الوحدانية لله الواحد الأحد .

رمضان عبد الرحمن في الخميس ٠٢ - ديسمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

من المتعارف عليه بين الناس أنه لا يمكن أن تقول عن رقم واحد انه رقم اثنين أو تقول العكس عن رقم اثنين انه رقم واحد، وينطبق ذلك على جميع الأرقام أي إن كل رقم لا يأخذ مكان رقم أخر،وإذا أضفت إلى أي رقم شيء يفقد صفته المعروفة أو  يأخذ رقم غير رقمه، وأنا في سن الطفولة كان أبي رحمه الله ونحن نجمع محصول القمح وهو يسبح يقول الله واحد ليس له ثاني ولا ثالث ثم يكمل العدد، فأتتني فكرة هذا المقال عن وحدانية الله وعن الشهادة بالله بلغة الأرقام، أي إن الله واحد ليس له ثاني ولا ثلاث كما قال تعالى:

((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{1} اللَّهُ الصَّمَدُ{2} لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} سورة الإخلاص))

 

أي حين تذكر الله أو اسم الله في الشهادة بالله لا يجوز إن تذكر مع الله أي مخلوق مهما كان هذا المخلوق حتى يكون التوحيد لله دون شريك، وأنه سبحانه وتعالى يقول:

((إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً)) سورة الكهف آية 24.

 

فلا يمكن إن يكون الإنسان موحد بالله ويذكر مع الله شخص آخر، وإلا سوف يصبح رقم واحد عند الناس غير معلوم، يقول تعالى:

((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) سورة يوسف آية 39.

 

وإن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، يقول تعالى:

((فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)) سورة الشورى آية 11.

 

أي إن وحدانية لا تقبل الشرك بأي شكل من الإشكال، لأنه  سبحانه وتعالى هو الواحد الخالق وخلق كل شيء في هذا الكون بكل ما فيه من ذكر وأنثى، أي زوجان، بمعنى رقم اثنان، يقول تعالى:

((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) سورة المجادلة آية 7.

 

أي إن الله هو المتفرد بالوحدانية وهو مع كل شيء ويعلم كل شيء عن كل شيء لأنه الخالق والمميت والرازق والذي سوف يبعث الناس وسوف يحاسبهم على أعمالهم يوم الحساب، لذلك قال سبحانه وتعالى:

((قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) سورة الرعد آية 16.

 

ثم يقول تعالى:

((قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) سورة ص آية 65.

 

فمن يتخذ من الناس أو يعتقد في غير الله إله هو في الحقيقة لا يؤمن بوحدانية الله كما أمر الله تعالى بقوله:

((لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)) سورة الزمر آية 4.

 

ووحدانية الله أيضا تتجلى في شرعه وفي حكمه وفي قرآنه، فمن يوحد الله ويؤمن بكلام غير كلام الله لا يكون توحيده لله، ومن يصلي لغير الله تكون صلاته لغير الله، يقول تعالى:

((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) سورة الأنعام آية 162.

 

ذلك أمر من الله لمن يؤمن بالله، أي يعبد الله من خلال شرع الله وقرآن الله وليس من خلال  شرع الشيطان وإتباع الشيطان كما قال الله تعالى:

((أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{60} وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ{61} وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ{62})) سورة يس.

 

يتبين هنا إذا انحرف الإنسان عن الصراط المستقيم لا يمكن إن يعبد الله بلا شريك ولا يمكن أن يوحد الله لأنه خرج عن الطريق المخصص له في عبادة الله، وقبل إن يأمر الله الناس إن يشهدوا إنه الواحد الأحد سبحانه وتعالى قد شهد لنفسه، يقول تعالى:

((شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) سورة آل عمران آية 18.

 

فمن يتمسك من الناس بهذا في صلاته وفي توحيده لله يكون من أُوْلُواْ الْعِلْمِ الذين يعلمون أن الله واحد، ومن يفعل العكس من الناس يكون من أُوْلُواْ الجهل، وفي موضع آخر عن شهادة الله وعن قران الله وعن الاكتفاء بوحدانية الله يقول تعالى:

((لّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً)) سورة النساء آية 166.

 

أي لابد إن يكتفي المسلم بشهادة الله ولا يشهد بغير الله حتى لا يكون من المشركين، يقول تعالى:

((قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)) سورة الأنعام آية 19.

 

هنا الرسول لم يشهد بغير الله، فمن لا يشهد بوحدانية الله في الحياة ويتخذ آلهة غير الله وشرع غير شرع الله لا يظلم إلا نفسه، يقول تعالى:

((إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ{98} لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ{99})) سورة الأنبياء.

 

أي أن الضال والمضل من الناس في جهنم الذين أضلوا الناس عن عبادة الله وعن شرع الله ولم يكتفوا بالله ووحدانيته، ثم يقول تعالى:

((وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)) سورة البقرة آية 163.

 

أي الرحمن الرحيم الذي سوف يرحم من  يستحق الرحمة من الناس الذين كانوا يوحدون بالله دون شريك ويعبدون الله من خلال شرع الله وليس شرع الشيطان، يقول تعالى:

((يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)) سورة غافر آية 16.

 

أي يوم القيامة ليس هناك ملك لغير الله وليس هناك حكم لغير الله وليس هناك رحمة إلا من عند الله يقول تعالى:

((يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)) سورة إبراهيم آية 48.

 

وان التوحيد بالله ليس فقط أن تقول أنا من الموحدين بالله ولكن يشترط آن تؤمن انه ليس هناك شرع أخر غير شرع الله هذا من صميم التوحيد لله تعالى ولذلك قد لخصه الله لنا في كثير من آياته يقول تعالى:

((لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)) سورة الأنبياء آية 22.

 

وطالما إن الله واحد وليس هناك إله غير الله يتبين أيضا أن الناس حين يتركون شرع الله لا بد أن يفسدون، يقول تعالى:

((مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)) سورة المؤمنون آية 91.

 

واعتقد لو أن المسلمين اتبعوا شرع الله لآمنوا جميعا أن الله واحد، يقول تعالى:

((وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ)) سورة النحل آية 51.

 

أي لا ترهب إلا من الله ولا تتتبع غير شرع الله وقد جاء الأمر من الله على أن نتبع شرع واحد ومن عند إله واحد، يقول تعالى:

((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) سورة الأنعام آية 153.

 

ونفهم من ذلك  من لا يتبع صراط الله لا يجد له غير عمل الشيطان فيصبح من الغاوين، يقول تعالى:

((وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ)) سورة الأعراف آية 175.

اجمالي القراءات 46218