النضال السلمي
إسرائيل تخشى النضال اللاعنفي

زهير قوطرش في الأحد ١٢ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أقدم إلى قراء موقع أهل القرآن هذه المقابلة مع الناشطة التشيكة  ايفانوفا كوفا ,لإيماني العميق بأن النضال والجهاد السلمي هما الطريق الأقصر لتحقيق الأهداف وبأقل الخسائر .

اسرائيل تخشى النضال اللاعنفي وتواجهه عسكرياً
الناشطة التشيكية ايفا نوفا كوفا:

عشت مدة شهر في الشارع مع عائلة فلسطينية اجبرها الاحتلال على ترك منزلها

من الضروري وجود حركة فلسطينية جماهيرية تعتمد اساليب اللاعنف
براغ - الحياة الجديدة –

 

 اعتقلتها الشرطة الإسرائيلية في رام الله بتاريخ10/ 1/ 2010 وقامت بطردها من إسرائيل. لقد أقامت في &Ccediatilde;ت في الأراضي الفلسطينية،لكن تأشيرة الإقامة الممنوحة لها من السلطات الإسرائيلية كانت انتهتمدتها. لقد تحدثنا معها عن فلسطين، وفي هذه المقابلة تتحدث الناشطةالتشيكية في حركة التضامن العالمية ايفا نوفا كوفا عن الحركة اللاعنفيةالمتنامية والتي يتسع انتشارها ضد الاحتلال... وفيما يلي نص المقابلة:
-
لماذا قررت الذهاب الى فلسطين بغرض دعم الحركة المناهضة للاحتلال
* عندما بدأ الهجوم على غزة حوالي عيد الفصح من عام 2008كنت في ذلك الحين في لندن. هناك بدأت مشاركتي في التظاهرات المضادة للهجوم الإسرائيلي،والتي وصل عدد المشاركين فيها الى حوالي 50000. هناك التقيت بنشطاء  من حزمةالتضامن العالمية (حتع) وقررت أن أفضل طريقة لدعمي للفلسطينيين الرازحينتحت الاحتلال هي أن أكون بينهم هناك.

