المستبد العسكرى تتلخص فى التفريق بين المصريين على أساس الدين لينشغلوا عنه بالشجار مع بعضهم ، وليستعين كل منهم به على الآخر.  

بدون أن تكون مصر مظلة فوق الجميع ستظل مصر مطية راكب ، يركبها اليوم ضابط من العسكر ويركبها غدا شيخ من الأزهر .

7- من العار ان تظل مصر مطية راكب كما قال ابن النابغة عمرو بن العاص ..!!

اجمالي القراءات 19973