سبب آخر حفزني هو الكيفية التي نقلتبها وسائل إعلام مختلفة أخبار الهجوم، فعندما قمت بمقارنة أخبار الموقعالتشيكي( اي دنس) عن الحدث. مع أخبار ال( بي بي سي) والجزيرة مثلا اتضح ليأن كلاً منها تقدم معلومات كأنما عن حدث مختلف تماما. لذلك رغبت التأكدبنفسي من الحقيقة ومن الوضع في فلسطين، وأن أكوّن وجهة نظري الخاصة حولالموضوع. قضيت في فلسطين عشرة أشهر حتى أتت لحظة إبعادي من هناك.
-
اذن وصولك كناشطة في (حتع) إلى فلسطين كان أمرا سهلا. ألم يتطلب منك هذا الأمر المرور بتحضير ما قبل ذهابك الى هناك للمساعدة؟
* قبل كل شيء يتوجب عليّ القول انّ كلمة مساعدة ليست مناسبة تماما. يتعلقالأمر هنا بالدعم بدلا من أي وصف آخر. ان فلسفة (حتع)لا تقوم على المساعدةبل على دعم نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال. ربما أنّ كلمة مساعدة توحيبمضمون كولونيالي. بالاضافة الى التضامن والمشاركة في النشاطات  حيث تتابع(حتع) الوضع في فلسطين، وتنقل المعلومات عنه الى العالم. ويمكن القول أنهاتمكّن الفلسطينيين من ايصال أصواتهم الى البلدان التي ينحدر منها النشطاء. ويمكن لأي كان الانخراط في النشاط مباشرة وذلك بعد يومين منالاعداد.
-
ما هي طبيعة هذا الاعداد؟
* الشخص المعني يستطيع التعرف الى التكتيك اللاعنفي والى أساليب التصعيدالعنفي، الذي يقوم به كل من الشرطة والجيش الاسرائيلي، وكذلك التعرف علىالأسلحة التي يستعملونها، وتعلم كيف يجب عليه التفاعل في حالات مختلفةتطرأ، وأيضا الحصول على معلومات ذات صلة بالثقافة الفلسطينية وأن يتعرفعلى كيفية التعامل مع الاعلام بفاعلية.
-
ما هو تاريخ حركة التضامن العالمية (حتع)؟
* ليس لـ(حتع) هيكلية منظمة وهي تتواجد في بلدان مختلفة. لقد شكّلهاالفلسطينيون بداية، خلال الانتفاضة الثانية، عندما اتضح لهم أن الجيشالاسرائيلي لا يتوانى عن اطلاق الرصاص الحي على التظاهرات اللاعنفية، ولميكن يفعل ذلك حينما يشارك فيها نشطاء ومراقبون أجانب وحتى إسرائيليون. اتضح أيضا أن هناك تعليمات تقضي باستعمال الطلقات الحية على تلك التظاهراتالتي كانت تقتصر على الفلسطينيين، وهكذا ولدت فكرة (حتع). لكن علينا أننضيف اليوم حقيقة أن الجيش الإسرائيلي يستعمل الطلقات الحية حينما يشاءولا يعير اهتماما لوجود أجانب أو إسرائيليين.
-
الدعم اذن يعني هنا، قبل أي شيء آخر، نقل المعلومات، والتضامن الرمزي مع الفلسطينيين، الذين يعيش النشطاء بين ظهرانيهم؟
* يذهب الإنسان الى فلسطين ليرى ما الذي يجري هناك، مع أن الهدف الأولييتغير مع مرور الزمن، يبقى من الضروري الانخراط دائما في النشاطاتالمباشرة هناك، وبذلك نعبر ليس فقط عن التضامن مع الفلسطينيين بل عن قوةالحركة المتنامية ضد الاحتلال الإسرائيلي. أما النشاطات المحددة وتقديمالشهادات فتكون في بلدان خارج فلسطين أينما نشطت (حتع)
-من أي دولة يتوارد نشطاء (حتع)؟ وهل يتعلق الأمر بشبيبة في مقتبل العمر؟.
*
الأعمار من الثامنة عشرة وحتى الثمانين، ولقد رأيت بأم عيني رجلاسبعينيا ظلّ خلال التظاهرة واقفا وسط دخان القنابل مع أن الفلسطينيينأنفسهم حاولوا الانفلات من مجاله. غالبا ما يتعلق الأمر بأشخاص من أصليهودي، جاؤوا من أميركا وانكلترا، ومن اللافت للنظر أن الكثير من النشطاءيأتون من دول الشمال مثل السويد والدنمارك، لقد صادفت هناك فتاة تشيكيةواحدة لا غير، الناس من القارة الأوروبية قليلا ما يأتون.
-
كيف أمّنت نفقات معيشتك هناك، أتصور أن فرص العمل قليلة حتى بالنسبة للفلسطينيين......؟
* كنت اقتصدت بعض المال، لكن لا يحتاج المرء لكثير من المال. السكن يوفرهنشطاء(حتع) والطعام رخيص، زد على ذلك أن الفلسطينيين هم شعب مضياف جدا،فالإنسان غالبا ما يأكل في بيوتهم. عموما يمكن القول أنك تستطيع العيشبالقليل فالحياة ليست غالية. عشت مدة شهر في الشارع مع عائلة أجبرت علىترك منزلها. ومن الطبيعي أن على المرء ألاّ ينتظر توفر ظروف مريحة.
-
كيف كان شعورك حينما عشت في العراء؟
- في الأربعة شهور الأولى كنت في القدس الشرقية مع آخرين من (حتع)، لكننيعشت في إسرائيل مع عائلات أرادت السلطات الإسرائيلية إجلاءهم من بيوتهمبالقوة. وجودنا مثّل دعما لنضالهم من أجل إحراز العدالة، وتمكنا من القيامبحملات إعلامية ودولية، لكن مع الأسف تم إجلاء تلك العائلات عن بيوتها،وليس من السهل أن تجد في القدس سكنا آخر، لهذا اضطروا للعيش في العراء. ونحن كنشطاء قضينا معهم بضعة أشهر في الشوارع. تعيش في تلك المنطقة 28عائلة منذ عام 1956 ولاجئون منذ عام 1948، ثلاث عائلات منها رحلت بينماينتظر الآخرون منهم مصيرا مماثلا. المستوطنون ينتقلون للسكن في بيوت هؤلاءويخططون لبناء مجمعات سكنية مكانها.
-
هل هناك علاقة بين تطرف الفلسطينيين ومستوى تعليمهم؟ وهل يمكن القول ان الأكثر تطرفا منهم هم من غير المتعلمين؟
* بالمعايير المحلية يمكن القول أنّ مستوى التعليم في فلسطين عال جدا. أغلبية فئة الشبيبة، التي التقيتها، يدرسون في بعض الجامعات في القدسالشرقية أو في الضفة، والحقيقة المحزنة أن الكثير من المتعلمين يواجهونفي ظل اقتصاد الاحتلال المدمر صعوبة في ايجاد عمل مكافىء لمستواهمالتعليمي، لكنني لم ألحظ أن التطرف متعلق بالمستوى التعليمي. كلالفلسطينيين منخرطون بطريقة أو أخرى في النضال ضد الاحتلال. وهذا النضالأكثر تنوعا مما تقدمه وسائل الاعلام، التي تعزيه لنشاط واحدة من الحركتينالسياسيتين حماس أو فتح. عمليا فان نضال الناس العاديين لا يخضع للأوامرالحركية. النضال اللاعنفي ينمو باستمرار من الأسفل على شكل تظاهراتونشاطات مباشرة.
-
وهل يعبر الأمر هنا، أقصد التكتيكات اللاعنفية، عن اتجاهات الأكثرية؟
-نعم، اتجاهات الأكثرية المتنامية باطراد. وتنضم باستمرار قرى جديدة لهذهالتكتيكات وأهلها يوضحون أنهم لن يتوقفوا عن النضال من أجل أرضهم بطرقلاعنفية، رغم أن تظاهراتهم السلمية تواجه في كثير من الأحيان باطلاقالنار. ان حكومة م. ت. ف. في رام الله تعلن بوضوح أنها تريد انتهاج هذاالطريق. وضمن استراتيجية اللاعنف هذه، يأتي رفع القضايا أمام المحاكمالدولية، لمقاضاة الشركات، التي تقوم بالبناء في المستوطنات، بل أكثر منذلك تنضم منظمات اسرائيلية غير حكومية الى هذا الشكل من النضال، جنبا الىجنب مع التجمعات المدنية الفلسطينية، وهنالك المقاطعة الأكاديمية أيضا. انالحملة الهادفة لنزع الشرعية عن الاحتلال الاسرائيلي تنمو عالميا، يأتي فيهذا السياق مقاطعة المنتجات الاسرائيلية مثل منتجات البحر الميت أوالفواكه الاسرائيلية. تلك هي المساعدة الأكثر نجاعة ويمكن لكل امرئالانضمام اليها. ان اسرائيل تخشى طرق النضال اللاعنفية، وتقوم بمواجهتهاعسكريا، كما تهدد قادة تلك الحركة وبالفعل لقد سجنت العديد منهم.
-
حسب أي فقرة قانونية يسجنون؟
* تجري محاكمة الفلسطينيين أمام المحاكم العسكرية، وسجنهم لمدة 6 أشهريمكن أن يتم بقرار اداري. ويقبع الكثير من الأطفال الفلسطينيين، الذين لميبلغوا سن الخامسة عشرة في السجون. ويتم ذلك أيضا بواسطة قرارات المحاكمالعسكرية، انهم يقبعون في السجن لأنهم قذفوا الحجارة أو لأن أحدهم كانيحمل سكينا مثلا. من غير المسموح للفلسطينيين حمل اي سلاح مع أنّالمستوطنين يسيرون متأبطين بنادق م16بشكل اعتيادي، انه أمر مسموح به كماللعسكريين كذلك للمدنيين في اسرائيل.
-
لكن الصورة المرتبطة بفلسطين هي العمليات الانتحارية والإسرائيليونيقولون دائما أنهم يعيشون حالة خوف دائم من عملية إرهابية ممكنة....
*
يمكنني القول أنّ من يحق له الخوف في الوقت الراهن هم الفلسطينيون، انهميواجهون بشكل يومي تقريبا غزوا ليليا يقوم به الجيش الإسرائيلي وكذلكهجمات من جانب المستوطنين. ان جزءاً كبيرا من المجتمع الفلسطيني إما أنهأُعتقل يوما ما أوتم سجنه، وهكذا لكل فلسطيني تقريبا قريب اما أنه غادرالحياة باطلاق الرصاص عليه أو أنه أصيب بشلل أو أنه مسجون. أنا لم ألتقبفلسطيني لم تكن في عائلته مثل هذه الحالات.
-
هل يمكن الحديث اليوم عن علاقات جوار ما بين اليهود والفلسطينيين؟
*حسب المكان، في الخليل مثلا، حيث يعيشون بقرب بعضهم البعض، العلاقة بينهمسيئة للغاية، المستوطنون يشنون الهجمات باستمرار، باقي الضفة لا يلتقون معبعضهم، حيث ان إسرائيل بنت هناك منظومة للتمييز العنصري: طرق يسمحللإسرائيليين لا غير باستعمالها، وحواجز تضيق الخناق على الفلسطينيين. ما عدا ذلك فهم يلتقون كلما شنّ المستوطنون هجماتهم على الفلسطينيين.
-
هل لاحظت توجها تمييزيا ضد النساء بالعلاقة مع الإسلام؟
-للحقيقة، ترتكب هناك ماتسمى بجرائم الشرف، لكن اتضح لي عموما أن احترامالنساء عند الفلسطينيين أكبر مما هو عند الرجال التشيك. المجتمع الفلسطينيكثير التنوع، فيه يتمثل المسيحيون، المسلمون، وحتى أن جزءا من الفلسطينيينلا يظهر انتماءه لأي ديانة.
-
ما رأيك بتطور محادثات السلام؟
*لقد أظهرت محادثات السلام عجزها على المستويات العليا، خاصة باتجاه وضعاسرائيل أمام مسؤولياتها. شخصيا أعتقد أنه لإنهاء الاحتلال، من الضروريوجود حركة فلسطينية جماهيرية من الأسفل، تعتمد الأساليب اللاعنفية، والىجانب ذلك نضال في داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. على الأكثرية اعتمادتكتيك النشاط اللاعنفي، ربما هي طريق مختلفة، لكن يمكنها أن تنجح.
-
هل أنت راضية عن موقف الدولة التشيكية من موضوع إبعادك؟
* لا. حتى في يوم اعتقالي أصدرت وزارة الخارجية التشيكية بيانا تقول فيهان ليس في اعتقالي ما هو غير شرعي، مع أنّ المحكمة الإسرائيلية قبلتاستئنافي الذي سيبدأ الآن. في بلاد التشيك يتوفر الوضوح في المسيرة، التيجرت ضد العداء للسامية، لقد كانت أقرب الى مسيرة تأييد لاسرائيل وضدفلسطين، ورعاها محافظ براغ ووزارة الخارجية التشيكية.
-
ألم يكن من الأفضل لك العمل على تمديد الفيزا الإسرائيلية في الوقت المحدد وكنت ستتواجدين في فلسطين الآن؟.
*
اسرائيل لا تمدد فيزا لأي ناشط مناصر للفلسطينيين، لقد طلبت التجديد، ولذا أنا أعرف عمّا أتكلم.
في الدورية الثقافية التشيكية ، 9/2010 العدد(A2)، لوكاش ريخيتسكي، ترجمها عن اللغة التشيكية: برهان القلق، براغ- جمهورية التشيك.

 

 

 

اجمالي القراءات 13857